مقال بنيويورك تايمز: هذا هو التهديد الحقيقي للذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 5th, July 2023 GMT
تناول الباحث يفغيني موزوروف الذكاء الاصطناعي والتهديد الحقيقي الذي يمثله للبشرية، قائلا إن القلق المتزايد بشأنه لا يعود لتقنياته المملة، بل إلى صعود ما يُسمى "الذكاء الاصطناعي العام" (Artificial General Intelligence- A. G. I)، فهو الذي يقلق الخبراء.
وأوضح موزوروف، وهو مفكر أميركي بارز في الآثار السياسية والاجتماعية للتكنولوجيا تعود أصوله إلى بيلاروسيا، في مقال مطول له بصحيفة "نيويورك تايمز" (The New York Times) أن الذكاء الاصطناعي العام لم يوجد بعد، لكن البعض يعتقد أن قدرات روبوت الدردشة "شات جي بي تي" (ChatGPT) التي تنمو بسرعة تشي بأن ظهوره قد اقترب.
ونسب الكاتب إلى سام آلتمان المؤسس المشارك لمعمل "أوبن إيه آي" (OpenAI) المالك لروبوت "شات جي بي تي" قوله إن الذكاء الاصطناعي العام هو "أنظمة أكثر ذكاء من البشر بشكل عام"، ولا يزال بناء مثل هذه الأنظمة مهمة شاقة -ويقول البعض إنها مستحيلة- لكن فوائدها تبدو محيرة حقا، إذ يمكنه أن يتعلم أي مهمة فكرية يمكن للبشر أو الحيوانات القيام بها.
ولتقريب فكرة الذكاء الاصطناعي العام، يقول الكاتب: "تخيلوا أن المكانس الكهربائية الآلية الذكية (رومباس) لم تعد محكومة بتنظيف الأرضيات فقط، بل تطورت إلى روبوتات متعددة الأغراض، مثل تحضير قهوة الصباح أو طي الملابس، من دون أن تتم برمجتها على الإطلاق للقيام بهذه الأشياء".
وعلق بأن الأمر يبدو جذابا، لكن إذا أصبحت مكانس الذكاء الاصطناعي العام هذه ذات قدرات عالية جدا، فإن مهمتها الخيالية وهي إنشاء مدينة فاضلة نظيفة، قد تتسبب في فوضى لأسيادها البشر الذين ينشرون الغبار في كل مكان.
انتشار الخوف من خطره الوجوديولإبراز الوعي الذي تنامى في أوساط عديدة حول الخطر الوجودي على البشر من قبل الذكاء الاصطناعي، ذكّر الكاتب بأن أكثر من 350 من المديرين التنفيذيين والباحثين والأكاديميين في مجال التكنولوجيا وقّعوا -مايو/أيار الماضي- على بيان حذروا فيه من المخاطر الوجودية للذكاء الاصطناعي، ودعوا إلى أن يكون التخفيف من خطر الانقراض بسببه أولوية عالمية تماما كالمخاطر المجتمعية الأخرى مثل الأوبئة والحرب النووية.
كما أضاف قضية الرسالة التي وقعها مالك شركة تسلا إيلون ماسك، وستيف وزنياك "أحد مؤسسي شركة آبل" وآخرون، والتي دعوا فيها إلى وقف تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدم لمدة 6 أشهر.
كذلك ذكر أن الإدارة الأميركية حثت القائمين على الذكاء الاصطناعي على الابتكار المسؤول، مشيرة إلى أنه "من أجل اغتنام الفرص" التي يوفرها، "يجب علينا أولا إدارة مخاطره".
أيديولوجيا الذكاء الاصطناعيومع ذلك، يقول موزوروف، هناك مجموعة ضغط جديدة من الأكاديميين والمستثمرين ورجال الأعمال ترد على تلك المخاوف بالقول إنه بمجرد أن يتم ضمان سلامة الذكاء الاصطناعي العام، فسيكون نعمة للحضارة، وقد يؤدي إلى تنشيط الاقتصاد، وتعزيز المعرفة العلمية و"رفع مستوى الإنسانية بتحقيق الوفرة".
وقال إن مؤيدي تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي العام المثيرة للجدل يتبنون ما يمكن تسميتها "أيديولوجيا الذكاء الاصطناعي"، وهي أيديولوجيا خاطئة، مضيفا أن المخاطر الحقيقية للذكاء الاصطناعي العام سياسية ولن يتم إصلاحها عن طريق ترويض روبوتاتها المتمردة، وأن أكثر أشكال الذكاء الاصطناعي أمانا لن تقدم العلاج التدريجي الذي وعد به مؤيدوها، وفي تقديمها على أنها حتمية القدوم، فإن مؤيديها يصرفون الانتباه عن إيجاد طرق أفضل لزيادة الذكاء البشري.
رديف لأيديولوجيا السوقواستمر موزوروف يقول إن منظمة المؤيدين للذكاء الاصطناعي العام هي مجرد طفل غير شرعي لأيديولوجية أكبر بكثير، أيدولوجية السوق، موردا، في هذ السياق، ما قالته رئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارغريت تاتشر إنه "لا يوجد بديل للسوق".
وأوضح أن الذكاء الاصطناعي العام بدلا من أن يكسر الرأسمالية، من المرجح أن يخلق حليفا قويا (وأكثر قوة) لعقيدة الرأسمالية الأكثر تدميرا: الليبرالية الجديدة، المفتونة بالخصخصة والمنافسة والتجارة الحرة، وحرية السوق وإلغاء الضوابط.
وقال إن الليبرالية الجديدة وجدت حليفا في الذكاء الاصطناعي العام بتعزيزه وتكرار تحيزاتها الرئيسية: أن تتفوق الجهات الخاصة على الجهات العامة (تحيز السوق)، وأن يتفوق التكيف مع الواقع على التغيير (تحيز التكيف)، وأن تتفوق الكفاءة على الاهتمامات الاجتماعية (تحيز الكفاءة).
فجر كاذبهذه التحيزات تقلب الوعد الجذاب للذكاء الاصطناعي العام رأسا على عقب؛ فبدلا من إنقاذ العالم، إن السعي إلى بنائه سيجعل الأمور أسوأ.
الذكاء الاصطناعي العام يمكنه أن يتعلم أي مهمة فكرية يمكن للبشر أو الحيوانات القيام بها (الجزيرة)وأضاف أن الذكاء الاصطناعي العام سيعيد صياغة المشاكل الاجتماعية في ضوء الحلول التكنولوجية الهادفة للربح. ونتيجة لذلك، ستتم إعادة تصور المخاوف التي تنتمي إلى المجال العام كفرص ريادية في السوق.
وقال إن الليبرالية الجديدة تتمتع بموهبة حشد التكنولوجيا لجعل بؤس المجتمع محتملا. وتندرج هذه الموهبة في السعي لتحقيق التكيف وهو الطموح الذي، باستخدام عصا تكنولوجية، يمكّننا من أن نصبح غير شاعرين بمحنتنا، إنه نتاج تشجيع الليبرالية الجديدة الدؤوب للناس على الاعتماد على الذات والمرونة.
واستمر موزوروف يقول إن المؤكد هو أن تطبيقات وادي السيليكون العديدة -لمراقبة الإنفاق والسعرات الحرارية وأنظمة التمارين الرياضية- مفيدة أحيانا، لكنها في الغالب تتجاهل الأسباب الكامنة وراء الفقر أو السمنة، مضيفا أنه من دون معالجة الأسباب، سيظل الناس عالقين في مجال التكيف وليس التغيير.
تسطيح الحياة السياسيةوتساءل: هل يجب على المؤسسات أن تتكيف فقط؟ ألا يمكنها تطوير أجنداتها لتحسين ذكاء البشرية؟ أم أن الناس سيستخدمون المؤسسات فقط للتخفيف من مخاطر التقنيات الخاصة بوادي السيليكون؟
وقال إن من الانتقادات الشائعة ضد الليبرالية الجديدة أنها عملت على تسطيح الحياة السياسية بإعادة ترتيبها حول الكفاءة، مشيرا إلى أن التركيز على الكفاءة هو الطريقة التي توصل بها السياسيون حاليا إلى "حل" تغير المناخ من خلال السماح لأسوأ المخالفين بالاستمرار كما كان من قبل.
وأضاف أن ثقافة الكفاءة، التي تقيس فيها الأسواق قيمة الأشياء وتحل محل العدالة، تؤدي حتما إلى تآكل الفضائل المدنية. والمشاكل التي تخلقها هذه الثقافة واضحة في كل مكان، وعلى سبيل المثال فإن الأكاديميين يخشون من أن البحث والتدريس، في ظل الليبرالية الجديدة، قد أصبحا سلعة، وإن الأطباء يتحسرون على أن المستشفيات أصبحت تعطي الأولوية للخدمات الأكثر ربحية مثل الجراحة الاختيارية بدلا من رعاية الطوارئ.
وأكد أنه إذا أطلقنا العنان للذكاء الاصطناعي العام في هذه المؤسسات، فإن مهماتها لن تكون مرئية للذكاء الاصطناعي.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
إي فاينانس ودل تكنولوجيز تتعاونان لإطلاق منصة سحابية جاهزة للذكاء الاصطناعي
وقّعت شركة تشغيل المنشآت المالية "إي فاينانس" التابعة لمجموعة "إي فاينانس" للاستثمارات المالية والرقمية، مذكرة تفاهم مع شركة "دل تكنولوجيز" العالمية، لتأسيس شراكة بين "إي فاينانس كلاود" و"دل تكنولوجيز" لإطلاق منصة سحابية جاهزة للذكاء الاصطناعي في مصر، بما يسرع من الابتكار القائم على الذكاء الاصطناعي للشركات.
جاء ذلك خلال فعاليات النسخة الثامنة والعشرين لمعرض ومؤتمر مصر الدولي للتكنولوجيا بالشرق الأوسط وإفريقيا Cairo ICT’24، تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال الفترة من 17 إلى 20 نوفمبر 2024، بمركز مصر للمعارض الدولية، وبرعاية الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وقد وقّع على الاتفاقية إبراهيم سرحان رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لمجموعة "إي فاينانس" للاستثمارات المالية والرقمية، ومحمد أمين نائب الرئيس الأول لشركة دل تكنولوجيز لمنطقة وسط وشرق أوروبا والشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا.
وكان التوقيع بحضور كل من المهندس عاطف محمد رئيس قطاع تكنولوجيا المعلومات وخدمات الحوسبة السحابية بشركة "إي فاينانس"، والمهندس محمد طلعت نائب الرئيس بشركة دل تكنولوجيز بمنطقة السعودية ومصر وليبيا وتركيا وبلاد الشام.
وقال إبراهيم سرحان رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لمجموعة "إي فاينانس" للاستثمارات المالية والرقمية، إن التعاون مع "دل تكنولوجيز" لإطلاق منصة سحابية جاهزة للذكاء الاصطناعي في مصر، يمثل فصلاً جديدًا في الحوسبة السحابية من خلال تزويد الشركات بحل متطور تم تطويره حصريًا لإدارة أحمال عمل الذكاء الاصطناعي عالية الأداء، حيث نعمل على إعادة تعريف كيفية استفادة الشركات من الذكاء الاصطناعي.
قال محمد أمين نائب الرئيس الأول لشركة دل تكنولوجيز لمنطقة وسط وشرق أوروبا والشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا، إن هذه المنصة سوف توفر تكاملاً سلسًا وقابلية للتطوير قوية وأداءً استثنائيًا، بما يسمح للمؤسسات بإدراك إمكانات الذكاء الاصطناعي بالكامل لتعزيز الكفاءة والابتكار والنمو، ومن خلال الخبرة المشتركة، نضع معيار جديد للحوسبة السحابية الذكية في المنطقة.
وتقام فعاليات Cairo ICT’24 بتنظيم شركة تريد فيرز انترناشيونال، والشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، تحت شعار "The Next Wave “حيث اكتشاف الموجة التالية من التقدم التكنولوجي وأحدث التقنيات والاتجاهات المستقبلية التي ستعيد تشكيل الصناعات والاقتصادات والمجتمعات بحضور كبرى المؤسسات العالمية وقادة التكنولوجيا.
ويأتي المعرض برعاية كل من شركة دل تكنولوجيز، ومجموعة إي فاينانس للاستثمارات المالية والرقمية، حيث يشاركان في عدد من قاعات العرض بالإضافة إلى مشاركة خبراء وكوادر كل من "دل تكنولوجيز" و"إي فاينانس" كمتحدثين خلال الجلسات الحوارية لمؤتمرات CairoICT’24 على مدار 4 أيام من 17 إلى 20 نوفمبر 2024.