هل تخسر إسرائيل الحرب ضد "حماس"؟
تاريخ النشر: 9th, November 2023 GMT
قال جون ألترمان، نائب رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، إن غالبية المناقشات الدائرة عن الحرب في غزة تفترض أنَّ إسرائيل ستنتصر في النهاية. فاحتمالات انتصارها عالية جداً، وتفوقها على حماس كبير جداً حتى أنه لا يمكن لأحد أن يتصور أي نتيجة سوى النصر. والأسئلة الوحيدة تتعلق بتوقيت النصر وثمنه.
يمكن أن تخسرها في خضم جهودها الحثيثة للفوز بها
ومع ذلك، يضيف ألترمان، الذي يشغل حالياً منصب مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن العاصمة، في تحليل نشره المركز البحثي الأمريكي "من المحتمل جداً أن تكون الحرب في غزة هي الأولى التي يخسرها الجيش الإسرائيلي.
وستكون هذه الخسارة كارثية لإسرائيل ومدمرة للولايات المتحدة".
لطالما تجنب الجيش الإسرائيلي التاريخ المتقلب الذي ابتليت به الولايات المتحدة عسكريّاً منذ بدء حرب فيتنام التي حققت بعدها نتائج متخبطة. فقد أنهى الجيش الأمريكي الاشتباكات في لبنان والصومال وهايتي دون انتصارات واضحة.
وكانت حروب ما بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) في العراق وأفغانستان ومنطقة الحدود السورية العراقية جهوداً جادة تدعمها موارد قوية، غير أن سنوات من القتال ومليارات الدولارات وآلاف القتلى الأمريكيين أخفقت في تأمين النصر.
ويجادل الإسرائيليون أحياناً بأن لا مقارنة بين حروب البقاء التي يخوضونها على حدودهم والاشتباكات الأمريكية المترامية الأطراف. وهم يقولون إن الجمهور في إسرائيل متضامن مع الجيش بشأن قضية الوجود المصيرية، في حين أن هناك وجهات نظر متضاربة في الغرب. ولكن، ماذا لو كان الدرس المُستفاد من الولايات المتحدة هو أنه حتى الخصوم الضعفاء بوسعهم صد القوى العتيدة بالإستراتيجية السليمة؟ مفهوم حماس للنصر العسكري
وأوضح الكاتب أن مفهوم حماس للنصر العسكري يكمن في تحقيق نتائج سياسية طويلة الأجل. فلا ترى حماس أن النصر سيتحقق في عام واحد أو حتى خمسة أعوام، لكنه سيتحقق بالمشاركة لعقود في النضال الذي يعزز التضامن الفلسطينيّ ويزيد عزلة إسرائيل.
وفي هذا السيناريو، تحشد حماس السكان المحاصرين في غزة حولها، وتساعد على انهيار السلطة الفلسطينية محاولة إظهارها في عيون الفلسطينيين على أنها داعم عاجز للسلطة العسكرية الإسرائيلية. وفي الوقت نفسه، ينحاز الجنوب العالمي بقوةٍ إلى القضية الفلسطينية، وتشمئز أوروبا من الاعتداءات الإسرائيلية، ويُثار نقاش أمريكي عن إسرائيل يُطيح بدعمٍ الحزبين الرئيسيين الأمريكيين الذي تمتعت به إسرائيل منذ السبعينيات.
وقال الكاتب: "لا تحتاج حماس إلى أن تتمتع بالقوة كي تتبع هذه الاستراتيجية، وإنما تحتاج إلى الصمود. وبدلاً من الاعتماد على القوة الكافية لهزيمة إسرائيل، فإنها تسعى إلى تسخير قوة إسرائيل الأكبر بكثير لهزيمة إسرائيل. فقوة إسرائيل تسمح لها بقتل المدنيين الفلسطينيين وتدمير البنية التحتية الفلسطينية وتحدي الدعوات العالمية لضبط النفس، وكلها أمور تصب في مصلحة حماس الحربية".
ولفت إلى أن النجاحات المحتملة التي حققتها حماس في 7 أكتوبر الماضي ستُلهم أجيالاً قادمة من الفلسطينيين الذين يعتزون حتى بالانتصارات الصغيرة رغم الصعوبات المستحيلة. وتراهن إسرائيل على أنها قادرة على قتل ما يكفي من مقاتلي حماس بسرعة كافية لتحقيق النصر، وستتولى تفاصيل ما بعد النصر وتبعات انتصارات حماس الصغيرة لاحقاً.
وأشار الكاتب إلى أن هناك عنصرين بالغا الأهمية ليسا عسكريين بالكامل. أولهما استعادة الدعم العالميّ الذي يبدو أن إسرائيل خسرته أمام منظمة حماس، ولا سيما من بلدان الجوار التي تشارك إسرائيل عدائها لحماس. وعندما تصل إسرائيل إلى مرحلة السعي إلى الانسحاب من غزة، ستحتاج إلى تعاون بلدان مثل مصر والأردن والسعودية لتوجيه إعادة إعمار المنطقة.
وستحتاج إسرائيل أيضاً إلى المساعدة على إحياء السلطة الفلسطينية التي ظلت تتداعى منذ سنوات. ورغم أن هذه الدول كلها ليست ملتزمة تجاه القضية الفلسطينية، فقد استاءت كل الاستياء لما تراه لا مبالاة إسرائيلية بأرواح العرب، ولذلك لن تدعم إسرائيل في حربها ولن تتحمل مسؤولية حماية إسرائيل من أفعالها. وعلى إسرائيل أن تتعامل مع هذه الحكومات مباشرةً الآن، وعليها أن تضمن أن تشعر تلك الحكومات بأن صوتها مسموع، وأن تشرع في إقناعها بأن الاستقرار ممكن في غزة إذا كان لها دور فيها.
والشق الثاني، يضيف الكاتب، هو أنَّ إسرائيل بحاجة إلى عزل حماس عن السكان المحيطين بها، وضمان أن أي تضامن فلسطيني ينشأ من هذه الحرب يتمحور حول بديل قوي لحماس. ستحتاج أي منظمة أو حركة بديلة إلى تعزيز تطلعات الفلسطينيين للازدهار وتقرير المصير. فإذا شعر عدد كبير من الفلسطينيين بأن المستقبل الوحيد الذي يواجهونه مستقبل بائس، فسيسعى كثيرون منهم إلى القصاص من معذبيهم. وسيكون للمشروع المشترك وغرس الشعور بالكرامة والقوة دور كبير في تحفيز السكان الضعفاء، وإذا كانت الجماعات المسلحة العنيفة بمنزلة السبيل الوحيد لإقامة مشروع مشترك واكتساب شعور بالكرامة والعزة، فستتمتع هذه الجماعات بتأييد ساحق في الحياة الفلسطينية.
الأفضل لإسرائيل، برأي الكاتب، أن تخدمها حركة فلسطينية قوية قادرة في بعض الأحيان على التصدي لإسرائيل، لا الاستسلام لها ببساطة. وقد فشلت السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس في ذلك. ولذلك فإن معدلات تأييده أمست ضعيفة جداً.
أمضى وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن معظم الأسبوع في منطقة الشرق الأوسط يروِّج لهذه الأفكار وغيرها الكثير، لكن يبدو أنه لم يحقق نجاحاً كبيراً. وإذا كانت التصريحات العلنية لإسرائيل مؤشراً يُعتد به، فهو يدل على أنها لم تفكر في الشكل الذي سيبدو عليه النصر، ولم يستطع بلينكن أن يلفت نظرها إلى ذلك.
يُزعم أن حماس خططت لهجومها منذ سنوات، ولم تكن على يقين من نجاحها، لكنها كانت على يقين إلى حدٍ كبير من ردة فعل إسرائيل. ولا يمكن لإسرائيل أن تتحمل خسارة هذه الحرب. غير أنها يمكن أن تخسرها في خضم جهودها الحثيثة للفوز بها، حسب الكاتب.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل فی غزة
إقرأ أيضاً:
حماس: المجزرة التي ارتكبها الاحتلال في بيت لاهيا نتيجة للفيتو الأمريكي
القدس المحتلة-سانا
أكدت حركة المقاومة الفلسطينية حماس أن المجزرة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي فجر اليوم بقصفه حياً سكنياً بمدينة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، وراح ضحيتها 66 شهيداً وعشرات الجرحى والمفقودين نتيجة للفيتو الأمريكي الذي أفشل قراراً لمجلس الأمن بوقف العدوان.
وقالت حماس في بيان اليوم: “استمراراً لحملة التطهير العرقي التي يواصل الاحتلال ارتكابها في شمال القطاع منذ نحو 50 يوماً أقدم هذا العدو الفاشي خلال الساعات الأولى من صباح هذا اليوم على ارتكاب المجزرة المروعة في بيت لاهيا في إمعان بحرب الإبادة الوحشية ضد الشعب
الفلسطيني، مستنداً إلى غطاء أمريكي إجرامي ودعم عسكري وسياسي لا محدود، وآخره الفيتو الذي أفشل به أمس قراراً في مجلس الأمن لوقف إطلاق النار في غزة”.
وحمّلت حماس المجتمع الدولي والمؤسسات الأممية المسؤولية عن استمرار المجازر بحق الفلسطينيين، جراء الصمت والعجز عن تفعيل آليات الحماية من الإبادة والتطهير، مجددة دعوتها إلى تحرك عالمي للضغط على الاحتلال لوقف الإبادة.