الخليج الجديد:
2025-02-24@03:18:06 GMT

ماذا بعد الحرب على غزة؟

تاريخ النشر: 10th, November 2023 GMT

ماذا بعد الحرب على غزة؟

ماذا بعد الحرب على غزة؟

مع الإصرار الفلسطيني البطولي للصمود على أرض فلسطين، لن تستطيع إسرائيل إدامة نظام الأبرتهايد إلى الأبد.

إن كان حل الدولتين لا يزال ممكنا لدى المجتمع الدولي نظريا، فإن إعادة احيائه من قبل المجتمع الدولي بحاجة لشروط تبدو تعجيزية.

عدم تعامل المجتمع الدولي الجدي لإنهاء الصراع معناه استمرار دوامة العنف، وواقع جديد فرضه 7 أكتوبر، وتحويل الصراع من شكل الحل إلى التعامل مع دولة نظام الفصل العنصري.

* * *

قد يبدو هذا السؤال سابقا لأوانه، بينما تشهد غزة حربا مسعورة نتج عنها حتى الآن مقتل أكثر من عشرة آلاف من المدنيين الفلسطينيين أغلبهم من الأطفال والنساء. ولكن التفكير بمستقبل القضية الفلسطينية بعد الحرب مطلوب، لأن هناك دولا وجهات دولية بدأت بذلك، وبدأنا نشهد طروحات، إما غير واقعية، أو تمثل إعادة إنتاج أفكار قديمة، وكأن عملية 7 أكتوبر/تشرين الأول لم تكن.

من الأهمية بمكان أن تبدأ الدول العربية وعلى رأسها الأردن ومصر، إضافة للفلسطينيين طرح تصورهم حتى لا تفرض عليهم طروحات دولية لا تعالج أصل المشكلة، أي الاحتلال الإسرائيلي.

سأتجاوز في هذا الطرح قضية من سيحكم غزة بعد الحرب، ذلك أنه ليس هناك من طروحات واضحة، أو مقبولة من الأطراف كافة، فلا السلطة الوطنية الفلسطينية بشكلها الحالي قادرة على فعل ذلك، كما لها مصداقية كافية لدى الفلسطينيين، ولا الدول العربية راغبة في استلام غزة بشكلها المنكوب بعد الحرب. تعارض الولايات المتحدة إعادة احتلال إسرائيل لغزة بشكل مطلق، كما أنه ليس من الواضح طبيعة أي نظام دولي لضمان الأمن والفصل بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، لا يبدو أن هناك تصورا واضحا أو حلا مقبولا لوضع غزة بعد الحرب حتى الآن.

لكن وضع غزة بعد الحرب لن يشكل التحدي الأكبر، فالقضية الفلسطينية أكبر من مجرد وضع غزة، ولا بد لأي طرح جدي لأي مسار سياسي قد يتبلور بعد الحل أن يعالج المسألة الكبرى المتعلقة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لكل الأراضي الفلسطينية المحتلة. أما العودة للتفكير بحلول ما قبل 7 أكتوبر فلن يقتنع بها أحد، ولن تقود إلى حلول دائمة وسلام يعم المنطقة. بدأت من الآن أخبار ترشح بأن الولايات المتحدة تفكر بمسار سياسي بعد الحرب، يأخذ بعين الاعتبار وضع الفلسطينيين تحت الاحتلال.. وما زالت الإدارة الأمريكية تردد أن الحل الوحيد للصراع هو حل الدولتين. حسنا، فلننظر إلى العوامل الواجب توافرها من أجل الوصول إلى هذا الحل النظري على الأقل، بغير ذلك، سنعود لاسطوانة حل الدولتين، من دون إقرانها بخطة محكمة لترجمة هذا الشعار إلى واقع، وبما يخدم الأهداف الإسرائيلية فقط.

العامل الأول هو توافر إرادة دولية راسخة، وبقيادة الولايات المتحدة (ليس هناك من مرشح واقعي آخر لهذه القيادة) لإطلاق مسار سياسي يقوم بتعريف الهدف النهائي للمسار منذ البداية، وهو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على كامل الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967، بما فيها القدس الشرقية مع السماح بتبادل طفيف ومتساو للحدود. فإن تم تعريف هذا الهدف، يمكن العودة للوراء للاتفاق على الخطوات المطلوبة لتحقيق هذا الهدف، ضمن فترة زمنية قصيرة ومحددة. من أهم أخطاء عملية أوسلو والعمليات السياسية كافة بعدها أنها لم تقم بتحديد الهدف النهائي، ما جعل إسرائيل تناور في عملية سياسية مفتوحة الأمد بينما تبتلع المزيد من الأرض. كما على الولايات المتحدة أن تبدي الرغبة والقدرة على الضغط الجدي على إسرائيل، وهي التي لم تبد رغبة في إطلاق مسار سياسي منذ تسع سنوات، كما لم تبد لا الرغبة ولا القدرة على الضغط الجاد على إسرائيل. وعليها أن تفعل كل ذلك في خضم انتخابات رئاسية أمريكية يتنافس فيها الحزبان الديمقراطي والجمهوري على إظهار الدعم لإسرائيل. اترك للقارئ الحكم على فرصة أن تقوم الولايات المتحدة بكل ذلك.

العامل الثاني المطلوب توافره هو حكومة إسرائيلية جديدة، تتوافر لديها الرغبة في انهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية. صحيح أن كل استطلاعات الرأي الإسرائيلية تشير إلى أن الحكومة الإسرائيلية الحالية تشهد نهاية أيامها، حيث تضع الغالبية العظمى من الإسرائيليين اللوم عليها، لعدم استعدادها لما حدث، ولكن هذا لا يعني أن الحكومة الاسرائيلية المقبلة ستكون أكثر مرونة من هذه الحكومة في ما يتعلق بالعملية السلمية. لقد انتهى معسكر السلام في إسرائيل منذ زمن، وموقف المعارضة الإسرائيلية اليوم لا يختلف كثيرا عن موقف نتنياهو في القضية الفلسطينية، فما بالك القبول بإنهاء الاحتلال.

أما العامل الثالث فهو سلطة فلسطينية نابعة من انتخابات جديدة، وقادرة على التحدث باسم الفلسطينيين، فقد بات من الواضح أن السلطة بشكلها الحالي لا تستطيع أن تدعي ذلك. ولكن أحدا من الفرقاء لا يريد مثل هذه الانتخابات، فالولايات المتحدة تخشى صعود حماس إلى الواجهة، وإسرائيل كذلك، إضافة إلى عدم رغبتها الدخول في مفاوضات جادة لإنهاء الاحتلال، بينما تدرك السلطة الفلسطينية، أن أي انتخابات جديدة ستنحيها عن الحكم.

أورد هذه العوامل لأظهر صعوبة بدء أي مسار جدي، لمعالجة الصراع جذريا، فإن كان حل الدولتين لا يزال ممكنا لدى المجتمع الدولي نظريا، فإن إعادة احيائه من قبل المجتمع الدولي بحاجة لشروط تبدو تعجيزية. ومع ذلك، لا بد للمجتمع الدولي أن يدرك أن عدم تعامله الجدي لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي معناه الوحيد استمرار دوامة العنف، وواقع جديد فرضه 7 أكتوبر، وتحويل الصراع من شكل الحل إلى التعامل مع دولة إسرائيلية على رأس نظام الفصل العنصري. هذه هي النتيجة المباشرة لتجاهل المجتمع الدولي للاحتلال الإسرائيلي. في النهاية، خاصة مع هذا الاصرار الفلسطيني البطولي للصمود على الأرض الفلسطينية، لن تستطيع اسرائيل إدامة نظام الأبرتهايد إلى الأبد.

*د. مروان المعشر وزير خارجية الأردن الأسبق

المصدر | القدس العربي

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: غزة فلسطين إسرائيل 7 أكتوبر حل الدولتين ما بعد الحرب نظام الفصل العنصري الولایات المتحدة المجتمع الدولی حل الدولتین مسار سیاسی بعد الحرب

إقرأ أيضاً:

عُمان ودعم القضية الفلسطينية

 

 

 

محمد حسين الواسطي

 

قال الله تعالى: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" (المائدة: 2).

عندما نتحدث عن القضية الفلسطينية، فإننا لا نتحدث عن جغرافيا أو تاريخ فقط؛ بل عن جرح إنساني عميق يتجاوز الحدود، عن مأساة شعب يقاوم الظلم ويتشبث بالأرض كما يتشبث الشجر بجذوره في مواجهة الريح العاتية. في قلب هذه المعاناة، تظل غزة رمزًا للصمود الذي يُلهم العالم أجمع، وواجبًا أخلاقيًا ودينيًا على كل إنسان حر أن يسهم في رفع الظلم عنها ولو بكلمة، بعمل بسيط، أو حتى بموقف يتسم بالكرامة.

الشعب العُماني، بعاطفته الصادقة ومبادئه الراسخة، كان دائمًا حاضرًا في نصرة فلسطين. لم تكن فلسطين بالنسبة للعُماني مجرد قضية بعيدة تُنقل أخبارها في نشرات الأخبار، بل هي جزء من وجدانه، من نشاطه، من دعائه الذي يرفعه إلى الله كل ليلة. ومع تصاعد الجرائم الصهيونية ضد الفلسطينيين، وخصوصًا في غزة التي تقاوم الحصار والدمار، تبرز المقاطعة الاقتصادية كوسيلة عملية وفعّالة يمكن أن تترجم هذا التضامن العاطفي إلى فعل ملموس، فعل يحمل رسالة: "نحن معكم، ولن نكون يومًا جزءًا مما يُضعفكم".

 

المقاطعة الاقتصادية: أكثر من مجرد خيار

المقاطعة الاقتصادية ليست مجرد إجراء عابر أو دعوة مؤقتة؛ إنها موقف إنساني وأخلاقي ينبع من روح التضامن مع شعب مظلوم. عندما يقرر الشخص ألا يشتري منتجًا يدعم الاحتلال الصهيوني، فإنه يرسل رسالة قوية بأن المال الذي ينفقه لن يُستخدم لقصف بيوت غزة أو حصار أطفالها. إنها ليست مجرد مقاطعة منتجات، بل هي وقوف في وجه آلة القمع التي تحاول سحق إرادة الفلسطينيين.

في عُمان، هذه الفكرة تجد صداها في قلوب الناس. العُمانيون بفطرتهم الطيبة يدركون أن كل ريال يُنفق على منتج يدعم الاحتلال هو بمثابة طلقة نارية تُوجه إلى طفل فلسطيني يبحث عن أمان في حضن أمه. ولهذا، فإن المقاطعة الاقتصادية ليست فقط فعلًا سياسيًا، بل هي تعبير عن إنسانية لا تقبل أن تكون جزءًا من الظلم.

 

دور المجتمع العُماني في المقاطعة

المجتمع العُماني، الذي ارتبطت قيمه بالدين والأخلاق والكرامة، يُدرك تمامًا أن التضامن الحقيقي مع القضية الفلسطينية يبدأ من هنا، من اختياراته اليومية. لقد شهدت عُمان حملات شعبية متعددة تُشجع على مقاطعة المنتجات المرتبطة بالاحتلال أو بالشركات التي تدعمه، وقد نجحت في ذلك نجاحًا مبهرًا تحدثت عن تفاصيله ومنجزاته وكالات الأنباء الداخلية والخارجية. لم تكن هذه الحملات مجرد شعارات، بل مبادرات حقيقية انطلقت من قلوب الناس، من المساجد التي كانت منابرها تُذكر المؤمنين بأن نصرة المظلوم واجب ديني، ومن الجامعات التي كان طلابها يُنظمون فعاليات توعوية، ومن وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت مساحة للتذكير بأهمية هذه الخطوة.

العُمانيون في هذه الحملات لم يكتفوا بالحديث عن المنتجات التي يجب مقاطعتها، بل ركزوا أيضًا على دعم البدائل المحلية أو المنتجات القادمة من الدول الصديقة للقضية الفلسطينية. هذه الروح لم تكن مجرد مقاطعة، بل كانت بناءً، بناء لثقافة اقتصادية واعية تُدرك أن كل اختيار، مهما بدا صغيرًا، يحمل تأثيرًا كبيرًا.

 

دور علماء الدين والمثقفين في تعزيز الوعي

علماء الدين في عُمان، الذين طالما كانوا منارات للوعي والقيم، لعبوا دورًا محوريًا في تعزيز فكرة المقاطعة. من خلال خطب الجمعة والدروس الدينية، كانوا يُذكرون الناس بأن الإسلام يدعو إلى نصرة المظلوم، وأن دعم الاحتلال بأي شكل يُعد تعاونًا على الإثم والعدوان. كلماتهم لم تكن مجرد نصائح، بل كانت دعوات صادقة تُلامس القلوب وتدفع الناس للتفكير في أفعالهم اليومية.

المثقفون والنشطاء أيضًا كانوا في الصفوف الأولى لهذه الجهود. من خلال مقالاتهم وندواتهم، رسموا صورة واضحة لمعاناة الفلسطينيين، وشرحوا كيف أن المقاطعة ليست فقط وسيلة رمزية، بل أداة فعّالة تُضعف الاحتلال وتُعزز صمود الفلسطينيين. لقد أظهروا للعامة أن التضامن ليس مجرد كلمات تُقال، بل أفعال تُمارس، وأن كل شخص يُمكن أن يكون جزءًا من هذه المعركة الإنسانية.

 

التأثير الإنساني والاقتصادي للمقاطعة

عندما يُقرر شخص أن يُقاطع منتجًا داعمًا للاحتلال، فإنه لا يُحدث تأثيرًا فرديًا فقط، بل يُصبح جزءًا من حركة جماعية تُضعف الاحتلال اقتصاديًا ومعنويًا. الاحتلال الصهيوني يعتمد بشكل كبير على تصدير منتجاته واستثماراته في الخارج، وأي تقليص لهذه الأسواق يُترجم إلى خسائر اقتصادية مباشرة تُضعف قدرته على تمويل جرائمه.

لكن الأثر الأكبر للمقاطعة ليس اقتصاديًا فقط، بل يمتد إلى تأثيراته وتداعياته المعنوية. عندما يعلم الفلسطينيون في غزة أن شعوب العالم الإسلامي، ومن بينهم الشعب العُماني، يقفون معهم بكل ما أوتوا من وسائل، فإن ذلك يُعزز من صمودهم. غزة لا تحتاج فقط إلى مساعدات مادية، بل تحتاج إلى أن تشعر بأنها ليست وحدها في هذه المعركة. أن ترى أن هناك من يرفض أن يكون جزءًا من الألم الذي تعانيه، وأن هناك من يقف معها حتى وإن كان ذلك بفعل بسيط كالمقاطعة.

إذا الشعبُ يومًا أرادَ الحياةَ

فلا بدَّ أن يستجيبَ القدرْ 

المقاطعة الاقتصادية ليست مجرد أداة للمقاومة، بل هي درس للأجيال القادمة. عندما يرى الأطفال والشباب في عُمان أن آباءهم وأمهاتهم يرفضون شراء منتجات تدعم الاحتلال، فإنهم يتعلمون أن للكرامة ثمنًا، وأن التضامن مع المظلومين قيمة لا تُقدر بثمن. إنها طريقة لتربية الأجيال على قيم العزة والكرامة، وربطهم بالقضية الفلسطينية كجزء لا يتجزأ من هويتهم الإسلامية والعربية.

وختامًا أقول إن القضية الفلسطينية ليست مجرد قضية شعب يقاوم الاحتلال، بل هي اختبار لإنسانية العالم أجمع. الشعب العُماني، بوعيه ورقيه، أثبت دائمًا أنه يقف في الجانب الصحيح من التاريخ. وسوف يستمر هذا الشعب النبيل الداعم للمظلومين في شتى بقاع الأرض في نضاله ضد الظلم، ولن يترك المقاطعة حتى بعد توقف العدوان الحربي، أو وقف إطلاق النار؛ لأن الاحتلال ما زال قائمًا، وأساليب القهر والحصار والتجويع للأبرياء ما زالت مستمرة.

نعم؛ المقاطعة ليست فقط فعلًا اقتصاديًا، بل هي تعبير عن حب صادق، عن تضامن لا يعرف الحدود، عن إيمان بأن فلسطين ستظل دائمًا في القلب، حتى يتحقق النصر ويعود الحق إلى أصحابه. "إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ" (محمد: 7).

مقالات مشابهة

  • واشنطن تدعم قرار إسرائيل بتأجيل الإفراج عن 600 أسير فلسطيني
  • نتنياهو: إسرائيل أدخلت دبابات إلى الضفة الغربية لأول مرة منذ عقود
  • القمة العربية بالقاهرة.. ماذا يحدث في مارس 2025 بشأن القضية الفلسطينية؟
  • عُمان ودعم القضية الفلسطينية
  • ماذا يعني وضع حماس السلاح بالمقلوب خلال تسليم المحتجزين؟ «فيديو»
  • حماس تلاعب إسرائيل بسلاح الحرب النفسية وكروت الأسرى
  • باحث: إسرائيل تستغل التفجيرات لتعزيز خططها وتحقيق أهدافها بالضفة
  • ماذا وراء تمركز إسرائيل في 5 مواقع بالجنوب اللبناني؟
  • "العدل الدولية" توافق على مشاركة الاتحاد الإفريقي بقضية التزامات إسرائيل بالأراضي الفلسطينية
  • من التهجير إلى التأجير.. ماذا تعرف عن خطط الاحتلال الإسرائيلي في التعامل مع سيناء؟