بين النكبة الثانية واحتمال الدولة
تاريخ النشر: 10th, November 2023 GMT
في مشهد يعيد القضية الفلسطينية 75 سنة إلى الوراء، أجبرت آلة الحرب الإسرائيلية سكان قطاع غزة على النزوح من شماله إلى جنوبه، ليس لأن الجنوب أكثر أمناً أو أن هناك ضمانات أمنية لتحييده مستقبلاً، بل لأن خطط الحرب الإسرائيلية تقتضي تقسيمه عسكرياً في معركة إنهاء حركة حماس ظاهرياً.
تحول جنوب غزة مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية لأداة ضغط على مصر
فيما بات المضمون الحقيقي هو القضاء على الوجود الفلسطيني الكثيف في هذه المنطقة، ما يعني أن شمال القطاع المدمر سيتحول إلى مجال عملياتي بري من أجل تحقيق انتصار ضروري على حماس، فيما الجنوب أو ما سيتبقى منه سيبقى سالماً نسبياً أو مؤقتاً، تريد تل أبيب تحويله إلى مكان لتجمع أكبر كتلة بشرية تفتقر إلى أدنى مستويات العيش والأمان لكي تستخدمه في أهدافها الإستراتيجية.
من احتمال الدولة إلى فرض النكبة، تحول جنوب غزة مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى أداة ضغط على مصر، فحتى الآن لم تتخلَّ حكومة الحرب الإسرائيلية عن هدفها إخراج جزء كبير من أهل القطاع إلى سيناء تحت ذريعة اللجوء المؤقت، وعلى الرغم من موقف الإدارة الأمريكية الأخير الرافض لهذا المشروع، فإن تل أبيب المأزومة تتصرف تحت عنوان رفض التعايش النهائي مع القطاع، أي رفض العودة إلى ما قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي حتى لو أدى ذلك إلى أزمة إقليمية تضعها في مواجهة مباشرة مع القاهرة وعمان.
نحو النكبة الثانية، فحتى لو حصل الفلسطينيون والمصريون والعرب على ضمانات بعودة سكان القطاع، فإن تل أبيب لم تلتزم يوماً بتنفيذ أي قرار أممي، وفي زمن الأحادية القطبية وانحياز واشنطن الكامل لها في هذه الأزمة فإن إمكانية تعنّتها ستكون واردة جداً، كما أن الوعي الجماعي الفلسطيني يدرك أكثر من غيره أنه منذ قرن وأكثر لم يخرج لاجئ أو مهاجر قسراً من بيته في هذا الشرق الصعب وعاد إليه.
في الطريق إلى الدولة، قبل 7 أكتوبر الماضي، شددت الرياض على أن لا حل للصراع من دون قيام دولة فلسطينية، ومع تصاعد حدة القتل الإسرائيلي تمسك العرب أكثر بشعار حل الدولتين، وانتبه الغرب إلى أن لا حل من دون قيام دولة فلسطينية، وهي، أي الدولة، في سباق مع الزمن، فإما أن تُفرض الآن وإما أن يكون العالم بأسره شاهداً بالصوت والصورة ومتواطئاً في النكبة الثانية.
تأخر قيام الدولة الفلسطينية، ففي النكبة الأولى يتحمل النظام الرسمي العربي حينها جزءاً من مسؤولية عدم قيام كيان فلسطيني مستقل، حيث بقيت الأراضي الفلسطينية بعد قرار التقسيم تحت رعاية أردنية - مصرية، فمنذ مايو (أيار) 1948، إعلان قيام دولة إسرائيل، إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 1988، إعلان قيام دولة فلسطين، تعرض الصراع العربي - الإسرائيلي، والفلسطيني - الإسرائيلي لحروب ونكسات وهزائم، ولكن في لحظة متحول تاريخي وصل فيه العنف إلى ذروته في حرب الخليج الثانية، نجح الفلسطينيون في التسلل إلى أراضيهم المحتلة عبر اتفاق أوسلو.
شكّل الاتفاق مفترق طرق لرافضيه من الجانبين، ولكن اليمين الإسرائيلي المتطرف كان حاسماً وعاقب إسحاق رابين على ما فعله، ومن ثم بدأ هذا الاتفاق مسيرة سقوطه التي ترافقت مع صعود اليمين الإسرائيلي، حيث في كل محطة تفاوضية أو إمكانية الوصول إلى حل الدولتين كان المجتمع الإسرائيلي يذهب إلى خيارات أكثر يمينية كان آخرها حكومة نتانياهو الحالية.
بين النكبة الثانية والدولة المُحتملة، تُظهر تل أبيب رغبة في تنفيذ الأولى (النكبة) وتتجنب الإجابة عن الثانية (الدولة)، حيث قامت على مدى سنوات بضرب جميع احتمالاتها وتقويضها، والآن تهدد ما تبقى من جغرافيتها وبشرها، فبعد 75 سنة على النكبة الأولى التي كان العنف أساساً لقيام دولة إسرائيل حينها، يبدو أن تل أبيب تراهن عليه مجدداً لمنع قيام دولة فلسطينية، ولكن هذا العنف يكشف عن حجم مأزقها على المدى البعيد، فالنكبة الثانية لها أثمانها والدولة الفلسطينية أيضاً، وما ستختاره تل أبيب حالياً ومستقبلاً بيد متطرفيها.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل قیام دولة تل أبیب
إقرأ أيضاً:
نشأت الديهي بعد إلغاء مباراة القمة: لا يجب ابتزاز الدولة بالجمهور
استنكر الإعلامي نشأت الديهي، ما حدث خلال مباراة القمة بين الأهلي والزمالك، وعدم حضور فريق الأهلي للمباراة اعتراضًا على عدم استقدام حكام أجانب للمباراة، قائلًا "أنا في تقديري أخطأ الجميع في التعامل مع هذا الأمر".
وقال "الديهي" خلال تقديم برنامجه "بالورقة والقلم" المذاع عبر فضائية "TeN"، مساء اليوم الثلاثاء، "هذه الأندية لها جمهور وراءها وأعتقد أن العبث بمثل هذه المواقف يمثل غيابا للحكمة وطول عمر النادي الأهلي رجال دولة".
وأضاف "أعتقد أن ما يحدث شيء غير مقبول وأنا شايف وسائل التواصل الاجتماعي تتحدث عن تأجيل المباراة أو انسحاب لقيت الموضوع واخد أبعاد أخرى.. مفيش كلام ايه يا جماعة اللي بيحصل يا جماعة فوقوا واصحوا".
وتابع "الناس كلها تتكلم عن الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة، وإحنا ولا حياة لمن تنادي اهتمام الناس بالأهلي والزمالك أكبر، شيء غريب وفيه حاجة غلط إحنا بنتكلم وبنقول ايه التريند اللي إحنا بنجري وراءه لا نهتم إلا بأمور لا تجدي.. كونوا رجال دولة ولا يجب ابتزاز الدولة بالجمهور".