«الكلمة».. هل لها وقعها في نصرة فلسطين؟
تاريخ النشر: 10th, November 2023 GMT
تعيش القضية الفلسطينية منذ أكثر من سبعين عاما في وجدان الشعب العربي، وهي قضية متوارثة، لم تغب عن الساحات العربية ولا عن الأذهان يوما، وقد كان في كّل ثورات العالم للمثقفين دور طليعي وريادي كما هو الحال في القضية الفلسطينية التي أسالت الكثير من الحبر، والتي استقطبت الكثير من مثقـــــفين وكتّاب، وصحفيّين، وأساتذة جامعيين الذين يعوّل عليهم، حيث إن كلماتهم لها دورها، وفعلها، وثقلها، فهي ليست خفيفة وعابرةً، إن هم شخّصوا بها واقع الشعب الفلسطيني، وذهبوا إلى جوهر قضيتهم، وطرحوا وجهة نظرهم في ما يجري على الأرض وخّاصة الصراع الدامي المدمّر على أراضي السلطة، والذي استشرى في قطاع غزّة، وفي الضفة الغربية وحتى في الحدود اللبنانية.
من قطر التي حملت دائما راية القضية الفلسطينية وتؤكد دوما أنها قضيتها المركزية، وتدعمها حكومة وشعبا، تفاعل العديد من الكتاب مع ما يجري في الأراضي المحتلة من خلال مقالات وتدوينات كثيرة وفعاليات متعددة لا تسع المساحات لرصدها كاملة. لكن «العرب» اختارت بعضها، من منطلق وقع «الكلمة» في نصرة فلسطين.
صادق العماري: فعاليات «القطري للصحافة» متواصلة لإيصال صوتنا
نظم المركز القطري للصحافة منذ بداية الحرب على غزة عدة مبادرات لدعم الأشقاء في القطاع وفي فلسطين، وحاول أن يستهدف الرأي العالمي وتعريفه بالقضية، حيث نظم ندوة تحت عنوان «إشكالية ازدواجية معايير المجتمع الدولي تجاه الحرب على غزة» استضاف خلالها الكاتب الصحفي البريطاني ديفيد هيرست رئيس تحرير موقع «ميدل إيست آي»، والتي أكد خلالها هيرست أن المعايير المزدوجة لا تزال قائمة في تشكيل تفاعل المجتمع الدولي مع غزة، ونحن بحاجة ماسة إلى النظر في تصحيح هذا الوضع، مشيراً إلى أنه من الصعب تجاهل النهج المتناقض في كيفية تعامل العالم مع روسيا وغزة، وأن الإنصاف في الاستجابات الدولية للصراعات أمر ضروري لتحقيق العدالة والسلام الحقيقيين.
وأكد هيرست أن «حماس» ليست منظمة إرهابية بالنسبة للعديد من الأشخاص في العالم، وهناك العديد من الضحايا من الجانب الفلسطيني نتيجة للصراع، مشيراً إلى أنه يعتقد أن الحكومة الإسرائيلية يجب أن تولي اهتمامًا خاصًا لما تقوله وأن تفصل بين سياستها واللوبي الصهيوني.
وفي مبادرة أخرى أضاء المركز القطري للصحافة مقره بألوان علم فلسطين تضامناً مع الشعب الفلسطيني واحتجاجاً على المجازر التي ترتكبها إسرائيل بحق الصحفيين والمدنيين في غزة.
وأوضح المركز في منشور على حسابه بمنصة إكس أن عدالة القضية الفلسطينية ستبقى ساطعة كالحقيقة.
وفيما يخص استنكار استهداف الاحتلال الاسرائيلي للاعلاميين والمدنيين شهد المركز القطري للصحافة وقفة تضامنية مع الشعب الفلسطيني ضد الهجوم الإسرائيلي، ومع الصحفيين الذين يبذلون جهودًا مضنية من أجل كشف حقيقة ما يحدث في غزة من عدوان، وقد أقيمت الوقفة تحت شعار «غزة تنادينا»، احتجاجًا على المجازر الوحشية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين من أطفال ونساء وصحفيين وطواقم طبية، وحظيت الفعالية التضامنية بحضور إعلامي كبير، بالاضافة إلى تنظيم المركز ضمن فعاليات «مجلس الصحافة» ندوة تناولت التطورات الفلسطينية بعد عملية «طوفان الأقصى» التي نفذتها المقاومة في غزة، والتي تطرقت إلى الوضع في فلسطين المحتلة والقضية الفلسطينية بالاضافة إلى طوفان الأقصى والمجازر التي ترتكب في حق المدنيين العزل، بالاضافة إلى اصدار المركز عدة بيانات وتنظيمه لفعاليات ما تزال مستمرة.
وفي هذا الصدد أعرب السيد صادق العماري مدير عام المركز أن المركز عن استنكاره الشديد للاعتداءات المستمرة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين والأبرياء في قطاع غزة، وأكد المركز.
وقال العماري: منذ بداية العدوان على القطاع كثف المركز نشاطاته وسخرها لنصرة الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وحاولنا أن نوصل صوتنا إلى الرأي العام العالمي والعربي والمحلي، وأن نبين للعالم أن غزة تعاني من قصف لا يرحم لا للمسنين ولا المرضى ولا الأطفال وطال كل المؤسسات المحمية بموجب القانون الانساني الدولي وعلى رأسها المستشفيات ومقرات الأونورا التي يقطن بها آلاف اللاجئين، وان استهداف مقاتلي حماس هو مجرد شماعة وحجج واهية لتمكن الاحتلال الاسرائيلي من الابادة الجماعية لسكان القطاع.
وأضاف: لذلك نحن في المركز كان لدينا معرض للصور الرياضية افتتح يوم بعد الحرب على غزة، فاستبقينا على المعرض لكن تم تحويل مساره واعطاؤه لمسة سياسية ولمسة تضامنية مع أشقائنا الفلسطينيين. وأضفنا صور عن صمود الفلسطينيين.
وتابع العماري: ثم استحدثنا مجلس الصحافة الذي خصصناه للقضية الفلسطينية، والتحيز الاعلامي الغربي للاحتلال الاسرائيلي، ولإرسال رسالة للعالم أن فلسطين في قلب كل عربي، بالاضافة إلى عرض فني لأطفال يمثلون أطفال غزة. كما ألقى سعادة السيد سعد بن محمد الرميحي رئيس مجلس إدارة المركز القطري للصحافة كلمة أكد خلالها أن فعاليات المركز لن تتوقف لدعم القضية الفلسطينية ومناصرتها، فذلك نابع من حرصه على تقديم الدعم لصحفيي فلسطين وصحفيي العالم العربي الذين يسعون لإبراز حقيقة العدوان الإسرائيلي وكشفه أمام الرأي العام العالمي.
وأكد السيد صادق العماري أن المركز ماض في نشاطاته التي تستهدف الغرب لتبيين وجهة النظر المحلية لهم، وشرح القضية وفق منظورنا نحن.
إبراهيم الجيدة: فلسطين في قلب اهتمامات «الجسرة»
كان لنادي الجسرة الثقافي التابع لوزارة الثقافة إسهامات في تسليط الضوء على القضية الفلسطينية، حيث تم تنظيم أكثر من فعالية في هذا الصدد، وأكد السيد إبراهيم الجيدة، رئيس مجلس إدارة النادي أن اهتمام النادي بالقضية الفلسطينية، يمتد إلى بواكير نشأة النادي ذاتها عام 1960، بكل مراحل التحول والتطور الذي شهدهما النادي، منذ أن كانت نشأته رياضية، إلى أن تركزت أنشطته في المجالين الثقافي والاجتماعي.
وأضاف الجيدة: إن الحس والاهتمام القومي للنادي بالقضية الفلسطينية لم ينقطع منذ هذه البدايات، وعبر كل هذه التحولات، وترجم ذلك الاهتمام بإقامته للعديد من الفعاليات والأنشطة والبرامج، التي تستحضر أهمية هذه القضية، بكل ما تحمله من أبعاد إنسانية وقومية ودينية.
وتابع: إن نادي الجسرة الثقافي الاجتماعي حرص طوال كل هذه العقود على أن تكون القضية الفلسطينية حاضرة في جميع فعالياته، وبمشاركة العديد من الرموز الفلسطينية والعربية، الذين حرصوا في مداخلاتهم على تأكيد هوية القدس الشريف، ودحض كافة المحاولات لتهويدها، وتأكيد عروبتها، علاوة على إبراز جرائم الاحتلال، منذ النكبة وحتى اليوم، مروراً بكل جرائمه التي ارتكبها وما زال يرتكبها حالياً في حق فلسطين شعبها، لاسيما في قطاع غزة، وهي الجرائم التي تفتقر إلى كافة الأبعاد الإنسانية، والقوانين والمواثيق الدولية، فضلاً عن عدم الانصياع لكافة النداءات الدولية، عبر تلك المظاهرات العارمة التي تشهدها دول العالم، من خلال أوساط الرأي العام، التي تندد بتلك الجرائم، ودعوتها إلى ضرورة وقف العدوان الغاشم.
أمل عبدالملك: «فضح الجرائم الإسرئيلية» أقل ما يمكننا عمله
أكدت الكاتبة الإعلامية أمل عبد الملك أن فلسطين قضية كل عربي يشعر بالإنسانية وبالمسؤولية، وقالت: طالما كانت قضية الشرفاء الذين يؤمنون بالحق وبأن الأرض العربية لابد وأن تعود لأصحابها من المحُتلين الذين لم يكتفوا باغتصاب الأرض وتهجير أصحابها الفلسطينيين وحصارهم وتعذيبهم بل ها هم منذ شهر يتفننون بقصفهم وإبادتهم إبادة جماعية دون مراعاة لإنسانية ولا أطفال ونساء أبرياء وعُزّل.
وأضافت أمل: تفجعنا الصور التي تأتينا من غزة يومياً والتي تبين مدى بشاعة الكيان الصهيوني الذي لم يترك مكاناً آمناً في غزة ليحتمي فيه الأبرياء وحتى المستشفيات لم تسلم من القصف، في الوقت الذي يقف العالم صامتاً حيال ما يحدث ونرى دعماً منقطع النظير للصهاينة من الدول الكبرى التي حركت بوارجها ومدتهم بالأسلحة الثقيلة والمتطورة لتدك غزة التي تعيش في الظلام وشعبها دون دواء ولا غذاء ويصعب دفن جثث الشهداء لأنها تحت الأنقاض! فأقل ما يمكننا فعله في هذا المصاب الدعاء لفلسطين وأهلها خاصة غزة، ومشاركة الجرائم الإنسانية التي ينفذها الكيان الصهيوني في أهالي غزة لتصل للعالم خاصة الغربي الذي طالما تَغنى ورفع شعارات حقوق الإنسان وحفظ الإنسانية وعندما وصل الأمر لغزة سكت الجميع بل يبررون لإسرائيل قتل الأطفال ويشككون فيه!
وتابعت أمل: واجبنا أن نشارك ما يصلنا من صور الجرائم في غزة واجبنا أن نتكلم ونُعبر عن مشاعرنا الغاضبة تجاه ما يحدث، واجبنا أن نُعلم الجيل الجديد قضية فلسطين وأن نربيهم على الإنسانية وعلى عدم التفريط بالحقوق، واجبنا أن ندعم فلسطين بكل ما نستطيع ولا نقبل الإهانة ولا نسكت عن المجازر التي تحدث، فإذا ما كُبلت أيدينا على الأقل ندعمهم بألسنتنا وبدعائنا ومالنا، حفظ الله فلسطين وأهل غزة ورحمَ شهداءهم.
د. أحمد عبدالملك: بدأت كتابة قصص قصيرة من وحي عذابات غزة
قال د. أحمد عبدالملك الأكاديمي والروائي: المبدعُ، في أي مجال، لا ينفصل عن قضايا وطنه وأمته. وما يجري في غزة الآن، أمرٌ جَلل، ونحن كمبدعين، يحتّم علينا الواقعُ والواجبُ أن نتناولَ قضية إخواننا في غزة، وإلا كنا منفصلين عن واجبنا القومي. ونحن مع موقف دولتنا الداعمةِ للحقِّ والعدل، وساهمنا في الفعاليات التي جرت منذ أكثر من شهر، سواء عبر التغريدات الخاصة، أو الفعاليات التي نظمتها المراكز والهيئات المحلية، والتي تناولت مأساة غزة. أنا ما زلت منذ بداية الأزمة، اخترتُ منصةَ (X) للتعبير عن التضامن مع الإخوة في غزة، باللغتين العربية والإنجليزية، ودحض ادّعاءات الإعلام المضاد والمُضلل. كما ساهمتُ في نشاطات المركز القطري للصحافة، وأشكرُ القائمين عليه لدورهم التنويري في هذا الشأن.
وعن إنتاجه الفكري لدعم القضية الفلسطينية قال د. عبدالملك: بدأتُ كتابة قصص قصيرة جدّاً من وحي عذابات غزة، مثل: طفلٌ فلسطيني ينالُ الشهادة، لم تكن شهادةً مدرسية، بل شهادة الحرمان من حق الحياة! كما صغتُ بعضَ الكلمات من وحي ما يجري في غزة، دبّابةٌ متوحشةٌ تتقدم.. تأكل طفلين.. ثلاثة، في مكان آخر يُولدُ عشرةُ أطفالٍ فلسطينيين.
الشاعرة سعاد الكواري: قضية المثقفين العرب الأولى
وصفت الشاعرة سعاد الكواري، قضية فلسطين بأنها «القضية الأولى للإنسان العربي بشكل عام وللمثقف العربي بشكل خاص ومع الأحداث الأخيرة كان للمبدع العربي والإنسان موقف واضح ومؤيد للقضية ومتفاعل معها بشكل مباشر».
وقالت: «لقد لمسنا هذا بشكل واضح في التعاطف الكبير مع ما يحدث، الأمر الذي جعله يتصدر الأحداث بشكل قوي». غير أنها شددت على ضرورة أن تكون هناك مشاركات أكبر من حيث إقامة الندوات الشعرية والمهرجانات التي تساعد الإنسان العربي على الصمود في وجه هذا الوضع الصعب.
وحول دور المثقفين العرب إزاء العدوان على غزة. أكدت الشاعرة سعاد الكواري أن هناك موقفا واضحا من قبل المثقفين العرب تجاه دعم الشعب الفلسطيني في القضية التي تهم جميع العرب، بالإضافة إلى تشديدهم على ضرورة الوقوف ضد العدوان سواء بالكلمة أو بالتفاعل عبر وسائل الاتصال والإعلام المختلفة.
صالح غريب: غزة حاضرة في وجدان كل عربي
لم يتخلف الملتقى القطري للمؤلفين التابع لوزارة الثقافة عن الركب حيث نظم ندوة ثقافية بالتعاون مع المركز الإعلامي القطري، عن «فلسطين بين الواقع والأدب»، تم خلالها استعراض الدور الذي يلعبه الأدب في تسليط الضوء على الواقع الفلسطيني وتأثيره في تعزيز ونشر الوعي حول القضية الفلسطينية. وفي هذا الصدد قال صالح غريب الكاتب والإعلامي ومدير البرامج بالملتقى القطري للمؤلفين: لا شك أن الملتقى هو جزء من وزارة الثقافة وبالتالي حرص أن تتواكب وتتوافق فعالياته خلال هذه الفترة مع توجهات الدولة الداعمة للقضية الفلسطينية في مسعى لشرحها وتناولها وطرحها، حيث تم تنظيم ندوة بعنوان فلسطين بين الواقع والأدب حيث تم استضافة عدد من الكتاب والمهتمين بالقضية لمناقشة الموضوع، وكذلك صفحات الملتقى تم من خلالها نشر مجموعة من البوستات حول القضية الفلسطينية، دعما من الملتقى للأشقاء الفلسطينيين.
وأضاف غريب: وهناك بعض الفعاليات الأخرى التي أقيمت سواء من خلال سفراء الأدب العربي القطري وتسليط الضوء على ما تم طرحه من الكتاب والأدباء القطريين حول القضية الفلسطينية في هذه الفترة، وكذلك تم تناول القضية من خلال برامج الملتقى سواء بطريقة مباشرة وتفاعلية مع الجمهور أو من خلال برامج مسجلة. ونحرص دائما على مشاركة إخوتنا الفلسطينيين في أيامهم مثل يوم الأسير ويوم القدس وغيرها من المناسبات التي كثيرا ما يتفاعل معها الملتقى إما بشكل سنوي أو بشكل استثنائي، كما يحدث حاليا بعد العدوان الغاشم على أهلنا في غزة.
وعن دور المثقفين في دعم القضية قال غريب: إن دور الكلمة في النضال لنصرة القضية الفلسطينية لا يقل أهمية، باعتبارها تنقل معاناة الشعب الفلسطيني جراء الاعتداءات الوحشية التي يمارسها الاحتلال الصهيوني. وأضاف أن القضية الفلسطينية في وجدان كل العرب، واصفا إياها بأنها قضية كل شريف في العالم، وستبقى حية، فضلًا عن كونها أولوية لدولة قطر حكومة وشعبا وحاضرة في كل المحافل الإقليمية والدولية التي تحضرها قطر.
حنان الشرشني: تحديث الذاكرة العربية بالأبعاد السياسية للقضية
أكدت الكاتبة حنان الشرشني أن للمثقف دورا كبيرا في التعريف بالقضية الفلسطينية، والتأريخ لها، والحرص على أن تبقى حية في قلوب كل أحرار العالم.
وقالت: دعم القضية الفلسطينية، واجب متأصل على الجميع نصرته، ولا تنحصر على فئة دون غيرها، ولكن يأتي دور الأدباء والمثقفين كجزء أساسي في دعم قضية إسلامية عربية من خلال تسليط الضوء عليها، عن طريق إبداعاتهم الأدبية، لاستمرارية روح الانتماء لدى الأجيال الشابة للغيرة على مقدساتهم ومناصرة إخوانهم في الدين والعروبة، مازالت جذوة الأرض المغتصبة مشتعلة في الصدور، وحان الوقت لانتزاع حقهم المسلوب ولو بعد ثمانين عاماً من الظلم والاحتلال.
وأضافت: إن دور المثقفين اليوم هو التركيز بشكل مباشر على إعادة تحديث الذاكرة العربية بالأبعاد السياسية للقضية الفلسطينية، باعتبارها سلاح يمكن توظيفه لإبقاء الصراع ضمن إطاره العروبي والإسلامي، وعدم عزل الشعب الفلسطيني ليكون وحده في مواجهة الكيان الصهيوني.
ودعت حنان الشرشني للحديث عن المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وآخر التطورات والمستجدات فيها.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر القضية الفلسطينية الشعب الفلسطيني قطاع غز ة المرکز القطری للصحافة القضیة الفلسطینیة الشعب الفلسطینی بالاضافة إلى دعم القضیة ما یحدث على غزة من خلال ما یجری فی هذا فی غزة
إقرأ أيضاً:
تصفية القضية الفلسطينية الهدف الاستراتيجي لبلطجة الكيان
يمانيون ـ تقرير | وديع العبسي
بخطة استعمارية تشرف عليها أمريكا لخلق واقع جديد، تحرك الكيان الصهيوني في سوريا على وقع تقهقر الصوت العربي والغيرة العربية. انقلب الوضع في سوريا رأسا على عقب فجأة، ووجد الكيان الصهيوني أن ما اشتغل عليه بمشاركة أمريكية خلال السنوات الماضية بدأ يهيئ الفرصة المواتية للشروع في مخطط القفز إلى الأمام وتجاوز مطالب العرب والمسلمين بشأن القضية الفلسطينية، بحيث تصير القضية جزءاً من ثقافة ماضوية ولا يعود لها ذاك الوقع في قلوب العرب والمسلمين، لذلك لم يجد حرجا من الدخول بطائراته الحربية إلى الأراضي السورية تحت جنح الظلام وفي العلن، وشن مئات الغارات وتفجير آلاف القنابل، فالوضع العربي يبدو قد فضّل الانكفاء كلٍ على جغرافيته، وقد ترك -من قبلُ- فلسطين ولبنان فكيف سيكون له موقف في سوريا.
في ظل تخاذل تام
دُبر المخطط بليل وكان لابد من تجاوز الحائط السوري قلعة المقاومة التي كان لحضورها وقع الرادع عن استسهال أي تحرك لتجاوز خطوط التماس غير المعترف بها أصلا، وذلك بتدمير القلعة وسلبها قوتها، وحتى قدرتها مستقبلا على النهوض، ليصير الواقع ألى مناطق تتنازعها فصائل خارجية الولاء، بفكر خالٍ من هوية قومية عروبية، ويتشكل وفق موجهات أمريكية تركية ويتواطأ مع رغبات صهيونية، وقد ظهرت علامات هذا المنحى بغزو الكيان للأراضي السورية غداة سقوط النظام في دمشق، وأشار إلى ذلك قائد الثورة الإسلامية الإيرانية السيد علي الخامنئي -الأربعاء- بتأكيده بأنه لا ينبغي الشك في أن ما جرى في سوريا هو نتيجة مخطط مشترك بين أمريكا والكيان الصهيوني.
وكشف السيد الخامنئي عن إسهام عربي مباشر نفذته إحدى دول الضعف والهوان المجاورة بقوله ان “إحدى الدول المجاورة لسوريا لعبت دوراً واضحا في هذا المجال، ولا تزال تلعبه –وهذا أمر يراه الجميع– ولكن المتآمر الرئيسي والمخطط الأساسي وغرفة العمليات الرئيسية هي في أمريكا والكيان الصهيوني. لدينا دلائل على ذلك، وهذه الدلائل لا تترك مجالاً للشك لدى الإنسان.”، حسب السيد الخامنئي.
والخميس أكد قائد الثورة السيد عبدالملك بن بدرالدين الحوثي أن هذه الجرائم تحدث في ظل حالة التخاذل التام من معظم المسلمين والعرب. وأكد السيد القائد أن الحقائق تشهد أن الأمريكي والإسرائيلي هم أعداء للأمة بكلها مهما كان اتجاهها السياسي ومذاهبها ومهما كانت مواقفها. وقال السيد القائد إن العدو الإسرائيلي يسعى إلى نهب الثروات ومصادرتها في معادلة الاستباحة ضمن إعلانه عن “الشرق الأوسط الجديد”.
اللعبة القذرة
على ذات السياق وصف البرلماني المصري مصطفى بكري ما حدث بـ”اللعبة القذرة”، كاشفا عن اتفاقية أُبرمت بين الكيان الصهيوني والتكفيريين، والتي بموجبها تمكنوا من الدخول إلى سوريا. وقال بكري: “بوادر الاتفاق بين الإرهابيين والصهاينة، والشروط التي وافق الإرهابيون عليها للوصول إلى السلطة كان من أبرزها السماح لجيش الاحتلال الإسرائيلي بتدمير الأسلحة الاستراتيجية السورية وضرب المطارات”.
وتابع بكري: “يليها الترحيب بتعديل اتفاقية ١٩٧٤ بين العدو وسوريا، واحتلال المنطقة العازلة بين الطرفين ثم قطع الطريق الذي يربط بين طهران ولبنان، ومنع وصول أية أسلحه أو أموال إلي حزب الله، وتوقيع اتفاقية سلام بين سوريا و”إسرائيل” وإقامة سفارة “إسرائيلية” في دمشق”. وأضاف بكري: “إسرائيل” تعربد في كل مكان، والحكام الإرهابيون مشغولون بالانتقام وتوزيع الغنائم”.
تحذير السيد القائد
الموقف العربي المتخاذل -ملامحه ومستواه- شخّصه قائد الثورة في كلمة الخميس الماضي بدقة، راسما صورة للمآل الذي يصير عليه المرء حين يوالي أعداء الله من ضعف وخنوع، وقال السيد: من المؤسف جداً ومن المحزن للغاية أن الأمريكي والإسرائيلي يتجه في تنفيذ عنوان “الشرق الأوسط الجديد” أو تغيير ملامح الشرق الأوسط إلى تفعيل أنظمة وجماعات وتيارات إسلامية وعربية.
السيد القائد في الكلمة التاريخية خاطب وحذر الأمة الإسلامية من فداحة المؤامرة التي تحيط بها، وقال: “الإسرائيلي هو العدو لكم جميعا يا أيها العرب، يا أيها المسلمون، وهو لا يتردد عن استهدافكم وفرض معادلة الاستباحة لكل شيء. العدو يسعى لاستنزاف قدرات الأمة من خلال الاقتتال الداخلي لتصل إلى مستوى الانهيار التام وتصبح أمة مفرقة ومتناحرة وضعيفة، العدو الإسرائيلي يسعى لمسخ الهوية الدينية للأمة لتبتعد عن القرآن الكريم، ويعمل على تحريك كل العناوين لصالحه حتى العنوان الديني”.
وأضاف السيد القائد مخاطبا الأمة العربية الإسلامية: “وجهوا سلاحكم نحو العدو الإسرائيلي، ووجهوا نحوه التحريض والتعبئة وإعلان الموقف الصريح منه، كونوا واضحين في عداوتكم للكيان الإسرائيلي وكونوا جادين وصادقين في عداوتكم له”.
إذا تجبّر الكيان فلتحذر الأنظمة
وزاد الصمت المطبق عربيا وإسلاميا ودوليا تجاه العدوان الجديد على سوريا من التطاول الصهيوني ليظهر بعض قادته في فيديوهات قصيرة وهم في نشوة، متوعدين بفرض الواقع الذي يريدونه لشعوب المنطقة، وهو ما تعاملت معه الأمم المتحدة بمجرد تحذير من هذا العمل دون إظهار أي مؤشرات لتحركات عملية تحاسب الكيان على التجاوز.
الحالة التي صار عليها الكيان من الاستعلاء والتجبُّر على العالم والمنطقة، ليس لقدرته على الاستمرار في ارتكاب الجرائم في غزة والخروقات في جنوب لبنان وتدمير سيادة سوريا على أراضيها، وإنما للثقة التي صار عليها في القيام بكل ذلك، دون أن يكون هناك صوت ذو تأثير يمكن أن يولد لديه حالة ردع أو حتى إرباك، لا من المجتمع الدولي، ولا من الدول “الشقيقة”.
كما كشف التمادي الصهيوني في العربدة -بلا أي اعتراض- عن استفحال سيطرة شعور العرب بالضعف، وهي حالة نجحت الإجراءات الأمريكية الراعية والحامية للصهيونية في زرعها وترسيخها لدى الأنظمة العربية، فيما الشعوب هزمتها سلبية هذه الأنظمة واستسلامها، فصارت تنظر إلى أن التطبيع مع الحال القائم هو أفضل طريقة للهروب من تأنيب الضمير والشعور بالمسؤولية. إذ يُظهر التقهقر العربي ما صارت إليه مكانة القضية الفلسطينية التي ظلوا يزايدون بكونها ستظل القضية الأولى في اهتمامات شعوب الأمة، وعندما صاروا في المحك ها هم يتابعون منذ أيام ما يقوم به العدو الصهيوني من شن للغارات على سوريا، ونهش لأراضيها.
تؤكد التحليلات على أن الأنظمة العربية تحاول التكيف الآني مع ما هو حاصل مع قناعة تامة بأن الجميع سيأتي عليه الدور، ويرى الخبراء بأن الركون إلى هذه القناعة مع تفضيل التزام الصمت أو اللعب بالكلمات الدبلوماسية يؤكد الاضطراب النفسي الذي تعيشه هذه الأنظمة.
عاصفة الشعوب على المتخاذلين
في الوقت الذي بدأ فيه الكيان بقصف المناطق الاستراتيجية السورية، فإنه حافظ على وتيرة الاستهداف للفلسطينيين وارتكاب المجازر التي كانت حتى وقت قريب تلقى شيئاً من الرفض والمعارضة الدولية، ليكشف ذلك بأن الكيان بعملياته ضد سوريا يحاول صرف أنظار العالم عن مشهد الإبادة المستمرة في غزة، ليبدأ بخطوات عملية في إعادة الحضور المباشر في الضفة الغربية باستمرار الاعتقالات، ومؤخرا بالمصادقة على بناء مستوطنات جديدة في الضفة والقدس.
يلتهب “الشرق الأوسط”، والكيان هو اللاعب البارز في كل ما يجري، ناهيك عن أن ما حدث في سوريا يصب في مصلحة العدو لجهة تنفيذ مخطط التجزيء، فإن استعادة هيبة الردع التي نسفتها المقاومة الفلسطينية ومحور المقاومة تتجسد من خلال هذه التحركات العدوانية المريحة، للتخلص من قدرات عسكرية كان يمكن أن تمثل عامل دعم قوي وفاعل ومؤثر في معركة تحرير المنطقة من هذه الغدة السرطانية.
وعندما يحل الخراب على دولة وترى الآخرين يتحسسون رؤوسهم فإن هذا يشير إلى خلل غير طبيعي، ما يشير بدوره إلى أن العالم العربي والإسلامي ربما يكون قادماً على تحولات جديدة ليس فقط في سياق المخطط الصهيوني الأمريكي، وإنما في واقع الشعوب التي ربما في لحظة اليأس ستتجه إلى القصور الرئاسية لإسقاط هذه الأنظمة، وتنطلق الشعوب في ذلك من إدراك حقيقة إنه رغم هذه الخدمات الجليلة التي تقدمها الأنظمة للمشروع الاستعماري الجديد،
إلا أن لا انعكاساً يمكن أن تجنيه الشعوب، اذ لا تزال تعيش في دوامة الهموم المعيشية والبيروقراطية المقيتة، ومصادرة الثروة، فضلا عن حالة الامتهان التي ترى بأنها قد أطبقت عليها بسبب تمادى القوى الاستعمارية في استهداف دول المنطقة مع تواطؤ من قبل الأنظمة.
مثيرات هذا الواقع المزري
حتى الآن لم يخرج نظام عربي بأي شكل من الأشكال بخطاب توضيحي إلى شعبه يشرح فيه حقيقة ما يجري، أو يبرر حالة التخاذل تجاه هذا الذي يجرى وينال من كرامة شعوب المنطقة واستقرارها، فالقضية الفلسطينية ليست فعلا طارئا، ومعاداة الكيان الصهيوني ليس موقفاً جديدا، ورفض لغة الإرهاب والتطرف واللجوء إلى العنف ليس حادث يوم وليلة، وإنما هو حاصل معاناة مريرة تعيشها المنطقة منذ أعلن الأمريكان حملتهم لـ”محاربة الإرهاب” في العام 2001.
مثيرات هذا الواقع المزري لا تزال قائمة بل وبعنف أكبر، بينما تغيرت المواقف تجاهه، فلا حديث عن القضية الفلسطينية، وإن حدث فإنه يأتي في حدود ما تعيشه الأراضي المحتلة في اللحظة من عدوان جديد، وكأن هذا العدوان إنما هو فعل طارئ، وأن الوضع قبله كان مستقرا، ولا تعاطٍ مع العدو الصهيوني بوصفه كائناً اغتصب الأراضي واستباح الدماء وانتهك كل المحرمات، حتى ليصير الأمر عادة ومشهداً طبيعياً لا يستحق أي تحرك، كما لا انتباه حتى لجماعات كان الجميع ينظر إليها ويتحدث عنها أنها جماعات “إرهابية” من “داعش” وأخواتها، فحين تحرك -الثلاثاء- رتل للمسلحين يحمل رايات “داعش” الارهابية غازيا مدينة اللاذقية السورية، لم يستوقف المشهد أي نظام ليطلب تفسيرا لما يحدث، وهُم من كانت أمريكا تقول إنها تلاحقهم على الأراضي السورية وادّعت تكوينها لـ”تحالف مكافحة الإرهاب” لأجل القضاء عليهم، بينما لا وجود لهذا التحالف إلا على الورق وهي كل التحالف من يقتل ويحتل الأراضي ويحاول توجيه الأحداث في المنطقة تحت هذا المبرر لما يخدم سياستها ومخططها الخاص بتمكين العدو الصهيوني.
مجلس الأمن
في الأثناء، لم يحرك مجلس الأمن ساكناً تجاه الانتصار للمبادئ التي أنشئ لأجلها، وهي مسألة لم تعد بالخافية وهي ليست بالجديدة، فالمجلس -الخاضع لسيطرة أمريكا- ليس في سجله أي تحرك عملي لصالح المنطقة العربية، وفي عدوان “إسرائيل” على غزة والذي يأتي منطَلَقا لتغيير وجه المنطقة وإنهاء القضية الفلسطينية، لم يغادر هذا المجلس ازدواجية المعايير في التقييم وإصدار الأحكام على الأحداث بنفس الدرجة التي هي عليها في الواقع، إذ مات الضمير ولم يفعل شيئا لآلاف النساء والأطفال الذين أعدمهم السلاح الأمريكي والإسرائيلي، ولم يحرك إنسانيتهم إنهاء كل مظاهر الحياة في قطاع غزة، أو محاصرة عشرات الآلاف من الفلسطينيين في شمال القطاع بلا مأكل أو مشرب أو دواء أو ملابس تقيهم برد الشتاء أو منازل يأوون إليها.
موقف مجلس الأمن يبدو نتيجة طبيعية وامتداداً لحالة التخاذل العربي، فلا ضغط يمارس على المجلس ولا رد فعل يجبر المجتمع الدولي للعمل على إيقاف البلطجة الصهيونية عند حدها، وحصْر الأمريكان في زاوية الاتهام الصريح بتسببهم بكل ما تعيشه المنطقة من ويلات من خلال تبنيهم لأهداف الكيان الصهيوني ودعمهم المادي والمعنوي له لبلوغ هذه الأهداف.