رغم المجازر الاسرائيلية في جنين.. المصالح الاقتصادية ستطغى على غضب دول اتفاقيات إبراهيم
تاريخ النشر: 5th, July 2023 GMT
دبي ـ (رويترز) – يتنامى الغضب الشعبي في العالم العربي بسبب واحدة من أكبر العمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة منذ سنوات، غير أن الدول العربية التي طبعت علاقاتها مع إسرائيل ستكتفي على الأرجح بالتنديد بالهجوم الإسرائيلي. أُجلي آلاف السكان من مخيم جنين للاجئين مع استمرار العملية الإسرائيلية لليوم الثاني اليوم الثلاثاء، وقال مسؤولون فلسطينيون إن ما لا يقل عن 12 استشهدوا.
وتقول إسرائيل إن جيشها يدمر بينة تحتية وأسلحة جماعات مسلحة مدعومة من إيران في المخيم. تمثل العملية إحراجا دبلوماسيا لأربع دول عربية وقعت اتفاقات مع إسرائيل، تعرف باتفاقيات إبراهيم، وتجعل احتمالا بعيدا بالفعل لانضمام السعودية لمساعي تطبيع العلاقات الذي تدعمه الولايات المتحدة أصعب منالا. لكن محللين يرجحون أن تطغي المصالح الاقتصادية والتجارية على أي شعور بالغضب لأسباب أخلاقية ينتاب الدول الموقعة على اتفاقيات إبراهيم، وهي البحرين والإمارات والسودان والمغرب. تقول سانام فاكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المعهد الملكي للعلاقات الدولية في لندن “تنظر الإمارات والبحرين إلى الاتفاقيات على أنها دائمة وعامل حاسم بالنسبة لمصالحهما الأوسع”. وأضافت “لكن في ظل العنف لن يكون هناك ترحيب علني (برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو، وبالتأكيد سيُكون هناك ضغط دبلوماسي لوقف العدوان الإسرائيلي”. * من الصراع إلى الرخاء تعمل الولايات المتحدة على توسيع نطاق اتفاقيات إبراهيم، على أمل الاستفادة منها في تحقيق تقدم على صعيد حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. والأمل معقود أيضا على هذه الاتفاقيات في أن تحول الصراع الإقليمي إلى رخاء اقتصادي في واحدة من أكثر مناطق العالم اضطرابا. وعلى الرغم من عدم وجود بوادر تلوح في الأفق على انحسار القلاقل بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فهي لا تهدد بقاء اتفاقيات إبراهيم. وقال نيل كويليام، الزميل المشارك في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس “التوغل الإسرائيلي في جنين لن يضر باتفاقيات إبراهيم. سيضع بالطبع العلاقة تحت ضغط بعض الشيء… (لكن) الأمور ستسير كالمعتاد”. وقع قادة إسرائيل والإمارات والبحرين اتفاقيات إبراهيم في البيت الأبيض عام 2020. وحذا السودان والمغرب حذوهما لاحقا. ترى إسرائيل، المعزولة اقتصاديا وسياسيا إلى حد بعيد منذ عقود عن جيرانها في الشرق الأوسط، هذه الاتفاقيات سبيلا لاقتناص فرص تجارية في منطقة الخليج وخارجها. فعلى سبيل المثال، بدأت إسرائيل التعاون مع الإمارات في قطاعات التمويل والطاقة والمياه والأمن والتكنولوجيا وغيرها، وفي مارس آذار دخلت اتفاقية تجارة حرة بينهما، هي الأولى لإسرائيل مع دولة عربية، حيز التنفيذ. بيد أن تقارب إسرائيل مع الدول العربية ليس بالأمر السهل، بل زاد من صعوبته وصول ائتلاف حاكم بقيادة نتنياهو إلى السلطة يضم أحزابا يمينية متطرفة تريد ضم الضفة الغربية المحتلة التي يسعى الفلسطينيون منذ فترة طويلة لإقامة دولة مستقلة عليها إلى جانب قطاع غزة والقدس الشرقية. يقول مسؤولون فلسطينيون إنهم يشعرون أن أشقاءهم العرب خذلوهم لإبرامهم اتفاقات مع إسرائيل دون المطالبة أولا بإحراز تقدم صوب إقامة دولة فلسطينية. وقبل اتفاقيات إبراهيم، كانت مصر والأردن الدولتين العربيتين الوحيدتين اللتين تقيمان علاقات كاملة مع إسرائيل. * تحرك محدود تشجب الدول الموقعة على اتفاقيات إبراهيم سياسية إسرائيل تجاه الفلسطينيين حينما يتفجر العنف، لكنها لا تُتْبع تنديدها واستنكارها بتحركات تذكر. استنكرت البحرين اليوم الثلاثاء الهجوم الإسرائيلي على جنين ودعت إلى إحياء عملية السلام المتوقفة منذ فترة طويلة. ودعت وزارة الخارجية الإماراتية إلى الإنهاء الفوري لما وصفته بحملة متكررة وتصعيدية ضد الشعب الفلسطيني. وكان المغرب قال في يونيو حزيران إنه سيؤجل حتى الصيف قمة لدول اتفاقيات إبراهيم من المقرر أن يستضيفها، وذلك احتجاجا على قرار إسرائيل توسيع البناء الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة وبعد عملية إسرائيلية سابقة في جنين استشهد فيها خمسة أشخاص. لكنه لم يذهب أبعد من ذلك. وكانت آمال إسرائيل في تطبيع العلاقات مع السعودية، الدولة الثرية صاحبة الثقل في المنطقة، قد تلاشت قبل اندلاع العنف جنين في بكثير. فالرياض تقول إن التطبيع غير وارد دون إقامة دولة فلسطينية. وعبرت وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة عن قلقها إزاء نطاق أحدث عملية إسرائيلية في جنين، في حين قالت السلطة الفلسطينية المدعومة دوليا إنها علقت الاتصالات مع إسرائيل. لكن السلطة الفلسطينية فقدت كثيرا من شعبيتها بين الفلسطينيين وكان رد الفعل الدولي على توغل إسرائيل فاترا للغاية. فقد قالت الولايات المتحدة إنها تحترم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها لكنها نادت بضرورة تجنب سقوط ضحايا مدنيين. وفي تعليقه على علاقات بلاده المزدهرة مع الإمارات، قال السفير الإسرائيلي لدى الدولة الخليجية أمير حايك لرويترز في مقابلة الشهر الماضي “لدينا اختلافات (مع الإمارات)”. لكنه أضاف أن العلاقة بين البلدين “تجاوزت مرحلة اللاعودة”.
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
الجزائر تدعو مجلس الأمن إلى مزيد من الحزم في مواجهة انتهاكات اتفاقيات وقف إطلاق النار
دعت الجزائر، اليوم الاثنين، مجلس الأمن الدولي إلى التحلي بمزيد من الحزم في مواجهة انتهاكات اتفاقيات وقف إطلاق النار المسجلة في مختلف النزاعات عبر العالم، منتقدةً الهيئة الأممية لتقاعسها في مواجهة هذه التجاوزات.
في هذا الصدد، أكد ممثل الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة، عمار بن جامع، بنيويورك، خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي خصِّصَ لعمليات حفظ السلام الأممية، أنه “من الضروري أن يتحلى مجلسنا بمزيد من الحزم في مواجهة انتهاكات اتفاقيات وقف إطلاق النار”.
وأضاف قائلاً إن “المجلس قد أعلم في عديد الحالات بانتهاكات صارخة لوقف إطلاق النار، إلا أن الإبلاغ عن هذه الانتهاكات قد قوبل على العموم بتقاعس مقلق فيما يتعلق بمحاسبة المتسببين في ذلك”.
كما شدد ممثل الجزائر على أهمية وضع أولئك المنتهكين لاتفاقيات وقف إطلاق النار أمام مسؤولياتهم وإخضاعهم للمحاسبة.
وتابع يقول: “من الواضح أن الأمر يتعلق بقضية مسؤولية، وفي حال انعدام المسؤولية، تفرض تساؤلات بالغة الأهمية نفسها بطبيعة الحال حول مصداقية العمليات المفوضة من قبل الأمم المتحدة في الميدان وبخصوص مصداقية مجلسنا”.
كما أكد بن جامع، أنه “من خلال صوت موحد وقوي على مستوى مجلسنا، ستحظى العمليات المفوضة من قبل الأمم المتحدة بالدعم السياسي اللازم لممارسة تأثير إيجابي ومشروع في الميدان”.
وأضاف أن انتهاكات اتفاقيات وقف إطلاق النار “لا سيما في المناطق العازلة المحددة بوضوح، لا تمثل فقط فشلا لهذه الاتفاقيات التي تم التوصل إليها وإبرامها بشق الأنفس، وإنما كذلك إخلالا بالالتزامات التي تبناها المجتمع الدولي”.
كما أوضح أنه “على الرغم من سنوات من النقاشات حول تكييف عمليات السلام الأممية مع تطور التحديات، إلا أنه لم يتم تسجيل أي تقدم ملموس”.
من جانب آخر، أقرّ بن جامع بضرورة أن تحظى عمليات حفظ السلام الأممية بالموارد اللازمة.
وقال بن جامع في هذا السياق: “إننا نؤكد على أهمية تزويد العمليات المفوضة بتجهيزات وتكنولوجيات المراقبة الملائمة من أجل تحسين فعاليتها العملياتية في تنفيذ مهمة مراقبة اتفاقيات وقف إطلاق النار”.
كما أكد أن “هذه الموارد ستسهم كذلك في تقليص الأخطار على المستخدمين، وكذا التكاليف العملياتية على المدى الطويل. ومن أجل ذلك، فإننا ندعو إلى تقييم شامل للتحديات العملياتية المرتبطة بمراقبة وقف إطلاق النار لغرض إعطاء إجابات مناسبة”.
وشدد ممثل الجزائر، في سياق آخر، على أهمية تعزيز الشراكات مع الفاعلين الإقليميين من أجل تعزيز جهود عمليات السلام.
وأضاف قائلا: “لا يجب الاستهانة بدور المنظمات الإقليمية في دعم عمليات السلام الأممية لتنفيذ المهام الأساسية، سيما منها على سبيل المثال، مراقبة وقف إطلاق النار”.
كما أشار بن جامع قائلاً “إننا على قناعة بأن الفاعلين الإقليميين، على غرار الاتحاد الإفريقي ومنظماته شبه الإقليمية، يتوفرون على الإمكانيات والشرعية اللازمين لتدعيم الأمم المتحدة في تنفيذ هذه المهمة، طبقا للفصل 8 من ميثاق الأمم المتحدة”.
و خلص في الأخير إلى التأكيد على “التزام الجزائر باحترام المبادئ الأساسية للقانون الدولي، حيث يعد احترام اتفاقيات وقف إطلاق النار إحدى مكوناته الأساسية”.