اشتعال حرب السودان من جديد ولكنها الأعنف ومواجهات برية شرسة بأم درمان وسقوط مناطق مهمة واستراتيجية
تاريخ النشر: 9th, November 2023 GMT
أفادت قوات "الدعم السريع" بأنها سيطرت على قيادة اللواء 24 مشاة في أم كدادة (صفحة الدعم السريع على إكس) خاض الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، أمس الأربعاء، معارك برية واسعة في منطقة وسط أم درمان وغربها، اعتُبرت الأعنف منذ اندلاع القتال بينهما في مدن العاصمة الثلاث (الخرطوم، وبحري، وأم درمان) في 15 أبريل (نيسان) الماضي، بمشاركة الطيران الحربي، فضلاً عن تبادل القصف المدفعي الكثيف واستخدام كل أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة، مما أوقع قتلى وجرحى من العسكريين والمدنيين.
وبحسب مصادر عسكرية، فإن الاشتباكات بين الطرفين بدأت في الصباح الباكر من يوم أمس في مناطق أمبدة وأحياء الثورات ووسط أم درمان القديمة، إذ شن الطيران الحربي غارات جوية لفترات طويلة على تجمعات قوات "الدعم السريع" في تلك المناطق، فيما ردت الأخيرة بتصويب مدفعيتها من منصاتها المختلفة باتجاه قاعدة "وادي سيدنا" العسكرية التابعة للجيش شمال أم درمان.
وأشارت المصادر إلى أن المواجهات بين القوتين شملت مناطق السوق الشعبية التي تتمركز فيها قوات "الدعم السريع" بكثافة، حيث دفع الجيش السوداني بتعزيزات عسكرية كبيرة، كما سُمع دوي الانفجارات وصوت الأسلحة الثقيلة والخفيفة، إضافة إلى مشاهدة تصاعد أعمدة الدخان الناتجة عن القصف المدفعي والجوي.
كما أفاد شهود قيام المسيرات التابعة للجيش بقصف أهداف لـ"الدعم السريع" بشارع المطار، و"حي المجاهدين" بجنوب الخرطوم، وشرق النيل، وامتداد شمبات ببحري، وشوهد ارتفاع سحب الدخان الأسود في مواقع عدة بتلك المناطق.
وقال الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني، العميد ركن نبيل عبدالله في تعليقه على الموقف العملياتي، إن "القوات المسلحة السودانية اشتبكت أمس مع ميليشيات الدعم السريع في وسط أم درمان وتمكنت من تكبيد الميليشيات المتمردة خسائر ضخمة، ودمرت واستلمت عدداً من العربات القتالية، فضلاً عن استلامها مدرعة صرصر في وسط أمدرمان. كما كبدت قوات العدوان خسائر كبيرة في شمال بحري".
وأكد عبدالله أن "القوات المسلحة ستواصل جهودها في ميادين المعارك وقادرة على دحر التمرد حتى تحقيق النصر"، داعياً السودانيين إلى "عدم الالتفات إلى الدعاية الإعلامية المعادية والإشاعات التي تحاول عبثاً أن تثبط الهمم والتشكيك والتقليل من انتصارات الجيش".
سقوط أم كدادة وفي دارفور، أفادت قوات "الدعم السريع على صفحتها بمنصة "إكس" أمس، بأنها سيطرت على قيادة "اللواء 24 مشاة" في أم كدادة التابعة للفرقة السادسة مشاة بالفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.
وبثت "الدعم السريع" مقطع فيديو لمجموعة من قواتها داخل الفرقة 24، ودعا أحد قادتها قيادة الفرقة السادسة (الفاشر) بتسليم نفسها فوراً. وكانت قوات "الدعم السريع" سيطرت، أخيراً، على ثلاث مدن مهمة في إقليم دارفور من أصل خمسة بما في ذلك مقرات الجيش فيها، وهي نيالا (جنوب) ثاني أكبر مدينة بعد الخرطوم، ومركز قيادة الجيش في الولايات الغربية، وزالنجي (وسط)، والجنينة (غرب).
في الأثناء، أشارت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس) إلى أنها ستتقصى تقارير تفيد بارتكاب ميليشيات عربية متحالفة مع قوات "الدعم السريع" انتهاكات شملت القتل بحق قبيلة المساليت في أردمتا بولاية غرب دارفور.
وقالت البعثة الأممية في بيان "تلقينا تقارير مثيرة للقلق من مجموعة متنوعة من المصادر الموثوقة على الأرض تفيد بأنه في الفترة من الرابع إلى السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، عقب استيلاء قوات الدعم السريع على قاعدة فرقة الجيش، ارتكبت الميليشيات العربية المتحالفة مع قوات الدعم السريع، انتهاكات خطرة لحقوق الإنسان، لا سيما في حي أردمتا بالجنينة". وتابع البيان أن "التقارير الواردة أفادت بأن الميليشيات العربية قتلت عدداً من المدنيين وأصابت كثيرين آخرين بجراح.
كما أشارت التقارير إلى أن عمليات القتل هذه استهدفت مجتمع المساليت، كذلك شنت الميليشيات حملة اعتقال واحتجاز ضد الأشخاص المشتبه في تعاونهم مع القوات المسلحة السودانية، وذلك قبل سيطرة قوات الدعم السريع على مقر الجيش بالجنينة". ولفت البيان إلى أن "موظفي حقوق الإنسان يتحققون حالياً من هذه التقارير للحصول على معلومات إضافية وتأكيد التفاصيل الواردة، بما في ذلك عدد الضحايا والمسؤولين عن هذه الانتهاكات".
وأعربت البعثة عن استيائها لاستمرار تأثر المدنيين بشدة منذ بداية الحرب، في ظل نزوح آلاف الأشخاص، وسقوط عديد من القتلى والجرحى، ونهب أو تدمير ممتلكات المدنيين، مجددة دعوتها جميع أطراف النزاع السوداني إلى الوفاء بالتزاماتها، بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، بحماية المدنيين أثناء الأعمال العدائية
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
هل صارت الخدمات من أدوات الصراع السياسي في السودان؟
الخرطوم- بعد أكثر من 20 شهرا من الأزمة السودانية، صعدت قوات الدعم السريع من اتهامها للحكومة، باستخدام الخدمات والتعليم واستبدال العملة وإصدار الأوراق الثبوتية، سلاحا ضد المواطنين الذين يعيشون في مناطق سيطرتها، مما عده مسؤول حكومي كبير تبريرا سياسيا لإيجاد مسوغات لتشكيل حكومة موازية.
وبدأ بنك السودان المركزي، منذ 10 ديسمبر/كانون الأول الجاري ولمدة أسبوعين، عملية استبدال الفئات الكبيرة من العملة الوطنية (500 و1000 جنيه) لتصبح بعدها غير مبرئة للذمة. وحدد مراكز للاستبدال في مدن آمنة بعد تعذر عمل المصارف في مناطق سيطرة الدعم السريع بعد نهبها وتدميرها وغياب الأمن وإغلاق الطرق منذ الأيام الأولى للحرب مما يجعل نقل السيولة النقدية غير ممكن.
من جانبه، أكد وزير التربية والتعليم المكلف أحمد خليفة عمر، خلال مؤتمر صحفي في بورتسودان -اليوم السبت- اكتمال الاستعدادات لإجراء امتحانات الشهادة الثانوية المؤهلة للجامعة للدفعة المؤجلة ( للعام 2023) بسبب الحرب، مشيرا إلى وجود أرقام احتياطية لكل الولايات لتمكين كافة الطلاب الراغبين من أداء الامتحان.
اتهامات
وأفاد الوزير خليفة عمر بأن عدد الذين سيجلسون للامتحانات بلغ 343 ألفا و644 طالبا أي بنسبة 83% من الطلاب الذين سجلوا قبل الحرب، وهم أكثر من 570 ألفا، سيجلسون في 2300 مركز في داخل البلاد و59 مركزا في 15 دولة بها 46 ألفا و553 ممتحنا، بالإضافة إلى 120 ألفا و721 طالبا نازحا من 11 ولاية.
إعلانوحددت وزارة التربية المناطق التي سيمتحن بها الطلاب في الولايات المتأثرة بالحرب وتكفلت الحكومة بترحيلهم وإيوائهم وإعاشتهم خلال فترة الامتحانات التي تستمر 12 يوما.
من جهتها، اعتبرت قوات الدعم السريع أن قرار استبدال العملة تنطوي عليه "مؤامرة خبيثة" تستهدف تقسيم البلاد، وقررت منع التعامل مع إجراءات الاستبدال، مؤكدة سريان التعامل بالعملات الحالية. كما أعلنت رفضها إجراء امتحانات الشهادة الثانوية في 28 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
واتهمت منظمات حقوقية، منها هيئة محامي دارفور ومرصد حقوق الإنسان وناشطون، قوات الدعم السريع بمنع الطلاب في مناطق سيطرتها من الانتقال إلى الولايات الآمنة لأداء الامتحانات بعدما سجلوا إلكترونيا وشجعتهم أسرهم على السفر، وبفرض رسوم على بعضهم في مقابل السماح لهم بالمغادرة، حسب منصة وسط السودان.
وقال مسؤول في المكتب الإعلامي للدعم السريع إن "حكومة بورتسودان" تعاقب المواطنين في مناطق سيطرتها وتحرمهم من التعليم والصحة واستبدال العملة، واعتبرتها سياسة ممنهجة.
وفي حديث للجزيرة نت، يوضح المسؤول -الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته- أنهم لم يمنعوا الطلاب من مغادرة مناطقهم لأداء الامتحان، لكن يخشون اعتقالهم من "سلطات جيش وأمن البرهان" التي تصنف كل من يأتي من مناطق سيطرتها متعاونا معهم وتحاكمهم بالسجن.
مزاعمفي المقابل، يقول مسوؤل حكومي كبير إن قوات الدعم السريع تحاول الترويج لمسوغات سياسية لتشكيل سلطة في مناطق سيطرتها مع جهات سياسية "تحت مزاعم حرصها على حقوق المواطنين التي منعوا منها". وأضاف للجزيرة نت أنه "طوال تاريخ السودان تجري امتحانات الشهادة الثانوية في أوقات الحروب بالمناطق الآمنة، ويتم نقل الطلاب من مناطق الصراع إلى الأقاليم الآمنة".
وتم الترتيب لطلاب إقليم دارفور وبعض مناطق إقليم كردفان بعد تسجيل مواقع وجودهم إلكترونيا، وصدرت أرقام لهم لكن قوات الدعم السريع منعتهم من مغادرة مواقعها مما يشير إلى أنها تريد استخدامهم ورقة سياسية وليس حرصا عليهم، وفقا للمتحدث الذي رفض الكشف عن هويته.
إعلانواتهم المسؤول ذاته الدعم السريع بنهب وتدمير المدارس والمصارف في مناطق سيطرتها، و"لذا لا يمكن أن تعمل المصارف ولا يمكن توصيل السيولة النقدية إليها، وتم تحديد مواقع لاستبدال العملة حتى لا يتضرر المواطنون في الولايات المتأثرة بالحرب".
ويقلل المتحدث نفسه من حديث الدعم السريع عن حرمان مواطنين من الحصول على جواز سفر "لأن مكاتب إصدارها لا تفرق بين المواطنين، وليس من سلطتها رفض إصدار جواز إلا في حال صدر قرار بحقه من النيابة".
آلية صراعمن ناحيته، يرى الكاتب والمحلل السياسي محمد لطيف أن الامتحانات صارت من آليات الصراع في الحرب وتهدد مصير جيل من الطلاب بسبب التوظيف السيئ، مما يؤسس لشرخ في الوجدان السوداني. واتهم ما سماها "سلطة الأمر الواقع في بورتسودان" بعدم مراعاة التركيبة الديمغرافية للسكان فيما يتصل بالامتحانات، مما يحرم أكثر من 30% من الطلاب منها.
وفي تسجيل عبر فيسبوك، يرى الكاتب أن قضية الخلاف حول إجراء امتحانات الشهادة الثانوية اختبار أخلاقي لأطراف النزاع تجاه وحدة السودان، ودعا إلى تجاوز عوامل الصراع والتوافق على خطوات لضمان إجراء كل الطلاب للامتحانات.
غير أن الباحث والمحلل السياسي فيصل عبد الكريم يقول إن تأجيل الامتحانات للدفعة العالقة، منذ مايو/أيار 2023، يهدد جيلا كاملا ويحدث إرباكا في التعليم العام والعالي، لأن دفعة 2024 كان ينبغي أن تجلس للامتحان في يونيو/حزيران الماضي لكن تم إرجاؤه حتى مارس/آذار 2025.
ويقول عبد الكريم للجزيرة نت إن استبدال العملة عملية اقتصادية وأمنية بعد نهب أموال المصارف المعدة للتداول من مطابع العملة، حيث "قدرت السلطات أن ما نهبته قوات الدعم السريع يتجاوز ما يعادل 350 مليون دولار"، إلى جانب تفشي التزوير. كما أن وجود مناطق غير آمنة لا تستبدل فيها العملة -برأيه- لا يعني استهداف مواطنين في مناطق سيطرة الدعم السريع.
إعلانووفقا له، فإن قيادة الدعم السريع تسعى إلى استخدام مشكلة الخدمات لمواجهة الحكومة بهضم حقوق مواطنين في خارج مناطقها للتغطية على ما ارتكبته من جرائم وانتهاكات رصدتها المنظمات الحقوقية، والتأسيس لفرض واقع سياسي بعدما عجزت الإدارات المدنية التي أنشأتها في مناطق سيطرتها عن تقديم أي خدمة للمواطن أو توفير الأمن.