هل يوجد في الجنة كتب؟.. مجلس الفقه يجيب
تاريخ النشر: 9th, November 2023 GMT
قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن الجنة يوجد بها كل شيء يشتهيه المؤمن، لذا يمكن القول أن الجنة بها الكثير من الكتب المختلفة إذا اشتهت الأنفس لها في الجنة.
مقتنيات الدين الإسلاميوأضاف الشيخ خالد الجندي، خلال برنامجه "لعلهم يفقهون"، المذاع عبر فضائية "DMC"، اليوم الخميس، أن الدين الإسلامي لن تنتهي أفكاره ومقتنياته الثمينة التي كلما بحث عنها العلماء وجدوها، ووجدوا أضعاف ما اشتهوا من معلومات قيمة، حيث لم يترك الدين الإسلامي أي تفصيلة في الحياة دون الحديث عنها بكل وضوح.
وتابع عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن الجنة هي مقر المؤمنين، وهذا المكان يستحق أن يبذل الجميع كل ما بوسعهم من أجل الفوز بها في الآخرة، حيث فيها يتم النظر إلى الله سبحانه وتعالى، ويمكن الجلوس بجوار أطهر البشر سيدنا محمد صلى الله وعليه وسلم.
واستطرد، يمكن القول أن الجنة بها كل ما يخطر على أنفس البشر، كما أنها يوجد بها كل ما كان يتعلق به المؤمن في الدار الدنيا.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الشيخ خالد الجندي عضو المجلس الاعلى للشئون الاسلامية الجنة
إقرأ أيضاً:
أَسْر الفقه السياسي
الطليعة الشحرية
يتميز الفقه السياسي بتفاعله مع واقعة كونه ديناميكيًا وليس جامدًا ومثاليًا مجردًا عن محيطه وصراعاته وأولوياته، ويعول عليه توحيد صفوف الأمة في مواجهة ما يعصف بها من صراعات تهدف إلى هدم رواسيها الأساسية.
وفي هكذا أوقات عصيبة يتوجب الالتفاف حول قضية تحرير الأقصى باعتبارها عقيدة وليست أمراً ثانوياً يتطلب السؤال هل التحرير أولوية مذهبية.
وللأسف تنتشر كمية متضاربة من الفتاوى في غير وقتها ولا تتناسب مع المعطيات والصراعات الوجودية المحتدمة. وعلى سيبل الطرح لا الحصر فتوى "عدم جواز الخروج على مرتكب الموبقات"، بينما يضرب البعض المثل بهجرة الرسول إلى المدينة كخيار أمثل لاقتياد الشعب الفلسطيني بالسيرة النبوية، وفي محاولة لتطويع العقل الجمعي وتوجيهه نحو قضايا أكثر عمقاً تطرق البعض إلى قضية "الاستنزاه.." باعتبارها قضية غاية في الأهمية بل أكثر أهمية من أولى القبلتين، فهل يجب علينا أن نثير التساؤل حول وقوع الفقه السياسي تحت أسر الكهنوت السياسي؟
هل وقع هذا العالم تحت براثن كهنوت السلطة المُسيسة واضعًا الفقه السياسي قيد أسر ظلال الخوف من الفتن. فإذا كان لا يجوز الخروج على مرتكب الفواحش والموبقات والمنكرات، فأين يقع قول النبي صلى الله عليه وسلم: "سيد الشهداء عند الله حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله" (رواه الحاكم وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب".
جَبُلَت فطرة البشر على رفض الظلم والجور وتوجه قصرًا وفق منطق سطحي يحصر الدين في "الاستنزاه ..." كمسألة فارقة وأكثر أهمية من 10 مذابح ارتكبها جيش الاحتلال خلال عام واحد فقط.
والغريب أن تتصدر مجموعة من الأفكار والفتاوى تحث الشعوب على تثبيت بوصلة الوعي الشعبي في اتجاهات تشتت تركيزها، بعيدًا مشاهد المذابح في غزة والقصف في لبنان والمجازر في السودان.
أضحى تضخم تلك الفتاوي الموجهة والتي لا تواكب المشهد الدامي عبئًا يرهق العقل البشري البسيط لأيّ إنسان ذي فطرة سليمة، وتغلق بروح متشائمة المسالك نحو القادم وتغم الأنظار في تطلعها نحو المستقبل.
المحاولات الحثيثة لتدجين الشعوب واضحة ومستهجنة، وقد بدأ الغرب التمرد أمام تعنُّت النخب المتنفذة والتي تتبع منهج القمع وتدجين الشعوب، فلم يعد يصدق الغربي أكذوبة معاداة السامية أو أكذوبة الإرهاب الإسلامي، وقد تجلت صور الرفض الشعبي للانحرافات السياسية والإعلامية في أحداث أمستردام.
ولأن الشعوب تتمتع بقابلية سرعة انتشار العدوى في المرض والشجاعة، فشراراتها قادمة لا محالة، متزامنة مع هبوط أرصدة الثقة لدى الشعوب بالنخب والقيادة السياسية. وبدلًا عن عقد مؤتمر دولي وعالمي يخرج بتصاريح خجولة تطلب من المجتمع الدولي إيقاف المجازر، كان يجب من باب أولى الانضمام إلى الدعوة المرفوعة من جنوب أفريقيا ضد الكيان المحتل، بل يجب رفع دعوة مشابهة بحق المجازر التي ترتكب في السودان. أين يقف العلماء والفقهاء وفطاحل الأمة من كل المجريات وأحداث القتل والمجازر والمذابح التي ترتكب يوميًا؟
قد يُفهم أن تداعيات الحاجة ومقتضاها يتطلب السكوت، ولكن ما لا يمكن غفرانه هو الانصياع وتجنيد فتاوى لتوجيه الرأي العام والعقل الجمعي الشعبي نحو فسافس الأمور والابتعاد عن عظائمها.
ورب قائل يقول إن العوام من البشر لا شأن لهم بما يحدث حولهم؛ فالحياة تعصر كل ابن آدم وتلقيه في دوامتها وعليهم الاكتفاء والسعي إلى الخلود ولتتحقق العدالة في الآخرة.
نعم قد يبدو للوهلة الأولى أنَّه لا شأن لنا بمن يُذبح ويُحرق ويجوع في غزة ولا بمن يُقصف بيته ومدرسته وتُحرق خيمته في سوريا ولبنان والسودان، ولكن بعد طول تفكير ألم يقل الله تعالى في مُحكم تنزيله "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ" (الحجرات: 10).
ما لنا نرى الإخوة يكتفون بمتابعة حصار وتجويع أهل غزة وبعد سنةٍ من المجازر والمذابح تعالت الأصوات والخطط لحل الدولتين، أيّ منطق عجيب وغريب هذا، لن يفيد تدليس وتغير المصطلحات والمسميات أحداً بشيءّ غير الكيان المحتل. إن قبول حّل الدولتين يُعطي شرعية لكيان استعماري استيطاني توسعي، وسيسمح لأي دولة أخرى بتطبيق ذات المنهجية دون رادع، فماذا يمنع إسرائيل عن التوسع والاستيطان مستقبلاً على حساب جيرانها؟ من المخزي ألا يُطلب إيقاف جريمة تجويع شعب أعزل.
إن لنّا في أمريكا أُسوة يا أولي الألباب، فبعد أن قام الاتحاد السوفيتي السابق بحصار برلين الغربية في يونيو 1948، قامت أمريكا وبريطانيا بأكبر إنزال جوي في التاريخ لفك الحصار المفروض على برلين الغربية، وذلك في مبادرة "برلين إيرلايف" (حياة برلين الجوية) أطلقها "لوسيوس دي كلاي" أمد أبناء برلين المهددين بالجوع بالمواد الغذائية والطاقة.
يضرب تحالف الاستبداد السياسي والفساد الاقتصادي والكهنوت الديني بجذورها عميقًا في التاريخ، وهي عملية تراكمية؛ حيث يمهد الكهنوت السياسي عبر التاريخ إلى توحُّش وتكديس الثروات في يد فئات ونخب قليلة مهمتها ترسيخ الاستبداد وانتهاك الحريات، ولأنها عملية تكدس وتراكم الضغط فبالتالي ستولد انفجارًا ثوريًا دمويًا.
وفي التاريخ القريب عندما تاجرت الكنسية بالدين وتحالفت مع الإقطاعيين المستعبدين وفرضت على العلماء جملة أفكار موحدة لا تناقض ولا تخالف الكنسية واستغلت الجانب الروحي للإنسان لتثبيطه عن ردع الظلم فأصدرت له صكوك الغفران. خلقت بذلك طودا عظيما من الجور حطمته الثورات الدموية التي حملت شعار "اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس".
ولفهم المخاض الذي تمر به الشعوب اليوم علينا الاسترشاد بنظرية الفيلسوف الهولندي جوهان هويزينغا في كتابه "خريف العصور الوسطى" قوله إن أوروبا وفي نهاية العصر الوسيط كانت تتغذى على جملة أفكار مرهقة لا تلهم الإنسان الأوربي وأصبحت عبّا ثقيلًا على عقله وشكلت عائقًا وسدًا منيعًا لأيّ تطور، وما كان للأوروبي أن يتخلص من جملة تلك الأفكار إلا بثورة تصحيح أعادت تعريف الإنسان أخلاقيًا وقانونيًا.
تستدعي الحاجة اليوم إلى تصحيح جملة أفكار ومسارات فكرية شكلت عبئا أخل بالميزان الأخلاقي والفقهي، إن التوغل في طريق الكبح وإضفاء الشرعية على الاستبداد واستباحة الدماء والأعراض، وتبرير الظلم والجور وتسويغ مسميات ومصطلحات لا تقبلها الفطرة السوية ما هي لا عملية بناء ذاكرة تشرع الظلم وتزين الخنوع والاستلام.
رابط مختصر