نشرت صحيفة "إزفيستيا" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن تصريح وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو أن استخدام الأسلحة النووية في قطاع غزة "أحد الخيارات" المطروحة.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سارع إلى دحض كلام مرؤوسه، واصفا إياه بأنه مجرد استعارة بعد ورود رد فعل دولي على هذا البيان.


فجر موجات الأثير

ذكرت الصحيفة أن تصريح إلياهو جاء ردا على سؤال أحد الصحفيين حول ما إذا كان ينبغي إسقاط قنبلة نووية على قطاع غزة. مثل هذا الحوار يميز المشاعر السائدة لدى شرائح معينة من المجتمع الإسرائيلي. يحاول السياسيون المحافظون المتشددون، الذين يحتكرون الحكومة الإسرائيلية الحالية من بينهم إلياهو، تنفيذ هذه الأجندة قدر الإمكان.

والجدير بالذكر أن إلياهو لا يعتبر عضوا في "حكومة الحرب" وعليه يفتقر إلى إمكانية التأثير في قراراتها. ومع ذلك، فإن ذكر الأسلحة النووية كفيل بإثارة رد فعل قوي في إسرائيل وخارجها.

في المقابل، علقت حماس على البيان، حيث قال المتحدث باسم الحركة حازم قاسم "إن كلام الوزير يعكس الإرهاب الإجرامي غير المسبوق الذي تمارسه هذه الحكومة الفاشية وقادتها ضد شعبنا الفلسطيني".


النادي النووي
أفادت الصحيفة بأن النادي النووي يضم تسع دول، وهي روسيا والولايات المتحدة والصين والهند وباكستان وكوريا الشمالية وفرنسا وبريطانيا العظمى وإسرائيل، التي باستثنائها تعترف جميع دول النادي بوضعها النووي.

منذ 1947، لم تتعاون أي حكومة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولم توقع أي اتفاقيات، بما في ذلك معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية مما أثار الشكوك حول إمكانية انخراط إسرائيل في تطوير وإنتاج الأسلحة النووية منذ فترة طويلة جدًا. ووفق  المنظر العسكري الشهير مارتن فان كريفيلد، فإن الولايات المتحدة على علم بالأبحاث ذات الصلة التي يجريها حليفها الاستراتيجي منذ عهد إدارة كينيدي.

يُعتقد أنه في سنة 1969، أبرمت رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير وريتشارد نيكسون اتفاقًا تعهد بموجبه الطرفان بضمان سرية البرنامج النووي الإسرائيلي. في خضم ذلك، مارست الولايات المتحدة ضغطا غير علني على الأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية باعتبارها وحدتها الهيكلية بينما وعدت إسرائيل بدورها بعدم إجراء تجارب.

انتهكت واشنطن فعلياً المادة الأولى من معاهدة حظر الانتشار النووي لعقود من الزمن، والتي تحظر "مساعدة أو تشجيع أو حث" دولة غير حائزة للأسلحة النووية على الوصول إلى التكنولوجيا والإنتاج.

في مذكرة رفعت عنها السرية موجهة إلى نيكسون، قال وزير الخارجية آنذاك هنري كيسنجر إن إسرائيل تعهدت "بألا تكون أول من يدخل الأسلحة النووية إلى الشرق الأوسط". وفي مقابلة جمعته مع شبكة سي إن إن في 2011 تبنى بنيامين نتنياهو نفس الموقف قائلا: "هذه هي سياستنا. لن نكون أول من يدخل الأسلحة النووية إلى الشرق الأوسط".

عن طريق ذلك، تعهدت إسرائيل، باعتبارها دولة نووية بحكم الأمر الواقع، بعدم تأكيد هذا الوضع إلى حين قيام دولة أخرى في المنطقة على غرار إيران بذلك. ولهذا السبب، لا تشارك إسرائيل في أي مشاريع دولية لمنع انتشار الأسلحة النووية. وفي الوقت نفسه، لمح الساسة الإسرائيليون في العديد من المناسبات علناً إلى "الأدوات" المتاحة للدولة، مثل رئيس الوزراء السابق يائير لابيد في أغسطس/آب الماضي.

الأمم المتحدة لا تستطيع ذلك
عدم اعتراف إسرائيل بإنتاجها للنووي لا يؤثر بأي شكل من الأشكال على تصور المجتمع الدولي لها. وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2022، دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة إسرائيل إلى التخلي عن الأسلحة النووية ونقل جميع مرافق تطوير وإنتاج الأسلحة النووية إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وقد صوتت 152 دولة لصالح القرار، وصوتت خمس دول ضده وهي الولايات المتحدة وكندا وإسرائيل وميكرونيزيا وبالاو.

ونقلت عن الباحث في مركز الدراسات العربية والإسلامية التابع لمعهد الاستشراق بأكاديمية العلوم الروسية، غريغوري لوكيانوف أن سياسة إسرائيل بشأن مسألة الأسلحة النووية تقوم على أساس عدم امتلاك أصدقاء وحلفاء في المنطقة. وعليه، ِينطوي على اعتراف رسمي من جانب إسرائيل بامتلاكها أسلحة نووية ورود ضغوطٍ خارجية، بما في ذلك من الغرب، وضرورة تحمل التزامات مقابلة.

وحسب الباحث فإنه من وجهة نظر إسرائيل، وكذلك بعض الدول الأخرى، فإن الاتفاقيات الحالية بشأن الحد من الانتشار وعدم الانتشار هي نتاج العلاقات بين القوتين العظمتين في القرن العشرين، ولا ينبغي أن تعني بشكل مباشر مطالبة الدول الأخرى بالالتزام بذلك.

ووفقا للوكيانوف بالنظر إلى مفهوم إسرائيل للأمن، الذي بموجبه ليس لديها أصدقاء في المنطقة، ترى إسرائيل أنه من الضروري امتلاك سلاح هجوم غير متماثل في ترسانتها في مواجهة محتملة مع العديد من الخصوم الذين يتمتعون بميزة في القوة البشرية.

وأشارت الصحيفة إلى المحاولات التي بُذلت في العديد من المناسبات لسيطرة الرقابة الدولية على الوضع فيما يتعلق بمنع انتشار الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، لعل أهمها مشروع إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل على أساس معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. وقد ٱطلقت هذه الفكرة في السبعينيات، وتطورت بشكل تدريجي لكن التقدم في المفاوضات كان يعتمد دائمًا على الوضع الجيوسياسي العام. وفي حال تحدث المسؤولون الإسرائيليون في 1995 عن الشروط اللازمة لتنفيذ المشروع، غاب ممثلهم في 2019 عن مؤتمر المراجعة، وفي 2022 تلاشى موضوع الشرق الأوسط تمامًا بسبب الأزمة الأوكرانية.

ويرى لوكيانوف أنه بالنسبة لإسرائيل، تعتبر مسألة العلاقات مع المنظمات الدولية في إطار استراتيجيتها المختارة للسياسة الخارجية مسألة ثانوية ، مشيرا إلى عدم اعتزام إسرائيل الدخول في مناقشات مع المنظمات الدولية. وبالنظر إلى تقليلها من فاعلية جهود الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الحد من البرنامج النووي لإيران والدول الأخرى، تقوم إسرائيل بشكل منهجي بعمليات سرية بمفردها وتقوم بعمليات توغل عسكرية في أراضي الدول المجاورة من أجل تعطيل المشروع النووي العراقي والأمر سيان بالنسبة لسوريا.

وفي ظل فشل الوكالة الدولية للطاقة الذرية والأمم المتحدة في العمل بنفس الفعالية ستواصل إسرائيل انتهاج سياسة تتفوق فيها المصالح الوطنية على الاتفاقيات والمؤسسات الدولية، وحتى على المعايير الأخلاقية، إذا كانت موجودة على المستوى العالمي.

وفقا لمعهد ستوكهولم لأبحاث السلام المختص في قضايا الحد من الأسلحة، تمتلك إسرائيل 90 سلاحا نوويا وتواصل تحديث أنظمة إطلاقها، بالإضافة إلى كمية بلوتونيوم تخول لها إنتاج ما بين 100 و200 وحدة أخرى.

للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة النووية غزة غزة النووي طوفان الاقصي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الوکالة الدولیة للطاقة الذریة انتشار الأسلحة النوویة الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

صحيفة عبرية: التحالف الحوثي الروسي.. شراكة استراتيجية أم مقدمة لحرب عالمية ثالثة؟ (ترجمة خاصة)

سلطت صحيفة عبرية الضوء على تحالف جماعة الحوثي وروسيا وتزويد الأخيرة للجماعة في اليمن بالأسلحة والصواريخ الباليستية والمضادة للسفن.

 

وقالت صحيفة "هيوم إسرائيل" في تقرير لها ترجم أبرز مضمونه إلى العربية "الموقع بوست" إنه "مع اعتماد الكرملين المتزايد على إيران، وتوجهه نحو تايوان، ودوره المحتمل في حلول "اليوم التالي" الإقليمية، يتعين على إسرائيل أن تنظر بنظرة واضحة إلى موقف روسيا الحالي".

 

وتساءلت الصحيفة عن التحالف الحوثي الروسي هل هو شراكة استراتيجية أم مقدمة لحرب عالمية ثالثة؟

 

وأضاف "توقفت السفن الروسية بشكل غير معتاد في جنوب البحر الأحمر. كان ذلك في أواخر يوليو/تموز، في خضم الصيف الحار. نزل العديد من الأفراد من أصل روسي وتم جمعهم من قبل عملاء الحوثيين من اليمن، في قوارب استمرت إلى شواطئ الدولة الفقيرة.

 

وذكرت أن هؤلاء الروس كانوا يحملون حقائب وأكياس، على الرغم من أنها لم تكن كبيرة بما يكفي لاحتواء الأسلحة أو المعدات العسكرية، متابعة "نزل الروس في اليمن وبقوا لمدة ثلاثة أيام".

 

ونقلت الصحيفة عن مصادر استخباراتية وأمنية، قولها "كان هذا بمثابة تطور مثير للقلق في العلاقات بين روسيا والحوثيين: فوفقا للحرب الباردة، أرسلت موسكو "مستشارين عسكريين" لمساعدة المنظمة الشيعية في قتالها ضد الحكومة المركزية في اليمن. وواصلت موسكو نشر مثل هؤلاء المستشارين في البلاد، تحت ستار "المساعدات الإنسانية" - تمامًا كما فعل المستشارون الإيرانيون لسنوات عديدة".

 

وقالت "في العام الماضي، بعد وقت قصير من اندلاع حرب السيوف الحديدية، بدأت العلاقات بين روسيا والمتمردين الشيعة في اليمن تتعزز. ويرجع هذا جزئيًا إلى تقارب المصالح بين الجانبين، لكنه حدث في المقام الأول حول التقارب المتزايد للكرملين مع إيران ومنظماتها الإقليمية بالوكالة في السنوات الأخيرة".

 

وتابعت "مع تحسن العلاقات بين موسكو وطهران، ومع اعتماد روسيا بشكل متزايد على الدعم الإيراني في حربها في أوكرانيا، بدأت أيضًا في تقديم أنواع مختلفة من المساعدة للمنظمات الإقليمية".

 

وطبقا للصحيفة العبرية فإنه تم الكشف عن ذروة هذه العملية بين الكرملين والحوثيين، في الوقت الحالي، في تقرير نشرته صحيفة فاينانشال تايمز هذا الأسبوع: وفقًا للتقرير، ساعد الحوثيون روسيا منذ يوليو في تجنيد مئات الرجال اليمنيين للقتال على الجبهة في أوكرانيا. تم تهريبهم إلى البلاد من خلال الخداع، بعد أن أبهرتهم وعود الأجور المرتفعة ومنصب أمني مثير للاهتمام.

 

ولاحظ تيم ليندركينج، المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن، أن الروس يناقشون حالياً نقل أسلحة متقدمة إلى المتمردين اليمنيين، ويزرعون العلاقات من خلال ممثلي موسكو في صنعاء. ووفقاً له، فإن نوع الأسلحة التي يفكر الروس في نقلها إلى الحوثيين "مثير للقلق".

 

ورجحت "يسرائيل هيوم" أن نقل مثل هذه الأسلحة المتقدمة ربما لم يُمنَع إلا في اللحظة الأخيرة هذا العام. ففي أغسطس/آب، أشارت التقارير إلى أن روسيا أعدت شحنة من الصواريخ والمعدات المتقدمة إلى اليمن، لكنها انسحبت بعد نشاط دبلوماسي هادئ من جانب كل من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة. ويبدو أن السفن كانت بالفعل في البحر الأحمر، واستقر الكرملين في نهاية المطاف على إرسال مستشارين عسكريين بدلاً من نقل الأسلحة بأنفسهم.

 

وحسب التقرير الذي ترجمه الموقع بوست فإنه عند التأمل، ليس من المستغرب أن نجد أسلحة روسية في أيدي الحوثيين. فوفقاً لشهادات جنود جيش الدفاع الإسرائيلي في الشهرين الماضيين، فقد واجهوا "مخابئ أسلحة كبيرة وعالية الجودة" من أصل روسي في لبنان، والتي استخدمها حزب الله بفعالية. وتشمل هذه الأسلحة صواريخ كورنيت المضادة للدبابات وبنادق كلاشينكوف وغيرها. ويفيد الجنود أنهم عثروا على أسلحة لا تزال مغلفة في عبواتها الأصلية، ولا تزال مغطاة بالبلاستيك، ومخبأة في مخابئ حزب الله العديدة في جنوب لبنان.

 

الصفقة مع "تاجر الموت"

 

تقول الصحيفة العبرية "لقد تلقى الحوثيون الدعم الروسي منذ بداية الحرب. ولا تدين موسكو إطلاق الصواريخ الباليستية من اليمن باتجاه إسرائيل، ومن ناحية أخرى، تتصرف بحزم في الساحة الدبلوماسية ضد الهجمات الأمريكية والبريطانية على أهداف الحوثيين في اليمن، وتنتقدها بشدة".

 

وترى أن الكرملين لا يكتفي بالدعم المعنوي، كما يعمل على الأرض لمساعدة الحوثيين. وحتى لو ألغت روسيا شحنة أغسطس/آب على ما يبدو، فإنها ما زالت تجد سبلاً أخرى لتقديم المساعدة العسكرية للمتمردين الشيعة، ويبدو أنها نقلت بعض الأسلحة.

 

ووفقاً لمصادر غربية، حرص الروس على تزويد الحوثيين بالأسلحة الخفيفة والذخيرة. ومن القصص المثيرة للاهتمام في هذا السياق هو الشخص الذي خدم الروس في فحص موافقة الحوثيين على مثل هذه المشتريات: فيكتور بوت، المعروف باسم "تاجر الموت"، والذي يعتبر أكبر تاجر أسلحة في العالم، والذي كان مصدر إلهام للفيلم سيئ السمعة "سيد الحرب" بطولة نيكولاس كيج.

 

وقالت "في وقت سابق من هذا العام، وردت أنباء عن أن بوت "عاد إلى العمل" وبدأ يتوسط بين الحوثيين والجيش الروسي، بما في ذلك محاولات شراء بنادق أوتوماتيكية متطورة في صفقة بقيمة 10 ملايين دولار".

 

 وبحسب التقرير، كانت هذه صفقة أولية صغيرة، أجريت مع مسؤولين حوثيين سافرا إلى العاصمة الروسية تحت ستار التجار المهتمين بشراء المركبات والمبيدات الحشرية. وخلال المحادثة بين الطرفين، ظهرت على ما يبدو إمكانية دراسة شراء صواريخ مضادة للطائرات وصواريخ كورنيت وغيرها".

 

ووفقا للمقال الذي نُشر آنذاك في صحيفة وول ستريت جورنال، كان من المفترض أن تصل شحنة الأسلحة إلى ميناء الحديدة تحت ستار الغذاء اعتبارًا من أكتوبر. وقد تم اختيار هذا الميناء كوجهة لأن روسيا أرسلت بالفعل عدة حاويات من القمح إلى هناك، وهو يخدم بانتظام للتهريب الإيراني إلى اليمن.

 

وذكرت "في الشهر الماضي، حدث تطور آخر، أكثر إثارة للقلق من شحنة الأسلحة الخفيفة: فوفقاً لتقارير أميركية، درست روسيا إمكانية نقل معلومات جغرافية إلى الحوثيين تسمح لهم بمهاجمة السفن في البحر الأحمر بفعالية ودقة. وشمل ذلك معلومات الأقمار الصناعية التي تسمح بتحديد موقع السفن في البحر، وكذلك التحقق من هوية تلك السفن. وجاء ذلك، من بين أمور أخرى، في أعقاب "حادث" حوثي، حيث أصيبت سفينة مملوكة لروسيا كانت تمر بالقرب من اليمن.

 

وذكرت "في وقت لاحق، نحو نهاية الشهر، وردت أنباء تفيد بأن المعلومات قد تم نقلها بالفعل إلى الحوثيين، بعد إرسالها أولاً إلى أفراد الحرس الثوري المتمركزين في اليمن. وقد تم استخدام هذه المعلومات بالفعل لضرب السفن المارة عبر المنطقة".، ترجمة الموقع بوست.

 

واردفت "رغم أن نتيجة استخدام هذه المعلومات واضحة، فإن الدافع الروسي غير معروف بشكل قاطع. وربما كان الهدف منع ضرب السفن الروسية، وليس الرغبة في مهاجمة السفن الغربية. وباستثناء تلك الحادثة في مايو/أيار، تمكن الحوثيون من تجنب مهاجمة السفن الصينية والروسية. وفي مارس/آذار، وردت أنباء عن توصل هاتين الدولتين إلى اتفاق سري مع المتمردين الشيعة، تعهد الحوثيون بموجبه بالسماح للسفن الصينية والروسية بالمرور بأمان عبر البحر الأحمر".

 

وأشارت إلى أن هناك تطور آخر مثير للقلق للغاية: بدأت إيران التوسط بين روسيا والحوثيين بشأن إمكانية نقل صواريخ ياخونت المتطورة المضادة للسفن إليهم. وقالت "لا يؤكد هذا الحدث على تعزيز العلاقات بين طهران والكرملين فحسب، بل إنه يشكل خطرًا ملموسًا حقيقيًا على السفن في البحر الأحمر.

 

واستدرك الصحيفة العبرية "صواريخ ياخونت سريعة ودقيقة للغاية وفعالة بشكل قاتل حتى ضد السفن البحرية. يبلغ مداها أكثر من 186 ميلاً، وقد اجتمع الطرفان بالفعل مرتين لمناقشة إمكانية شراء عشرات منها.

 

روسيا تراكم الديون

 

تفيد الصحيفة أيضا أن التورط الإيراني في العلاقة بين الحوثيين والكرملين ليس مفاجئًا، ولكنه مثير للقلق. في الماضي، يمكن أن يُعزى التورط الروسي في الشرق الأوسط إلى دوافع أخرى. على سبيل المثال، ربما كان أحد الدوافع المحتملة لتسليح الحوثيين هو الانتقام من الغرب بسبب الطريقة التي ينقل بها أسلحة متطورة بشكل متزايد إلى كييف، بما في ذلك الصواريخ بعيدة المدى التي تسمح للأوكرانيين بضرب عمق الأراضي الروسية.

 

وأشارت إلى تصريحات مصادر استخباراتية في وقت سابق من أنها تتوقع أن يختار الرئيس الروسي فلاديمير بوتن الأسلحة التي يرسلها إلى مختلف الجهات الفاعلة في الشرق الأوسط بناءً على ما يفعله الغرب نفسه في أوكرانيا. إذا صح التعبير، فإن هذا يشبه معادلات حزب الله: مع ارتفاع مستوى التصعيد، يستجيب الجانب الآخر بنفس الكثافة.

 

وتشير الصحيفة إلى أن هناك أسباب أخرى للتدخل الروسي في الشرق الأوسط: الأول هو أن الروس حاولوا تنمية العلاقات الإقليمية على خلفية الصراع العالمي بين الكتل مع الولايات المتحدة، وبالتالي دعم أي مجموعة معادية للولايات المتحدة في المنطقة. والسبب الثاني هو أن النشاط في منطقة مثل اليمن، التي ليست في مركز الاهتمام العالمي، يمكن أن يخدم الروس لتكثيف المواجهة "الهادئة" مع الولايات المتحدة، ولكن دون خوف من التصعيد. وهذه وسيلة لزيادة الضغط على الولايات المتحدة وحلفائها، ولكن ليس بوسائل مباشرة، بل بطريقة غير مباشرة. وهناك سبب آخر بالطبع، وهو الرغبة في زيادة القوة والنفوذ.

 

وقالت "لكن يبدو الآن أن شيئا أساسيا في الموقف الروسي قد تغير. فإذا كان يبدو في الماضي أن الكرملين لن يكسب كثيرا من اندلاع حقيقي لأي صراع في الشرق الأوسط، وفي البحر الأحمر على وجه الخصوص، فليس من المؤكد أن هذا هو موقف الكرملين. ويبدو أن المصالح الروسية قد تغيرت. ويبدو أن موسكو لم تعد تهتم الآن إذا أشعل الحوثيون صراعا أوسع نطاقا، طالما أنهم يلحقون الضرر بالولايات المتحدة وحلفائها.

 

وترى أن الأمر الأكثر خطورة هو أن روسيا جلبت شعبها فعليا إلى اليمن، مما يعرضهم لخطر الأذى إذا تصاعد الصراع في البلاد. والواقع أنها خلقت سيناريو نظريا حيث قد تصبح أحد أطراف الأزمة نفسها.

 

وترى الصحيفة العبرية أيضا أن التغيير الرئيسي الذي حدث مؤخرا هو تعزيز العلاقات مع إيران، وخاصة الاعتماد عليها. ويعتمد الروس بشكل كبير على الإيرانيين لمواصلة الحرب في أوكرانيا، وتلقي الطائرات بدون طيار الهجومية والصواريخ الباليستية، وأكثر من ذلك منهم. وهذا يعني أن موسكو تحافظ الآن على علاقات متبادلة مع إيران من موقع جديد ــ فهي تراكم الديون تجاهها وتحتاج إلى رد الجميل في المقابل.

 

تحالف روسيا وإيران

 

ولفتت إلى أن العلاقة بين الطرفين واقعيا أصبحت أكثر تعقيداً الآن. وهذا قد يفسر، على سبيل المثال، استعداد روسيا لإطلاق أقمار صناعية إيرانية إلى الفضاء، وبيع طهران أنظمة دفاع جوي متقدمة وطائرات مقاتلة متقدمة (بل والسماح لها ببنائها في إيران نفسها)، وتقديم المساعدة لجماعات مثل حزب الله والحوثيين ــ وربما لا يكون اليوم الذي قد توافق فيه روسيا حتى على مساعدة طهران في المجال النووي بعيداً. وفي المرحلة الحالية، تتجسد الخدمات التي تردها موسكو في نقل الأسلحة المتقدمة إلى الأيدي الخطأ.

 

ويؤكد التقرير أن أهمية المساعدة الروسية للحوثيين تكمن في أن قوة كبرى، عضو دائم في مجلس الأمن، تساعد منظمة على تعطيل طرق النقل البحري، على نحو يتعارض مع القانون الدولي ومصالحها التجارية. وهي تساعدها في مهاجمة السفن الأميركية والبريطانية وغيرها.

 

وقالت "من الصعب أن نطلق على هذا حرباً "باردة"، وربما يكون من الأفضل أن نحكم على الموقف بشكل أكثر جدية، وأن ننظر إلى الواقع بعيون باردة ونفهم: لقد اندلعت الحرب العالمية الثالثة بالفعل أمام أعيننا".

 

وأكدت أن "التغيير في الإدارة في الولايات المتحدة، إلى جانب حقيقة أن الرئيس الحالي جو بايدن أصبح الآن بطة عرجاء، يستغله الروس والإيرانيون لتحسين المواقف، قبل الانفجار الكبير الذي قد ينتظرنا لاحقًا. وبينما تتجه كل الأنظار في العالم نحو 20 يناير، يحاول الكثيرون تحسين المواقف قبل دخول الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. ومن منظور روسي، يعني هذا هجومًا أقوى في أوكرانيا، وتحسين وضع جميع حلفائها أيضًا".

 

تقول الصحيفة "يسرائيل هيوم" إن "إسرائيل أيضا بحاجة إلى النظر إلى هذا الواقع المتطور بعيون رصينة. وباعتبارنا دولة تعتبر نفسها جزءا من الكتلة الغربية التي تقاتل إيران ووكلائها الإقليميين، فإننا بحاجة إلى فهم أن موسكو لم تعد ملتزمة بتلك المصالح التي تقاسمناها ذات يوم، وأنها تساعد بنشاط حلقة النار الإيرانية من حولنا".

 

واستطردت "في مثل هذا الوضع، ليس لدينا امتياز تجاهل إمكانية أن يساعد أي وجود روسي بالضرورة أعداءنا. والواقع أن الروس أصبحوا إلى حد كبير عاملاً معادياً، وربما حتى عدواً، ولابد من التعامل معه بحذر شديد ومتزايد. وبالتوازي مع ذلك، لابد من توضيح الأمر للكرملين من خلال قنوات مختلفة بأن أي استمرار للتدخل العسكري في المنطقة، سواء بشكل مباشر أو من خلال المساعدة للحوثيين وحزب الله، قد يكلفه الكثير ــ بما في ذلك الأعمال العسكرية في سوريا، على نحو من شأنه أن يقوض الموقف الروسي هناك".

 

وخلصت الصحيفة العبرية في تقريرها إلى القول "لا ينبغي لإسرائيل أن تمنح الروس جائزة على نشاطهم المزعزع للنظام. ولا ينبغي تحت أي ظرف من الظروف أن يتم تعيين موسكو الآن لدور في الترتيبات الشمالية ولا في غزة أيضا". إن روسيا لا تستطيع أن تلعب دور الوسيط العادل بين إسرائيل وإيران، وهي الدولة التي أصبحت تعتمد عليها بشكل كبير الآن. إن الواقع الإقليمي بعد السابع من أكتوبر مختلف، ونحن نعمل بثمن باهظ من أجل تحويله لصالحنا. ولا ينبغي لنا أن نقع في الفخ مرة أخرى ونسمح لعناصر معادية بأن تكون جزءاً منه".


مقالات مشابهة

  • إسلامي: البرنامج النووي الإيراني شفاف وخاضع لرقابة الوكالة الدولية
  • بعد وفاته.. ماذا نعرف عن جيل دوفير المتسبب في إصدار مذكرة اعتقال ضد نتنياهو؟
  • كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرمات النووية؟
  • مجموعة السبع: تهديدات روسيا باستخدام الأسلحة النووية ترهيب استراتيجي مرفوض
  • صحيفة عبرية: التحالف الحوثي الروسي.. شراكة استراتيجية أم مقدمة لحرب عالمية ثالثة؟ (ترجمة خاصة)
  • الخارجية اللبنانية: الاستهدافات الإسرائيلية تقوض الجهود الدولية الرامية إلى وقف إطلاق النار
  • ماذا يفعل عناصر حزب الله يومياً؟ صحيفة إسرائيلية تكشفه
  • ليبيا تختتم رئاستها لمؤتمر «إنشاء منطقة شرق أوسط خالية من الأسلحة النووية»
  • التداعيات القانونية والسياسية لأمر "الجنائية الدولية" ضد إسرائيل
  • الخارجية: إن النهج العدائي للولايات المتحدة الأمريكية المتمثل بتحدي القوانين الدولية ونقل الأسلحة المتطورة لأطراف تتحالف معها ينتهك اتفاقيات ومعاهدات ضبط التسلح