روائع عربية وعالمية لقرّاء الفارسية.. ترجمة الفكر والأدب في إيران
تاريخ النشر: 4th, July 2023 GMT
طهران – تشبه الترجمة عملية النحت، إذ يكون المعنى بين يدَي المترجم وعليه أن ينحت له جسما رشيقا بكل دقة وذوق، ليتجلى بهيأته الجديدة. وهي أسلوب حياة، حيث يقول الفيلسوف الألماني مارتن هايدغر "قل لي كيف تنظر إلى الترجمة لأقول لك من أنت".
الترجمة عن غير العربيةحالها كحال البلدان التي تسعى للتنمية، تهتم إيران بالترجمة.
ويشرح كوثري أن الحركة الأولى للترجمة في إيران نشأت في القرون الإسلامية الأولى وتحديدا في القرنين الثالث والرابع للهجرة، وخلال هذه الفترة سعى الإيرانيون المسلمون إلى فهم الفلسفة اليونانية وترجموا النصوص من اليونانية أو السريانية إلى العربية، كما ترجمت إلى اللغة العربية بعض النصوص التي كانت تعبر عن فكر الإيرانيين قبل الإسلام، وفق كوثري.
ويوضح أن بغداد كانت مركز هذه الأنشطة، ومن بين كبار المترجمين في هذا العصر، يمكننا أن نذكر أشخاصا مثل ابن المقفع.
ويضيف كوثري أن نتيجة هذه الجهود كانت ظهور مجموعة من المفكرين والفلاسفة مثل ابن سينا والفارابي والرازي وآخرين الذين أحدثت كتاباتهم تغييرا كبيرا في مسار الفلسفة والعلوم في الثقافة الإسلامية.
ويتابع كوثري قائلا إن حركة الترجمة الثانية بدأت من عهد سلالة القاجار (1779-1925) بالترجمة من اللغات الأخرى إلى الفارسية، وتستمر حتى اليوم، رغم أنها مرت بمنعطفات كثيرة.
وفيما يخص حال الترجمة اليوم في إيران، يشير كوثري لترجمة الأعمال الفكرية والأدبية والعلمية في إيران مباشرة عن اللغة الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية والإيطالية، فضلا عن العربية.
وفي هذا الإطار، تقول المترجمة عن الإنجليزية شيفا مُقانلو إن هناك توجها لدى جيل الشباب في إيران نحو تعلم اللغة الكورية واليابانية، آملة أن تشهد ساحة الترجمة في بلادها بالمستقبل القريب مترجمين عن هاتين اللغتين.
وتضيف مقانلو في حديثها للجزيرة نت أن إيران متقدمة جدا في سرعة ترجمة الأعمال العالمية وذلك لأنها حتى يونيو/حزيران 2023 لم تكن عضوا في اتفاقية "برن" لحماية الأعمال الأدبية والفنية الواقعة في سويسرا وهذا ما يعجل عملية الترجمة لكن بنفس الوقت يفتح المجال للمترجمين غير الجيدين.
في هذا الصدد يُذكر أن كثيرا من الكتب تترجم أكثر من مرة في إيران، على سبيل المثال، ترجمت رواية "سيدات القمر" للكاتبة العمانية جوخة الحارثي 11 مرة خلال عام واحد.
ترجمة الفكر العربيفي نصف القرن الأخير، لم تخلُ المكتبة الفارسية من الفكر العربي. حتى نهاية القرن الماضي، كان يترجَم الفكر العربي في المجلات المتخصصة للفكر وبعض الكتب مثل أعمال المفكر المصري حسن حنفي والأديب اللبناني حنا الفاخوري.
ومنذ بداية القرن الـ21، شهدت حركة ترجمة الفكر العربي للفارسية تحولا كبيرا بجهود المترجم محمد آل مهدي، الذي ولد في مدينة الأهواز جنوب غربي إيران في بيت ديني، لأب كان رجل دين يُدرّس في مدرسة دينية شيعية.
ويقول محمد آل مهدي في حديثه للجزيرة نت إن والده كان حريصا على أن يبتعد أولاده عن اثنين، السياسة والفلسفة، ويضيف مبتسما وأنا اخترت هذين الاثنين تحديدا من بين كل العلوم.
وفي سبعينيات القرن الماضي، ألّف كتابين باللغة الفارسية حول الفلسفة اليونانية.
وبعد ذلك بسنوات قليلة، شد آل مهدي الرحال إلى بلاد الشام ليدرس طب الأسنان في جامعة دمشق. ويقول "التقيت هناك برفاق مغاربة، كان يجمعنا الفكر اليساري، عرفت الفكر المغربي من خلالهم، حيث قرأت "نقد العقل العربي" لمحمد عابد الجابري، بعد أن كنا قد قرأنا معا ما يقوله الجابري حول ابن خلدون وابن سينا".
وبعد سنوات من القراءة في هذا المجال، بدأ آل مهدي بترجمة الفكر المغربي، حيث ترجم 9 كتب للجابري وكتاب عنه، كما ترجم كتابين للمفكر المغربي عبد الإله بلقزيز وكتابين أيضا للمفكر المغربي عبد الله العروي وكتابا للمفكر المغربي علي أومليل.
وفي السياق، يعتقد محمد آل مهدي بأن المغرب يضم الجزء الأكبر من الفكر العربي.
وعن قرّاء الكتب التي يترجمها، يقول آل مهدي إن كتابين من الكتب التي ترجمها أصبحا اليوم ضمن مصادر المنهج الدراسي في الجامعات الإيرانية.
ويضيف أن هناك أكاديميين إيرانيين باتوا ينتظرون هذه الكتب ليتعرفوا على الفكر العربي. ويؤكد أن الكتب التي ترجمها حسنت نظرة الإيرانيين إلى العرب بشكل كبير، معربا عن سعادته بهذا الشأن.
ويعتقد آل مهدي بأنه على المترجم أن يخلق لغة جديدة تخدم المعنى، ممّا جعله يبتعد عن ترجمة عناوين الكتب، بل يختار عناوين جديدة نتيجة فهمه للكتاب الذي يترجمه بكل أمانة.
ويُذكر أن بعض الكتب التي ترجمها محمد آل مهدي قسمت المهتمون بين مؤيد ومعارض للعنوان والمضمون.
ومن المفكرين العرب الذي تُرجمت أعمالهم الجزائري محمد أركون، حيث ترجم له آل مهدي كتاب "جواهر الكلام". وفي العقد الأخير بدأ العديد من المترجمين بالتركيز على الفكر العربي.
ترجمة الأدب العربييعرف الشعراء الإيرانيون نزار قباني جيدا، كما يعرفون حافظ الشيرازي وأحمد شاملو. ويعرف أدونيس ومحمود درويش أيضا كل متذوق للأدب في إيران، حيث إن هناك مترجمين مختصين بترجمة الشعر العربي إلى الفارسية ومنهم حمزة كوتي ومحمد حمادي وموسى أسوار وموسى بيدج.
وإلى جانب الشعر، تُرجمت الرواية العربية إلى الفارسية بدءا من ستينيات القرن الماضي بأعمال غسان كنفاني ونجيب محفوظ وآخرين.
ويصف المترجم الأهوازي محمد حزبائي الترجمة بأنها عملية تهدم "جدار برلين" بين الثقافات.
ويشير حزبائي في هذا الإطار إلى أساطير بين النهرين ويقول "إن إله بابل عندما رأى الشعوب يتحدثون مع بعضهم البعض ويمكنهم التواصل مع بعض قرر أن يجعلهم مختلفين لبسط سيطرته عليهم ممّا أدى إلى تعدد اللغات".
صعوباتوعن الصعوبات التي يواجهها المترجم يقول إن التقديس لا يسمح بنقل الرأي الآخر، ويستذكر في هذا الإطار "التقديس الذي تكنه السلطات الإيرانية للحرب الإيرانية العراقية في ثمانينيات القرن الماضي والتي تسميها "الدفاع المقدس" ويقول حزبائي إنه مُنع من ترجمة روايات جميلة تعكس القضية الإنسانية ومعاناة الإنسان في الحرب بسبب تشدد الجانب الإيراني في هذا الشأن.
وفي السياق، يشير إلى عملية أخذ الإجازة للرواية من قبل وزارة الثقافة التي قد تستغرق عاما كاملا أو أكثر وعملية الحذف التي تواجهها الكتب من قبل رقابة الوزارة، فضلا عن أزمة الورق في البلاد.
ويصف حزبائي علاقة القارئ الفارسي بالرواية العربية بـ"المتينة"، ويرى أن الرواية العربية لها مكانتها في المكتبة الفارسية اليوم.
وفيما يخص سرعة حركة الترجمة، يقول إن السرعة جيدة حيث هناك ترجمات تبدأ مباشرة بعد الكتابة وقبل الإصدار الأول للكتاب نتيجة لتواصل المترجمين في إيران مع الكتّاب في العالم العربي.
وترجم محمد حزبائي روايات للعراقيين سنان أنطون وأنعام كجه جي والسوداني أمير تاج السر والكويتي إسماعيل فهد إسماعيل والعمانية جوخة الحارثي.
كما ترجم بعض المترجمين لآخرين من الكتّاب العرب، ومنهم رضا عامري الذي خصص سنوات لترجمة أعمال الأدباء العرب إلى الفارسية مثل نجيب محفوظ وغسان كنفاني والطيب صالح وإلياس خوري وأحلام مستغانمي.
وفي حديثه للجزيرة نت، يقول رضا عامري الذي ولد في مدينة عبادان جنوب غربي إيران، "حتى بداية تسعينيات القرن الماضي كانت الترجمة عن العربية في إيران تقتصر على ترجمة الكتب الدينية بالإضافة إلى ترجمات أدبية معدودة".
ويضيف عامري أن القومية الفارسية في القرن الماضي كانت تعيق عملية الترجمة عن العربية، ويؤكد أن العولمة التي شهدها المجتمع الإيراني منذ تسعينيات القرن الماضي ساهمت بشكل كبير بتوسع الترجمة عن العربية في إيران.
ختاما، جدير بالذكر أن الترجمة عن العربية والتركية والكردية في إيران تتم غالبا على أيدي المواطنين الإيرانيين العرب والأتراك والأكراد التي تكون لغة المبدأ لغتهم الأم، فضلا عن آخرين أتقنوا اللغة من خلال المراكز العلمية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: للجزیرة نت فی إیران فی هذا
إقرأ أيضاً:
التأطير العقدي للعمل.. ضمان التوافق بين الفكر والسلوك في الإسلام
العقيدة الإسلامية هي حقيقة ثابتة وشاملة تُحدد علاقة الإنسان بربه، وبنفسه، وبالآخرين، وبالكون من حوله. فعاليتها تكمن في تحويل الإيمان إلى قوة دافعة للإصلاح والتنمية، مما يجعلها الأساس المتين لبناء الفرد والمجتمع.
الكاتب والمفكر التونسي الدكتور عبد المجيد النجار وهو أحد المفكرين والباحثين في مجال الفقه والفكر الإسلامي المعاصر، الأمين العام المساعد للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، يواصل في هذه السلسلة من المقالات التي تنشرها "عربي21" بالتزامن مع نشرها على صفحته على منصة "فيسبوك"، البحث في مدلول العقيدة الإسلامية ومفرداتها.
ب ـ التأطير العقدي للعمل
إذا كان الفكر هو أصل العمل فإن التأطير العقدي للفكر لا يُغني عن التأطير العقدي للعمل أيضا، ذلك أن العمل إذا لم يكن موجّهاً توجيها عقديا مباشراً فإنه قد يطرأ عليه انقطاع عن مفاهيم العقيدة حتى وإن كان الفكر الذي هو امتداد له مبنيا ً بناءً عقدياً، فما أيسر ما ينحرف السلوك العملي عن الصورة الذهنية الحاصلة بالفكر حتى وإن كانت صورة مؤطرة تأطيرا عقدياً. ولعلّ هذا هو أحد معاني الحديث النبوي الذي فيه تعوّذ من علم لا ينفع ، فهو تعوّذ من صورة ذهنية قد تكون صحيحة في ذاتها مبنية على مقتضيات عقدية، ولكن العمل التطبيقي عند حاملها لا يجري على حسبها، بل يجري منحرفا عنها، مقطوع الصلة بموجّهها العقدي فلا يكون له نفع.
دوران العمل على مقاصد الشريعة كرابط بينه وبين العقيدة يقتضي أن تُلحظ في الأعمال كلها مآلاتها من المصلحة أو المفسدة، فتبنى بحسب تلك المآلات، وتتعدّل وتتكيّف بحسبها أيضا..وربّما كان الخلل الأفدح الذي يصيب المسلمين منذ زمن هو انقطاع الأعمال عن موجهاتها العقدية، أكثر مما هو انقطاع أفكارهم عنها. ولو تأمّلت التقريرات الفكرية المحدّدة لنظام السياسة الشرعية على سبيل المثال لألفيتها جارية منذ بداية نشوئها قواعد علمية على أصل العقيدة: عدالة وشورى وتحكيما للشريعة، وتكافلا اجتماعيا، وهي تقريرات يقرّها الجميع حاكماً ومحكوماً، وتجري بها أفكارهم في إذعان، كما تنطق بها ألسنتهم وأقلامهم في تحمّل واعتراف، ولكن العمل الذي جرى عليه واقع الحكم بعد الخلافة الراشدة انقطع في الغالب عن الأصول العقدية، فخالف الصورة الفكرية المبنية على تلك الأحوال، فإذا هو الظلم والاستبداد على نحو ما هو معلوم. وتقاس على ذلك أوضاع كثيرة في حياة المسلمين.
ولا ينصلح هذا الخلل إلا بتعدية التوجيه العقدي إلى العمل أيضا بعد تعديته إلى الفكر. وإنما تكون هذه التعدية بحضور المعاني العقدية حضورا دائما في ضمير المسلم حال مباشرته العمل، سواء كان عملا تعبّديا بالمعنى الخاص، أو عملا تعميريا عاماً، وأن يجعل من ذلك الحضور مادّة في إنجاز حركاته العملية الجزئية، وفي ترتيب تلك الحركات أعمالاً متكاملة، فإذا المصلّي بذلك يصوغ حركات صلاته وهيئته العامّة فيها من استحضار ربّه خضوعا ومذلّة وخوفاً ورجاء، وإذا بالمزارع يصدر في فلحه وبذره عن استحضاره لعقيدة الخلافة في الأرض والتعمير فيها كمهمّة خلقه الله من أجلها.
ولو ارتفعنا بهذا الأمر في التأطير العقدي للعمل من حالة العمل الفردي إلى حال العمل الجماعي الذي تقوم به الأمّة بإشراف وترتيب من نوابها في مستوياتهم المختلفة لتحقيق المصالح العامّة، لو ارتفعنا بذلك ما وجدنا الأمر مختلفا، فالأعمال العامّة التي تقوم بها الأمّة هي أيضا ينبغي أن تصدر عن مبادئ العقيدة، وأن تتوجّه بوجهتها، بعد أن يكون الفكر الذي سبق تلك الأعمال قد صدر عن تلك المبادئ وتوجّه بوجهتها، وبعد أن يكون الفكر الذي سبق تلك الأعمال قد صدر عن تلك المبادئ وتوجّه بوجهتها.
من عناصر الرشاد في الاعتقاد إذن أن تصبح العقيدة التي يتحملها المسلمون خلفية مرجعية وحيدة وشاملة، منها يصدرون بدءاً ومعاداً في التفكير كله لتحصيل صور الرؤى والأفكار والحقائق، وفي التطبيق العلمي السلوكي لتلك الصور والرؤى، واعتقاد لا يكون له هذا الدور التوجيهي الشامل الملزم هو اعتقاد مختل لا يأتي بثمار ولا يحرّك إلى خير وإن كان في ذاته جاريا على وجه الحقّ في مدلوله وفي مفرداته على الصورة التي بيناها سابقا.وربما عبّر عن هذا المعنى من التأطير العقدي للعمل بتعبير جريان الأعمال على مقتضى مقاصد الشريعة، ذلك أن المقاصد وإن تفرعّت فروعا إلا أنها تعود في مجملها إلى المقصد الأعلى وهو تحقيق خير الإنسان وصلاحه بالتزام أوامر الله ونواهيه، وهو حقيقة عقدية كلية، فيكون جريان الأعمال على تحقيق مقاصد الشريعة تعبيرا عن الصلة بين العمل وبين العقيدة، ولذلك فإننا نعتبر علم مقاصد الشريعة علما واصلا بين علم العقيدة من جهة، وبين علم الفقه الذي يضبط الأعمال من جهة أخرى. ومن مظاهر الخلل المتمثل في ضعف الصلة بين العقيدة والعمل في واقع الأمة الإسلامية ما يلقاه هذا العلم الجليل من زهادة فيه، وتهميش له ضمن الثقافة العامة للمسلمين، وذلك ما يدعو في نفس الوقت إلى إحيائه والاهتمام به في نطاق الترشيد العقدي الذي نحن بصدد البحث فيه كعامل من عوامل الدفع إلى التحضّر.
ودوران العمل على مقاصد الشريعة كرابط بينه وبين العقيدة يقتضي أن تُلحظ في الأعمال كلها مآلاتها من المصلحة أو المفسدة، فتبنى بحسب تلك المآلات، وتتعدّل وتتكيّف بحسبها أيضا، ذلك أن العمل له صلة بالواقع الإنساني والبيئي الذي لا يضبطه منطق مطّرد صارم كصرامة المنطق الذي يحكم الأفكار، ولذلك فإن الأعمال ربما أجريت على صورة قُدّر أنها تحقّق مقصد الشريعة فتكون موصولة إذن بمقتضيات العقيدة، ولكن يتبيّن خلال الإنجاز أو بعده لملابسات واقعية لم يضبطها التقدير أنها آلت إلى مآل لم يتحقق فيه المقصد، فانقطعت صلتها إذن بالمعتقد، وحينئذ فإنها ينبغي أن تعدّل على ما فيه تحقيق مقصدها لترتبط من جديد بموجّهها العقدي، وذلك على نحو ما يكون في بناء مصنّع يُقدّر أنّه يوفر الخير للناس ويحقّق التعمير في الأرض، ولكن يتبين في أثناء العمل فيه أنه يسبّب من التلوّث البيئي ما فيه فساد كبير، فيعدّل إذن بحسب ما فيه حفظ للبيئة الكونية وخير للإنسان.
وهكذا يكون المقصد وهو معنى عقدي كما ذكرنا المؤثر الدائم الذي تتجه باتّجاهه الأعمال، وتتكيف بحسبه كل مناشط المسلم، وهذا ضرب من الترشيد بالغ الدقة، ولكن لا مناص من أن يأخذ اليوم طريقه كعنصر في الإصلاح يدفع إلى النهضة، وإلا بقيت أعمال المسلمين تسير على غير هدى من العقيدة فلا يكون لها أثر إيجابي في النهضة المنشودة.
إن من عناصر الرشاد في الاعتقاد إذن أن تصبح العقيدة التي يتحملها المسلمون خلفية مرجعية وحيدة وشاملة، منها يصدرون بدءاً ومعاداً في التفكير كله لتحصيل صور الرؤى والأفكار والحقائق، وفي التطبيق العلمي السلوكي لتلك الصور والرؤى، واعتقاد لا يكون له هذا الدور التوجيهي الشامل الملزم هو اعتقاد مختل لا يأتي بثمار ولا يحرّك إلى خير وإن كان في ذاته جاريا على وجه الحقّ في مدلوله وفي مفرداته على الصورة التي بيناها سابقا.