من أجل وقف "حرب الإبادة" حرب غزة.. المعادلة الصعبة في قمّتيْ الرياض
تاريخ النشر: 10th, November 2023 GMT
على مدار أكثر من شهر منذ بدء “حرب الإبادة الهوجاء” التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي ليلا نهارا على سكان غزة، عجز المجتمع الدولي عن وقفها أو على الأقل فرض هدنة إنسانية من أجل استعادة القطاع المحاصر أنفاسه قليلا جراء القتل الوحشي والتدمير والتجويع ولا أحد يحرّك ساكنا.
فشل الجميع ومع كل جلسة لمجلس الأمن الدولي تخيّم خيبات الآمال بين أروقته بعد أن تنتهي بالفشل في اعتماد مشروع قرار لوقف إطلاق النار، لترتفع التّكلفة الإنسانية والمادية كل يوم مع تقديم غزة أكثر من 10500 شهيد وقرابة 26500 مصاب بالإضافة إلى تحويل “العدوان الغاشم” الوضع داخلها إلى “جحيم كارثي” بعد التدمير الممنهج لكلّ مرافق الحياة والعيش.
كما جرّب العالم حظّه بعقد قمة القاهرة للسلام، بيد أنها كانت – مع تأخرها وضعف التمثيل الغربي فيها – دون عنوان واضح لدعم الفلسطينيين في غزّة أو حمايتهم من آلة الحرب الإسرائيليّة، إنما برفع شعار فضفاض كالسّلام وبإصدار بيان كشف عن خيبة الأمل من انعدام التوافق لوقف العدوان.
وأمام كلّ هذه المواقف الغربية والدولية “المخزية” والحرب الإعلامية الممنهجة وتغطيتها المنحازة إلى إسرائيل بتغييب السياقات في نقل ما يجري بكل موضوعية في غزة، وكعادته، لا يكاد يُسمع للموقف العربي الرسمي صوت رادع ضدّ هذه المهزلة، حيث لم تكن سياسة النأي بالنفس مفاجئة ومستغربة خصوصا بعد صدور بيان الجامعة العربية خلال أعمال دورتها الأخيرة غير العادية – رغم عديد التحفظات – بتلك الصيغة التي تتمثل أهم مخرجاتها في إدانة حماس وإسرائيل وغياب تام لاعتبار الحصار إبادة جماعية وفق مقتضيات القانون الدولي الإنساني…
حريق مستعر في حقيقة الأمر، ورّطت الحرب الإسرائيلية على غزة الجميع إما بالدعم اللامحدود لتل أبيب أو بالصمت المطبق عن جرائمها وما بينهما تعكر المزاج الشعبي العالمي الثائر على “المنطق الانتحاري” لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي بات يدور في فلك ضغوط من كلّ حدب وصوب داخليا وخارجيا.
هذا المنحى الخطير الذي يأخذه العدوان الإسرائيلي على غزة، بات يدفع بقوة نحو إطفاء الحريق المستعر في الشرق الأوسط والذي طال لهيبه دول الخليج والمنطقة العربية ككل. وفي الوقت الذي ظهرت فيه بعض التغييرات في الخطاب الغربي وبالأخص الأمريكي بضرورة إنهاء الحرب في أسرع وقت من أجل تخفيف المعاناة على المدنيين والتشديد على رفض التهجير القسري للفلسطينيين ودعم حل الدولتين كما رود في تصريح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن عقب اختتام اجتماع لوزراء خارجية مجموعة السبع في طوكيو، تتحرك بالتوازي، الدبلوماسية السعودية بكلّ ثقلها في المنطقة بعقد قمّتين عربية وإسلامية في محاولة لتوحيد الصفوف للضغط على الغرب وإسرائيل من أجل وقف “حرب الإبادة” في قطاع غزة.
اختبار كبير في الواقع سيكون الحراك الدبلوماسي العربي في العاصمة السعودية الرياض بطلب من فلسطين – رغم تأخره بالمفهوم العام – تحت اختبار كبير لإثبات أن الحرب على غزة أعادت تشكيل الوعي السياسي العربي من أجل محو تلك الصورة المهزوزة للأنظمة المختزلة في دائرة العجز عن رفع سقف الحقوق والمطالب بخصوص الصراع العربي – الإسرائيلي والقضية الفلسطينية بشكل عام.
فالقمة العربية الطارئة في الرياض بهذا المنطق يُنتظر منها أن تشكل مواقف قوية وموحدة مثل ما حصل في جلسة مجلس الأمن الدولي الأخيرة، خاصة من وزراء خارجية السعودية والأردن ومصر ووزير الخارجية الفلسطيني بتأكيد أن عملية “طوفان الأقصى” لا تبرر السلوك الذي انتهجته “إسرائيل”، ولا تبرر العقاب الجماعي للمدنيين.
وفي هذا الصدد يقف الموقف العربي أمام فرصة تاريخية في لحظة حرجة يعيش على وقعها الشعب الفلسطيني لإثبات جملة من المعطيات على الأرض بعيدا عن بيانات الشجب الهزيلة والشعارات الفضفاضة، فكل هذا الكلام لن يجدي نفعا مع إسرائيل، التي وصلت إلى حد تهديد أحد وزرائها بإلقاء قنبلة نووية على غزة:
– استفادة القادة العرب من السياق المتمثل في حالة الرفض الواسعة لجرائم الاحتلال للدعوة إلى صدور قرار من مجلس الأمن تحت البند السابع لوقف الحرب.
– الارتقاء بمخرجات القمة إلى مواقف عملية ملموسة في مستوى الشعبين الفلسطيني والعربي، ليس بإدانة العدوان على غزة، إنما بإضفاء الشرعية على المقاومة الفلسطينية التي شبّهها الإعلام الغربي بتنظيم داعش؛ تقطع رؤوس الأطفال وتقتل النساء دون رحمة. – مراعاة القمة العربية مجموعة من التشابكات الإقليمية والدولية مع هذه الحرب، لتتمكن من عبور مطباتها العديدة، وتوصيل رسالة إيجابية للحفاظ على ما تبقى من أمل في دولاب العمل القومي ممثلا في الجامعة العربية، والتي تعرضت لاتهامات عدة حول إصابتها بالشلل وعدم قدرتها على قيادة العمل المشترك.
– تغيير ذهنية الشعوب العربية التي لم تعد تثق في تقديم القمم شيئا منذ 75 سنة على خلفية أن القرارات لم تعد بيد السياسيين العرب ولا بيد السلطة الفلسطينية أيضا. – وقف قطار التطبيع واتخاذ إجراءات عقابية وسحب السفراء العرب من داخل الكيان الصهيوني وفرض قرارات عملية في الحلول الدائمة للشعب الفلسطيني بإنهاء الاحتلال ومنع مخطط التهجير القسري نحو مصر أو الأردن واسترجاع الحقوق المسلوبة للشعب الفلسطيني. – استثمار القمة الإسلامية التي تعقد بعد يوم من القمة العربية لإعطاء زخم كبير على مستوى المواقف من الحرب على غزة من أجل اتساع دائرة الجهد العربي إلى الجهد الإسلامي على خلفية أن الخطر واحد على كل الأطراف.
توازنات صعبة
صحيح أنّ ما هو مطلوب من الزعماء المجتمعين في القمتين العربية والإسلامية هو استخدام قدراتهم لوقف الإبادة الجماعية في غزة حتى لا تتحمّل وزر ما ينتجُ عنها دولة واحدة، وتصوير أنّ ما يجري ليس حربا على غزة فقط بل على العرب والمسلمين وبالتالي الذهاب في خيارات مقاطعة إسرائيل وأمريكا وإنهاء عمليات التطبيع ووقف المعاهدات.
وبالرغم من منطق ضرووة الضغط في هذا الاتجاه وموضوعية الإجراءات التي يمكن اتخاذها في هذا الصدد، إلا أن مشكلة العرب أنهم يتعاملون مع إسرائيل على اعتبارها دولة، وليست مشروعا استعماريا استيطانيا، كما أن لديهم شعورا تاريخيا بالعجز أمامها، وبعضهم لديه شعور تاريخي بالخوف، وهناك حالة تلكؤ وتحجج بأن هذه المعركة هي معركة حماس وليست معركة الشعب الفلسطيني.
وتبقى المعادلة الصعبة؛ كيف سيوفق القادة العرب والمسلمون بين عواطفهم مع الشعب الفلسطيني الذي يُنكَّل به كل يوم في غزة وبين علاقات ومصالح متزايدة مع إسرائيل، فصدور بيان عن قمتي الرياض العربية والإسلامية، عملية ليست صعبة، لأن الخطوط الإنسانية العريضة لا توجد خلافات كبيرة بشأنها، لكن سيظهر التباين في الطريقة التي يمكن مخاطبة إسرائيل بها لوقف الحرب وتحجيم تداعياتها. وهذا تحديدا، إذ يكمُن الهدف المحدّد من الحراك الدبلوماسي في الرياض، في وقف قتل المدنيين وفتح الباب لدخول المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح، وليس لديه المجال لمناقشة قضايا مصيرية، أو حدوث مناوشات مع إسرائيل أو ضد حماس، أو مع المقاومة وضد السلطة الفلسطينية، فقد تجاوزت دول عربية عدة هذه السرديات منذ قيام السعودية بطرح مبادرتها للسلام عام 2002. خلاصة القول إن وقف الأزمة الإنسانية له أولوية، وهو الباب الذي يمكن الدخول منه إلى المجتمع الدولي لممارسة ضغوط على إسرائيل للتوصل إلى هدنة مقدمة لوقف الحرب، ولا يُنتظر من القمتين البحث عن انتصارات سياسية وهمية حول العودة إلى السلام وحل الدولتين، لأن الأجواء المشحونة لن تمكّن أحدا من الإنصات إلى ذلك بواقعية، إلا إذا كان الهدف تهيئة المسرح لما بعد حرب غزة.
محمد بشير ساسي
المصدر: مأرب برس
كلمات دلالية: مع إسرائیل على غزة من أجل
إقرأ أيضاً:
غداً.. ختام جولات الجياد العربية (GCAT) في الرياض
الرياض – هاني البشر
تختتم غداً منافسات الجولة النهائية من جولات الجياد العربية (GCAT) على أرض ميدان البطولة المقابل لمركز الملك عبد الله المالي “KAFD” التي ينظمها الاتحاد السعودي للفروسية، وذلك بمشاركة 237 جواد يمثلون 130 مربط من حول العالم. وقدم صاحب السمو الأمير عبدالله بن فهد بن عبدالله رئيس مجلس إدارة الاتحاد السعودي للفروسية عظيم امتنانه للقيادة الرشيدة ـ حفظهم الله ـ على دعمها الكبير وتسخيرهم كافة الإمكانيات لاستضافة وإنجاح جولة الرياض، وقال سموه “بفضل الله، ثم دعم قيادتنا الرشيدة واهتمام وزارة الرياضة بقيادة سمو الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل، نختتم الجولة النهائية للجياد العربية بكل فخر، هذا الدعم الكبير أسهم في أن تكون المملكة موطنًا لاستضافة أفضل منافسات الفروسية وأقوى البطولات العالمية”. وأضاف سموه “نعتز بنجاح هذا الحدث الذي يعكس رؤيتنا لإبراز موروثنا الوطني، المنافسات عكست تطوراً كبيراً في معايير الجمال وأداء المشاركين”، فيما أشار إلى أن المشاركة الواسعة من نخبة الملاك سواء من داخل المملكة أو خارجها ساهمت في رفع مستوى التحدي مما جعل جولة الرياض منصة استثنائية لإبراز قوة مرابط الخيل العربية وجمال الخيل العربية الأصيلة وأضاف أن هذا النجاح يعكس الاهتمام المتزايد بالخيل العربي ودوره في تعزيز الهوية الثقافية للمملكة. ويتضمن برنامج الختام إقامة نهائيات بطولات “مهرات وأمهار” أعمار سنة، “مهرات وأمهار” أعمار سنتين وثلاثة سنوات، وبطولتي “الأفراس” و”الأفحل” إضافة لتسليم جوائز أفضل مزرعة، منتج، عارض أو عارضة، ويختتم بحفل ختام جولات الجياد العربية 2024 وتتويج جواد الجولة ومراسم تسليم علم (GCAT) إلى عجمان الإماراتية. وكانت البطولة قد انطلقت في فبراير الماضي على أرض الدوحة القطرية ثم أكملت محطاتها الخمسة في الإمارات، عمان، فرنسا، ثم هولندا وإيطاليا. وشارك في البطولة أرقى مرابط الخيل العربية الأصيلة على مستوى العالم، وأصبحت الرياض مسرحاً لمنافسة قوية لتحقيق لقب بطل جولة الرياض، وبطل جميع الجولات. وتأتي هذه الاستضافة بهدف الإرتقاء بمستوى عروض الخيل العربية إلى آفاق جديدة، وصناعة حدث تنافسي على مستوى عالٍ والالتقاء بمختلف الثقافات، وتوفير فرص تنافسية، وتشجيع الاستثمار في هذا القطاع.