إذا وقعت الحرب... لبنان غير قادر على الصمود مدنيًا لفترة طويلة!
تاريخ النشر: 10th, November 2023 GMT
على رغم معاناة أهل غزة مما يتعرّضون له يوميًا منذ شهر ونيف من قصف وحشي، وما يكابدونه من جوع وعطش، وما يفتقدون له من دواء وكهرباء، فإن الوضع الاقتصادي في هذا القطاع، الذي كان يترنح حتى قبل الحرب، هو اليوم في أسوأ ما يمكن أن يكون عليه أي اقتصاد متعثّر. فمقومات الحياة بحدودها الدنيا مفقودة. ولا مؤشرات تشي بوقف قريب للحرب لكي يُبنى على الشيء مقتضاه.
وحتى ولو توقفت رحاها بعد جهد جهيد فإن لا قيامة ممكنة لقطاع فيه أكبر كثافة سكانية في العالم بعد هذا الدمار الهائل، التي طال بناه التحتية ومدارسه ومستشفياته وبيوته السكنية. إلاّ أن تداعيات هذه الحرب الضروس لا تقتصر على قطاع غزة فحسب، بل تمتد سلبياتها الاقتصادية إلى دول الجوار، وبالأخص لبنان، الذي يعاني اقتصاده أساسًا وقبل أن تندلع الحرب في غزة، وهو المعني بها من خلال المناوشات العسكرية الدائرة بوتيرة متصاعدة على حدوده الجنوبية بين "حزب الله" والعدو الإسرائيلي وعدد من الفصائل الفلسطينية، التي تتخذ من بعض المناطق الجنوبية الآهلة منطلقًا لصواريخها في اتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، فضلًا عن انعكاس هذه السلبيات على كل من مصر والأردن بحسب أحدث التقارير الصادرة عن وكالة "ستاندرد آند بورز غلوبال للتصنيفات الائتمانية". ويرجح أن يكون الضرر الأكبر لهذه الحرب خارج مناطق النزاع، وبالتحديد على قطاع السياحة في هذه الدول الثلاث، التي يعتمد اقتصادها في شكل أساسي على القطاع السياحي. وتقدّر هذه الوكالة أن تبلغ هذه الخسائر ما بين 10 في المئة إلى 70 في المئة من إجمالي عائدات السياحة المسجلة العام الماضي، وذلك وفق تفاقم الصراع واتساع رقعته وامتداد فترته الزمنية. وعرضت الوكالة 3 سيناريوهات أكثرها حدّةً يُقدِّر بلوغ الخسائر الإجمالية للإيرادات السياحية في الدول الثلاث 16.1 مليار دولار. وذكرت أن هذه البلدان المجاورة مباشرة لإسرائيل وغزة هي أكثر عرضة لتباطؤ السياحة التي تساهم بنسبة 12 إلى 26 في المئة من إيرادات الحساب الجاري، مما يحقق دخلاً من العملات الأجنبية فضلاً عن خلق فرص للعمل. وقد ارتفعت إيرادات السياحة خلال النصف الأول من عام 2023 بأكثر من 50 في المئة في الأردن، و30 في المئة في مصر. أمّا في لبنان فارتفع عدد السياح بنسبة 33 في المئة في الفترة من كانون الثاني إلى آب من العام الجاري. كما يوفر القطاع السياحي فرص عمل لنحو 20 في المئة من اللبنانيين، خاصة في خلال لموسم السياحي بشقيه الصيفي والشتوي. فلبنان الذي يعاني اقتصاده ما لم يعانه بلد آخر كان قد شهد خلال فصل الصيف موسمًا سياحيًا لم يسبق أن شهد مثيلًا له في السنوات الماضية. وكان يعّول على موسم شتوي واعد. إلاّ أن اندلاع الحرب في غزة ودخول لبنان، ولو جزئيًا، بهذه الحرب، قد قضى على ما كان يعّول عليه اللبنانيون للتعويض قليلًا عمّا لحقهم من خسائر على مختلف المستويات، وبالأخص على المستوى المالي بعدما أصبحت القيمة الشرائية لعملتهم الوطنية متدنية كثيرًا. فلبنان الذي يعتمد على قطاع السياحة، التي تراجعت إلى حدود الصفر بسبب الخوف من امتداد الحرب إلى ربوعه، مما يؤثّر على التراجع في النمو الاقتصادي والأرصدة الخارجية بسبب انخفاض عدد السياح. وفي حال انخفضت عائدات السياحة بنسبة 10 إلى 30 في المئة، فإن الخسارة المباشرة في الناتج الاقتصادي يمكن أن تصل إلى 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وهذا يمثل ضربة كبيرة للاقتصاد الذي يعاني من أزمة خانقة وفراغ سياسي، يجعلانه غير قادر على تحمل التخلي عن تدفقات العملات الأجنبية المهمة من السياحة. فإذا امتدّت نيران حرب غزة إلى لبنان فإن مقومات الصمود المدني تقارب حدود الصفر لأسباب كثيرة، وأهمّها أن الحكومة التي تسعى بكل ما لديها من إمكانات، ولو محدودة ومتواضعة، تواجه أزمة تمويل أي خطة طوارئ ممكنة للحدّ من أضرار أي عدوان متوقع، حتى أن بعض المتشائمين يذهبون إلى حدّ القول بأن لبنان غير قادر على الصمود مدنيًا لفترة طويلة على عكس ما كان عليه الوضع في صيف 2006. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: فی المئة من
إقرأ أيضاً:
حاصباني: لبنان لم يخرج بعد من خطر الحرب
استقبل متروبوليت بيروت وتوابعها المطران الياس عوده النائب غسان حاصباني الذي قال بعد الزيارة:" تشرفت بلقاء سيادة المتروبوليت الياس عوده الجزيل الاحترام وتناولنا الأوضاع الراهنة والاستحقاقات والأحداث الرئيسية التي تهم أبناء الوطن والمدينة".
اضاف:" لم يخرج لبنان بعد من خطر الحرب، فقد مضى نحو ثلاثة أسابيع تقريباً على اتفاق وقف إطلاق النار وهو يُخرق ولا ينفّذ وما زلنا ننتظر الدولة التي وافقت على بنوده بأن تقوم بتطبيقها من دون تراجع أو مواربة. نعيش اليوم أيضاً حالة من الضياع يجب أن نتخطاها بأسرع وقت وننتقل إلى منطق الدولة. لذلك على أجهزة الدولة ومؤسساتها أن تبدأ بالتصرف على أساس المرحلة الجديدة وأن لا تنزلق إلى فوضى وخوف الماضي".
وتابع:"ما رأيناه اليوم من ممارسات من قِبل بعض القضاة، ليس سطوة حزب عليهم بالترهيب والتخويف كما وصفه البعض لأن الكل يعلم وضع هذا الحزب المأزوم اليوم، بل هناك بعض القضاة والمسؤولين الذين سطا عليهم الخوف وافتقدوا للشجاعة عند القيام بواجباتهم. هم يعانون من متلازمة السجّان وتصرفاتهم تهدد قيام الدولة ومنطقها وهذا سيعرّضهم للمحاسبة الداخلية والدولية عاجلاً أم آجلاً إذا استمروا بالسير عكس منطق الدولة واستمروا بالتعامل مع المواطنين بازدواجية. ما ينطبق على بعض القضاة ينطبق أيضاً على بعض النواب المترددين الذين ندعوهم أن يتحرروا من متلازمة السجّان ويحرّروا أصواتهم لمصلحة بناء الدولة بدءاً باختيار الرئيس القادر على قيادة العملية الإصلاحية وعملية بناء الدولة".
واكد:"نحن نتعامل مع جلسة 9 كانون الثاني بجدّية ونتشاور مع الكتل النيابية في المعارضة وخارجها لإنتاج أوسع تقاطع على اسم رئيس يلتزم بالإصلاح وبتطبيق الدستور بروحية وثيقة الوفاق الوطني وجميع القرارات الدولية والاتفاقات لاسيما الآليات التنفيذية المدرجة في اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقّعته الحكومة اللبنانية ونحضّ الأجهزة الأمنية على ملاحقة وتوقيف قاتل رولان المر في الأشرفية، والقضاء من أجل تحقيق العدالة في أسرع وقت، ووضع حدّ لكل السلاح خاصةً الذي يُحمل باسم الرب أو باسم الله لأن الله هو الذي يقرّر مصير الناس وليس بحاجة لمن ينوب عنه على الأرض". (الوكالة الوطنية للإعلام)