صحيفة التغيير السودانية:
2025-03-04@08:28:01 GMT
رشا عوض بين جسارة الفكرة و براءة الموقف “2-2”
تاريخ النشر: 9th, November 2023 GMT
زين العابدين صالح عبد الرحمن
تناولت في المقال الأول جسارة الفكرة، عند الأستاذة رشا عوض باعتبار أن عملية وقف الحرب مجردة لا يكون لها مفعولا وسط الشعب الداعم للقوات المسلحة، و لكن الفكرة التي جاءت بها الأستاذة رشا و تتخلص في مصطلح ” العدالة الكسبية” تحمل مضامين يمكن التفاعل معها من خلال ربط مصالح الجميع بعملية إنهاء الحرب، و تهيئة البيئة من أجل السلام و الاستقرار السياسي و الاجتماعي.
أن مقال ” العلاقة بين الديمقراطيين و الإسلاميين” يمكن أن تكون حرب ضروس بين الجانبين، و أيضا يمكن أن تتحول إلي توافق يضع أساس للدولة الديمقراطية، و كنت قد أشرت إليها كثيرا في العديد من المقالات. المؤكد أن مشروع الحركة الإسلامية قد فشل و أسقطته الجماهير، و ليس أمام عنصر الإنقاذ إلا أن يستوعبوا الذي حدث، و يقدموا نقدا على التجربة مع إجراء مراجعة لمرجعيتهم الفكرية، و يجعلوها تتلاءم مع قضية الديمقراطية، و ليس وحدهم؛ أيضا كل القوى الأيديولوجية في السودان هي في حاجة لإجراء مراجعات فكرية تتلاءم مع التحول الديمقراطي. و كنت قد أكدت تكرارا أن الفكر هو الأداة الناجع للتغيير، و ليس الشعار. خاصة أن أغلبية القوى السياسية تفتقد للعناصر الذين يشتغلون بالفكر، لذلك تجدهميكثرون من طرح الشعار لملء الفراغات. و يمكن أن يكون الشعار سلبي كما أشارت رشا ” كل كوز ندوسو دوس” هذا شعار أصبح فزاعة للتخويف حتى لا يقول الناس أرائهم في الموضوعات المطروحة. و هو مناهض للعملية الديمقراطية.
تقول الأستاذة رشا في المقال (يجب صياغة مشروع السلام والديمقراطية بصورة مطمئنة للقواعد العريضة المساندة لأطراف الحرب سواء في المؤسسات العسكرية كالجيش والدعم السريع او “الحركة الإسلامية” لأن تحفيز هذه القواعد على قبول خيار السلام بخطاب متوازن سوف يضغط جديا على قياداتها) أن صياغة مشروع يجعل الوطن على قمة الأجندات، سوف يجد الدعم من قطاع واسع من الشعب السوداني. و ربما يجد الرفض و المواجهة مع كل دعاة الإقصاء. أن فكرة ” العدالة الكسبية” قائمة على المشاركة في الفعل الإيجابي، و لا اعتقد هناك قوى سياسية ديمقراطية ترفضها، لأنها تهيء فرصة جديدة لإعادة بناء الوطن بأيادي الكل، و أفكار الجميع، المتسقة مع دعوات التحول الديمقراطي، و هي تحتاج لسند جمعي من قبائل الديمقراطيين الممارسين للديمقراطية و منتجين لثقافتها. أن الأفكار هي وحدها القادرة على أحداث تغييرات إيجابية في المجتمعات المتحولة من الشمولية إلي الديمقراطية.
تقول رشا في المقال (المنهج الذي يحكم مناقشتي لهذه القضية هو منهج “التغيير السلمي” الذي لا تملك القوى المدنية الديمقراطية بديلا له، منطق التغيير السلمي يحتم الحلول التفاوضية مع القوى التي تحمل السلاح والمثابرة على محاصرتها بالضغوط الشعبية لانتزاع التنازلات لصالح أهداف الثورة ممثلة في التحول الديمقراطي ، إذ لا مجال للاستئصال الكامل والسريع للخصوم في اجندة المناضلين السلميين، وعندما يتبنى المناضل السلمي خيارا استئصاليا لخصومه المدججين بالسلاح فهذا معناه انه يراهن على احدى القوى المسلحة الموجودة في معادلة الصراع، وهذا خيار بائس،) اتفق مع الأستاذة رشا أن منهج ” التغيير السلمي” هو منهج القوى الديمقراطية و لا خلاف عليه لأن أدواته تنحصر في التفاوض و الحوار، لكن هل كل القوى التي ترفع شعار الديمقراطية مؤمنة بهذا المنهج، و كيف تتم الضغوط الشعبية في ظل الانقسامات الحادة في المجتمع، و الشروط التعجيزية المنثورة على صفحات البيانات. و معلوم عندما تأني دعوات الإقصاء لا يستطيع المرء يتنبأ بنوعية الأدوات التي يمكن أن تستخدم حتى لا تطبق هذه الدعوات، و هذه الحديث كررناه منذ الحكومة الأولى الانتقالية. و القاعدة السياسية كلما توسعت موائد الحوار بين القوى السياسية منعت بروز أدوات العنف. لكن هل كل المدنيين مقتنعين بذلك؟
عن الاستئصال تقول رشا ( أن الاصرار على الخيارات الاستئصالية في ظل معطيات الواقع السوداني ستقود الى تقسيم البلاد إذ من الصعب ان لم يكن من المستحيل ان تنتهي الحرب بسيطرة عسكرية حاسمة لطرفي النزاع على كامل تراب الوطن الواحد) هذا حديث منطقي، لكن القوى المدنية لا تعيره انتباها.. و دلالة على ذلك بيانها في أديس أبابا الذي جرد قاعدة اجتماعية عريضة حقها في أي مشاركة. و هذا لا يؤدي إلا لتصعيد الحرب و استخدام أدوات العنف لإثبات وجود. كان المتوقع من القوى الديمقراطية التركيز على المشتركات التي تسرع بوقف الحرب، و الشروع في عملية التحول الديمقراطي، و إعادة الإعمار، لكن أتضح أن الكل ينظر إلي الوطن بمنظار السلطة و كيفية الوصول إليها بأي ثمن كان و باي رافعات كانت.
تنتقل رشا بروح مترعة بالتسامح و تقول ( أن استنهاض الإرادة الوطنية للوقوف ضد الحرب والاغتسال من أدرانها وخبائثها، يستوجب تغييرا في المناخ النفسي والمعنوي ببث روح جديدة متسامحة ومتسامية تستلهم معنى الاية الكريمة ” لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما انا بباسط يدي اليك لأقتلك اني اخاف الله رب العالمين(. هذا ما أشرت إليه أن ضخ الأفكار للحل وحدها هي التي تغير طريقة التفكير و تنقل الناس إلي مربعات جديدة لذلك فكرة ” المعادلة الكسبية” فكرة ذات حمولات إيجابية ثقيلة، إذا نظر اليها من ناحية الفعل التسامحي لأنه شعار جيد لتغيير السلوك و رواثب الماضي. و في ذات الوقت تنتقل رشا إلي براءة الموقف حينما تتهم البعض القوى بأنهم وراء شعال الحرب و تبرئ أخرين. هذه التبرئة كان الأفضل أن يكون لها مقال أخر لأنها ذات حمولات خلافية، و لا اريد الخوض فيها لأنني أيضا أتهم أخرين. ختاما التحية للأستاذة على هذه الجسارة الفكرية المطلوبة. نسال الله حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: التحول الدیمقراطی یمکن أن
إقرأ أيضاً:
امراة في زمن الحرب تحسب كل “طلقة” عليها: تعليق على مقال عبد الله علي ابراهيم
امراة في زمن الحرب تحسب كل "طلقة" عليها: تعليق على مقال عبد الله علي ابراهيم (قراءة في تاسيس نيروبي: الاصولية العلمانية" بتاريخ 2 مارس 2025 ميبدأ المقال بالانتقال من الحالة السرمدية "النخب و إدمان الفشل" الى حال الصفوي بعد الحرب "فالصفوي لزيم هاجس تشقق السودان بعد انفصال جنوبه عام 2011 م. فصارت كل صيحة مثل تلك التي في نيروبي عليهم. .و هذا الهاجس المخيم قريب من عبارة سودانية تقول إن كل زوجة مهجسة ما عاشت ب "طلقة" من زوجها"...في تعبير صارخ عن الاصولية الذكورية المتحكمة في مخيلة و افكار البعض....على المدي... و الابدية.. علمانياً كان أو غير علماني.
في زمن الثورة ..لم تخف النساء من الرصاص وصدقت من قالت " الطلقة ما بتكتل ...بكتل سكات الزول" فاسمعت وأوعت...و في زمن الحرب تعيش النساء تحت وطاة المعاناة و تحت هاجس "الطلقة" و التدوين ...و الاغتصاب و الزواج القسري... و النزوح و االجوء....لكنها في المقال ... تعيش تحت هاجس أخر...تجري به الامثال...و تسخر.
اختزل الكاتب كل وجود المرأة السودانية في الزواج و توجسها .ما عاشت- من طلقة من زوجها. نعلم أن الامثلة تُساق للدلالة على معان بليغة ...تحفز على المتابعة لمنهج و عبارات مثل "مدى تمسك شعوبنا (بمن فيهن النساء المتزوجات على ما اعتقد) ... و شوقها الدائم للحرية و الحياة العزيزة الكريمة". الا ان ما كتب في المقال يبرز تناقض الفكرة و المضمون من حيث الشكل و المعنى المقصود من احتدام هاجس الانفصال الذي يضطرم.. ومع مفارقة روح النص المكتوب للواقع بالاستشهاد بالعبارة السودانية التي اشار اليها.. و يصح عليها توصيف ..(.ضعف الطالب و المطلوب).
المقال و منذ أول فقرة يجرد القارئ الحصيف من أي رغبة في متابعة الغرض الذي تصدر المقال و هو استحقاق النقاش " إذ ان اجتماع نيروبي قد صدر عنه مع ذلك ما استحق أن يناقش في حد ذاته لإذكاء عادة الثقافة في سياستنا التي غلبت فيها عادة المعارضة. فتكاثرت التحالفات في بيئة المعارضة حد الإملال و تناسخت الوثائق عنها فلا جديد، أو هكذا خيل لنا".
ذكر الكاتب ان المقال هو بحث في احدى صفاته. هل لاحظ الدكتور عبد الله ضمن بحثه ان المشروع السياسي المشار اليه ضم اكثر من عشرين توقيعاً لم يكن من بينها اسم لأي امرأة سودانية؟ و هل يا تري من بين الذين عناهم المقال بضرورة النقاش حول ما استحق ضمن وثيقتي نيروبي، النساء اللاتي يعشن "مهجسات بطلقة". فيما أري أن الكاتب بحاجة لارجاع النظر في ما يحدث علي الساحة السودانية و ما يحدث في الفضاء السياسي و الاجتماعي و الإغلامي من واقع المشاركة المتميزة للنساء السودانيات في زمن الحرب، محلياً و اقليمياً و عالمياً.
قبل ان أجازف صباح اليوم و أقرأ الجزء الأول من التحذير للدكتور عبد الله علي ابراهيم...قرأت المقال الموجز لرندا عطية في سودانيز اون لاين بتاريخ الأول من مارس 2025 م "و يا زهرة أنا في خطر" ...مقال رائغ من السودان ... لامراة تكتب عن دورها كحافظة للتراث..و قائمة على بابه...و كيف تطوع أدواتها ل "عواسة الحلو مر"... العلامة المميزة لصناعة المرأة السودانية و اختراعها على مر العصور..و طبق الأصل... ذكرت لي لاجئة في احدي دول الجوار كيف انها وجدت ألة جديدة...تشبه ألة عواسة "الحلو مر" ..ملقاة على قارعة الطريق و كان الخظ قد عناها في يومها ذاك و اذا بها تتجلي و تتحدى كل الصعاب لتقوم بعمل "الحلو مر" رغما عن انف الحرب .. في بلد غريب لا يعرف نار الصاج و لا حكمة مشروعية علبة الصلصة .و عرفت ان العُرى في نسائنا ..اللاتي يمتهن الحياة. موثقة ...وان امشاجها في امتنا منذ الازل.
والثامن من مارس يتهادى الينا...نقرأ كل يوم عن فعاليات تذكر بالمرأة و نضالاتها...و" لو بايدي " كنت أرسلت دعوة لكل من عائستي (الأبريه) الى فعالية قاعة البرت هول في لندن يوم 8 مارس 2025 م لمشاركة الماجدات من امثال انجيلا ديفزالفعالية التاريخية... .يدعين للتلاقي سويا.. و .لترقي معها سلم المجد رقيا..و لتذيع الطهر في دنيا الجمال و تشيع النور في سود الليالي.
و ارجو ان لا يستحل الجزء الثاني من المقال...صمت فمي.... في الاشهر الحرم.
ايمان بلدو
eiman_hamza@hotmail.com