الإمام إندر جيتين والحاخام إلياس دراي، يزوران المدارس في برلين بشكل منتظم، هل تنتقل هذه التجرية إلى ولايات أخرى؟

إندر جيتين وإلياس دراي، يزوران المدارس في برلين بشكل منتظم منذ حوالي سبع سنوات. أحدهما إمام مسلم والآخر حاخام يهودي. كلاهما يفعل ذلك بشكل منتظم ودائما معا. وهما جزء من برنامج "لقاء من أجل الاحترام/ meet2respect".

مختارات ألمانيا.. تواصل تهديدات بوجود قنابل في مدراس ومقرات إعلامية صدى الصراع في الشرق الأوسط يصل للمدارس الألمانية الحرب في الشرق الأوسط تضع المدارس في ألمانيا أمام تحديات صعبة الرئيس الألماني يزور حاخاما تعرض لبصق وشتائم بالعربية

ولكن منذ الهجوم الوحشي الذي شنته حركة حماس الإرهابية على المدنيين الإسرائيليين قبل شهر، والعملية العسكرية الإسرائيلية التي عقبته في قطاع غزة، تغير كل شيء. يقول جيتين في مقابلة مع DW: "الآن تتم دعوتنا باستمرار   لإطفاء الحرائق  في المدارس،  وكأننا مركز إطفاء تقريبا". ويضيف دراي بأنه كل عشر دقائق تقريبا يتصل شخص ما للاستفسار عن إمكانية حضورهما للمدرسة. هذا الأسبوع، يقومان يوميا بزيارة مدارس في برلين. وفي يوم الأربعاء تمت دعوتهما، من جانب الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير لحضور "طاولة مستديرة" نُظمت على عجل، تناقش موضوع "الحرب في الشرق الأوسط: كيف يمكن أن يسير التعايش السلمي في ألمانيا".

زيارات للمدارس وأهميتها للأطفال

تأسس المشروع في عام 2013 من قبل جمعية غير ربحية في برلين. وقبل ذلك بعام،   تعرض حاخام في برلين للإهانة والضرب  والإصابة في الشارع، في وضح النهار، وذلك أمام عيني ابنته البالغة من العمر سبع سنوات. والآن يزور عدد من رجال الدين   المدارس. وهناك بين الحين والآخر نشاطات أخرى يقومون بها بشكل جماعي. ففي عام 2018، ركب الحاخامات والأئمة، إلى جانب رجال دين آخرين، الدراجات في وسط مدينة برلين، وظهروا جميعا بمزاج جيد. والآن غدا دراي وجيتين صديقين، كما يقولان. أن يقوم رجال الدين بزيارات مدرسية مشتركة، هذا أمر نادر وخاصة في برلين، التي لا يوجد فيها، على عكس بقية الولايات الفيدرالية الأخرى، تعليم ديني في المدرسة، ويتم إهمال موضوع التعليم الديني.

في صيف عام 2018، ركب الحاخامات والأئمة، إلى جانب رجال دين آخرين، الدراجات في مدينة برلين، للتعبير عن أهمية التعايش السلمي في ألمانيا

لكن الأوقات الآن صعبة جدا، ولم يعد ركوب الدراجات بشكل جماعي، أمرا كافيا لشرح أهمية التعايش السلمي في المجتمع. يشرح شتيفان دول، رئيس نقابة المعلمين الألمان، في حديث لـ DW كيف يشكل الإرهاب والحرب القاسية في الشرق الأوسط تحديا للمعلمين، ليس فقط في برلين ولكن في جميع أنحاء ألمانيا. وبطبيعة الحال، فإن هذا الموضوع، ككل الأحداث الكبرى في العالم، يمتد تأثيره حتى إلى "المدارس لأن هناك حاجة للنقاش".

ووفقا لشتيفان دول، فإن الحرب في الشرق الأوسط، وحق دولة إسرائيل في الوجود، والقضية الفلسطينية، وعلى نطاق أوسع مسائل معاداة اليهودية أو معاداة السامية هي موضوعات هامة حتى بين التلاميذ الأصغر سنا. فمثلا "تلميذ في الصف الخامس لم يسمع الكثير بعد عن المحرقة (الهولوكوست). وهذا يعني أن الشباب يفتقرون إلى معرفة أساسية معينة ليتمكنوا من مناقشة الأمور على نفس السوية مثل الأكبر سنا. وهذا ما يصعّب مهمة المعلمين". والتلاميذ من أصول غير ألمانية لم يسبق لهم أن ناقشوا "أشياء معينة" ضمن عائلاتهم.

ويؤكد رئيس نقابة المعلمين أن "هؤلاء الأطفال لا ذنب لهم في ذلك". ويضيف: "إن الأطفال المسلمين، بطبيعة الحال، يميلون إلى أن يقال لهم في العالم الذي يعيشون فيه إن ما تفعله دولة إسرائيل ليس صحيحا، وإن وجودها بحد ذاته يجب أن يكون موضع تساؤل".

ويشير دول إلى دعوة لجمع التبرعات، نظمتها جمعية المساجد التركية ديتيب، لصالح الفلسطينيين في قطاع غزة، والتي استخدمت خريطة "لا تظهر عليها دولة إسرائيل على الإطلاق". وهذا يتناسب مع التصور العام. فمن الصعب بدء مناقشة تنتقد الذات. ويقول المسؤول التربوي: "كلما كان الشباب أصغر سنا، كلما كان الأمر أكثر صعوبة. وكلما كبروا، أصبح من الأسهل التأثير عليهم، وبشكل خاص في الفصل الدراسي". ومن ثم، بدءا من الصف التاسع تقريبا، يتم تغطية الموضوعات ذات الصلة في المواد الدراسية.

الدهشة في الفصل الدراسي

هذا هو العالم الذي يذهب إليه دراي (46 عاما) وجيتين (47 عاما). يقول كلاهما إنهما لم يتعرضا أبدا للإهانة الشخصية أو للانتقاد الشديد خلال اللقاءات في المدرسة. ويقول دراي: "نلتقي أيضا بتلاميذ لم يسبق لهم أن رأوا حاخاما أو حتى شخصا يهوديا". ويتحدث جيتين عن "الدهشة" التي يمكن للمرء أن يسجلها "بالتأكيد" إذا حضر رجلا الدين معا إلى الفصول الدراسية. و"بالنسبة للشباب، يعتبر الإمام دائما مرجعا يحظى بالاحترام".

ومن المهم أيضا لكليهما أن نشاطهما لا يقتصر على مناقشة معاداة السامية في أوساط المسلمين. فهما حتى عندما يحضران إلى   الفصول المدرسية بدون أطفال مهاجرين، فإن هناك حوارات صعبة. يقول الإمام: "الموضوع الآخر هو العنصرية ضد المسلمين". ويتحدث الحاخام أيضا عن ضرورة مكافحة هذه العنصرية ضد المسلمين من أجل بناء مجتمع منفتح.

حجم التحديات التي يواجهها قطاع التعليم الألماني، بعد شهر من الهجوم الإرهابي لحماس، يظهر في الأرقام التي نشرتها الوكالة الاتحادية للتعليم السياسي. فالعديد من المعلمين يبحثون دائما عن المواد التعليمية المناسبة التي أعدتها هذه المؤسسة الاتحادية. ولقد وافتنا الوكالة بجواب على سؤال DW حول كيف تطور الطلب على المنتجات المطبوعة، المتعلقة بموضوع الشرق الأوسط، خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول.

فبالمقارنة مع الأشهر التسعة الأولى من عام 2023، ازداد الطلب بأربعة أمثاله على منشورات مثل: "معاداة السامية الجديدة؟ استمرار النقاش العالمي"، أو "معاداة السامية - أوراق تناقش الموضوع خاصة للفصول الدراسية" أو "الحديث عن إسرائيل. مناظرة ألمانية"، مقارنة بالأشهر السابقة من هذا العام.

شتيفان دول، رئيس نقابة المعلمين الألمان يتحدث عن التحديات الحالية في المدارس الألمانية

زيادة الطلب على المواد التعليمية

كما سجّلت الوكالة الاتحادية للتعليم السياسي "زيادة حادة في الزيارات على موقعها الإلكتروني، فيما يتعلق بمواضيع خاصة بإسرائيل، على خلفية هجوم حماس الإرهابي". وسجلت الملفات الموجودة على الإنترنت حول إسرائيل والصراع في الشرق الأوسط بشكل عام، والتي كانت متاحة قبل 7 أكتوبر، زيادة في أعداد الوصول اليومية بنحو 1500 بالمئة.

وهذا يتوافق مع "صورة مركز الإطفاء" التي تحدث عنها الإمام جيتين. فعندما يصل طلب إلى رجلي الدين، غالبا ما يكون الأمر بسبب صراعات في ساحة المدرسة، أو خلافات حول الصور والحظر الذي يتم فرضه.

هل الدروس المدرسية الفردية كافية؟ يقول جيتين: "إنه أمر مهم". ويضيف: "عندما يأتي الإمام والحاخام وهما أصلا متفاهمان بشكل جيد". ويلتقيان في بعض الأحيان بتلاميذ التقيا بهم سابقا في الفصل قبل ثلاث سنوات أو أكثر، "بعد ذلك نحصل دائما على ردود فعل جيدة"، يقول دراي مضيفا: بفضل ذلك ربما تكون هناك مناقشات "تساعد على ضمان عدم انفجار الوضع في ظل المزاج العام السائد" حاليا.

كريستوف شتراك/ف.ي

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: معاداة السامية في ألمانيا المدارس في ألمانيا الحرب في غزة المدارس في برلين دويتشه فيله معاداة السامية في ألمانيا المدارس في ألمانيا الحرب في غزة المدارس في برلين دويتشه فيله فی الشرق الأوسط معاداة السامیة فی برلین

إقرأ أيضاً:

رئيس الوزراء: التحول من الدعم العيني إلى النقدي ملف تم توجيهه للحوار الوطني للوصول إلى قرار بشأنه والحكومة ملتزمة بتطبيق ما سيتم التوصل إليه من توصيات وقرارات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

عقّب الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، على ما قدمه المفكرون وأصحاب الرأي، خلال اللقاء الذي انعقد اليوم بمجلس الوزراء بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمناقشة عدد من القضايا المثارة على الساحة، وذلك بحضور الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج.

 وفي مستهل تعقيبه على الشق السياسي الذي تم طرحه في اللقاء، قال الدكتور مصطفى مدبولي: إن المنطقة والظروف التي يمر بها العالم يختلف كل عصر في أسلوب إدارته وأسلوب التعامل معها طبقا لمعطياته، وهناك أجيال تتحدث عن فكرة الريادة، إلا أن الواقع الحالي يشير إلى فكرة قيام التحالفات والشراكات والمصالح الخاصة بالدول، وكيفية التعامل مع بعضها البعض، وكانت مشكلتنا في العالم في مرحلة ما أن هناك فكرة القطب الواحد، والآن أصبح هناك عدد من موازين القوى، مثلما حدث في بدايات القرن العشرين تماما، وخريطة العالم تروي سقوط امبراطوريات بالشكل التقليدي مثل البريطانية، والفرنسية، والعثمانية، وغيرها، لتبدأ بعد ذلك خريطة تتشكل من جديد، وتصبح لدينا قوى جديدة، والأمر لم يعد احتلالا عسكريا كما كان الوضع سابقا، بل اتخذ شكلا مغايرا في التأثير بافكار كثيرة أخرى.

وأضاف رئيس الوزراء: التغيير الذي طال منطقتنا بدأ يحدث فعليا منذ تغيير نظام الحكم في إيران في أواخر حقبة السبعينيات من القرن الماضي، وتلا ذلك اندلاع الحرب العراقية الإيرانية، ثم حرب الخليج وغزو العراق، مرورا بفترة الثورات التي أطلق عليها الربيع العربي في 2011، وبصرف النظر عن الأفكار والنوايا، فقد تم تغيير شكل وموازين القوى بالكامل في المنطقة، بغية وصول هذه المنطقة إلى حالة من الضعف والتفكك، وأن تكون هناك أجندات معينة  تحاول أن تفرض نفسها بأفكار وأطروحات على هذه المنطقة.

التعلم من الماضي

 وأكد الدكتور مصطفى مدبولي أنه يتفق مع جميع الآراء التي تشير إلى أن مصر هي الدولة الوحيدة، بتوفيق من الله، ثم بنوع من الحكمة والرشد في اتخاذ القرارات، التي لم تنزلق إلى هذه المعطيات، ولا نكرر بعض الأخطاء التي وقعت في الاندفاع لبعض المغامرات التي كلفت الدولة الكثير والكثير في مراحل سابقة بدون إعطاء أمثلة؛ فنحن الآن في مرحلة بناء دولة قوية، رغم أنه يظل دور مصر المحوري خارجيا مهما للغاية، إلا أنه من المهم أيضا بناء الداخل، حيث إن الدولة المصرية عانت كثيرا من التحديات والمشكلات على مدار عدة عقود، ولا سيما منذ حرب 1967، والتي كانت لها تداعيات كثيرة تراكمت حتى هذه اللحظة، ولا نزال نتعامل مع آثارها حتى الآن.

التحدي الأكبر
    وأضاف رئيس الوزراء في السياق نفسه أن التحدي الأكبر كان هو أن أبني دولة مع دفع عجلة الاقتصاد مع عدم وجود حجم طاقة كاف، أو كميات مياه كافية، أو بنية أساسية كافية، أو طرق ومحاور، ولا يمكن في حينها الحديث في هذه الظروف عن جذب الاستثمار وأخطط لبرامج تنمية في دولة عانت على مدار عقود طويلة من مشكلة الزيادة السكانية، التي قد تتفق أو تختلف معي الآراء بأنها مشكلة وكانت هذه الزيادة تسبق بمعدلاتها معدلات التنمية، حتى أفرزت أوضاعا لتنمية غير مخططة، حتى كان الشكل الأغلب في المدن والقرى غير مخطط، واليوم نحن مطالبون بإصلاحها وفي نفس الوقت، لا نكرر نفس الخطأ بأن نترك الزيادة السكانية تتسبب في خلق كيانات غير مخططة، وعلينا بالتالي أن نعمل على الشقين؛ ننتهي من حل المشكلات القديمة في هذا الشأن، وفي نفس الوقت نخطط ونبني الجديد.

تراكم المشكلات

 وأضاف في السياق نفسه: التحدي الذي واجهنا هو أن تراكم المشكلات والتحديات فرض على الدولة أن تُسرع في إنجاز جميع الملفات في وقت واحد؛ من أجل تعويض تأخر وتراكم التعامل مع الكثير من المشكلات ومحاولة حلها في فترة زمينة بسيطة، وذلك كله وسط ظروف خارجية شديدة الصعوبة.

 وفسر رئيس الوزراء رده على أصحاب الفكر بشأن تركيز الحكومة على البنية الأساسية وعدم تركيزها في البداية على قطاعي الصحة والتعليم، مشيرًا إلى أن الدولة عملت على تحسين البنية التحتية في بادئ الأمر، بعد أن وصلت إلى مرحلة من التدهور والترهل لم يكن من الممكن معها أن تتحمل الدولة أكثر من ذلك في هذا الشأن.

 وتطرق رئيس الوزراء في حديثه عن هذه النقطة إلى القول بأن أحد أسباب نمو الدول المتقدمة هو الاعتماد على وسائل المواصلات العامة وصديقة البيئة وليس الاعتماد على السيارات الخاصة، موضحًا أن مصر كانت متأخرة للغاية في هذا المجال في مدينة كان عددها يتراوح بين 2 إلى 3 ملايين نسمة وأصبح عددها الآن يزيد على 22 مليون نسمة وبالتالي لكي تتحرك داخل هذه المدينة لابد من خلق وسائل نقل جماعي كثيرة من خطوط متعددة، ومترو الأنفاق، وقطارات مكهربة، ومونوريل، بل أكثر من مونوريل، وهذا كان مخططا له في السابق منذ 40 عامًا، وبالتالي كلما نتأخر تتفاقم المشكلة بشكل أكبر.

شرايين التنمية

واستطرد الدكتور مصطفى مدبولي: كان من اللازم التحرك في هذه الملفات لأنها هي التي تفتح شرايين التنمية في البلاد، فبعد أن كان المصريون يعيشون على 4 أو 5% من مساحتها بسبب عدم وجود شرايين يمكن من خلالها تحريك هؤلاء السكان، في المقابل اليوم تبلغ نسبة الجزء المعمور ما يزيد على 12%.

 وأوضح رئيس الوزراء في هذا الصدد أن حلم رئيس الوزراء الراحل الدكتور/ كمال الجنزوري عندما تولى مسئولية وزارة التخطيط أن تكون نسبة مساحة المعمور في مصر من 15% إلى 20%، مشيرًا إلى أننا اليوم بعد الانتهاء من المشروعات التي نعمل عليها الآن ستتجاوز نسبة المعمور الـ 15%، مضيفًا أن زيادة النسبة تتطلب بالطبع مئات المليارات من الجنيهات؛ من أجل تنفيذ مشروعات التنمية التي تسهم في زيادة مساحة المعمور.

 الصحة والتعليم 

واستكمل حديثه بالتطرق إلى  قطاعي الصحة والتعليم، وقال: إلى جانب ذلك عملت الحكومة أيضًا على ملفي التعليم والصحة، وعلى الرغم من المشكلات التي لا تزال تواجه قطاع التعليم إلا أن خريجي الجامعات المصرية على درجة عالية من الكفاءة ومطلوبون في سوق العمل العالمية بما فيها الدول المتقدمة، ونعلم جميعًا كفاءة خريجي كليات الطب في الجامعات الحكومية، وكذا الريادة التي يحققها المصريون في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالخارج، مشيرًا في هذا الصدد إلى أنه مثلًا تعلم شخصيا في مدارس حكومية وتخرج في جامعة حكومية وحصل مثل الكثيرين على منح للدراسة في الخارج.

 كما أكد الدكتور مصطفى مدبولي أن المسئولين في قطاع الاتصالات بالدول المحيطة هم من المصريين، ونحن بحاجة إلى تطوير التعليم ما قبل الجامعي وهو تحد كبير للغاية، فالمشكلة ليست في بناء المدارس فقط، علماً بأن تكلفة الفصل الواحد تتجاوز مليون جنيه، وبالتالي تكلفة المدرسة تساوي حاصل ضرب إجمالي عدد الفصول في تكلفة الفصل، لكن السبب الاساسي والأهم هو المعلم، حيث إن تحدي زيادة عدد الطلاب والعمل على تقليل الكثافات الطلابية في الفصول يحتاج إلى توفير عدد كبير من المعلمين، وذلك نتيجة التأخير في إنشاء وتنفيذ المنشآت التعليمية الكافية التي كانت تتواكب مع تسارع الزيادة السكانية، بالإضافة إلى تأهيل وتدريب المعلمين.
  

دولة حقيقية ومتقدمة

 وفي الإطار نفسه، أكد رئيس الوزراء أن هذا الملف يمثل أولوية قصوى للدولة والحكومة، مشيراً إلى أن التحول وإنشاء دولة حقيقية متقدمة لا يحدث خلال بضع سنوات قليلة، فكل التجارب التي تسمي النمور الآسيوية، مثل : كوريا ، وماليزيا، واليابان، وسنغافورة، أقل تجربة منها طبقا لعدد سكانها القليل استغرقت سنوات؛ فسنغافورة مثلا  تعداد سكانها يصل إلى 5 ملايين وقد احتاجت أكثر من 20 عاما حتى تتحول من دولة متأخرة إلى دولة متوسطة المستوى، وكذلك  ماليزيا احتاجت أكثر من 20 عاما، وكوريا أكثر من 30 عاما، والصين وهذه التجربة العظيمة تم تنفيذها في أكثر من 70 عاما، مضيفاً أن تجربة مصر تحتاج الوقت والفرصة الكاملة حتى تصل إلى الدولة التى يحلم بها كل مصري، فالدولة لديها القدرة والإرادة لتنفيذه، وهذه الافكار كانت موجودة وتمت مناقشتها قبل 2011، لكن لم تكن هناك قدرة وإرادة لتنفيذ هذه الأفكار، هناك أفكار كثيرة وفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، لديه القدرة والإرادة لتنفيذها، وهو ما يحدث حاليا، حتى وإن كانت هناك بعض المعوقات أو التحديات أثناء التنفيذ وهو أمر وارد وطبيعي أن يحدث، إلا أن نسبة التنفيذ وصلت إلى ما يتراوح بين 70%- 75% ولذا فهي تجربة إيجابية للبناء على هذه النسبة ومعالجة السلبيات.

خطط واستراتيجيات

 كما أشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن الدولة المصرية تتحرك نحو تنفيذ كل الخطط والاستراتيجيات الموضوعة من قبل لعدم وجود رفاهية الوقت بإعادة التخطيط من البداية، وهذه هي مشكلة مصر منذ عصر الفراعنة، كل ملك أو فرعون كان يقوم بإزالة اسم الفرعون أو الملك السابق ويضع اسمه حتى يصبح صاحب الإنجاز، وكل ما نقوم به الآن هو العكس، فنحن نقول إن هناك خططا ومحاولات جيدة جداً في السابق نبني عليها مثل مشروع شرق بورسعيد، ومشروع توشكى.

 وأضاف رئيس الوزراء: من الممكن أن توجد أخطاء في ذلك النهج ولكن يتم تصحيحها أثناء المسار، وهذا ما قامت به الدول الأخرى؛ فقد استمرت الصين بعد ما قررت تغيير تجربتها منذ أواخر السبعينيات وتبدأ في تصحيح الأوضاع، وهذا ما مكنها من الوصول لمكانتها الحالية بعد أكثر من 50 عاما.

 وفي السياق نفسه، تابع رئيس الوزراء: هذا ما أؤكد عليه، فالدولة اليوم تعمل بهذا النهج، ولكن التحدي الأكبر يتمثل في أن الظروف التي شهدتها فترة السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي كانت توفر فرصة من حيث الاستقرار، ولكن اليوم حجم التحديات أكبر وأعظم، والضغط واضح تماما على مصر والمنطقة والعالم كله.

بناء الداخل

 وأضاف الدكتور مدبولي: نحن نمضي اليوم ونواجه أكثر من تحد، ونعمل على بناء الداخل لكي نصبح قوة ذات تأثير وقادرين على تحقيق مصالحنا في دولة لا تريد أن يكون لها أحلام أو توسعات على حساب دول أخرى، ولكن على العكس تماما، نحن نريد أن تتقدم مصر وتتقدم الدول المحيطة أيضا، وهذه العقيدة موجودة في مصر ولن تتغير.
 واستطرد: ولكن هذا هو التحدي الأكبر؛ كيف تبني دولة وتستمر على النهج المتبع في الوقت الذي يشهد فيه حجم تحديات وعدم يقين بدرجة كبيرة وهو ما شهدته الفترة السابقة.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي: قبل جائحة كورونا كانت مستويات النمو في مصر تبلغ 5.6%، ولكن جاءت الصدمات الخارجية المتعاقبة، وأدت إلى مشكلات كبيرة جدا، ونحن اليوم كدولة نتعامل مع تلك المشكلات بقوة.

سد النهضة

 وتطرق رئيس الوزراء إلى ملف سد النهضة، لافتا إلى إعلان هذا المشروع صراحة في شهر أبريل من عام 2011 وبدء خطواته التنفيذية بعد ذلك في ظل معطيات وظروف مصر التي نعلمها جميعا في هذا التوقيت.

  وقال: نحن حريصون كدولة على معطيات الإقليم وعلاقاتنا مع كل الدول، وكنا نعمل على كيفية الوصول إلى التعامل مع هذا المشروع، مؤكدا أن مصر ليست ضد التنمية، وإنما ضد أي شيء يؤثر سلبيا على مصر، فلقد تعاملنا مع هذا السد في ضوء تلك المعطيات والثوابت، وحتى هذه اللحظة نجحنا أن نجعل هذا المشروع يكون بأقل الأضرار على مصر في ضوء المشروعات الأخرى التي قمنا بها، ولكن التحدي الذي نذكره والذي ذكره وزير الخارجية، والأساس بالنسبة لنا هو حماية حصة مصر المعروفة في مياه النيل والحفاظ عليها، وبالتالي فأي معطيات جديدة من شأنها أن تؤثر على هذه الحصة، وسيكون للدولة المصرية توجه آخر تماما وبالتالي نحن نتحرك في إطار هذا النهج بكل المعطيات الدبلوماسية والفنية وغيرها.

   ارتفاع الأسعار

وبالنسبة للشأن الداخلي، أشار رئيس الوزراء إلى زيادات الأسعار في الفترة الماضية والثمن السياسي لها، وقال: لقد تعاملنا مع صدمات خارجية هائلة أدت إلى مشكلات تضخم الأسعار وزياداتها، ولو كانت هذه الأزمة مؤقتة كان يمكن أن تتحمل الدولة هذا الأمر دون تصديره للمواطنين، فهناك دول أخرى من الدول المتقدمة تُمرر كل شيء على المواطن، حيث يتم إدارة الدولة كمؤسسة اقتصادية، موضحًا أن بعض الدول الأوربية على سبيل المثال بدأت تصيغ برامج إعانة عبر إعطاء المواطن مبلغا معينا كشكل من أشكال الدعم، في مقابل الزيادات التي تحدث في أسعار السلع والخدمات.  
 وأضاف: ما حدث في مصر هو أننا خلال أزمة جائحة "كورونا" تعاملنا مع الأمر على أنه أزمة مؤقتة ولم نتجه إلى زيادة الأسعار، وبعد ذلك واجهنا تبعات الأزمة الروسية الأوكرانية، وكان من تداعيات هذه الحرب على سبيل المثال، ارتفاع أسعار القمح من 230 دولارًا إلى 540 دولارًا.

 الاكتفاء الذاتي

وقال الدكتور مصطفى مدبولي، ردًا على ما عرضه أحد المفكرين بشأن حلم تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح،: كيف لدولة أن تحقق الاكتفاء الذاتي من القمح وهي تستورد أكثر من 50% على الأقل من احتياجاتها منه، وهو ما يحمل الدولة فاتورة ضخمة، مشيرًا إلى أن الدولة كان من الممكن أن تتحمل هذه الفاتورة على أمل أن تكون هذه الأزمة عابرة، لكن إذا كانت الأزمة تتفاقم على مدار 4 أو 5 سنوات ، فإن الأمر مختلف.

 وتابع: لا تزال الدولة تتحمل النسبة الأكبر من تكلفة الخدمات المُقدمة للمواطن مقابل تمرير جزء من هذه التكلفة في هذا الشأن، مستعرضًا في هذا الصدد الجهود الكبيرة المبذولة في تنفيذ المشروعات المختلفة بالمبادرة الرئاسية "حياة كريمة" لتطوير الريف المصري، حيث يتساءل البعض على تأثير هذه المشروعات على القرى، لافتًا إلى أن مشروعات الصرف الصحي التي يتم تنفيذها ضمن المبادرة الرئاسية وحدها تعد انجازا إلى جانب عدد آخر مهم من الخدمات المُقدمة، مشيرًا إلى أن سكان القرى التي لم تصل إليهم خدمات مشروع المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" يطلبون تعجيل تنفيذ المشروعات في قراهم في أقرب وقت، خاصة مشروعات الصرف الصحي التي تمثل أهمية كبرى بالنسبة للقرى.

 وتطرق رئيس الوزراء إلى أن عددا كبيرا من الأمراض في الريف المصري كان سببها أن لدينا مشاكل كبيرة في هذا الشأن فيما يتعلق بالصرف الصحي، ونعمل على بذل المزيد من الجهود لحل هذه المشكلات التي تتعلق بالمواطن المصري، مشيراً إلى أنه فيما يتعلق بملف التعليم، فإن التعامل مع هذا الملف يحتاج إلى المزيد من الوقت، لافتا إلى ما تم من تحرك في هذا الشأن، والذي تضمن العمل على تحديث المناهج، منوها إلى جهود الوزير الأسبق الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، فيما يتعلق بتطوير وتحديث المناهج، قائلا: مستمرون في أعمال تطوير المناهج، جنبا إلى جنب تطوير أداء المعلمين، واعطائهم المزايا المالية التي تشجعهم على العمل"، مضيفاً: تتضمن الجهود التعامل مع مشكلة كثافات الفصول، مؤكدا أن التعامل مع مكونات ملف التعليم شديد التركيب والتعقيد، وأن هناك جهودا كبيرة يتم بذلها حالياً وتحرك على الأرض لأحداث مزيد من التحسن في هذا الملف.

 وأشار رئيس الوزراء إلى أن كثافة الفصول على سبيل المثال في المرحلة الثانوية العامة في عام 1983 وصلت إلى أكثر من 40 طالبا، وحينها كان عدد سكان مصر أكثر من 40 مليون مواطن، واليوم نعمل على تطبيق العديد من الإجراءات خارج الصندوق سعيا إلى أن يصل متوسط عدد الطلاب بالفصل إلى 50 طالب، على الرغم من أن عدد السكان حالياً وصل إلى أكثر من 110 ملايين مواطن.

 وأكد رئيس الوزراء أهمية الاستمرار في تطوير وتحديث المناهج، وخاصة ما يتعلق بالرسائل الواجب إرسالها للتلميذ والطالب المصري من خلال العديد من المواد الدراسية، كمادة التاريخ، والتربية الوطنية، لافتا إلى دور القامات الفكرية مثلكم في ضرورة التوجيه بالخطوات الواجب تنفيذها في هذا الشأن.

 وفيما يتعلق بملف الدعم والتحول من الدعم العيني إلى الدعم النقدي، أشار رئيس الوزراء إلى أن هذا الملف تم توجيهه للحوار الوطني للوصول إلى قرار بشأنه، مؤكداً التزام الحكومة بتطبيق ما سيتم التوصل إليه من توصيات وقرارات بخصوص هذا الملف، لافتا إلى أن الشكل المطبق به ملف الدعم حاليا غير مقبول، قائلا : الدولة على استعداد لضخ المزيد من الأموال الموجهة لملف الدعم، ولكن لابد أن نضمن أنه موجه للمستفيدين الحقيقيين من الطبقات الفقيرة والمتوسطة، المستحقة للدعم.
وفيما يتعلق بقانون الإجراءات الجنائية، قال رئيس الوزراء إن أضلاع مثلث قانون الإجراءات الجنائية يتمثل الضلع الأول النيابة العامة والدولة والأجهزة التنفيذية، والضلع الثاني هو المواطن الذي يدخل في حيز الاتهام ومعه محاميه، والضلع الثالث هو القضاء، مضيفا أن قانون الإجراءات الجنائية في البرلمان يتم مناقشته في جلسات مغلقة وذلك في وجود جميع الأطراف؛ حتى نصل إلي التوافق في هذا الموضوع.
  وفي ختام تعقيبه، أكد الدكتور مصطفى مدبولى تحرك الدولة في جميع القطاعات، وأن الحكومة تسعى في هذه المرحلة إلى بناء الدولة لكي تكون دولة قوية بكل ما تعنيه الكلمة، فنحن لا نحاول أن نهمل الوضع الخارجي لكن المعطيات تختلف والدولة لديها أشكال أخرى في التعامل مع هذا الملف لتحقيق الهدف الأسمى وهو مصلحة الوطن فى هذا الاقليم شديد التعقيد.

  وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي: الدولة المصرية تهتم جداً بالثقافة كقوة ناعمة، مشيراً إلى محاولة مصر الرجوع إلى الريادة في هذا المجال، مشيرا إلى أن جميع الفعاليات التي مازالت تُنظم في الدول الأخرى يقوم بتنفيذها وإحيائها الفنانون والمثقفون المصريون وهو ما يعكس الدور المصري الذي لا يزال موجودا لكن يحتاج إلى تطوير.

مقالات مشابهة

  • حرب لبنان الثالثة
  • باحثة سياسية: الولايات المتحدة الأمريكية هي التي تسير الأمور في الشرق الأوسط
  • سببه حادثة قتل قديمة.. نزاع عشائري عنيف يتسبب بحرق منازل جنوبي العراق
  • "التعليم": 14 مدرسة للتكنولوجيا التطبيقية واليابانية بسيناء ومدن القناة
  • مصنع لتصدير الكفاءات لسوق العمل.. مدارس التكنولوجيا التطبيقية لدعم القطاع الصناعي
  • النفط يرتفع مع تفاقم توترات الشرق الأوسط
  • رئيس الوزراء: التحول من الدعم العيني إلى النقدي ملف تم توجيهه للحوار الوطني للوصول إلى قرار بشأنه والحكومة ملتزمة بتطبيق ما سيتم التوصل إليه من توصيات وقرارات
  • ديفيد هيرست: الفوضى التي تبثها إسرائيل في الشرق الأوسط ستعود لتلاحقها
  • الخارجية الروسية: واشنطن مسؤولة بشكل مباشر عن التطورات في الشرق الأوسط
  • ارتفاع أسعار النفط مع تصاعد الهجمات في الشرق الأوسط