السكينة هى الطمأنينة والوقار والسكون الذى ينزله الله (تبارك وتعالى) فى قلوب عباده المؤمنين، فلا تزلزلها الفتن، ولا توهنها المحن، بل يزداد أصحابها إيمانًا ويقينًا وثباتًا على الحق، يقول الحق سبحانه: «إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ الله إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِى الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ الله سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ الله هِيَ الْعُلْيَا وَالله عَزِيزٌ حَكِيمٌ» (التوبة: 40).
ومن ذلك إنزال الله (عز وجل) السكينة على رسوله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) والمؤمنين يوم حنين، حيث يقول سبحانه: «لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِى مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ» (التوبة: 25 - 26).
وكذلك يوم الحديبية حين رأى بعض الصحابة أن شروط الصلح مجحفة بهم، فأنزل سبحانه وتعالى عليهم السكينة والطمأنينة، حيث يقول سبحانه: «هُوَ الَّذِى أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِى قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلله جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ الله عَلِيمًا حَكِيمًا» (الفتح: 4)، ويقول سبحانه وتعالى: «لَّقَدْ رَضِيَ الله عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِى قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا» (الفتح: 18)، ويقول (عز وجل): «إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِى قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ الله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا» (الفتح: 26).
وبذكر الله (عز جل) واستحضار عظمته ومعيته سبحانه تتحقق لنفس المؤمن السكينة والطمأنينة، حيث يقول تعالى: «الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ الله أَلَا بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ» (الرعد: 28) .
ونحن مأمورون بالسكينة والطمأنينة فى عباداتنا لله (عز وجل) من صلاة وحج وغيرهما، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ (رضى الله عنه)، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّى مَعَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) إِذْ سَمِعَ جَلَبَةَ رِجَالٍ، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: «مَا شَأْنُكُمْ؟» قَالُوا: اسْتَعْجَلْنَا إِلَى الصَّلاَةِ؟ قَالَ: «فَلاَ تَفْعَلُوا إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» (صحيح البخاري).
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ (رضى الله عنه) عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمُ الإِقَامَةَ، فَامْشُوا إِلَى الصَّلاَةِ وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالوَقَارِ، وَلاَ تُسْرِعُوا، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» (صحيح البخاري).
وعن عبد الله بْن عَبَّاسٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا): أَنَّهُ دَفَعَ مَعَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَوْمَ عَرَفَةَ، فَسَمِعَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَرَاءَهُ زَجْرًا شَدِيدًا، وَضَرْبًا وَصَوْتًا لِلْإِبِلِ، فَأَشَارَ بِسَوْطِهِ إِلَيْهِمْ، وَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ فَإِنَّ البِرَّ لَيْسَ بِالإِيضَاعِ»، يعنى الإسراع (صحيح البخاري).
وعَنْ أَبِى مُوسَى الأشعرى (رضى الله عنه)، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، «أَنَّهُ رَأَى جِنَازَةً يُسْرِعُونَ بِهَا، فَقَالَ: «لِتَكُنْ عَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ» (سنن ابن ماجه).
وعن البَرَاء بْنَ عَازِبٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قَرَأَ رَجُلٌ الكَهْفَ، وَفِى الدَّارِ الدَّابَّةُ، فَجَعَلَتْ تَنْفِرُ، فَسَلَّمَ، فَإِذَا ضَبَابَةٌ، أَوْ سَحَابَةٌ غَشِيَتْهُ، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ: «اقْرَأْ فُلاَنُ، فَإِنَّهَا السَّكِينَةُ نَزَلَتْ لِلْقُرْآنِ، أَوْ تَنَزَّلَتْ لِلْقُرْآنِ» (صحيح البخاري).
اللهم أنزل السكينة والطمانينة فى قلوب عبادك المستضعفين فى فلسطين، فرج كربهم واشف مرضاهم، واجعل الدائرة لهم لا عليهم بفضلك وكرمك يا رب العالمين.
وزير الأوقاف
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أ د محمد مختار جمعة وزير الأوقاف رسوله ص ل ى الله ع ل ي ه و س ل م ک ف ر وا ى الله الله ع
إقرأ أيضاً:
لهفي علي وطني أراه ممزقا وأري شعوب الأرض يفرقها الهناء
هذا البيت من الشعر الذي يجسد لا اقول قمة الشعور بالحزن والاسي بل نري فيه بارقة أمل لنهضة لن نضل طريقها مهما تكالبت علينا جحافل الظلام !!..
هذا البيت نريده ترياقا مضادا لكل انواع المشاعر السلبية التي ربما تحاول أن تتسلل الي أعماقنا ونحن نري حالنا قياساً بمن سبقناهم وهم الآن يزحمون علينا الطريق ويمنعوننا من التقدم وربما يكون هنا السؤال أي ذنب جنيناه حتي يصدر في حقنا أشد القرارات تعسفا ليس أولها التشريد وليس آخرها الإبادة وبين هاتين المنطقتين من الرماد عرفنا فنونا من الآلام كأنما فصلت خصيصا لنرتدبها علي أجسادنا التي هي الآن بلا معالم ويطوفون بنا ونحن علي هذه الهيئة عبر الفضائيات الباردة التي تعرضنا مثلما تعرض الذبيحة في حوانيت القصابين ولكن الفرق هنا أننا بتنا أجسادا ملقاة في قارعة الطريق تقيم عليها الضواري حفلات الشواء ولم يعد أحد في طول العالم وعرضه يحفل بنا فالكل مشغول بالمونديال والكلاسيكو والتزحلق علي الجليد وسباقات الفورميولا بين مراكش وداكار وحتي في الحروب والدمار الشامل كان لنا من النسيان نصيب الأسد والحروب الأخري مدللة اخبارها ترد علي مدار اليوم والساعة ونحن فقط علي هوامش الشاشات ودائما نعرض وعلينا البؤس إطارا وسوارا لافكاك منه وهذه النمطية التي تحولت إلي اكليشيه ينفر منه أصحاب المزاج الرايق الذين لا تطيق مشاعرهم البشاعة التي أصبحت عنواننا البريدي وبطاقتنا الشخصية وكل اوراقنا الثبوتية الملقاة في سلة المهملات .
هذه الابيات الموجعة مثل اللكمات علي الخاصرة ومثل ضربات السيف علي الفقرة بل مثل هرس العظام تحت عجلات قطار سريع ليس عنده وقت للتأمل أو اي التفاتة نحو أي شيء ماعدا الوصول في المواعيد المحددة ومن ثم نيل جائزة نوبل في الحصول علي النانو سكند واصلا الضحايا تقيد مأساتهم ضد مجهول !!..
نعود لشاعرنا حادي ركبنا المنفعل ابدا بقضايا الأمة والوطن والإنسان ولن يهدأ له بال فهذا الشعر يصيح فينا بأن نترك الخمود والكسل فقد دقت ساعة العمل ولن يكون هنالك ياس مع الحياة ولا حياة مع الياس وقد قلنا مرارا أن العلماء قد نصحونا بأن نغلق باب الحزن بمفتاح الرضا وان لا نترك للحزن بابا مواربا حتي لا يظل الحزن فينا مقيما ولا يحمل عصاه ويرحل .
شاعرنا واستاذنا ( ابو آية ) ابياتك اليوم نريدها صيحة في وادي الصمت ومشعلا يضيء دياجير الظلام ومهما ادلهمت الليالي فإن الصبح قريب بإذن الله سبحانه وتعالى وصلي اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين.
متعك الله سبحانه وتعالى بالعافية والصحة والسرور وحفظكم ذخراً للوطن الغالي.
شكرا ( ابو آية ) فمع حروفك نحس دائما بصوت ينادينا :
( تقدم انت سوداني )
حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم .
ghamedalneil@gmail.com