يمكن أن يؤدي التعقيد الحضري إلى وجود نقاط ساخنة لدرجة الحرارة داخل المدن، بحيث تواجه بعض الأحياء (وسكانها) حرارة أعلى من غيرها، وفقا لنتائج دراسة جديدة نشرت يوم 23 يونيو/حزيران الماضي في دورية "وان إيرث" (One Earth).

وفحص باحثون في مختبر شمال غرب المحيط الهادي التابع لوزارة الطاقة الأميركية، جميع المدن الرئيسية في الولايات المتحدة، ووجدوا أن المواطن العادي المنتمي إلى الأعراق الملونة يتعرض للهواء الأكثر دفئا بمقدار 0.

28 درجة مئوية مقارنة بمتوسط المدينة. في المقابل، يعيش متوسط سكان الحضر "البيض" حيث تكون درجة حرارة الهواء أبرد بمقدار 0.22 درجة مئوية مقارنة بالمتوسط نفسه.

تفاوتات حرارية

يقصد بالإجهاد الحراري ارتفاع درجة حرارة الجسم بمقدار 6 أو 7 درجات أعلى من نطاق درجة الحرارة المعتادة للجسم -تتفاوت حسب عدة عوامل منها موقع الميلاد والنشأة- وهو ما تتبعه عواقب فسيولوجية قد تكون خطيرة في بعض الأحيان، مثل تعطل العمليات الخلوية، وزيادة ضربات القلب، وعجز بعض الأعضاء عن العمل بصورة طبيعية، وفقا للبيان الصحفي المنشور على موقع "يوريك ألرت" (Eurek Alert).

يمكن للنتائج أن تفيد في تطوير خطط الاستجابة للحرارة الحضرية (تيموثي هولاند – مختبر شمال غرب المحيط الهادي)

وقال تيرثانكار تشاكرابورتي المؤلف الرئيسي للدراسة ومحلل النظم الجيومكانية والباحث في علوم الأرض في مختبر شمال غرب المحيط الهادي الوطني في تصريح للجزيرة نت إن التفاوتات في درجات الحرارة تنشأ في داخل البيئات الحضرية، مما يخلق بؤرا ساخنة للحرارة تؤثر على مختلف الأحياء والسكان بدرجات متفاوتة، وأحيانا حسب الأصل العرقي.

ولفهم هذه التفاوتات، أجرى الباحثون الدراسة على مرحلتين، كان الهدف الأول هو الوصول لتقديرات محسنة على الصعيد الوطني للإجهاد الحراري من خلال دمج العوامل المختلفة التي تؤثر على كيفية استجابة الجسم للحرارة الخارجية.

وأضاف تشاكرابورتي "من خلال مقارنة هذه التقديرات بالبيانات الديمغرافية، سعينا إلى تحديد السكان الأكثر تضررا من الإجهاد الحراري في المناطق الحضرية. ووجدنا أن ما يقرب من 94% من سكان الحضر، أي ما يعادل حوالي 228 مليون شخص، يقيمون في المدن حيث يؤثر عبء الإجهاد الحراري في ذروة الصيف بشكل غير متناسب على الفقراء".

وتشير الدراسة إلى وجود علاقة قوية بين تباينات الإجهاد الحراري والفصل السكني على أساس العرق، إذ يواجه الأفراد الذين يعيشون في أحياء مخططة تاريخيا، حيث أثر التمييز العنصري على الموافقات على القروض في الماضي، مستويات أعلى من الإجهاد الحراري في الهواء الطلق مقارنة بنظرائهم في المناطق غير المخططة بالمدينة.

قياس الإجهاد الحراري

انتقد المؤلفون بعض القيود التي تعوق الأساليب التقليدية المعتمدة على الأقمار الصناعية المستخدمة في تقدير تفاوتات الإجهاد الحراري في المناطق الحضرية، خاصة أن هذه الطرق التي تعتمد على قياسات درجة حرارة سطح الأرض، غالبا ما تبالغ في تقدير حجم هذه التفاوتات.

الباحثون استخدموا تقديرات يقولون إنها الأكثر كفاءة في رصد الإجهاد الحراري (شترستوك)

وقال تشاكرابورتي إن مثل هذه القياسات لا تقدم صورة كاملة للإجهاد الحراري، إذ إن قياس درجة حرارة سطح الأرض فقط، مثل سطح الرصيف أو قطعة من العشب، يقدم فقط فكرة قاصرة، لأنه يفسر فقط درجة حرارة سطح الأرض ويفشل في رصد الظروف الفعلية التي يمر بها الأفراد، وأوضح "ما لم تكن تتجول حافي القدمين أو مستلقيا عاريا على الأرض، فأنت لا تشعر بتلك الحرارة في المناطق الحضرية".

عوضا عن ذلك، استخدم تشاكرابورتي وفريقه تقديرات يقولون إنها الأكثر كفاءة في رصد الإجهاد الحراري، وذات صلة من ناحية تأثيراته الفيسولوجية، فضلا عن أنها تتضمن مزيجا من العوامل التي يمكن أن توفرها النماذج.

ومزج الباحثون بين بيانات الأقمار الصناعية ونماذج المحاكاة لمقارنة درجة حرارة سطح الأرض المشتقة من الأقمار الصناعية مع التعرض للحرارة المحيطة داخل المدن. ومن خلال استخدام مقاييس مثل مؤشر حرارة خدمة الطقس الوطنية ومؤشر الرطوبة، رصد الباحثون التأثيرات المجمعة لدرجة حرارة الهواء والرطوبة على جسم الإنسان.

ويعتقد المؤلفون أنه مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة العالمية، يمكن لهذه النتائج أن تفيد في تطوير خطط الاستجابة للحرارة الحضرية من قبل الحكومات المحلية، وخاصة التي تهدف إلى مساعدة الفئات الضعيفة.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

الاحترار القياسي للمحيطات فاقم حدة الأعاصير

تسببت درجات حرارة المحيطات المرتفعة، بشكل قياسي بزيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية التي سُجّلت سنة 2024، بحسب دراسة نُشرت الأربعاء، ما يؤكد أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف.
وأظهرت هذه الدراسة، التي أجراها معهد "كلايمت سنترال" الأميركي للأبحاث، أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومترا في الساعة.
وقال معدّ الدراسة دانييل غيلفورد، في حوار مع وسائل الإعلام "أثرت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والغازات الدفيئة الأخرى على درجات حرارة سطح البحار في مختلف أنحاء العالم".
في خليج المكسيك، تسببت هذه الانبعاثات بارتفاع درجات حرارة سطح البحر بنحو 1,4 درجة مئوية مما كانت لتكون في عالم لا يواجه تغيرا مناخيا.
هذا الارتفاع في درجات الحرارة يفاقم رياح الأعاصير التي تزداد قوتها. وتحوّلت ظواهر مثل "ديبي" و"أوسكار" بشكل سريع من عواصف استوائية إلى أعاصير فعلية.
وارتفع مستوى أعاصير مثل "ميلتون" و"بيريل" على مقياس سافير-سيمبسون من الرابع إلى الخامس، بسبب التغير المناخي، بينما ارتفع مستوى إعصار "هيلين" من الثالث إلى الرابع.
ويُترجَم هذا الارتفاع في المستوى بزيادة القدرة التدميرية أربع مرات تقريبا.
كان الإعصار "هيلين" مدمرا بشكل خاص، إذ أدى إلى مقتل أكثر من 200 شخص واعتُبر ثاني أعنف إعصار يضرب القارة الأميركية منذ أكثر من نصف قرن، بعد إعصار "كاترينا" عام 2005.
بحسب دراسة أخرى أجراها "كلايمت سنترال" بين عامي 2019 و2023، باتت حدّة 84% من الأعاصير أكبر بكثير بسبب احترار المحيطات الناجم عن الأنشطة البشرية.
وعلى الرغم من أن دراستيهم ركزتا على حوض المحيط الأطلسي، أكد الباحثون أن النهج الذي اعتمدوه يمكن تطبيقه على الأعاصير المدارية على نطاق عالمي.
وحذّر علماء المناخ من احتمال تفاقم التأثيرات مع تخطي الاحترار 1,5 درجة مئوية.

أخبار ذات صلة غوتيريش يدعو لاتخاذ قرارات للحد من الاحتباس الحراري «اليونيسيف»: مستقبل أطفال العالم في خطر المصدر: آ ف ب

مقالات مشابهة

  • من هي الأردنية مرشحة ترامب لمنصب جراح الولايات المتحدة؟
  • جبل جيس يسجل أقل درجة حرارة في الدولة
  • الأكريلاميد.. «بعبع» الأطعمة المقلية والمحمصة
  •  الأرض بيتٌ زجاجي دافئ
  • الوطني للأرصاد يكشف عن أقل درجة حرارة سجلت على الدولة
  • الولايات المتحدة تلقي القبض على شخص بتهمة التخطيط لتفجير بورصة نيويورك
  • الأرصاد يكشف عن أقل درجة حرارة سجلت على الدولة
  • الاحترار القياسي للمحيطات فاقم حدة الأعاصير
  • قيصر الحدود يرحب باستخدام الأرض التي منحتها تكساس لتنفيذ خطط الترحيل
  • غوتيريش يدعو لاتخاذ قرارات للحد من الاحتباس الحراري