«غرب».. و«غرب» آخر!
ظل نيلسون مانديلا «إرهابيًا» فى القانون الأمريكى حتى 2006. ما المفاجئ بالضبط؟!
هل كنا نتوقع من دول الغرب مثلًا أن تأتى بأساطيلها لتدافع عن غزة وترفع عنها الحصار؟ هل توقعوا منها أن تطلب من إسرائيل إنهاء الاحتلال؟
الإفلاس الأدبى والأخلاقى لحكومات الغرب يضعنا إزاء «غَربَيْن» لا «غرب» واحد، وكشفت جرائم إسرائيل اتساع الهوة بين مواقف تلك الحكومات وشعوبها.
احتل ائتلاف من جماعات يهودية أمريكية باحة الكونغرس، مطالبين ليس فقط إدارة بايدن بل والكونغرس بالامتناع عن إرسال السلاح والعتاد الحربى لإسرائيل.
الأقليات، خصوصًا السود، يعرفون عبر تجربتهم المريرة، كيف يزوِّر الإعلام الحقيقة، بل ويخلق حقيقة بديلة مقطوعة الصلة بما يحدث على أرض الواقع.
* * *
فاجأنى حقًا أن البعض فوجئوا بالإفلاس الأدبى والأخلاقى للحكومات الغربية إزاء جريمة العقاب الجماعى التى تشنها إسرائيل على غزة. إذ رحت أسأل نفسى:
ما الذى كان يتوقعه يا ترى أولئك الذين فوجئوا بمواقف تلك الحكومات؟ هل كانوا يتوقعون منها مثلًا أن تأتى بأساطيلها لتدافع عن غزة وترفع عنها الحصار؟ هل توقعوا منها أن تطلب من إسرائيل إنهاء الاحتلال؟
وما الذى كانوا يتوقعونه بالضبط من دول كانت ضالعة فى جرائم مشابهة من الجزائر لإيرلندا، ومن الكونغو للمكسيك، بل مارس بعضها الآخر استعمارًا استيطانيًا فى أمريكا الشمالية حيث المذابح والتهجير القسرى للسكان الأصليين، وآخر يصاحبه فصل عنصرى فى جنوب إفريقيا، فظل نيلسون مانديلا «إرهابيًا» فى القانون الأمريكى حتى 2006. ما المفاجئ بالضبط؟!
غير أن ذلك الإفلاس الأدبى والأخلاقى للحكومات الغربية يضعنا إزاء «غربين» لا «غرب» واحد، إذا جاز التعبير. فقد كشفت جرائم إسرائيل عن اتساع الهوة بين مواقف تلك الحكومات وشعوبها.
فعشرات الآلاف من المواطنين «الغربيين» خرجوا للشوارع فى كبرى المدن الغربية احتجاجًا على مواقف حكوماتهم الداعمة لإسرائيل، واعتبروها شريكًا مباشرًا فى الجرائم التى تُرتكب فى حق الفلسطينيين. والكثيرون يدفعون ثمن تلك المواقف فى مجتمعاتهم، ومع ذلك هم على استعداد لدفع ذلك الثمن.
وبالتالى، فرغم أنه لا جديد فى مواقف الحكومات، فإن الجديد الذى ينبغى التركيز عليه هو اتساع الاحتجاجات المدنية فى الغرب، والتى مثلت التظاهرات أحد تجلياتها. وهى تظاهرات أكبر من أى وقت مضى، ولا ينظمها أو يقودها بالضرورة ذوو الأصول العربية أو المسلمة، حتى أن فرنسا وألمانيا قيدتا التظاهر من أجل فلسطين بدعوى مكافحة العداء للسامية.
وهى حجة لم تردع هؤلاء، بل نظم يهود تلك البلدان احتجاجات أكبر من أى وقت مضى يعلنون رفضهم ذبح الفلسطينيين باسمهم، ويعلنون صراحة أن دعم الحقوق الفلسطينية لا يمثل عداء للسامية.
أما فى الولايات المتحدة، التى كانت الأقوى فى دعمها لإسرائيل، فقد احتل ائتلاف من جماعات يهودية أمريكية باحة الكونغرس، مطالبين ليس فقط إدارة بايدن بل والكونغرس بالامتناع عن إرسال السلاح والعتاد الحربى لإسرائيل.
والحقيقة أن هذا التحول كنت قد أشرت لإرهاصاته الأولى فى أمريكا أكثر من مرة. وهو تحول مهم لأنه يجرى فى أوساط الأجيال الشابة تحديدًا، بمن فى ذلك اليهود منهم.
فالشباب الأمريكيون عمومًا صاروا أكثر وعيًا بقضايا العنصرية والتمييز ببلادهم وخارجها. والشباب من اليهود الأمريكيين صاروا، منذ عقد على الأقل، أكثر علنية فى انتقادهم لإسرائيل، إذ لم يعد يقنعهم خطاب «الضحية» الذى تستخدمه إسرائيل، بينما هى دولة نووية مدججة بالسلاح من كل نوع وصنف.
والكثيرون منهم ممن يسافرون لإسرائيل يرون بأعينهم سياسة الفصل العنصرى فى الشوارع والمعاناة اليومية التى يتعرض لها الفلسطينيون بل والجدر العازلة التى رفضوا مثيلها على حدود بلادهم مع المكسيك.
وهؤلاء الشباب الأمريكيون عمومًا، لا اليهود منهم فقط، أكثر حساسية إزاء الدور البائس لحكومتهم بالعالم بل ولا يستقون معلوماتهم من الإعلام التقليدى وإنما من مواقع بديلة على الإنترنت وعبر وسائل التواصل الاجتماعى.
أكثر من ذلك، فإن الأقليات، وخصوصًا السود، يعرفون أكثر من غيرهم، وعبر تجربتهم المريرة، كيف يزوِّر الإعلام الحقيقة، بل ويخلق حقيقة بديلة مقطوعة الصلة بما يحدث على أرض الواقع.
*د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية، باحثة في الشأن الأمريكي
المصدر | المصري اليومالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الغرب أمريكا إسرائيل الاحتلال الكونغرس اليهود الأمريكيين
إقرأ أيضاً:
مريام أديلسون.. من هي المرأة وراء سياسات ترامب الداعمة لإسرائيل؟!
من يرى سياسات ترامب التعسفية بحق الشعب الفلسطيني، بدءًا من ولايته الأولى بنقل السفارة الإسرائيلية إلى القدس والاعتراف بها كعاصمة لإسرائيل، وصولًا إلى إعلانه بتهجير الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة إلى كل من مصر والأردن، يدرك أن هذا التواطؤ الأمريكي مع إسرائيل لا يمكن أن يكون إلا نتيجة لوجود قوى خفية تعمل وراء الكواليس.
من هي مريام أديسون؟!من بين هذه القوى، تبرز شخصية المرأة التي تُعرف باسم "مريام أديلسون"، وهي واحدة من أغنى النساء اليهوديات في العالم. وُلدت ميريام يوم 10 أكتوبر/تشرين الأول 1945 في تل أبيب ونشأت في حيفا، لأم وأب هربا من بولندا في الثلاثينيات.
بعد طلاقها الأول، التقت بزوجها الثاني الملياردير المستثمر في الكازينوهات "شيلدون إديلسون" في أواخر الثمانينيات، وأقاما حفلي زواج، أحدهما في الولايات المتحدة والآخر في القدس عام 1991. وأنجبا ولدين هما آدم وماتان، وبقيت ميريام مع زوجها حتى وفاته عام 2021.
ورثت مريام عن زوجها الملياردير إمبراطورية خلصت أعمالها في دعم اللامتناهي لإسرائيل و من أهم أعمالها في دعم السياسات الاقتصادية والسياسية الإسرائيلية:
تبرعت مؤسسة عائلة أديلسون بـ200 مليون دولار لمنظمة "تاغليت-بيرثرايت إسرائيل"، وهي مشروع يجلب الشباب اليهود إلى إسرائيل.كما تبرعت بـ50 مليون دولار لمؤسسة "ياد فاشيم" في القدس، والتي أقيمت للحفاظ على ذكرى المحرقة وإحيائها باستمرار.أسست عائلة أديلسون صحيفة "إسرائيل اليوم"، التي تعد أكبر صحيفة محلية، ومؤيدة قوية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.كانت أكبر المانحين هي وزوجها للحزب الجمهوري الأمريكي، إذ دعمت حملات عدة مرشحين وربطتها بهم علاقات وطيدة، ومنهم جورج بوش الابن، وجون ماكين، ورودولف جولياني، ودونالد ترامب.في عام2018، منح ترامب مريام "وسام الحرية"؛ وذلك جزاءً على ما أنفقته هي وزوجها 172 مليون دولار لدعم مبادرات الحزب الجمهوري.
في المقابل، شكرت أديلسون ترامب على الملأ على وفائه بوعده لها وعمله على تحقيق أهدافها التي طالما ما كانت تسعى لها:
الاعتراف بـ"سيادة إسرائيل" على مرتفعات الجولان التي احتلتها إسرائيل من سوريا في حرب الأيام الستة عام 1967.الانسحاب من الملف النووي الإيراني.الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.المساهمة في تنفيذ عمليات السلام بين الدول العربية وإسرائيل.وكان من آخر مطالب مريام من ترامب هو اقتراحها بأن تكون أكبر متبرعة له في حملته الانتخابية للعودة إلى البيت الأبيض مرة أخرى، لكنها اشترطت أن يلتزم بقبول ضم إسرائيل للضفة الغربية إذا أصبح رئيسًا.
كلمات دالة:مريام أديلسونإسرائيلأميركاترامبالتهجيرفلسطينالضفةغزة© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
عملت رولا أبو رمان في قسم الاتصال والتواصل لدى جمعية جائزة الملكة رانيا العبدالله للتميز التربوي، ثم انتقلت إلى العمل كصحفية في موقع "نخبة بوست"، حيث تخصصت في إعداد التقارير والمقالات وإنتاج الفيديوهات الصحفية. كما تولت مسؤولية إدارة حسابات مواقع التواصل الاجتماعي.
انضمت رولا لاحقًا إلى فريق "بوابة الشرق الأوسط" كمحررة وناشرة أخبار على الموقع وسوشال ميديا، موظفة في ذلك ما لديها من مهارات في التعليق...
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن