بقلم: زينب البوعزاوي (ومع) 

يبرز إصلاح الضريبة على القيمة المضافة من بين الأوراش ذات الأولوية في مشروع قانون المالية برسم 2024، بهدف دعم القدرة الشرائية للأسر، وفي الوقت ذاته التخفيف من تداعيات التضخم، وتكريس مبدأ حياد هذه الضريبة وضمان العدالة الضريبية.

وبين الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة المطبقة على بعض المنتجات، ومواءمة المعدلات الحالية وتوسيع نطاق هذه الضريبة، ينص الإصلاح المذكور على سلسلة من التدابير التي سيتم تنفيذها تدريجيا لضمان وضوح واستقرار النظام الضريبي الوطني في أفق سنة 2026.

ووفقا لمذكرة تقديم مشروع قانون المالية لسنة 2024، فالأمر يتعلق بثلاثية من الأهداف. أولا، الجانب الاجتماعي الذي يتعلق بتعميم الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة المطبقة على المنتجات الأساسية واسعة الاستهلاك، وخاصة الأدوية واللوازم المدرسية والزبدة المشتقة من الحليب الحيواني ومعلبات السردين والحليب المجفف والصابون المنزلي.

ويروم الهدف الاقتصادي، من جهته، ضمان حيادية الضريبة على القيمة المضافة والتخفيف من حالات التأثير المستهدف للمقاولات، الناتجة عن الفارق في المعدلات المطبقة خلال المراحل الأولية والنهائية لسلاسل إنتاج السلع والخدمات.

وعمليا، يقترح المشروع مواءمة المعدلات الحالية لهذه الضريبة تدريجيا (7%، 10%، 14% و20%) لحصرها بحلول عام 2026 في معدلين عاديين (10% و 20%)، وذلك بالموازاة مع توسيع نطاق التطبيق.

ويتعلق الهدف الثالث بالعدالة الضريبية، من خلال تدابير تهدف بشكل خاص إلى تسهيل إدماج القطاع غير المهيكل وترشيد الحوافز الضريبية.

وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أكد الأستاذ الباحث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، عبد الرزاق الهيري، أن الأهداف الاقتصادية والضريبية لإصلاح الضريبة على القيمة المضافة تتناغم تماما مع الأهداف الأساسية لإصلاح النظام الضريبي.

وذكر بأن هذا الإصلاح يهدف، من بين أمور أخرى، إلى تكريس مبدأ الحياد الضريبي من حيث الضريبة على القيمة المضافة، وتخفيف الضغط الضريبي على دافعي الضرائب عبر توسيع الوعاء ، ومواءمة معدلات الضريبة على القيمة المضافة تدريجيا من أجل التخفيف من حالات التأثير على المقاولات، من خلال إرساء معدلين بحلول سنة 2026، تهمان ترشيد الحوافز الضريبية وأنظمة الإعفاء وتعزيز مساهمة الإيرادات الضريبية في تمويل السياسات الاجتماعية والاقتصادية التي تنفذها السلطات العمومية.

واعتبر السيد الهيري أن خفض عدد المعدلات سيساعد على مكافحة حالات المصدم أو فارق المعدل الذي يؤدي إلى حالات ائتمانية دائمة للضريبة على القيمة المضافة للمقاولات الخاضعة لمعدلات مختلفة لهذه الضريبة عند المنبع والمصب.

كما أوضح أن الضريبة على القيمة المضافة هي المصدر الرئيسي للإيرادات الضريبية (ما يناهز 33% مقابل حوالي 24% للضريبة على الشركات وحوالي 19% للضريبة على الدخل) كما تمثل أكثر من 73% من الضرائب غير المباشرة.

وأشار السيد الهيري إلى أن زيادة معدلات الضريبة على القيمة المضافة يؤدي إلى ارتفاع المستوى العام للأسعار، مشيرا إلى أن السياسة الضريبية استخدمت دوما كأداة لمكافحة التضخم والحفاظ على القدرة الشرائية للمستهلكين.

ويرى المتحدث ذاته أن من بين التحديات الكبرى، حاليا، استعادة استقرار الأسعار، مبرزا أنه في ظل وضع اقتصادي متسم بالشكوك، فإن تحقيق هذا الهدف يتطلب الجمع بين مجموعة من أدوات السياسة الاقتصادية، بما في ذلك السياسة الضريبية على وجه الخصوص.

و اعتبر أن إصلاح الضريبة على القيمة المضافة يمكن أن يساهم بشكل فعال في الحفاظ على القدرة الشرائية للمستهلكين إذا تم توسيع الإعفاء من هذه الضريبة ليشمل المنتجات واسعة الاستهلاكية ذات الطبيعة الاجتماعية، وإذا تم تعديل معدلاتها تنازليا لهذه الفئة من المنتجات.

 

ماذا عن نظام الاقتطاع من المنبع الجديد في ما يتعلق بالضريبة على القيمة المضافة، والمنصوص عليه في مشروع قانون المالية لسنة 2024؟

في إطار تشجيع الشفافية الضريبية ومكافحة الإقرارات الزائفة بشكل فعال، يقترح مشروع قانون المالية للسنة المقبلة إنشاء آليتين للاقتطاع من المنبع بالنسبة للضريبة على القيمة المضافة.

وهو إجراء يتطلب، وفقا لابراهيم الرايس الفني، الخبير المحاسب بالدار البيضاء، تحليلا أكثر تعمقا حول جدواه.

وأشار إلى أنه نظام مبتكر وفريد من نوعه في العالم (يواكب معياره الضريبي الدولي) ويقوم على شهادة الانتظام الضريبي، لافتا إلى أنه عند كل معاملة تجارية بين مورد وزبون، تشكل جزءا من الأنشطة المدرجة في مشروع قانون المالية، يكون على الزبون أن يطلب من مورده تقديم شهادة انتظام ضريبي يرجع تاريخها إلى أقل من ثلاثة أشهر، وإلا فسيضطر إلى خصم جزء من مبلغ الضريبة على القيمة المضافة أو كامل المبلغ من المنبع ودفعها مباشرة إلى خزينة الدولة.

وتوقع السيد الرايس الفني أن هذا الوضع سينتج عنه ثلاث مشاكل كبرى. يتعلق الأمر بعدم ضمان دفع الزبون لهذا المبلغ المقتطع من المنبع إلى خزينة الدولة، مما سيدفع مديرية الضرائب إلى بذل المزيد من الجهود، ويؤدي إلى الابتعاد عن الحياد الضريبي وتأسيس انعدام الثقة بين المقاولات والفاعلين الاقتصاديين، موضحا أن الأمر سيؤثر حتما على مناخ الأعمال.

وردا على سؤال حول الكيفية التي ينبغي أن تستعد بها الشركات لهذا الإصلاح، أشار الخبير المحاسب إلى أنه من أجل بناء حكامة وإدارة فعالة للمخاطر الضريبية، سيكون من الضروري النظر في أتمتة المساطر من الفوترة إلى الإقرار مرورا بتدبير الخزينة لدفع الضرائب في الوقت المحدد، وذلك من خلال إنشاء نظام إدارة متكامل وموثوق يقلل من الأخطاء البشرية ويحد من محاولات الاحتيال.

وعلاوة على ذلك، أضاف أن النصيحة التي يجب تقديمها لمديري المقاولات في هذه الحقبة التي تتسم بعدم الاستقرار الضريبي والتعديلات في القواعد من سنة إلى أخرى، بهدف مراقبة حساباتهم وإدارتهم الضريبية، هي أن يحظوا بالدعم والمشورة من قبل مهنيين أكفاء ومتعددي المهام، ويتعلق الأمر بالخبراء المحاسبين.

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: الضریبة على القیمة المضافة مشروع قانون المالیة هذه الضریبة للضریبة على إلى أن

إقرأ أيضاً:

ضبط عائلات سجناء استغلت قفة عيد الفطر لإدخال الممنوعات

زنقة20ا الرباط

أكدت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج أنها لن تتهاون في اتخاذ كافة الإجراءات التنظيمية اللازمة لحماية أمن المؤسسات السجنية، وذلك بعد تسجيل استغلال عدد من عائلات السجناء الاستفادة الاستثنائية من قفة المؤونة خلال عيد الفطر الفارط لتسريب الممنوعات بعدد من المؤسسات السجنية.

وذكرت المندوبية، في بلاغ اليوم الاثنين، بأنها تحرص خلال الأعياد الدينية على تمكين نزلائها من الاستفادة بشكل استثنائي من قفة المؤونة، ترسيخا لمقتضيات قرارها باستثناء الأعياد الدينية من قرار منع إدخال هذه القفة للمؤسسات السجنية، مؤكدة أن حرصها هذا “نابع من وعيها الراسخ بما لقفة المؤونة بهذه المناسبة من وقع إيجابي على نفسية النزلاء، وبدورها في الحفاظ على الروابط التي تجمعهم بعائلاتهم، وهي لأجل ذلك تعمل على تعبئة مواردها البشرية واللوجيستية لكي تضمن مرور هذه المناسبة في أفضل الظروف”.

غير أن عددا من عائلات السجناء، يوضح البلاغ، تستغل ذلك لتسريب الممنوعات بطرق احتيالية إلى ذويها من السجناء، دون مراعاة القوانين والضوابط المعمول بها، مضيفا أنه “خلال عيد الفطر المبارك الفارط، تم ضبط حالات تسريب للممنوعات بعدد من المؤسسات السجنية، حيث عُمِد إلى مزج بعض الحلويات والمواد الغذائية الأخرى المسموح بإدخالها بالأقراص المهلوسة التي يؤدي استهلاكها من طرف السجناء إلى الإخلال بالأمن والانضباط داخل المؤسسات السجنية”.

وأكد المصدر أن هذه الممارسات “استلزمت اتخاذ الإجراءات القانونية الفورية في حق المتورطين، مع إشعار النيابات العامة المختصة بالحالات التي تم ضبطها”، لافتا إلى أن هذا الأمر يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن “قفة المؤونة كانت الوسيلة الرئيسية لتسريب الممنوعات، مما حدا بالمندوبية العامة لاتخاذ قرار منع إدخالها”.

وخلص البلاغ إلى أنه “أمام هذه التصرفات غير القانونية واللامسؤولة لبعض عائلات النزلاء، فإن المندوبية العامة لن تتهاون مستقبلا في اتخاذ كافة الإجراءات التنظيمية اللازمة لحماية أمن المؤسسات السجنية وسلامة نزلائها وموظفيها”.

مقالات مشابهة

  • الحكم فى دعوى عدم دستورية قانون الضريبة على الدخل السبت المقبل
  • نقيب الصحفيين يتواصل مع رئيس “الوطنية للصحافة" لاستكمال التفاوض بشأن خصم الضريبة من البدل والعقود الصفرية
  • باستثناء الصين..ترامب يأمر بتعليق الرسوم الجمركية المضافة لجميع الدول
  • عبدالكبير: العلاقة بين الفساد والضريبة المضافة على النقد الأجنبي علاقة طردية
  • الغويل: إصلاح الاقتصاد الليبي يحتاج إلى تغيير جذري والبناء من الصفر
  • انقلاب جذري على الطقس بدءاً من مساء الأربعاء
  • دليل مبسط لرموز E-Numbers والمواد المضافة للأطعمة والمشروبات
  • الأونروا تستعد لإدخال مساعدات إلى قطاع غزة وفتح المعابر
  • سلام يحضّر لزيارة دمشق قريباً والحكومة تستكمل مناقشة مشروع إصلاح المصارف
  • ضبط عائلات سجناء استغلت قفة عيد الفطر لإدخال الممنوعات