كيف يؤثر النظام الضريبي الجديد في إيران على معيشة المواطنين؟.. خبراء يجيبون
تاريخ النشر: 5th, July 2023 GMT
طهران- "منذ فوزها بالانتخابات الرئاسية الماضية عملت الحكومة (الإيرانية) المحافظة على استكشاف شتى المجالات لفرض مزيد من الضرائب، بينما لا يلمس المواطن تحسنا في وضعه المعيشي"، يقول غلام علي (62 عاما) متذمرا وهو يغادر كشك التحويلات المالية في مصرف "ملت" جنوبي العاصمة طهران، بعد أن عرف أن رسوم التحويلات المالية قد تضاعفت وفق قوانين الضرائب الجديدة في البلاد.
وعبّر غلام، في حديثه للجزيرة نت، عن امتعاضه من قرارات الحكومة وسن قوانين جديدة تفرض مزيدا من الضرائب على جميع نشاطات المواطن العادي في ظل التهرب الضريبي للجهات المتنفذة، على حد قوله.
غير أن موظف المصرف محمد علي (44 عاما) يبدي رأيا مختلفا، ويعتقد أن تلك القرارات ضرورية لرفع حصة الضرائب في الميزانية التي لطالما عانت من العجز خلال السنوات الماضية.
ويظهر مشروع قانون الموازنة العامة للعام الإيراني الجاري (بدأ في 21 مارس/آذار الماضي) زيادة بنسبة نحو 50% في الإيرادات الضريبية مقارنة مع العام الماضي؛ إذ تبلغ الإيرادات الضريبية في السنة الجديدة أكثر من 838 تريليون تومان من أصل 1157 تريليون تومان (الدولار يساوي 50 ألف تومان) قيمة الموازنة السنوية.
ردود متباينةوأثار إعلان الحكومة الإيرانية فرض ضرائب على البيوت الفارغة والشقق الفاخرة والسيارات الفارهة والتحويلات المالية والمشاهير وصانعي المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي والودائع بالعملات الأجنبية وغيرها من المجالات المستحدثة مثل بيع وشراء الذهب والمسكوكات والعملات الصعبة والعقارات والسيارات، ردود فعل متباينة لدى الأوساط الإيرانية بين موافق ومعارض.
ويبرر الفريق الاقتصادي للحكومة الإيرانية، سن القوانين الجديدة بأنه یهدف لقطع الطريق على السماسرة الذين لطالما لعبوا دورا سلبيا في رفع أسعار السكن والسيارات والعملة الصعبة من خلال احتكار البضاعة بانتظار ارتفاع سعرها.
وأعلن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي -مطلع الأسبوع الجاري- أن حكومته ستوظف عوائد الضرائب لدعم عجلة الإنتاج، مؤكدا عزم الحكومة على عدم تحويل الضرائب إلى عامل ضغط على قطاع الإنتاج.
وتحظى قرارات الحكومة بشأن زيادة الضرائب بدعم شريحة وازنة في إيران انطلاقا من إبطال مفعول العقوبات الأميركية التي تستهدف الاقتصاد الوطني في ظل تقلص دخل البلاد وزيادة النفقات، ما يقوض قدرة السلطة التنفيذية على تقديم الخدمات والوفاء بالوعود التي قطعتها على نفسها.
أسباب الزيادةفي غضون ذلك، يصف عالم الاقتصاد الإيراني آلبرت بغزيان النظام الضريبي بأنه إحدى الركائز الأساسية لتنمية الاقتصاد الوطني إلى جانب العوائد النفطية، موضحا أنه في ظل الانكماش الاقتصادي وتراجع عوائد الدولة واستفحال التضخم فإن الضرائب تبقى سبيلا صائبا لسد عجز الميزانية وتقديم الخدمات.
ويشكل تراجع صادرات البترول وصعوبة وصول عوائده إلى البلاد بسبب العقوبات الأميركية سببا رئيسيا لتوجه الحكومة الإيرانية إلى فرض ضرائب ورسوم على مجالات اقتصادية جديدة، وفق بغزيان الذي أكد للجزيرة نت أن نفقات البلاد ازدادت خلال الفترة الماضية جراء تفشي جائحة كورونا وتداعيات الاحتجاجات الشعبية والدعم الحكومي للطاقة.
ورأى أن الحكومة الحالية اضطرت إلى سن قوانين جديدة لجمع الضرائب، مؤكدا أن العديد من الحكومات السابقة ونواب البرلمان يتجنبون التشديد بشأن الضرائب لكسب الأصوات في الانتخابات المقبلة.
انتقادات واسعةوأثارت التعديلات الجديدة على النظام الضريبي انتقادات واسعة لدى الأوساط الاقتصادية والسياسية؛ إذ وصفها حشمت الله فلاحت بيشه السياسي الإصلاحي والرئيس الأسبق للجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان بأنها "ظالمة بحق الشعب الإيراني ومنقطعة النظير في أغلب دول العالم".
وفي تغريدته على تويتر، كتب فلاحت بيشه أن "الحكومة والبرلمان الحاليان فرضا أكثر من 20 ضريبة جديدة على المواطن، شملت الضرائب على العقارات والإيجار والسيارات وأجهزة نقاط البيع والفواتير ونقل النقود من حساب إلى آخر وزيادة الرسوم على الخدمات الحكومية".
من جانبه، استغرب محمد جواد آذري جهرمي وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في حكومة الرئيس السابق حسن روحاني، عزم الحكومة الحالية جمع الضرائب من صانعي المحتوى على مواقع التواصل، متسائلا "كيف يمكن للحكومة أن تطالب بأخذ الضرائب من مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي رغم حجبها؟!". وكتب في قناته على تليغرام "كنت أتصور أن الحكومات تقدم خدمات وتسهيلات للفعاليات التي تجمع منها ضرائب بدلا من عرقلة نشاطها ومنعها".
سياسة متناقضةوفي السياق، سخر الباحث في الاقتصاد السياسي الدكتور يوسف آكندة، من "ازدواجية المعايير لدى الحكومة" بالقول إن "السلطة التي تحجب منصات التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام وتويتر وتليغرام باعتبارها سيئة ومضرة للمجتمع والأسرة، ترى فيها نفعا اقتصاديا ولذلك تصبح جيدة ومفيدة عند الحديث عن كسب الضرائب".
واعتبر آكندة -في حديث للجزيرة نت- المساعي الرامية إلى رفع حصة الضرائب في الميزانية العامة أنها تتعارض وشعار الحكومة عن إفشال العقوبات ورفع حجم صادراتها من النفط والحصول على عوائده، مؤكدا أن زيادة الضرائب ستؤدي إلى رفع الأسعار وزيادة التضخم والضغط على الطبقات الفقيرة، لأن المستهلك هو الذي سيتحمل تداعيات زيادة الضرائب.
وأوضح أنه بسبب سيطرة المصانع الحكومية على سوق السيارات، فإن المواطن يدفع أموالا هائلة لشراء سيارات منخفضة الجودة مقارنة مع الطرازات الأجنبية، منتقدا توجه الحكومة لتحقيق أرباح عبر التدهور الاقتصادي التي هي مسؤولة عنه، على حد قوله.
ورأى الباحث الإيراني في الوضع المعيشي المتدهور سببا رئيسيا وراء الاحتجاجات التي تنطلق بين الفينة والأخرى في البلاد، محذرا من أن النظام الضريبي الجديد قد يفجر الوضع الاجتماعي من جديد، على حد قوله.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
ما طبيعة الرسالة التي حملها وزير الدفاع السعودي للمرشد الإيراني؟
أثيرت تساؤلات بشأن دلالات وتوقيت زيارة وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان إلى إيران وتسليمه رسالة من الملك سلمان بن عبد العزيز إلى المرشد الإيراني على خامنئي.
وفي هذا الإطار، قال مدير تحرير صحيفة الوفاق الإيرانية مختار حداد إن الزيارة تشكل تطورا مهما، بعدما دخلت العلاقات السعودية الإيرانية مرحلة جديدة عقب سلسلة من المباحثات بين البلدين في الفترة السابقة.
واستبعد حداد، في حديثه للجزيرة، أن تكون رسالة الملك السعودي إلى المرشد الإيراني مرتبطة بالمباحثات الإيرانية الأميركية الأخيرة، مرجحا ارتباطها بـ"فتح صفحة جديدة بين البلدين في ظل وجود نية جادة لتعزيزها ورفع التعاون إلى مستوى إستراتيجي".
وقال خامنئي، في منشور على منصة إكس، إنه "التقى وزير الدفاع السعودي والوفد المرافق، وسلّمه رسالة من ملك بلاده"، في حين ذكرت وكالة الأنباء السعودية "واس" أن وزير الدفاع وصل إيران على رأس وفد عسكري لبحث العلاقات الثنائية وقضايا ذات اهتمام مشترك.
وقالت وكالة إرنا الإيرانية إن رئيس الأركان الإيراني اللواء محمد باقري كان في استقبال الوزير السعودي، ونشرت مقطع فيديو للاستقبال.
وزير الدفاع #السعودي يصل العاصمة الإيرانية #طهران في زيارة رسمية
استقبل رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري، وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان. pic.twitter.com/ELiWJuXrpc
— وكالة إرنا العربیة (@irna_arabic) April 17, 2025
وبشأن الأعداء الذين تطرق لهم المرشد الإيراني على هامش لقائه المسؤول السعودي، أعرب حداد عن قناعته بأنهم ليسوا دول المنطقة، وإنما الولايات المتحدة وإسرائيل، إذ كان لهما دور رئيسي في عرقلة العلاقات بين الرياض وطهران.
إعلانوكانت وكالة أنباء تسنيم قد نقلت عن المرشد الإيراني عقب اللقاء قوله إن "هناك أعداء لا يتمنون توافر فرص توسيع للعلاقات الثنائية بين طهران والرياض".
وشدد حداد على أن استقبال المرشد الإيراني لوزير الدفاع السعودي واستلام الرسالة يؤكد "النية الجادة" بأن العلاقات تذهب إلى مراحل مهمة، مستدلا بالزيارات والاتصالات الرفيعة بين مسؤولي البلدين.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أجرى رئيس الأركان السعودي فيّاض الرويلي، زيارة إلى طهران بدعوة من نظيره الإيراني وبحثا "فرص تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين في المجال العسكري والدفاعي، بما يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار بالمنطقة".
"تنسيق مشترك"بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي السعودي خالد باطرفي إن زيارة أرفع مسؤول سعودي إلى إيران منذ عام 1999 تبشر بالخير، وتفتح الباب أمام التعاون في مجال الإرهاب والاقتصاد وتأمين المنطقة.
ولفت باطرفي، خلال حديثه للجزيرة، إلى الزيارات المتبادلة بين القيادات السياسية والعسكرية بين البلدين، مؤكدا أن ما يحدث في المنطقة يحتاج تعاونا وتنسيقا مشتركا.
ونبه إلى إشادة طهران بموقف الرياض بشأن الاعتداءات الإسرائيلية على غزة ولبنان وإيران، إذ أكدت السعودية رفضها التام السماح بعبور الطائرات الإسرائيلية أجواءها أو استخدام مياهها الإقليمية لضرب إيران.
ووفق باطرفي، فإن السعودية أيضا قدرت دور إيران في اليمن، مما ساهم في التوصل إلى الهدنة الحالية التي لا تزال صامدة.
وقال إن العلاقات السعودية والإيرانية شهدت نقلة نوعية في عهد الرئيسين الإيرانيين هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي، إذ وقعت اتفاقيات في مجالات السياسة والاقتصاد والرياضة والتنمية والإرهاب لكنها تعطلت بعد غزو العراق، ويحتاج البلدان إلى تفعيلها وتحديثها.
وشدد على وجود أرضية قوية بين البلدين نحو تعاون إستراتيجي في ظل توافر نفس الظروف والمهددات للأمن الإقليمي، مؤكدا أهمية التعاون في إطار احترام السيادة المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
إعلانولم يستبعد أن تتولى شركات سعودية رائدة تطوير آبار نفطية وتشغيل مصانع بتروكيماويات في إيران، مقابل استثمار إيران في مشاريع سعودية كبرى، مستدلا بتعاون البلدين في منظمة أوبك.
وبشأن الموقف الأميركي من التقارب السعودي الإيراني، قال المحلل باطرفي إن الولايات المتحدة في عهد الرؤساء أوباما وبايدن وترامب رحبت بذلك لأن هذا التعاون يقي مخاطر الحروب والقرصنة البحرية، مشيرا إلى أن تأمين المنطقة في مصلحة الجميع.
وفي 10 مارس/آذار 2023، أعلنت السعودية وإيران استئناف علاقاتهما الدبلوماسية، عقب مباحثات برعاية صينية في العاصمة بكين، بعدما قطعت عام 2016.