ردد متظاهرون هتافات ضد الحكومة خلال مظاهرات داعمة لغزة في القاهرة

تسعى مصر إلى تحقيق توازن صعب وباتت وكأنها تسير على حبل دبلوماسي مشدود حيال الصراع الحالي بين إسرائيل وحركة حماس.

فمعبر رفح الحدودي بين مصر وغزة يعد المنفذ الرئيسي لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، لكن  الحكومة المصرية  في الوقت نفسه وضعت خطا أحمر ضمنيا فيما يتعلق باستقبال النازحين من القطاع مع مخاوف القاهرة من مخططات التوطين.

مختارات شبح إعادة توطين سكان غزة يخيم على شبه جزيرة سيناء بعد توقف ليومين.. استئناف العمل في معبر رفح بين غزة ومصر مصر تستعد لاستقبال جرحى فلسطينيين الأربعاء عبر معبر رفح الأردن يُنزل جوّاً مساعدات إنسانية وطبية في قطاع غزة

الأردن يعلن إنزال مساعدات إنسانية وطبية في غزة جوّاً بتنسيق مع إسرائيل، وبيان مشترك لـ 18 منظمة ووكالة أممية، تطالب بـ "هدنة إنسانية فورية" وإدخال المساعدات الحيوية والوقود إلى القطاع.

وفي مقابلة مع DW، قالت ميشيل بيس، الزميلة المشاركة في مركز "تشاتام هاوس" البحثي ومقره لندن، إن موقف القاهرة "يعتمد بشكل متزايد على ما يرد من معلومات عن حصيلة القتلى المدنيين وتزايد القلق مع استمرار العملية العسكرية الإٍسرائيلية البرية [في غزة] بالإضافة إلى ما يُقال عن ضغوط أوروبية وأمريكية لفتح معبر رفح الحدودي أمام الفلسطينيين الذين يرغبون في العبور من غزة".

أوضح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن معبر رفح الحدودي، المنفذ الوحيد على قطاع غزة غير خاضع لسيطرة إسرائيل، لن يصبح مدخلا للفلسطينيين من غزة إلى بلاده. ففي اتصال هاتفي مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، أكد السيسي على أن "مصر لن تسمح بتهجير الفلسطينيين من غزة إلى الأراضي المصرية."

وفي ذلك، قالت بيس، الأستاذة في جامعة روسكيلد بالدنمارك، إن الموقف المصري نابع من استحضار واقعة "النكبة عام 1948، حيث لم يُسمح للفلسطينيين الذين أُجبروا على ترك منازلهم وقراهم على العودة إليها بعد انتهاء الحرب. وتضع مصر نصب أعينها إحتمالية تكرار الأمر".

من جانبه، يرى تيموثي كالداس، نائب مدير معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط في واشنطن، إنه رغم المخاوف المصرية، إلا أنه "يحق للمدنيين في غزة طلب اللجوء. ويعود لهم هم فقط تقرير كيف ومتى يمارسون هذا الحق. ومصر ملزمة بالسماح للمدنيين بالدخول، إذا أرادوا ذلك".

وفي مقابلة مع DW، أضاف "ومع ذلك، ينبغي على شركاء إسرائيل الدوليين أن يؤكدوا بشكل قاطع أن سكان غزة  لهم الحق في العودة إلى غزة عندما تنتهي الأعمال العدائية، ويجب تحذير قادة إسرائيل من أن منعهم من القيام بذلك سيشكل تطهيرا عرقيا".

تهديد محتمل للأمن المصري

وقالت بيس إن الحكومة المصرية ترى أنه سيكون من الصعب التمييز بين المسلحين الفلسطينيين واللاجئين المدنيين من سكان غزة في حالة السماح للغزاويين بدخول الأراضي المصرية. وأضافت "إذا أقامت الجماعات الجهادية الفلسطينية روابط لوجستية وأيديولوجية وعملياتية مع [أقرانها] في سيناء، فإن مصر تخشى أن يحاول هؤلاء المسلحون شن هجمات على إسرائيل انطلاقا من الأراضي المصرية، لترد إسرائيل بعمل انتقامي وهو ما سيزعزع علاقاتها مع مصر".

ويأتي هذا الرأي متفقا مع ما أعرب عنه السيسي خلال مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني أولاف شولتس في القاهرة الشهر الماضي. وقال الرئيس المصري "نقل الفلسطينيين من  قطاع غزة إلى سيناء، هو نقل لفكرة المقاومة والقتال من غزة إلى سيناء، لتكون الأخيرة قاعدة لانطلاق الهجمات ضد إسرائيل، وحينها يكون لها (إسرائيل) الحق في الدفاع عن نفسها، وبالتالي تقوم في إطار رد الفعل بالتعامل مع مصر، وتوجيه ضربات للأراضي المصرية".

تتكدس شاحنات المساعدات أمام معبر رفح انتظارا للسماح لها بدخولها قطاع غزة

وأضاف "سوف يتلاشى بين أيدينا السلام الذي حققناه، في إطار فكرة تصفية القضية الفلسطينية"، في إشارة إلى  اتفاق السلام  المبرم بين مصر وإسرائيل المبرم عام 1979، حيث كانت مصر أول دولة عربية وقعت معاهدة سلام مع إسرائيل.

من جانبه، قال كينيث روث، المدير التنفيذي السابق لمنظمة هيومن رايتس ووتش والأستاذ الزائر في جامعة برينستون الأمريكية، إن السيسي "يبدو متوافقا مع محاولات إسرائيل لسحق حماس لأنه استخدم العنف المروع لسحق الإخوان المسلمين بما في ذلك مذبحة رابعة عام 2013 التي راح ضحيتها 817 متظاهرا".

الجدير بالذكر أن حماس  ترتبط بعلاقات تاريخية مع جماعة الإخوان المسلمين، التي تأسست في مصر إبان عشرينيات القرن الماضي، وقد جرى حظر الجماعة عام 2013 بعد الإطاحة بالرئيس السابق المنتخب ديمقراطياً  محمد مرسي .

 يذكر أن  حركة حماس  هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.

قمع المتظاهرين

وفي السياق ذاته، قال ناثان براون، أستاذ العلوم السياسية والشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن، إن الصراع بين حماس وإسرائيل نجم عنه شكلا مغايرا للعلاقة بين الحكومة المصرية والشعب المصري.

وأضاف براون، الزميل في معهد هامبورغ للدراسات المتقدمة، "لقد حدث تراجع في حجم الخلافات (بين الحكومة والشعب) بسبب الصعوبات الاقتصادية وأيضا بسبب الاستبداد.. لقد انصب الاهتمام بدلا من ذلك على حماية حدود مصر".

وأشار براون إلى أن هذا الأمر يلقى قبولا من السيسي الذي من المرجح أن يُعاد انتخابه في الانتخابات الرئاسية المقبلة التي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها غير ديمقراطية، فضلا عن أن حصول القاهرة على مساعدات دولية مقابل تقديم مساعدات لغزة قد يساهم في تخفيف الأزمة الاقتصادية التي تئن منها مصر منذ سنوات.

يُضاف إلى ذلك أن طول أمد الصراع بين حماس وإسرائيل من شأنه أن يؤثر على معدلات تدفق السياح إلى مصر. وتعد السياحة ركيزة اقتصادية هامة للبلاد.

أكد السيسي على أن "مصر لن تسمح بتهجير الفلسطينيين من غزة إلى الأراضي المصرية."

ورغم ذلك، تساور روث الشكوك في أن حالة الوفاق والوئام بين الشعب المصري وحكومته، بسبب هذا الصراع، ستستمر طويلا.

وقال "مثلما تحول الرأي العام من التعاطف مع إسرائيل بعد هجوم حماس المروع في السابع من أكتوبر / تشرين الأول ضد المدنيين الإسرائيليين، إلى الارتياع إزاء العدد الكبير من القتلى المدنيين الفلسطينيين جراء القصف الحالي، فأنه يجب التفكير في أنه ستُطرح أسئلة حول سبب استمرار الشراكة بين الحكومة المصرية  وإسرائيل  مع استمرار القصف الإسرائيلي".

ويرى نشطاء أن الحكومة المصرية تعمل على القضاء على أي معارضة في مهدها.

فبعد دعوة متظاهرين إلى تحقيق العدالة والحرية خلال مسيرات متضامنة مع غزة جرت بموافقة الحكومة، اعتقلت قوات الأمن عشرات المحتجين في القاهرة والإسكندرية، فيما قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إنه تم توجيه اتهامات بـ"الانضمام إلى جماعة إرهابية" و"ارتكاب عمل إرهابي" ضد 16 متظاهرا.

جنيفر هولايس / م. ع

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: الصراع بين حماس وإسرائيل مصر قطاع غزة اسرائيل معبر رفح مصري سيناء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي جو بايدن التهجير الصراع بين حماس وإسرائيل مصر قطاع غزة اسرائيل معبر رفح مصري سيناء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي جو بايدن التهجير الأراضی المصریة الحکومة المصریة من غزة إلى قطاع غزة معبر رفح على أن

إقرأ أيضاً:

كاتس: إسرائيل وراء اغتيال هنية في طهران

اعترف يسرائيل كاتس، وزير الدفاع الإسرائيلي، للمرة الأولى بوقوف إسرائيل وراء اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية إسماعيل هنية في طهران.

أردوغان: إسرائيل ستنسحب من الأراضي السورية التي احتلتها إسرائيل تعترض مسيرة أطلقت من اليمن


ونقلت وسائل إعلام عن كاتس قوله: "سنضرب البنية التحتية الاستراتيجية لأنصار الله ونقطع رؤوس قادتهم، تماما كما فعلنا مع هنية وزعيم حماس يحيى السنوار، والأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله، في طهران وغزة ولبنان، سنفعل ذلك في الحديدة وصنعاء".
وفي وقت سابق، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن إسرائيل تعمل بطريقة منهجية على تفكيك ما يسميه محور الشر، معلنا أن إسرائيل تغير الشرق الأوسط وتعزز موقعها كدولة مركزية في المنطقة.
وقال نتنياهو: "دمرنا حركة "حماس"، وضربنا "حزب الله" في لبنان، وقتلنا نصر الله".
ولا تزال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة مستمرة، منذ السابع من أكتوبر 2023، حينما أعلنت حركة حماس، التي تسيطر على القطاع، بدء عملية "طوفان الأقصى"، وأطلقت آلاف الصواريخ من غزة على إسرائيل، واقتحمت قواتها بلدات إسرائيلية متاخمة للقطاع، ما تسبب بمقتل نحو 1200 إسرائيلي غالبيتهم من المستوطنين، علاوة على أسر نحو 250 آخرين.

مقالات مشابهة

  • أول تعليق إيراني على اعتراف إسرائيل باغتيال هنية
  • محلل سياسي: إسرائيل تريد إطالة أمد المفاوضات وتعطيلها مع حماس (فيديو)
  • رئيس حزب إسرائيل بيتنا: الحكومة لا تهتم بإعادة المحتجزين
  • إسرائيل تقر بمسؤوليتها عن اغتيال زعيم حركة حماس إسماعيل هنية
  • مفاوضات غزة.. عقبات ونقاط خلافية بين إسرائيل وحماس
  • كاتس: إسرائيل وراء اغتيال هنية في طهران
  • قتلى بغارات على قطاع غزة.. وإسرائيل تتنظر قائمة «الرهائن الأحياء» لاستكمال المفاوضات
  • القدس للدراسات يكشف خطة إسرائيل لتحويل حماس إلى طرف متعنت في التفاوض
  • مفاوضات غزة.. خلافات وحديث عن صعوبات كبيرة بين حماس وإسرائيل
  • حينما تصبح الهوية قيدًا .. تأملات في نسب شجرة الغول لعبد الله بولا