رام الله- تمتلك عشرات العائلات الفلسطينية من قرية "كَرْمة" جنوبي الضفة الغربية مئات الدونمات من الأراضي المزروعة بأشجار الزيتون، لكنها تحاذي مستوطنة "عتنئيل" الإسرائيلية المقامة على أراضي البلدة جنوبا. وخلافا لسنوات سابقة، لن تستطيع العائلات جني محصولها هذا العام، والحصول على الزيت.

وعادة، يعتمد السكان على مساعدة ناشطين ومتضامنين أجانب في جني الثمار بمثل هذا الوقت من كل سنة، وبمساعدة اللجنة الدولية للصليب الأحمر وتنسيقها في الحصول على الموافقات اللازمة من قبل الاحتلال، وفق تصريح الناشط المحلي معاذ عواودة للجزيرة نت.

لكن الوضع مختلف هذا العام، وتحديدا منذ إطلاق الفصائل الفلسطينية معركة "طوفان الأقصى" وبدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث يمنع الاحتلال أصحاب الأراضي من الاقتراب منها، في حين لم تتمكن اللجنة الدولية للصليب الأحمر من إجراء تنسيق لتمكين السكان من قطف ثمار زيتونهم.

مستوطنون يحرقون أشجار الزيتون قرب مفرق جيت غرب نابلس. pic.twitter.com/9TiIRHu25Y

— وكالة شهاب للأنباء (@ShehabAgency) November 2, 2023

تطهير أمني

يضيف عواودة أن مستوطنين مسلحين استولوا على قطعة أرض لأهالي القرية قبل شهور، ثم امتدت اعتداءاتهم إلى إطلاقهم النار على المزارعين كلما اقتربوا من أراضيهم البعيدة مئات الأمتار عن المستوطنة.

وبالتزامن مع منع وصول المزارعين إلى أراضيهم، تدرس الحكومة الإسرائيلية اعتبار تلك الأراضي مناطق "أمنية" يحظر على الفلسطينيين دخولها، بما فيها الأراضي التي اقتطعها الجدار العازل، واعتاد أصحابها الحصول على تصاريح خاصة للوصول إليها.

وطالب وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش هذا الأسبوع، رئيس حكومته بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن يوآف غالانت، بمنع الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة من قطف الزيتون، وبإنشاء "مناطق أمنية مُطهرة من الفلسطينيين" في محيط المستوطنات والطرق التي يسلكونها، وبمنع العرب من الوصول إلى أراضيهم.

وتعليقا على خطط سموترتيش، يقول مدير التوثيق والنشر في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الحكومية الفلسطينية أمير داود، إن الموضوع يندرج ضمن مساعي استكمال مخططات السيطرة على الضفة الغربية المعلنة من قبل الحكومة الإسرائيلية "وهي عملية مستمرة ولم تتوقف".

الجدار العازل يقسم أراضي الفلسطينيين ويلتهم آلاف الدونمات منها (الجزيرة) سيطرة جغرافية

يقول داود إن حكومة الاحتلال وجمهور المستوطنين يستغلون حالة الحرب والطوارئ بالإمعان في تنفيذ المخططات التي تهدف إلى السيطرة على المفاصل الجغرافية في الضفة بتعزيز حالة التكتلات الاستيطانية والشوارع الالتفافية التي تحدث تواصلا جغرافيا بين المستوطنات.

وأكد أن تلك السيطرة تؤدي بالضرورة إلى عزل الوجود الفلسطيني في المدن والقرى والتجمعات في تجمعات محاصرة ومحاطة بالاستيطان والشوارع الالتفافية. وأن فكرة "المناطق الآمنة" مسمى مختلق، لكن تنفيذه على أرض الواقع لا يختلف عن فكرة المصادرة وإحكام القبضة على مفاصل الضفة الغربية.

وبيّن داود أن مساحة نفوذ المستوطنات تقدر بنحو 519 كيلومترا مربعا، في حين تقدر مساحة المستوطنات نفسها بقرابة 155 كيلومترا مربعا.

وذكر أن مساحة الأراضي التي تحيط بالمستوطنات، ويُمنع الفلسطينيون من دخولها الآن والمسماة مناطق أمنية، تناهز 134 ألف دونم (الدونم يساوي ألف متر مربع).

ووفق تعريف هيئة شؤون الجدار، فإن مناطق نفوذ المستوطنات "هي تلك المساحة الجغرافية التي تحدد الحدود الخارجية للمستعمرة الإسرائيلية المقامة على أراضي المواطنين، وتخصص لصالح المستوطنات أو البؤر الاستيطانية لغرض توسيعها مستقبلا".

عدد المستوطنات في الضفة الغربية يبلغ 176 مستوطنة (الجزيرة) إجراءات استعمارية

وعادة تتزايد اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين في موسم الزيتون، ووصلت هذا العام إلى حد توزيع منشورات تُخيرهم بين "نكبة جديدة" أو الرحيل إلى الأردن، وقُتل مزارع برصاص المستوطنين بينما كان يقطف الزيتون شمالي الضفة.

ووفق تقارير هيئة الجدار، يقدر إجمالي مساحة الأراضي الخاضعة لإجراءات استعمارية إسرائيلية بما في ذلك خضوعها لسلطة جيش الاحتلال بنحو 68.7% من مساحة المنطقة المصنفة "ج" وفق اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل.

وتشكل هذه المنطقة قرابة 61% من مساحة الضفة الغربية، وتخضع لسيطرة إسرائيلية كاملة، ولا دور للسلطة الفلسطينية فيها.

وتشير معطيات الهيئة إلى تجريف وتخريب 8232 شجرة زيتون في النصف الأول من 2023، و10291 شجرة زيتون طوال عام 2022.

ووفق المصدر نفسه، فإن عدد المستوطنات في الضفة الغربية يبلغ 176 مستوطنة، إضافة إلى 186 بؤرة استيطانية، يسكنها نحو 726 ألف مستوطن، فضلا عن 593 حاجزا عسكريا دائما أو مؤقتا، و52 موقعا خدماتيا وصناعيا للمستوطنين و145 موقعا عسكريا أو كلية عسكرية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الضفة الغربیة فی الضفة

إقرأ أيضاً:

الرئاسة الفلسطينية تُسلط الضوء على جرائم الاحتلال في الضفة الغربية

أصدرت مؤسسة الرئاسة الفلسطينية، اليوم الثلاثاء، بياناً أدانت فيه العدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني.

اقرأ أيضاً.. عدوى النيران تنتقل إلى نيويورك.. إصابة 7 أشخاص في حريق هائل

إيران تمد يدها بالسلام لترامب في ولايته الثانية رئيس الوزراء العراقي لـ ترامب: لن نسمح بالتدخل في شئوننا

وكان آخر هذه الاعتداءات ما قام به المُستوطنون بحماية جيش الاحتلال ضد سكان قرى الفندق وجينصافوط واماتين في محافظة قلقيلية.

وجاء ذلك مترافقاً بوضع جيش الاحتلال العديد من الحواجز العسكرية والبوابات الحديدية على مداخل المدن والقرى، بهدف تقطيع أوصال الضفة الغربية.

وأشار الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة إلى أن هذه الجرائم التي ترتكبها ميليشيات المستوطنين الإرهابية وجيش الاحتلال تأتي كجزء من استمرار حرب الإبادة التي تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، مستهدفةً مقدساته، وممتلكاته.

وأضاف قائلاً إن الحكومة الإسرائيلية اليمينة المتطرفة تحاول جر الضفة الغربية إلى مواجهة شاملة من خلال هذه الحرب الصامتة التي تنفذها، بهدف التصعيد، وخلق مناخ للعنف والتوتر، معتبرا أن قرار الغاء العقوبات على المستعمرين يشجعهم على ارتكاب المزيد من هذه الجرائم.

وتابع أبو ردينة "نطالب الادارة الأميركية الجديدة بالتدخل لوقف هذه الجرائم والسياسات الإسرائيلية التي لن تجلب السلام والأمن لأحد".

وأكد أن الطريق الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار هو تطبيق قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية كأساس لحل القضية الفلسطينية، وتجسيد قيام الدولة الفلسطينية، بعاصمتها القدس الشرقية.

اليمين الإسرائيلي، وخاصة الأحزاب المتشددة داخله، يضع العديد من العراقيل أمام إتمام عملية السلام مع الفلسطينيين، وذلك من خلال سياسات ومواقف تتعارض مع مبادئ الحلول التفاوضية. إحدى أبرز العراقيل تتمثل في رفضهم القاطع لفكرة إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، حيث يعتبرون الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، جزءًا من "أرض إسرائيل التاريخية" التي لا يجوز التخلي عنها. هذا الموقف يعوق أي تقدم نحو حل الدولتين، الذي يُعتبر الأساس للسلام في نظر المجتمع الدولي.

علاوة على ذلك، يُشكّل التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس الشرقية عائقًا كبيرًا أمام السلام، حيث يدعم اليمين الإسرائيلي بناء المستوطنات وتوسيعها بشكل مستمر. 

هذه السياسات تقطع أوصال الأراضي الفلسطينية، مما يجعل من الصعب إقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافيًا وقابلة للحياة. كما يسعى اليمين إلى فرض قوانين تجعل من الصعب إعادة الأراضي المحتلة للفلسطينيين في أي مفاوضات مستقبلية.

بالإضافة إلى ذلك، هناك توجهات متشددة في التعامل مع الفلسطينيين، تشمل فرض إجراءات أمنية صارمة، وهدم المنازل، وتهجير السكان من بعض المناطق، خاصة في القدس. هذه الممارسات تزيد من التوترات وتضعف الثقة بين الجانبين. كما يرفض اليمين عودة اللاجئين الفلسطينيين أو حتى مناقشة هذا الملف، مما يعمق الفجوة بين الطرفين. أخيرًا، تُظهر التصريحات المتكررة لبعض قادة اليمين رفضًا لأي تدخل دولي أو مبادرات سلام خارجية، مما يعزل العملية السياسية ويضعف فرص التوصل إلى تسوية شاملة.

مقالات مشابهة

  • الخارجية الفلسطينية: نقل الصراع من غزة إلى الضفة الغربية يسبب "فوضى شاملة"
  • العدو الصهيوني يحرق عدداً من منازل الفلسطينيين في مخيم جنين شمالي الضفة الغربية
  • إسرائيل تحرق منازل الفلسطينيين في جنين بالضفة الغربية
  • أرقام صادمة لعدد الحواجز والبوابات التي تحاصر الفلسطينيين في الضفة
  • المقاومة الفلسطينية الجدار: 898 حاجزا عسكريا وبوابة تحاصر الفلسطينيين في الضفة
  • أرقام صادمة لعدد الحواجر والبوابات التي تحاصر الفلسطينيين في الضفة
  • 898 حاجزًا عسكريًا وبوابة تحاصر الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة
  • حصار متصاعد.. 898 حاجزًا إسرائيليًا يعيق حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية
  • الرئيس اللبناني: متمسكون بانسحاب إسرائيل من كل الأراضي المحتلة
  • الرئاسة الفلسطينية تُسلط الضوء على جرائم الاحتلال في الضفة الغربية