مستقبل نتانياهو السياسي على المحك بعد الحرب مع حماس
تاريخ النشر: 9th, November 2023 GMT
أثار الهجوم المفاجئ لحركة حماس على إسرائيل يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، صدمة قوية في الداخل الإسرائيلي، أظهرت بدورها علامات استفهام حول مدى الاستعداد الأمني للتصدي لمثل هذه الهجمات.. كما ألقى الهجوم بظلاله على المستقبل السياسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.
وقال البروفيسور يوسي ميكيلبيرغ، في تقرير نشره المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس)، إن "الخلافات العميقة قبل حرب غزة أدت إلى انقسام النظام السياسي الإسرائيلي، والذي تجلى على مدار العام في الاحتجاجات المنتظمة واسعة النطاق ضد الحكومة، وفي مشهد اجتماعي سياسي سامّ.
Benjamin Netanyahu was the godfather of the misperception that the threat from Hamas had subsided. He stands little chance of surviving calls for his removal, writes @YMekelberg (@CH_MENAP). https://t.co/vUQTcw5V9j
— Chatham House (@ChathamHouse) November 9, 2023وأضاف ميكيلبيرغ أن نوعاً من الوحدة أصبح ضرورة، لكنه جاء أيضاً كاستجابة مناسبة، بينما شيعت البلاد أكثر من 1400 من مدنييها وجنودها الذين قتلوا يوم "السبت الأسود"، وفي الحرب التي تلته، وتابع أنه "إذا كان هناك أي إجماع سياسي على مستوى البلاد الآن، فهو أنه بحلول نهاية الحرب، يجب أن تنتهي رئاسة بنيامين نتانياهو للحكومة".
وأوضح أن هناك حجة قوية للغاية مفادها أنه كان يتعين الإطاحة بنتانياهو مباشرة بعد فشل حكومته الكبير في منع هجوم حماس.. وإلى جانب التكلفة التي لا تحصى من الأرواح المفقودة، أضرت الهجمات بالردع في البلاد وبعلاقاتها المعقدة مع الدول الأخرى في المنطقة، كما تسببت بصدمة عميقة للمجتمع الإسرائيلي، ووجهت ضربة كبيرة للاقتصاد، وقوضت الثقة في الأجهزة الأمنية.
وكان نتانياهو هو الأب الروحي للتصور الخاطئ بأن خطر حماس في غزة تراجع، وكان يعتقد أن بعض التحسن المحدود في الظروف الاقتصادية في غزة من شأنه أن يهدئ حماس، أو يرضي سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، ومعظمهم لاجئون يعيشون في أكبر سجن مفتوح في العالم.
وفي الوقت الذي يتم فيه الضغط على الهجوم ضد حماس، ليس من المرجح أن يتم الطعن في موقف نتانياهو.. ولكن بمجرد أن تعتقد إسرائيل أن التهديد قد تم تحييده، فإن فرصة رئيس الوزراء ضئيلة في النجاة من الدعوات بإقالته، ومنذ تشكيل حكومة نتانياهو السادسة، انقسمت إسرائيل بشدة بسبب هجوم رئيس الوزراء على استقلال القضاء، مدفوعاً بمصالحه القانونية الشخصية.
وأعطت الانتخابات العامة التي أجريت العام الماضي الائتلاف الحالي أغلبية مريحة نسبياً داخل الكنيست، ولكن من حيث توزيع الأصوات، تم تقسيم الأرقام بالتساوي بين الائتلاف وأحزاب المعارضة، وفي ظاهر الأمر، فإن الصلة بين إصلاحات نتانياهو الدستورية وافتقار إسرائيل للاستعداد العسكري ليست واضحة.. لكن عمق الإلهاء والغموض الذي خلقته هذه العلاقة أضر على نحو واضح بقدرة إسرائيل على منع تسلل ثلاثة آلاف من مقاتلي حركة حماس.
وعلى مدى أشهر، كان الآلاف من جنود الاحتياط الإسرائيليين في المواقع العسكرية الرئيسية، يخطرون الحكومة بعبارات لا لبس فيها بأنهم سيرفضون أي دعوة لأداء الواجب، طالما استمرت حكومة نتانياهو في دفع البلاد على طريق الاستبداد.
وحذر وزير الدفاع يوآف غالانت وقادة الأمن الإسرائيليون من أن هذا يضر بالاستعداد العسكري للبلاد.. ولكن بدلاً من الدخول في حوار على مستوى إسرائيل حول الإصلاح القضائي والاستجابة لهذه التحذيرات، قام نتانياهو وحلفاؤه بتفعيل ما أصبح يعرف باسم "آلة السم"، متهمين جنود الاحتياط هؤلاء، ناهيك عن خصومهم السياسيين، بالخيانة.
وهؤلاء هم نفس جنود الاحتياط الذين انضموا على الفور إلى وحداتهم عقب 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهم يخاطرون الآن بحياتهم في الحرب ضد حماس ، وقد أرسلتهم حكومة لم يخدم العديد من وزرائها في الجيش.
وكان نتانياهو يعاني بالفعل من عجز حاد في الشرعية بسبب محاكمته بتهمة الفساد، والتي قصرت اختياره لشركاء الائتلاف على الأحزاب الأرثوذكسية واليمينية المتطرفة، وقال ميكيلبيرغ إنه "كي يضمن رئيس الوزراء بقاءه السياسي، عين المسؤولين الأكثر تطرفاً لحركة المستوطنات في مناصب حكومية رئيسية، وبينهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وبتسلئيل سموتريتش، الذي عين وزيراً بوزارة الدفاع إضافة إلى منصبه الرئيسي وزيراً للمالية".
ولا يتمتع أي من الاثنين بأي خبرة عسكرية أو أمنية، ويروج كلاهما لأيديولوجية تحتضن المواجهة مع الفلسطينيين وضم الضفة الغربية، ولم يكن من قبيل المفاجأة إذاً أنه عندما أصبح حجم الضربة التي وجهتها حماس واضحاً، أضاف نتانياهو خصمين سياسيين إلى حكومته الحربية، هما بيني غانتس وغادي أيزنكوت، وقد شغل الإثنان منصب رئيس الأركان سابقاً.
وبالتالي، يتم تهميش ائتلاف نتانياهو، وتضاءلت سلطته الشخصية.. والتغيير غير مرجح في الوقت الذي تمر فيه الحرب بأكثر مراحلها إلحاحاً، ولكن بعد ذلك يبدو موقفه مقوضاً بشكل خطير للغاية.. ومع ذلك، فإن هذا لن يمنع نتانياهو من بذل كل ما في وسعه لمحاولة إقناع الشعب بأنه ليس مسؤولاً عن فشل هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأن أي إنجازات عسكرية يتم تحقيقها في الحرب يجب أن تنسب إلى قيادته.
ومن الواضح أن معظم الإسرائيليين يتألمون مما حدث ويشعرون بقلق إزاء المستقبل، كما أنهم يرون أن الحكومة الحالية مسؤولة، ونتانياهو شخصياً، عن هذه الكارثة، وأنهما ليس لديهما القدرة على قيادة إسرائيل إلى ما بعد الحرب مباشرة.
ماذا وراء مسعى #نتانياهو للسيطرة الأمنية على #غزة؟ https://t.co/elbNSIsdLc
— 24.ae (@20fourMedia) November 9, 2023وتشير جميع استطلاعات الرأي بوضوح إلى أنه حال إجراء انتخابات عامة اليوم، سيتم سحق الأحزاب التي تشكل الائتلاف الحالي، وخاصة ليكود، ما يمنح انتصاراً حاسماً لأحزاب المعارضة الحالية، ويؤدي إلى حكومة يقودها بيني غانتس.
ولن تنتهي التداعيات بالنسبة لنتانياهو عند هذا الحد، ولا تزال هذه الأيام مبكرة، لكن الفشل التام لمجتمع الاستخبارات والجيش، وبشكل أساسي للقيادة السياسية، وهو ما سمح بحدوث مأساة 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الرهيبة سيتم التحقيق فيه بدقة، وفقاً لـ "ميكيلبيرغ".
ومن الواضح أن التغيير مطلوب.. وكانت إستراتيجية نتانياهو هي تقوية حماس على امتداد السلطة الفلسطينية بهدف وحيد، وهو منع قيام دولة فلسطينية على الإطلاق.. ولكي تتعافى إسرائيل، فإنها تحتاج إلى رحيل نتانياهو وائتلافه للحفاظ على الذات، ولابد من الدعوة إلى انتخابات جديدة، ويجب المضي قدماً في محاكمة نتانياهو بالفساد.
وخلص ميكيلبيرغ إلى أن النظام السياسي برمته يتطلب إعادة تنظيم القوى وتحديد الأهداف، وهو النظام الذي يضمن أن يقود البلاد أولئك الذين يمثلون رؤية للديمقراطية الليبرالية الحديثة، تلك الرؤية التي تعطي الأولوية لمن يسهمون أكثر في أمن إسرائيل وازدهارها، والتي تؤدي إلى سلام عادل مع الفلسطينيين.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل بنيامين نتانياهو حماس رئیس الوزراء تشرین الأول
إقرأ أيضاً:
قبيل هجوم حماس.. تحقيق إسرائيلي في مكالمة "تهز مستقبل نتنياهو"
فتحت السلطات الإسرائيلية تحقيقا بشأن تلقي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اتصالا صباح 7 أكتوبر 2023، يفيد باستعداد مئات المسلحين لشن هجوم عبر الحدود، ثم التلاعب بتسجيل هذه المكالمة لاحقا، حسبما كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، الخميس.
ووفق الصحيفة، يخضع مساعدو نتنياهو للتحقيق بشأن اتهامات بتسريب وتزوير السجلات والترهيب، في حين ينفي مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي هذه المزاعم.
ففي صباح اليوم الذي شنت به حركة حماس هجومها على إسرائيل العام الماضي، اتصل جنرال إسرائيلي كبير برئيس الوزراء لإخباره أن مئات المسلحين يبدون على استعداد لشن هجوم انطلاقا من قطاع غزة، حسب "نيويورك تايمز".
وقال مسؤولون مطلعون للصحيفة، إن مساعدي رئيس الوزراء يخضعون للتحقيق بشأن تغيير التفاصيل حول تلك المكالمة في السجل الرسمي لأنشطة نتنياهو في ذلك اليوم.
ويسعى التحقيق لكشف ما إذا كان نتنياهو قد تلقى بالفعل معلومات بشأن هجوم حماس في 7 أكتوبر قبل قوعه، الأمر الذي قد يكون حاسما في مستقبله السياسي.
ووجهت لمساعدي نتنياهو تهما عدة، منها تسريب وثائق عسكرية سرية، وتغيير النصوص الرسمية لمحادثات رئيس الوزراء، وترهيب الأشخاص الذين كان بإمكانهم الوصول إلى تلك السجلات.
وتزيد القضية الانطباع بأن نتنياهو وفريقه استخدموا وسائل غير مشروعة لتحسين صورة رئيس الوزراء، على حساب الحقيقة أو الأمن القومي أو كليهما، في حين ينفي نتنياهو ومكتبه الاتهامات.
وبحسب التحقيق، فإن جنرالا يدعى جيل أخبر رئيس الوزراء صباح يوم 7 أكتوبر أن مئات من أفراد حركة حماس يتصرفون بطريقة توحي بأنهم على وشك شن هجوم على إسرائيل، وهي مكالمة قيل إنها تغيرت في النصوص الرسمية، وفقا لما أفاد به مسؤولون مطلعون لـ"نيويورك تايمز".
قضية الترهيب
وبحسب المسؤولين، فإن قضية تزوير السجلات لها شق آخر، وهو أن أحد مساعدي نتنياهو "أرهب" ضابطا في الجيش كان يتحكم في الوصول إلى سجلات الهاتف.
وجاء ترهيب الضابط بعد تصويره من كاميرا أمنية مثبتة في مقر رئيس الوزراء، وهو يرتكب فعلا قد يسبب له إحراجا شخصيا.
وبعدها اقترب أحد كبار مساعدي نتنياهو من هذا الضابط وأخبره أنه حصل على الفيديو المحرج، وهذا الشخص هو نفسه المتهم بإصدار أمر بالتلاعب بسجلات محادثات نتنياهو، مما يشير إلى أنه قد تعرض لنوع من الترهيب والابتزاز، وهو بالفعل نفس ما قاله الضابط لقادته.
تسريب وثائق حساسة
تهمة أخرى موجهة لمساعدي نتنياهو وهي تقديم وثيقة حساسة سرا إلى مؤسسة إخبارية أجنبية، وهي عبارة عن مذكرة يفترض أن من كتبها ضابط من حماس وحصل عليها الجيش الإسرائيلي في وقت لاحق، وتم تسريبها إلى صحيفة "بيلد" الألمانية.
وبحسب الصحيفة، فإن الوثيقة أظهرت أن حماس سعت إلى التلاعب بأسر الرهائن لإقناع نتنياهو بالتنازل في محادثات الهدنة والموافقة على شروط أقل ملاءمة لإسرائيل.
واستشهد نتنياهو بتقرير صحيفة "بيلد"، ليزعم أن حماس سعت إلى "بث الفتنة بيننا، واستخدام الحرب النفسية ضد عائلات الرهائن".
وقال المسؤولون إن المحققين يفحصون ما إذا كان نتنياهو يستشهد بوثيقة سربها مساعدوه، لكن لا يوجد ما يشير إلى أن نتنياهو نفسه يخضع للتحقيق أو أنه تم استجوابه.
وألقي القبض على أحد مساعدي رئيس الوزراء، وهو إيلي فيلدشتاين، و4 من الضباط بتهمة المساعدة في حصول الصحيفة على الوثيقة.
كما نشرت صحيفة "كرونيكل" اليهودية ومقرها لندن في بداية شهر سبتمبر الماضي، تقريرا يعزز نفس الرواية، لكن المسؤولين يعتقدون أن هذه المعلومات مفبركة بالكاملة.
وتعزز هذه الادعاءات الانطباع بأن نتنياهو استخدم وسائل غير مشروعة لصرف الانتباه عن إخفاقاته، وأن مساعديه أعطوا الأولوية لبقائه السياسي على حساب مصالح إسرائيل.
كما تشير المعلومات والتحقيقات الجارية إلى أن رئيس الوزراء رفض الاستقالة، رغم محاكمته بتهمة الرشوة والاحتيال، مما يجعله يهتم بمصيره أكثر من استقرار البلاد، بحسب "نيويورك تايمز".