حرب غزة.. بين دول داعمة وأخرى تدين الصراع
تاريخ النشر: 9th, November 2023 GMT
في ظل ارتفاع عدد الضحايا الفلسطينيين، وتدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، أثار الهجوم الإسرائيلي انقساماً حاداً في الرأي العام الدولي.
ووفقاً لشبكة "بي بي سي" الإخبارية، كانت العديد من الدول داعمة لإسرائيل في أعقاب هجوم حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، من منطلق "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، لكن الغارات الجوية على غزة والهجوم البري للقضاء على حماس، أثار انتقادات واسعة النطاق، ما دفع بعض الدول إلى تعديل موقفها من الحرب.
ما الدول التي تدعم إسرائيل في حربها على غزة وتلك التي تدينها؟https://t.co/SeKrBLusgg
— BBC News عربي (@BBCArabic) November 8, 2023 قضية محوريةفي 27 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يدعو إلى "هدنة إنسانية فورية ودائمة ومستدامة"، بين القوات الإسرائيلية ومقاتلي حماس.
وتم تبني القرار غير الملزم، الذي تقدم به الأردن، بأغلبية 120 صوتاً مقابل 14 صوتاً، فيما امتنعت 45 دولة عن التصويت.. وأعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، عن رفضه التام لدعوات وقف إطلاق النار، معتبراً أن وقف العمليات الآن سيكون بمثابة "استسلام" لحماس.
ومنذ ذلك الحين، صعّدت بعض الدول انتقاداتها لإسرائيل، واستدعت دول أخرى سفراءها أو قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع تل أبيب.. وحتى الولايات المتحدة، التي صوتت ضد قرار وقف إطلاق النار، خففت من موقفها، إذ دعا الرئيس جو بايدن إلى "وقف مؤقت" للقتال.
الموقف الغربيوحسب تقرير الشبكة، دعمت العديد من الحكومات الغربية إسرائيل علناً منذ بداية الحرب، رافضة دعوات الدول العربية ودول أخرى لوقف كامل لإطلاق النار.
ومع ذلك، دعا الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى وقف مؤقت للصراع بعد أن واجهه أحد المعترضين الذين يطالبون بوقف إطلاق النار، كما قام وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بزيارة ثانية إلى تل أبيب، للضغط من أجل وقف إنساني للحرب، ومناقشة خطوات ملموسة لتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين في غزة.
وأكد رئيسا وزراء كندا وبريطانيا دعمهما لـ"حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، في ردود أفعالهما الأولية على الصراع.. ومع ذلك، امتنعت الدولتان عن التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأدان الاتحاد الأوروبي "بأشد العبارات الممكنة هجمات حماس"، مؤكداً تضامنه مع إسرائيل، لكن العديد من الأعضاء كشفوا عن اختلافات في الرأي بشأن أي وقف لإطلاق النار.
وامتنعت ألمانيا وإيطاليا، اللتان تدعمان "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، عن التصويت في الأمم المتحدة.. وصوتت دول أخرى مثل إسبانيا وفرنسا لصالح القرار، كما أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في البداية أن "فرنسا ملتزمة بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، إلا أنه غير موقفه قليلاً لارتفاع عدد القتلى المدنيين، وقال: "هناك حاجة إلى هدنة إنسانية لحماية الفئات الأكثر ضعفاً، والسماح باتخاذ إجراءات أفضل ضد الإرهابيين".
بحضور #بلينكن.. انطلاق الاجتماع التنسيقي لوزراء خارجية عرب في الأردن https://t.co/Mj1ntb8ykZ
— 24.ae (@20fourMedia) November 4, 2023 الموقف العربيوفي سياق متصل، صوتت معظم دول الشرق الأوسط لصالح القرار الأممي، وأدان العديد منها بشدة العملية العسكرية الإسرائيلية.
وقامت البحرين والأردن بسحب سفيريهما من إسرائيل، متهمتين الأخيرة بالتسبب في كارثة إنسانية غير مسبوقة، وفي 26 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أدان وزراء خارجية الإمارات والسعودية والأردن والبحرين وعمان وقطر والكويت ومصر والمغرب، استهداف المدنيين وانتهاكات القانون الدولي في غزة.
أما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حاول في البداية استخدام لهجة وساطة في الحرب، إلا أنه شدد في خطابه الأخير بعد الانفجار الذي استهدف المستشفى المعمداني في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وفي 4 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، استدعت وزارة الخارجية التركية سفيرها من تل أبيب وسط استمرار الحرب، واتهمت إسرائيل بعدم قبول دعوات وقف إطلاق النار، ومواصلة الهجمات ضد المدنيين، وعدم السماح بدخول المساعدات الإنسانية بشكل مستمر إلى غزة.
وصوتت تركيا لصالح القرار الأممي في 27 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث لم تصوت أي دولة في الشرق الأوسط ضد القرار، باستثناء إسرائيل، فيما كانت العراق الدولة الوحيدة التي امتنعت عن التصويت.
قارة آسياصوتت كل دول آسيا تقريباً لصالح الهدنة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ودعت الصين التي تحاول تقديم نفسها كوسيط للسلام في الشرق الأوسط، "الأطراف المعنية إلى التزام الهدوء وضبط النفس، وإنهاء الأعمال العدائية على الفور لحماية المدنيين"، وذلك في بيان أولي عقب هجمات حماس.
أما بالنسبة لروسيا، التزم الرئيس فلاديمير بوتين الصمت خلال الأيام القليلة الأولى، وبعد أسبوع صرح بأن "إسرائيل تعرضت لهجوم غير مسبوق في قسوته من قبل مسلحي حماس"، لكنها ترد بأساليب قاسية خاصة بها.
ولم يقدم الكرملين تعازيه لإسرائيل ولم يدن حماس.. بل استضافت روسيا وفداً من حماس في موسكو في 26 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي لمناقشة إطلاق سراح الرهائن، بمن في ذلك المواطنين الروس.
واستخدمت روسيا، إلى جانب الصين، حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار رعته الولايات المتحدة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في حين فشل القرار الثاني الذي دعمته روسيا في الحصول على العدد الكافي من الأصوات المؤيدة.
وكانت الهند إحدى الدول التي امتنعت عن التصويت على قرار الأمم المتحدة، في حين تبنت باكستان، التي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، لهجة محسوبة في البداية، إلا أن موقفها أصبح أكثر تشدداً، مدينة الهجوم الإسرائيلي ووصفته بـ "الهمجي".
الموقف الإفريقيوأصدر الاتحاد الإفريقي، الذي يضم 55 دولة عضواً، بياناً في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي دعماً لفلسطين.. إلا أن تونس امتنعت عن التصويت على الرغم من إعلانها التضامن "الكامل وغير المشروط" مع الشعب الفلسطيني.
والدول الإفريقية الأخرى التي امتنعت عن التصويت هي الكاميرون وإثيوبيا وجنوب السودان وزامبيا، ولم ترفض أي دولة إفريقية القرار الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 27 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
بعد #بوليفيا.. تشيلي وكولومبيا تستدعيان سفيريهما في #إسرائيل https://t.co/thBTKdB76H
— 24.ae (@20fourMedia) November 1, 2023 أمريكا اللاتينيةوصوتت معظم دول القارة لصالح قرار الأمم المتحدة.. وأصبحت بوليفيا أول دولة تقطع علاقاتها مع إسرائيل، واصفة الهجمات الإسرائيلية على غزة بأنها "عدوانية وغير متناسبة"، واستدعت دولتان أخريان في أمريكا اللاتينية، هما كولومبيا وتشيلي، سفراءهما بسبب الأزمة الإنسانية المتصاعدة في غزة.
وأدان الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، في مستهل الأمر هجمات حماس ضد المدنيين في إسرائيل، ودعا إلى إطلاق سراح جميع الرهائن فوراً، إلا أنه انتقد بشدة في بيان صدر مؤخراً التوغل الإسرائيلي في غزة.
وكانت باراغواي وغواتيمالا الدولتين الوحيدتين في أمريكا الجنوبية، أو الوسطى اللتين صوتتا ضد قرار الأمم المتحدة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل أمريكا الجمعیة العامة للأمم المتحدة حق إسرائیل فی الدفاع عن نفسها امتنعت عن التصویت وقف إطلاق النار الأمم المتحدة تشرین الأول قرار الأمم العدید من إلا أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
خطاب السلطة السودانية: الكذبة التي يصدقها النظام وحقائق الصراع في سنجة
خطاب السلطة السودانية: الكذبة التي يصدقها النظام وحقائق الصراع في سنجة
عمار نجم الدين
تصريحات وزير الإعلام السوداني لقناة الجزيرة اليوم خالد الإعيسر تعكس بوضوح استراتيجية النظام في الخرطوم التي تعتمد على تكرار الكذبة حتى تصير حقيقةً في نظر مُطلقيها. عندما يصف الوزير الدعم السريع بـ”الخطأ التاريخي” ويزعم تمثيل السودانيين، فإنه يغفل حقائق دامغة عن طبيعة الصراع وأدوار الأطراف المختلفة فيه.
في خضم هذه الدعاية، يُظهر الواقع أن الانسحاب الأخير لقوات الدعم السريع من سنجة، تمامًا كما حدث في انسحاب الجيش في مدني وجبل أولياء وانسحاب الدعم السريع من أمدرمان، ليس إلا فصلًا جديدًا من فصول التفاوض بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. هذه الانسحابات لم تكن وليدة “انتصار عسكري” كما يدّعي النظام، بل هي نتيجة مباشرة لمفاوضات سرية أُجريت بوساطات إقليمية، خاصة من دول مثل مصر وإثيوبيا وتشاد، وأسفرت عن اتفاق لتبادل السيطرة على مواقع استراتيجية وضمانات بعدم استهداف القوات المنسحبة.
ما حدث في سنجة هو نتيجة لتفاهمات وُقعت في أواخر أكتوبر 2024 في أديس أبابا تحت ضغط إقليمي ودولي. الاتفاق، الذي حضرته أطراف إقليمية بارزة، مثل ممثل رئيس جنوب السودان ووزير خارجية تشاد، شمل التزامات متبادلة، من بينها انسحاب الدعم السريع من مواقع محددة مثل سنجة ومدني، مقابل:
ضمانات بعدم استهداف القوات المنسحبة أثناء تحركها من المواقع المتفق عليها. تبادل السيطرة على مناطق استراتيجية، حيث التزم الجيش السوداني بانسحاب تدريجي من مناطق مثل الفاشر، مع الإبقاء على وحدات رمزية لحماية المدنيين. التزام بوقف الهجمات لفترة محددة في المناطق المتفق عليها لتسهيل التحركات الميدانية وإعادة توزيع القوات.انسحاب الجيش السوداني من الفاشر سوف يكون تدريجيًا، يُظهر أن الطرفين يعيدان ترتيب أوراقهما ميدانيًا وفق التفاهمات السرية، لا على أساس أي انتصارات عسكرية كما يدّعي النظام.
النظام في الخرطوم، كعادته، يسعى إلى تصوير هذه التطورات الميدانية كإنجازات عسكرية، معتمدًا على خطاب تضليلي يخفي حقيقة أن ما يحدث هو نتيجة لاتفاقات سياسية تخدم مصالح الطرفين أكثر مما تحقق أي مكاسب للشعب السوداني.
ادعاء الوزير بأن النظام يمثل السودانيين، في مقابل القوى المدنية التي “تتحدث من الخارج”، هو محاولة أخرى لإقصاء الأصوات الحقيقية التي تمثل السودان المتنوع. هذه المركزية السياسية، التي لطالما كرست التهميش ضد الأغلبية العظمى من السودانيين، تعيد إنتاج نفسها اليوم بخطاب مكرر يفتقر لأي مصداقية.
الحديث عن السلام وفق “شروط المركز” هو استمرار لنهج الإقصاء، حيث يرفض النظام الاعتراف بالمظالم التاريخية، ويمضي في فرض حلول تخدم مصالحه السياسية دون النظر إلى جذور الأزمة. السلام الحقيقي لا يتحقق بشروط مفروضة من الأعلى، بل بإعادة بناء الدولة السودانية على أسس جديدة تضمن العدالة والمساواة.
خطاب النظام حول “الانتصارات العسكرية” و”مواجهة المؤامرات الدولية” ليس سوى وسيلة لتبرير القمع الداخلي وتحريف الحقائق. الحقيقة الواضحة هي أن الانسحاب من سنجة وستتبعها الفاشر وغيرها من المناطق تم نتيجة مفاوضات سياسية بوساطة إقليمية، وليس نتيجة “نصر عسكري” كما يزعم النظام. هذه الممارسات تفضح زيف الرواية الرسمية وتؤكد أن الأزمة الراهنة ليست صراعًا بين دولة ومليشيا، بل هي امتداد لصراع مركزي يهدف إلى تكريس الهيمنة والإقصاء.
إذا كان النظام السوداني يسعى حقًا لإنهاء الحرب وبناء السلام، فعليه أولًا التوقف عن الكذب والاعتراف بمسؤولياته في خلق هذه الأزمة. السودان اليوم أمام مفترق طرق حاسم، والاختيار بين الحقيقة أو الكذبة سيحدد مصير البلاد لسنوات قادمة.
الوسومالفاشر حرب السودان سنجة