نيويورك تايمز: إسرائيل تدق ناقوس الخطر باقتراح دور غير محدد في غزة
تاريخ النشر: 9th, November 2023 GMT
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريرًا ناقشت فيه القلق الأمريكي بشأن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن دور الاحتلال الدائم في قطاع غزة، الذي تجلى في تأكيد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن عدم وجود نية لإعادة الاحتلال وأهمية نقل حكم قطاع غزة للسلطة الفلسطينية بينما لا تزال الخطوات المقبلة غامضة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن تصريح نتنياهو دق أجراس الإنذار في واشنطن وأثار تساؤلات في الداخل ما دفع إدارة بايدن، التي تحاول إدارة الانتقادات الشديدة بين الحلفاء العرب والأوروبيين بشأن عدد الشهداء في غزة – الذي تجاوز الآن 10 آلاف شخص – إلى الرد
بسرعة.
صرح بلينكن بأن ترك الباب مفتوحًا أمام إمكانية حدوث "فترة انتقالية" بعد انتهاء الحرب، لكن في نهاية المطاف، يجب أن تكون إدارة غزة تحت قيادة فلسطينية مع توحيد غزة والضفة الغربية تحت قيادة السلطة الفلسطينية.
وذكرت الصحيفة أن الجميع غامضون بشأن الكيفية التي قد يحدث بها ذلك، نظرًا للضعف الحالي الذي تعاني منه السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس، والتي تقتصر على أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، فهو لا يحظى بشعبية كبيرة وتتعرض السلطة لانتقادات واسعة النطاق بين الفلسطينيين بسبب الفساد وتعاونها مع إسرائيل، وهو التعاون الذي يساعد عباس على قمع المعارضة في الضفة الغربية، بما في ذلك من أعضاء حماس، في حين تستمر المستوطنات الإسرائيلية في التوسع هناك.
وأوردت الصحيفة أن إسرائيل سوف ترغب في ضمان أمنها، وذلك بعد هجوم حماس على مستوطنات غلاف غزة قبل شهر واحد، الذي أدى إلى مقتل حوالي 1400 شخص، وذلك حتى لا يحدث مثل هذا الغزو من غزة مرة أخرى أبدًا. لذلك يقترح المسؤولون الإسرائيليون أن تسيطر إسرائيل على غزة حتى يتم التوصل إلى ترتيبات جديدة لحكم القطاع والقيام بدوريات فيه، وهو الأمر الذي قد يستغرق وقتا طويلا. حتى في تلك الحالة، لا تثق إسرائيل تمامًا في أي قوة حفظ سلام فلسطينية أو حتى دولية للحفاظ على أمن إسرائيل.
ونقلت الصحيفة عن المسؤولين قولهم إن إسرائيل تعطي الأولوية لأمنها، وستحافظ على ما تسميه "المرونة العملياتية" التي تفهم على أنها تعني القدرة على دخول غزة عندما تشعر أن أمنها معرض للخطر.
وأشارت الصحيفة إلى أن نتنياهو يتخيل وضعًا بالنسبة لغزة مماثلا لما في الضفة الغربية حيث تتولى القوات الإسرائيلية مسؤولية الأمن بالتعاون مع السلطة الفلسطينية، إلا أنه يصرح هو وغيره من كبار المسؤولين الإسرائيليين بأنهم لا يعتزمون "إعادة احتلال غزة"، وهو ما يبدو أنهم يقصدون به تحمل المسؤولية مرة أخرى عن الإدارة المدنية أيضًا.
يوم الأربعاء، قال بيني غانتس، وزير حرب الاحتلال السابق وعضو حكومة نتنياهو الصغيرة في حكومة الطوارئ، للصحفيين إنه من السابق لأوانه اتخاذ قرار بشأن هذه الأمور. وأضاف غانتس: "بمجرد أن تصبح غزة والمناطق الأخرى آمنة، سنجلس ونراجع آلية بديلة لغزة. وأنا لا أعرف ماذا ستكون. لكنني أعرف ما الذي لا يمكن أن يكون هناك – الوجود النشط لحماس مع الحكم والقدرات العسكرية".
نقلت الصحيفة عن ناتان ساكس، مدير مركز سياسة الشرق الأوسط في معهد بروكينجز، أنه قد يكون هناك دور لقوة متعددة الجنسيات للمساعدة في تحقيق الاستقرار في غزة، واستعادة النظام المدني، وفي النهاية تأسيس السلطة الفلسطينية. ولكن لا بد أن يكون هناك تمرد ناشئ في غزة بعد الحرب مضيفًا أنه "فيما يتعلق بمكافحة التمرد، لا يوجد بديل للنهج الصارم".
تابع ساكس أن مصر سترفض القيام بذلك، ولا يمكن للسلطة الفلسطينية أن تفعل ذلك إلا بمساعدة إسرائيل موضحا أن فكرة أن الإسرائيليين سوف يتبخرون هي فكرة جنونية. من الصعب أن نرى كيف يمكن لأي شخص آخر غير إسرائيل القيام بهذا العمل في مكافحة التمرد. ومع أن عودة الوجود الإسرائيلي الجزئي أمر غير محبذ، إلا أن الفوضى أسوأ، ولكن من الأفضل أن يكون الوجود الإسرائيلي خفيفًا وقصيرًا قدر الإمكان".
وأشارت الصحيفة إلى أن المسؤولين الإسرائيليين تحدثوا عن تقسيم غزة إلى "مناطق"، مثل تلك الموجودة في الضفة الغربية، حيث تتمتع القوات الإسرائيلية بحرية العمل، بالتعاون المفترض مع السلطة الفلسطينية، في مناطق السيطرة الفلسطينية.
وقال ساكس إن الأمل سيكون - بمساعدة القوات الدولية - في جعل غزة قريبة قدر الإمكان من المنطقة (أ) في الضفة الغربية - حيث من المفترض أن تتمتع السلطة الفلسطينية بالسيطرة الكاملة ولكن القوات الإسرائيلية تدخل وتغادر عندما يرون ذلك ضروريا.
ونقلت الصحيفة عن غسان الخطيب، المحاضر في جامعة بير زيت والوزير السابق والمتحدث باسم السلطة الفلسطينية، أن نتنياهو كان يفكر في الضفة الغربية. وأضاف: "في الضفة الغربية يمكن ترك المهام الإدارية للسلطة الفلسطينية بينما تحتفظ إسرائيل بالمسؤولية الأمنية الشاملة". وأضاف الخطيب أن "إسرائيل تمنح نفسها الحق في القيام بأي شيء تراه ضروريًا من الناحية الأمنية، ولديها من يقوم بهذا العمل القذر".
كما شكك الخطيب في تكرار الأمر في غزة، حيث قال: "بعد تجربة الضفة الغربية يكون هناك من يرغب في تكرار تلك التجربة على الجانب الفلسطيني أو العربي".
من جهته، ذكر زكريا القاق، المحلل الفلسطيني، أن دور إسرائيل المستقبلي في السيطرة على غزة هو "إما أن تكون هناك بشكل دائم أو لن تكون هناك. إما أن تبقى أو لا تبقى. إن السيطرة الأمنية الشاملة تعني التواجد في كل مكان وفي كل زاوية. ويعني تلبية الاحتياجات الاجتماعية والتعليمية والصحية وتحمل المسؤولية" عن القطاع، وهو بالضبط ما تقول إسرائيل إنها لن تفعله.
رغم انسحاب إسرائيلي أحادي الجانب من غزة في 2005، حسب معظم التعاريف القانونية، إلا أنها لا تزال تحتل المنطقة، لأنها تسيطر على المجال الجوي لغزة، وساحلها، وجميع الحدود البرية باستثناء مصر، والسماح بدخول الغالبية العظمى من البضائع، والسماح لسكان غزة بالخروج. وهو ما أطلق عليه مايكل سفارد، المحامي المتخصص في قوانين الحرب، "الاحتلال الوظيفي".
للاطلاع إلى الرابط الأصلي (هنا)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة الاحتلال غزة الفلسطينية فلسطين غزة الاحتلال صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السلطة الفلسطینیة فی الضفة الغربیة یکون هناک فی غزة
إقرأ أيضاً:
نيويورك تايمز: وفاة البابا فرنسيس تحرم من لا صوت لهم من مدافع حقيقي عنهم
شددت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية على أن الصمت كان رد فعل البابا فرانسيس على أحدث الانتكاسات في العالم، حيث رأى في السنوات الأخيرة انهيارا للعالم الذي كان يدعو إليه باستمرار، وهو "عالم يهتم بالمهاجرين، ويصون صحة الكوكب، ويحمي حقوق الإنسان".
قال رئيس الأساقفة بول غالاغر، وزير خارجية الفاتيكان وأحد مساعدي البابا المقربين، إن البابا فرانسيس كان عندما يشعر "بخيبة أمل من بعض الخيارات السياسية التي تتخذها الحكومات. يتملّكه الصمت".
وعلقت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21"، أن "هذا الصمت أصبح اليوم دائما"، مشيرة إلى أن "وفاة البابا فرانسيس صباح الاثنين حرمت العالم من مدافع دؤوب عن المظلومين".
ولفتت الصحيفة إلى أنه "مع تزايد عمليات الترحيل الجماعي، وتوسع الاستبداد، وانقلاب التحالفات التي حكمت حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية رأسا على عقب، يتضح أن فرانسيس قد ترك وراءه عالما مختلفا تماما عن العالم الذي انضم إليه كبابا عام 2013".
وأوضحت أنه "عندما خطا خطواته الأولى على شرفة كاتدرائية القديس بطرس، انضم فرانسيس إلى منصة عالمية زاخرة بالقادة، بمن فيهم الرئيس باراك أوباما في الولايات المتحدة والمستشارة أنغيلا ميركل في ألمانيا، الذين شاركوه آراؤه على نطاق واسع. بعد اثني عشر عاما، سيحضر جنازة البابا جيل جديد من القادة الذين لا تتوافق سياساتهم مع سياساته بشكل وثيق، بمن فيهم الرئيس ترامب والرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي".
ولفت التقرير إلى أنه "مع رحيل القادة التقدميين على التوالي عن الساحة العالمية، أصبح فرانسيس صوتا وحيدا بشكل متزايد في عالم يبدو أنه أصبح متردد بشأن العديد من أولوياته. والآن بعد رحيله، لا يوجد بديل واضح لملء الفراغ".
شدد رئيس الأساقفة غالاغر، الذي التقى نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس في الفاتيكان، السبت، على مخاوف الفاتيكان بشأن المهاجرين واللاجئين: "صوته غائب بالتأكيد".
وأضاف: "أدرك الناس فجأة أهمية ذلك الصوت، وكانوا يصغون إليه. لقد كان من المرجعيات القليلة جدا التي يمتلكها الناس في العالم. هناك اضطراب عالمي جديد في طور التكوين".
لم يقتصر حديث فرانسيس على دعم من اعتبرهم ضعفاء، بل استخدم منصته الواسعة كزعيم روحي لما يُقدر بـ 1.3 مليار كاثوليكي للرد على قادة العالم الذين اتهمهم هو وأنصاره بشيطنة المهاجرين والفقراء والمهمشين لتحقيق مكاسب سياسية، بحسب الصحيفة.
وأوضح التقرير أن "فرانسيس ناشد، خلال بابويته، القادة وانتقدهم في الوقت نفسه بسبب سياسات قال إنها تسببت في معاناة الناس العاديين، الذين وقعوا في فخ السعي الوحشي للآخرين وراء النفوذ الجيوسياسي والمالي. لقد كانت رسالة صمدت حتى النهاية".
قبل أن يمرض فرانسيس في شباط / فبراير، انتقد سياسة الترحيل الجماعي التي ينتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، محذرا في رسالة إلى الأساقفة الأمريكيين من أن "ما يُبنى على القوة، لا على حقيقة الكرامة المتساوية لكل إنسان، يبدأ بداية سيئة وينتهي نهاية سيئة".
في آخر ظهور علني له، خلال خطاب عيد الفصح من شرفة كاتدرائية القديس بطرس يوم الأحد، افتقر البابا فرانسيس إلى القوة للتحدث، لكن أحد الأساقفة كرّر مخاوفه بشأن المهاجرين وضحايا العنف والصراع في جميع أنحاء العالم، وتنامي مناخ معاداة السامية.
لكن تحذيرات البابا فرانسيس غالبا ما تُهمل، وفقا للتقرير.
ونقلت الصحيفة عن الكاردينال مايكل تشيرني، أحد المساعدين المقربين للبابا فرانسيس والذي يُنسب إليه على نطاق واسع كتابة بعض أهم وثائقه، بما في ذلك تلك المتعلقة بموضوع البيئة، قوله إن البابا فرانسيس قدّم "صوتا نبويا"، مع أنه أشار إلى أنه غالبا ما "لقي استحسانا أكثر من اتباعه" على الساحة العالمية.
وأضاف أنه في حين حظي القادة الأكثر ليبرالية، بمن فيهم الرئيس أوباما، بفرصة التقاط صورة، إلا أنهم في النهاية اتبعوا سياسات كانت أحيانا تتعارض بشكل مباشر مع ما بشّر به البابا فرانسيس.
خلال بابويته، التي بدأت بزياراته لمخيمات المهاجرين في جنوب إيطاليا، أصبحت أوروبا مترددة بشكل متزايد في قبول المهاجرين، وتصاعدت الأحزاب القومية - التي تتغذى على الإحباط الاقتصادي والسياسات الشعبوية وكراهية الناخبين للأجانب - بشكل متزايد، وفقا للتقرير.
حذر فرانسيس مرارا وتكرارا من عودة الاستبداد، وميل القومية إلى إعادة تقديم أهوال التاريخ. وبحلول نهاية بابويته، حققت الأحزاب اليمينية انتصارات كبيرة في جميع أنحاء أوروبا، وعاد الرئيس ترامب، الذي شكك فرانسيس في مسيحيته ذات مرة، إلى السلطة.
لكن الكاردينال تشيرني قال إن فرانسيس لم يكن مدفوعا أبدا بالرغبة في إقامة تحالفات بين القادة، بل بالتطلع إلى العالم والتحدث بصوت عال نيابة عن المستضعفين.
وأضاف تشيرني، بحسب التقرير، "إنه لأمر غير عادي حقا، أن يكون لديك هذا الشعور بالواقع الذي يمكن للآخرين الاعتماد عليه". وقال إن موهبة البابا الاستثنائية في التعاطف، وتواصله مع الناس العاديين الذين شعروا بأنه يهتم بمصالحهم، أمرٌ "من غير المرجح أن يمتلكه خليفته".
ونقلت الصحيفة عن الكاردينال أندرس أربوريليوس من السويد، قوله إن التحول في السياسة العالمية جعل صوت فرانسيس ورسالته "أكثر أهمية"، موضحا أنه يأمل أن يكون فرانسيس "قد ساعد الكنيسة على إدراك ضرورة استمرارها في كونها صوت من لا صوت لهم".
وقال الكاردينال أربوريليوس إنه حتى وإن كان من واجب الكنيسة الدفاع عن الضعفاء، "فقد يكون من الأكثر صعوبة القيام بذلك في المستقبل".
بعد ساعات من إعلان الفاتيكان عن وفاة البابا يوم الاثنين، بدأ هذا الشعور بالفراغ يلوح في أذهان أولئك الذين شاركوا البابا مخاوفه، وفقا للتقرير.
وقال بينو كابورالي، 64 عاما، الذي يدير مطبخا خيريا في روما: "لقد فقد الأقل حظا بيننا صوتهم". وكان قد جاء، برفقة مهاجر التقى به في المطبخ، إلى ساحة القديس بطرس بعد إعلان وفاة فرانسيس صباح الاثنين.
وأضاف كابورالي "كان البابا فرانسيس بابا الفقراء والمهاجرين والمسجونين"، لافتا إلى أن وفاته "ستترك فراغا هائلا". واعتبر أنه مع قادة العالم الذين "يزرعون الانقسامات، كان فرانسيس وحيدا في وجه الجميع".
من جهتها، وصفت آمي بوب، المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة، فرانسيس بأنه "منارة للوضوح الأخلاقي، وصوت لا يتزعزع لحقوق المهاجرين وضحايا الظلم". وأضافت أن "إرثه من التعاطف والكرامة الإنسانية يجب أن يظل مصدر إلهام للعالم".
وأعرب أنتوني سيمباتيا، 38 عاما، وهو باحث من أوغندا، خلال رحلة أخيرة إلى الفاتيكان عن قلقه من أن العالم سينسى المهاجرين الذين يموتون وهم يعبرون البحر الأبيض المتوسط للوصول إلى أوروبا بدون فرانسيس. وقال: "لن يدافع عنهم أحد".
لكن رئيس الأساقفة غالاغر قال، وفقا للتقرير، إنه لم يخطئ في تفسير صمت البابا بعد أن أعلن ما وصفه بـ"الأخبار السيئة" على أنه اكتئاب، موضحا أن البابا فرانسيس والكنيسة تقبّلوا النكسات بصدر رحب، تذكيرا بـ"ضآلة حجمنا ومحدوديتنا".
وأضاف أن "البابا فرانسيس نظر إلى النكسات بتفاؤل، كما فعل في كل شيء آخر، باعتبارها لحظات تاريخية". وقال رئيس الأساقفة غالاغر "حسنا، هكذا تسير الأمور حاليا. علينا فقط أن نواصل العمل ونواصل الاجتهاد، ونأمل أن نعيد بناء شيء ما من أنقاض ما يجري".