قانون الضريبة على القروض خطوة الألف ميل نحو ردّ الودائع
تاريخ النشر: 10th, November 2023 GMT
كتبت سابين عويس في" النهار": لم يكد مجلس الوزراء يقر مشروع القانون بصفة المعجل المكرر الرامي الى تخصيص بعض الإيرادات الضريبية المباشرة لتمويل صندوق استرجاع الودائع المزمع إنشاؤه، قبل نحو أسبوع، حتى بدأت الاعتراضات تتوالى من مؤسسات القطاع الخاص ولا سيما القطاع التجاري التي رأت أن المشروع يفتقر الى الواقعية ويتسم بالتسرّع والتفرّد بحيث لم يُطرح للنقاش أو البحث، لا على مستوى الوزراء ولا على مستوى القطاعات المعنية، بما يتيح تجنيبه أي ظلامة أو خطأ يؤدي الى تكبيد القطاع الخاص أكلافاً مالية إضافية، بعدما نجح في تجاوز الانهيار وسدّد ديونه، ونجح الى حدّ ما في التكيّف مع الأزمة، فاسترجع القدرة على الوقوف مجدداً.
اللافت أن الإيرادات المرتقبة من المشروع المقترح يمكن أن تصل الى نحو ٣ مليارات دولاروفق التقديرات، نظراً الى أن المشروع سينطبق على قروض تفوق قيمتها ٣٥ مليار دولار، وهي قيمة توازي ما سيقدمه الصندوق بموجب الاتفاق الاولي الموقع مع لبنان على امتداد ٤ سنوات من بدء تطبيقه، أي إن إمكانية إعادة جزء من الودائع ولا سيما تلك التي لا تتجاوز مئة ألف دولار تصبح ممكنة وقابلة للتنفيذ إذا ما توافرت النية والإرادة الجدية لدى السلطات اللبنانية للقيام بذلك بعد ٤ أعوام على أزمة تآكلت خلالها مدخرات اللبنانيين وودائعهم بسبب الاقتطاع التدريجي البطيء لها.
ليس المشروع منزلاً في شكل لا يمكن به أن يخضع للتعديلات التي يرى القطاع الخاص أنها مجحفة في حقه، وهذه مسؤولية المجلس النيابي الذي يُفترض أن يشرع في دراسته، نظراً الى طابع العجلة الذي يتسم به، ولكن المهم ألا يُدفن هناك، كما هو حاصل بالنسبة الى مشاريع أخرى لا تقل أهمية، لو أقرت في وقتها لكانت ضيقت الفجوة المالية مثل قانون الكابيتال كونترول الذي لا يزال يقبع في المجلس، أو قانون الانتظام المالي.
هذا ما يعتقده أيضاً نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي الذي أعد المشروع أساساً بالتعاون مع الجهات المعنية مع أنه قد لا يكون مثالياً ولكن الهدف الاساسي منه يكمن في أن الأزمة أدت الى تحول في الثروة حيث استفاد أفراد وشركات من سداد قروضهم بأسعار لا تتوافق مع أسعار صرف السوق.
يستغرب الشامي كيف أن الانتقادات للمشروع بدأت عشية إقراره وقبل أن يطلع المنتقدون على مضمونه. وهذا ما يجعله يخشى أن ينجح المتضررون في إحباطه، ما يحبط كل محاولة لتغذية صندوق استرجاع الودائع ويقضي على الآمال الحكومية المعقودة لضمان إعادة الحقوق لأصحابها. وهو ما تشير إليه بوضوح الأسباب الموجبة للمشروع التي تركز على أن لبنان قد شهد وما زال أزمة مالية ونقدية حادة غير مسبوقة مع تعذّر تغطية أو تسديد الودائع والمتوجبات المصرفية بالعملة الأجنبية الصعبة من قبل المصارف التي، بغياب أي تدخل مباشر من المشترع، قد بادرت إلى اعتماد تدابير استنسابية ووضع قيود صارمة على السحوبات والتحويلات وحقّ التصرف بالودائع مدعومة في بعض الأحيان بتعاميم موازية من المصرف المركزي، مما استتبع في بعض الحالات عدم مساواة بين المودعين ونزاعات ودعاوى قضائية لدى المحاكم لم تزل عالقة لغاية تاريخه. فضلاً عن وجود عدة أسعار صرف للدولار الأميركي بالنسبة للعملة الوطنية مما سمح لمعظم المقترضين الكبار، بتغطية من السلطة الناظمة، بتسديد مستحقاتهم بقيمة أدنى بكثير من قيمتها الحقيقية. وذلك في أغلب الأحيان من خلال شراء ذمم دائنة في المصارف من مودعين محجوزة ودائعهم وبالتالي تحقيق أرباح باهظة على حساب هؤلاء وسواهم من المودعين. هذه الثغرة المالية، التي لم تعالجها السلطة النقدية، أفاد منها عشرات الألوف من المقترضين، إلا أنها في المقابل أذابت نحو ثلاثين مليار دولار أميركي تقريباً من ودائع الناس ورؤوس أموال المصارف وأدت بما أدت إليه إلى ضرب مبدأي العدالة والمساواة المصونين دستورياً.
ولأنه لا دخل ولا ربح يمكن ألا يخضع للضريبة، وحق الإدارة الضريبية تدارك حقوق الخزينة، ووجوب المكلفين التصريح وتأدية الضريبة، وانطلاقًا من مبدأ الشمول الضريبي اعتماد الضريبة المخصصة للتعويض على المودعين المحتجزة ودائعهم، أتاح المشروع خيار الإعفاء فضلاً عن استثناء قروض دون الـ١٠٠ ألف دولار. ولعل الأهمّ أن الإيرادات التي سوف تحصلها الدولة من الأرباح غير المصرح عنها وغير المسددة والتي لم تسقط بفعل مرور الزمن، ستخصّص لتمويل صندوق استرداد الودائع.
في الخلاصة، يشكل المشروع خطوة أولى على طريق الألف ميل نحو استعادة المودعين بعضاً من أموالهم المحتجزة التي تتبخر يوماً بعد يوم. لكن هذه الخطوة ستبقى في مربعها الأول إن لم تأخذ في الاعتبار النقاط التي تعوق تطبيقه ولا سيما قضائياً نظراً الى أن تسديد القروض لم يخالف القوانين بل تحت سقفها، تماماً كما كانت الحال مع الأموال المهربة الى الخارج التي يتعذر النيل منها لأنه لا قانون يمنع خروجها!
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
عضو بـ«النواب»: قانون الإجراءات الجنائية الجديد خطوة جادة لدعم الحقوق والحريات
قال النائب إبراهيم الديب، عضو مجلس النواب، إن مشروع قانون الإجراءات الجنائية من أهم القوانين المكملة للدستور، حيث ينظم الإجراءات التي يجب اتباعها في التحقيق والمحاكمة والفصل في القضايا الجنائية، وتتصل أهميته بأنه يحمي الحقوق والحريات.
الضمانات الدستورية وتعزيز حقوق الإنسانوأضاف «الديب» أن مشروع القانون يوفر الضمانات الدستورية ويعزز حقوق الإنسان، ويضمن حقوق المتهمين من خلال توفير ضمانات المحاكمة العادلة، لافتا إلى أن تاريخ قانون الإجراءات الجنائية، ظهر فى عام 1875 تحت مسمى «قانون تحقيق الجنايات»، وكان يُطبق على المحاكم المختلطة، ثم صدر قانون «تحقيق الجنايات الأهلي» عام 1883 ليُطبق على المحاكم الأهلية، وتمّ تعديله عام 1904.
واستكمل النائب إبراهيم الديب، قانون الإجراءات الجنائية الحالي صدر في أكتوبر 1950، وتعرّض إلى تعديلات كثيرة حتى وقتنا الحالي، وبسبب العديد من المتغيرات أصبح القانون فى حاجة ضرورية للعديد من التغييرات التي تتواكب مع الوقت الراهن، وفى نفس الوقت مع المتغيرات ورؤية مصر الخاصة بالاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، مشيدا بحالة النقاش التى يشهدها القانون من مختلف الفئات، مؤكدا أن الجميع يعرض رؤيته والجميع حريص على إعلاء المصلحة الوطنية للدولة المصرية.
الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسانوأشار النائب الديب، إلى أن مشروع القانون يتسق مع الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية، وحقوق المرأة والطفل وغيرهما، مؤكدا أن بعض الاعتراضات حوله لا تقلل أبدا منه والباب لا يزال مفتوحا وفق مجلس النواب لأي تعديلات قد تكون ضرورية، فى الوقت الذى يحرص الجميع على ضرورة خروج القانون للنور ملبيا لكل المطالب ومكسبا حقيقيا خاصة وأنه يعد دستور ثاني للدولة المصرية.