موقع النيلين:
2024-11-26@13:15:50 GMT

جفاف السبعينات … وحبابة البدوية في بيتنا

تاريخ النشر: 10th, November 2023 GMT

جفاف السبعينات … وحبابة البدوية في بيتنا


والخدمة المنزلية ليست عيبا ، ولكن لم يكن عمل البدويات العربيات في هذه المهنا مألوفا ، والحق يقال ، فما هي تلك الظروف الطاحنة التي ألجأتهم مضطرين لذلك ؟

إنه جفاف بداية السبعينات ثم الموجة الثانية بداية الثمانينات ، ذلك الجفاف الذي أجبر في من أجبر شعب الزغاوة على الهجرة الجماعية من موطنه في شمال غرب دارفور إلى جنوبها كما ذكرنا في منشورات سابقة.

إمتد ذلك الجفاف إلى شمال كردفان وفقدت مجموعات من الرحل ثروتها ونفقت دوابها وفقدت بالتالي سبل العيش وكانت أم درمان هي الملاذ الأقرب لهم فلجأوا إلى غربها وأقاموا رواكيبهم في منطقة غرب أم درمان.

أول من لفت الأنظار لتلك المأساة أئمة الجوامع فتحدثوا واستنفروا الناس في أم درمان لزيارتهم حتى يستشعروا عمق المأساة ، وحين ذهبت الوفود وشاهدت الأجسام التي هدها الجوع فصارت جلودا فوق هياكل عظمية صدموا وعادوا يحكون ما شاهدوه غير مصدقين ، وبعضهم قال أنه أجهش بالبكاء مما شاهد ، وتدفقت المساعدات من مجتمعات أم درمان ، مواد غذائية ، ملابس ، بطاطين ، إلخ.

وبدأنا في أم درمان نشاهد بل نعيش مشهد الأب البدوي العربي يدق باب الباب ومعاه فتاته الصغيرة وبعد أن يدخل ويسلم على الأسرة بكل الحزن والوقار ويطلب مقابلة رب الدار يقول أنه لا يطلب أجرا مقابل خدمة بنته ، بل كل ما يطمع فيه بيت كريم موثوق فيه يؤيها ويطعمها وهي لن تقصر في الخدمة.

في تلك الظروف القاهرة وبتلك المعادلة المحزنة دخلت الفتاة البدوية حبابة إلى حياتنا وضمتها والدتنا تحت جناحها ورعايتها وأخذت تتدرج بها رويدا رويدا في مهارات الحياة المدينية التي لم تكن تفهم فيها شيئا ولا شاهدت أدواتها ، وقررت لها الوالدة راتبا شهريا.

لم ينقطع والد حبابة عن زيارتها فكان يأتيها كل إسبوعين أو ثلاث ليتفقدها ويطمئن عليها وحين يأتي آخر الشهر يأتيها ليأخذها ومعها راتبها لإجازة يومين تقضيها مع الأسرة في رواكيب غرب أم درمان.

كبرت حبابة وقام والدها بتزويجها وأنقطعت عن الخدمة ولكنها لم تنقطع عن زيارة الوالدة ورافقتها في زيارتها الأخير قبل الحرب بشهرين بنتها الشابة التي أسمتها على إسم الوالدة وفاءا وعرفانا ، وظلت الوالدة تفرح وتسعد بهذا الوفاء ، وصارت حبابة تتلقى المصاريف من ولدها الذي إغترب في السعودية ، وهكذا تدور عجلة الحياة وتتغلب الناس على الصعاب.

ما أعلمه أن مجتمعات النازحين البدو في غرب أم درمان من تلك الحقبة كافحت وأندمجت تدريجيا في حياة أم درمان فليس في أم درمان حواكير تزعج وتقيد القادم المبتلى وليس في أم درمان سوى البشر والترحاب وقبول الآخر.

في هذه الأيام وفي هدأة الليل والسكون كثيرا ما أتذكر وأفكر في حال بشر رقيقي الحال مروا في حياتنا ، أين هم وكيف حالهم في خضم الأحداث والفوضى ؟!

كانت حبابة ووالدها من بدو كردفان الذين شاهدناهم كثيرا في طفولتنا وصبانا الباكر ينيخون إبلهم في سوق العرضة وحي العرب ويقضون أياما في التسوق قبل أن يشدوا الرحال إلى باديتهم التي التي يألفونها وتألفهم ويفهمونها ولا يرضون عنها بديلا لأن البدوي القح الأصيل لا يشعر بالنقص أمام أهل المدن ولا يحسدهم على بيوتهم وعمرانهم بل ربما نظر إليهم نظر الشفقة إذ لا يملكون ما يملك من الحرية والأنعام والنظرة المختلفة للحياة.

مات والد حبابة في أطراف أم درمان وهو مطمئن على بناته بعد أن شاهد أحفاده وحفيداته ، ولم تنقطع زيارته للبيت فكان هو وحبابة في ذاكرتي رمزا للوفاء والأصالة والصبر على الأقدار وتقلبات الأيام.

#كمال_حامد ????

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: فی أم درمان

إقرأ أيضاً:

مراسل القاهرة الإخبارية: فرحة عارمة في السودان بعد تحرير الجيش مدينة سنجة

قال عثمان الجندي، مراسل قناة القاهرة الإخبارية في أم درمان: إن هناك فرحة عارمة عمت أهم المدن السودانية وكبرياتها، وهي مدينة بوتسودان أو ولاية البحر الأحمر، ومدينة القضارف شرق السودان، وأم درمان، بعدما استعاد الجيش السوداني سيطرته على مدينة سنجة.

وأضاف مراسل القاهرة الإخبارية، خلال رسالة على الهواء، أن عدد كبير من الجماهير خرجوا فرحين بتحرير المدينة، واستقبلهم مساعد رئيس الجمهورية الفريق ياسر العطا، وكلما يسيطر الجيش على مدينة أو موقع مهم يزورها رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان، كما عود العالم على ذلك.

وأشار عثمان الجندي، إلى أن استعادة مدينة سنجة تعد تحول كبير للغاية في محور القتال، وأهمية المدينة تكمن في أنها ستقوم بعمليات إمداد كبيرة في محور ولاية القضارف شرق السودان، المجاورة لولاية سنار، لدعم محور القتال والقوات المتوجهة لمدينة ود مدني بولاية الجزيرة.

ولفت مراسل القاهرة الإخبارية، أن ميليشيا الدعم السريع أصبحت تسيطر على 6 ولايات فقط، 4 منها بدار فور هي شرق دارفور وجنوب دارفور ووسط دارفور وغرب دارفور وولايتي غرب كردفان والجزيرة.

اقرأ أيضاًبعد رفض الجيش السوداني المشاركة.. هل تفشل مفاوضات جنيف بقيادة الولايات المتحدة؟

وزير العدل السوداني: ما يقوم به الجيش السوداني واجب دستوري أصيل

القاهرة الإخبارية: الجيش السوداني يوسع نطاق سيطرته الميدانية بمناطق أم درمان القديمة

مقالات مشابهة

  • اختراعات تحدد شكل حياتنا في المستقبل.. تعرّف على علامات اختراق حساباتك
  • ملتقى "في بيتنا مُصلح" يناقش مقوّمات نجاح الاستقرار الأسري
  • كل ما تريد معرفته عن جفاف البشرة وأعراض مرض الأكزيما المنتشر في الشتاء
  • العرادي: التخلف أصاب كل حياتنا في ليبيا
  • الدعم السريع يهاجم أم درمان بالمسيرات ويقتحم 10 قرى بشرق النيل
  • كيف تفرق بين الإكزيما وجفاف الجلد.. هيئة الدواء تجيب​
  • البابا فرنسيس: في الحب فقط تجد حياتنا النور والمعنى!
  • مراسل القاهرة الإخبارية: فرحة عارمة في السودان بعد تحرير الجيش مدينة سنجة
  • عادل حمودة: الشيخ زايد اعتمد في حكم دولته على التقاليد البدوية العربية
  • سوق المحمول تنتظر فرض رسوم جديدة على الأجهزة المستوردة.. وتجار: «القرار هيخرب بيتنا»