العربية:
2024-07-04@01:21:02 GMT

تهميش وظلم.. ما لا يقال عن سكان الضواحي الفرنسية!

تاريخ النشر: 4th, July 2023 GMT

تهميش وظلم.. ما لا يقال عن سكان الضواحي الفرنسية!

‍‍‍‍‍‍

لستة أيام، غطّيت الأحداث التي وقعت بعد مقتل الفتى نائل. تنقلت بين أكثر من منطقة. نانتير، كولومب، لاي ليه روز، أوبرفيليه، شانزيليزيه. التقيت جدته، ووالدته، والكثير من أصدقائه.

أولاً، عائلته كانت في مرمى الاتهامات بالتحريض على العنف، من قبل سياسيين ووسائل إعلام اليمين المتطرف. التقيت والدته في مراسم التشييع، وكانت ما تزال ترفض الحديث إلى وسائل الإعلام ولا تتابع ما يحدث.

فهي تعيش في عالم آخر من الحزن والخسارة. والفقد الذي تعيشه لا يقارن، بالنسبة إليها، بكل الخراب والخسائر المادية التي أصابت آخرين. جدته ناديا، وفي مقابلة أجريتها معها لـ"العربية"، نددت بالعنف عندما كان محدوداً جداً وفي بدايته.

من 4 (4 صور) شارك تم نسخ الرابط الفتى القتيل نائل من الاحتجاجات في فرنسا بعد مقتل نائل (فرانس برس) جدة نائل من تظاهرات فرنسا بعد مقتل الشاب نائل - فرانس برس مادة اعلانية

خلال المقابلة التي أجريتها مع السيدة، وكانت لا تقوى على السير بعد قيام الشرطة بتفريق مسيرة سلمية ضخمة شارك بها الآلاف من كل مناطق العاصمة وضواحيها، أوقفت المقابلة فجأة عندما اقتربت المواجهات منا. بعض الأشخاص حاولوا رشق إحدى سلسلة محال تجارية مشهورة بالحجارة، فتركتني وزميلي المصور ووقفت أمامه مطالبة إياهم بالتراجع. كانت تصيح بهم "نحن لسنا مخربين، لا تجعلوهم يقولون إن العرب لصوص".

مشكلة اندماج؟

في نانتير، حيث انتفضت الضاحية غضباً بعد مقتل نائل، لم تسجّل حالات سرقة واقتحام للمحال التجارية فعلياً. المواجهات تركّزت في حي بابلو بيكاسو، حيث ولد نائل وعاش. وفي ساعات الليل، كانت تدور مواجهات، هي أعنف ما غطيته في فرنسا. معظم المشاركين بها كانوا من المراهقين، كثير منهم يعرف نائل جيداً، وفي ساعات النهار كانوا يأتون إلى مكان مقتله في ساحة نيلسون مانديلا ليضعوا الزهور، أو يكتبوا عبارات كثيرة، منها: كم من نائل لم يتم تصويره؟ فليكن القبر حنوناً عليك، عدم الامتثال لأمر الشرطة بالتوقف لا يجب أن يكون إذناً بالقتل.

تلك العبارات العميقة في دلالاتها الاجتماعية والسياسية كتبها مراهقون، واتهامهم بأنهم من متعاطي المخدرات والمخربين، هو اتهام غير دقيق ويحابي قصة ينسجها فاشيون ويمينيون ومتطرفون عنهم وعن أحيائهم يومياً.

هؤلاء خاضوا اشتباكات ضد الشرطة لخمسة أيام متواصلة في الليل داخل حي صغير بالمرفقعات النارية مقابل عشرات قنابل الغاز المسيل للدموع. كانوا محاصرين من قبل مئات عناصر الشرطة والسيارات المصفحة التي حاولت اقتحام الحي من دون أن تنجح، وكانت أعدادهم بضع عشرات، غير مسلحين، وليسوا تحت تأثير الكحول ولا المخدرات. وبالمناسبة هذا الاتهام الذي ساقه اليمين المتطرف وبعض وسائل إعلامه ضد نائل، قبل أن يدحضه الفحص الطبي له ولصديقيه اللذين تواجدا معه في السيارة لحظة مقتله.

اتهام هؤلاء بأنهم يعانون من مشكلة اندماج في المجتمع الفرنسي ليس دقيقاً، لأنهم جزء منه ثقافياً ومهنياً وسياسياً، وهؤلاء لا ينطبق عليهم تصنيف "مهاجرين" لأنهم أبناء فرنسا، من آباء وأمهات ولدوا في فرنسا ولا يحملون جنسية أخرى سوى جنسيتها، والكثير منهم لا يتحدث أي لغة إلا اللغة الفرنسية.

غياب التنمية

بيد أن بعض المحللين على شاشات التلفزة، كانوا وفي سياق تحليلهم لما يحدث، يدحضون الفكرة القائلة إن هذه الأحياء فقيرة، ويتحدثون عن تنمية وأموال تغدقها الدولة عليها. إلا أن هذه الفكرة ليست الحقيقة الكاملة. فهذه الأحياء لا يتحدث عنها أحد إلا عند المشاكل، وغالباً بقالب نمطي مليء بالمغالطات.

منطقة سان دوني على سبيل المثال، أفقر مناطق فرنسا وأكثرها شباباً، قدمت خلال السنوات العشر الأخيرة موارد جديدة للدولة أكثر من أي منطقة أخرى في فرنسا. يقولون أحياناً إن المخدرات هي مصدر دخل هذه الأحياء، وهذا الأمر خاطىء تماماً.

العرب والعالم شغب في فرنسا بعد تشييع جثمان نائل.. مواجهات واعتقالات في باريس ومرسيليا

ما تقدمه المناطق الفقيرة، أو الشعبية، أو "الأحياء الحساسة" بحسب ما يعشق الإعلام الفرنسي والسياسيين تسميتها، لخزينة الدولة أكثر بكثير مما تحصل عليه. ترتيب ضاحية سان دوني في تمويل نظام المساعدات الاجتماعية في فرنسا هو الثامن على المستوى الوطني، لكن سكانها يتلقون المساعدات الاجتماعية أقل من غيرهم، وذلك لأنها مناطق وأحياء ديناميكية اقتصادياً. لكن برغم ذلك، هي مجتمعات حضرية محرومة تعاني من نقص في الاستثمار قدر عام 2020 بمليار يورو.

في دراسة أجراها معهد Montaigne نشرت عام 2022 بعنوان "المستقبل يُصنع في الأحياء الفقيرة"، وأشرف عليها الباحث حكيم القروي الذي يستشيره ماكرون بشؤون الضواحي، خلصت الدراسة إلى أنه في فرنسا هناك 1514 منطقة ذات أولوية للسياسات الحضرية (ضواحي فقيرة). يبلغ عدد سكان هذه المناطق نحو 5.5 مليون نسمة، وهم يساهمون في تمويل نظام التضامن الوطني الاجتماعي الذي يستفيد منه كل الفرنسيين والمقيمين أكثر بكثير مما تستفيد مناطقهم منه. هذه المناطق لديها القليل من كل شيء: عدد أقل من المعلمين وأقل خبرة، وعدد أقل من ضباط الشرطة وأقل خبرة، وعدد أقل من القضاة وأقل خبرة، وعدد أقل من المرافق الرياضية والثقافية.. إلخ

ماذا تقول الأرقام؟

40 في المئة من سكان هذه المناطق ليس لديهم حضانة لأطفالهم. 9 في المئة من هؤلاء فقط يحصلون على رعاية فردية أو جماعية لأطفالهم مقارنة مع 68 في المئة من أطفال العائلات الغنية في مناطق أخرى. أيضاً في هذه المناطق، كل 100 ألف من سكانها لديهم 30.8 أخصائي طبي، مقارنة مع 67.1 لكل 100 ألف على مستوى العاصمة. 160 من المناطق المحرومة ليس لديهم خدمة نقل.

غياب العادلة الاجتماعية، وشيطنة سكان هذه المناطق والحرص دوماً على تصويرهم أنهم مجموعة من الوحوش ومتعاطي المخدرات واستسهال توقيفهم وتفتيشهم من قبل الشرطة، وإن كان ليس مبرراً لحدوث تجاوزات واعتداء على آخرين، لكنه ليس مركز النقاش والمحور الأساسي لفتح نقاش حول ما حدث. هناك جريمة قتل لفتى صغير، لديه سجل جنائي نظيف، مثل غالبية المراهقين الساحقة الذين اعتقلوا من بين أكثر من 3400 شخص خلال الأيام الماضية في فرنسا، وهي مسألة أشار إليها وزير الداخلية عندما قال إنهم "أشخاص غير معروفين بسوابق أمنية أو جرمية".

التهميش والظلم

محور النقاش يجب أن يكون الظلم الاجتماعي والسياسي الذي تعرّض له هؤلاء لعقود، وهم ليسوا أول جماعة مارست عنفاً ولن تكون الأخيرة بقدر ما أنهم ليسوا أول جماعة تعرضت للظلم والتهميش ولن تكون الأخيرة كذلك. فجماعة السترات الصفر، والمحتجون على رفع سن التقاعد، مارسوا عنفاً مماثلاً، أحرقوا سيارات في قلب باريس، وحطّموا مصارف ومتاجر ماركات عالمية ووكالات سيارات، وهم ليسوا سكان مناطق فقيرة بالضرورة وليسوا أبناء أو أحفاد مهاجرين، مثلهم مثل جماعات الدفاع عن البيئة التي حطمت مقتنيات أثرية ولوحات فنية تقدر قيمتها بملايين اليوروهات.

يبقى في النهاية أن انتقاد هؤلاء، أو عدم الإعجاب بهم، أو الاشمئزاز منهم رأياً شخصياً لأصحابه، لكن وضعهم كلهم في كتلة واحدة وإصدار أحكام ضدهم، هو أمر فيه من التجني الكثير، ويبرىء ممارسات خطيرة يقوم بها آخرون سواء أولئك الذين يتمتعون بسلطة أعطتهم إياها الدولة، مثل بعض عناصر الشرطة الذين ينظر إليهم من قبل سكان هذه المناطق على أنهم شرطة الوزير أو الرئيس، أو آخرين مثل سياسيي اليمين المتطرف، وأحدهم جمع أكثر من مليون يورو كمكافأة للشرطي الذي قتل نائل.. وكأنه يريد القول، أقتل عربياً واحصل على مليون يورو.

مادة إعلانية تابعوا آخر أخبار العربية عبر Google News فرنسا جريمة نائل

المصدر: العربية

كلمات دلالية: فرنسا جريمة نائل فی فرنسا بعد مقتل أکثر من من قبل

إقرأ أيضاً:

محافظ الإسكندرية يتسلم الدراجات الكهربائية الممنوحة من الجمهورية الفرنسية

استقبل اللواء محمد الشريف محافظ الإسكندرية، اليوم الثلاثاء، السفير إيريك شوفالييه- سفير فرنسا لدى مصر ولينا بلان- قنصل عام فرنسا بالإسكندرية، برفقة الملحق الاقتصادي للسفارة ووفد من شركتي VUF وTransdev (الشركات المصنعة للدراجات) وممثل من إقليم جنوب فرنسا، وذلك لبحث تعزيز سبل التعاون بين الجانبين، وتسلم الدراجات الكهربائية الممنوحة من الجمهورية الفرنسية والمقرر استخدامها في مشروعي حلقة السمك وميدان محطة مصر لنقل الركاب والبضائع، حيث إنها مزودة بمقعد خلفي وبثلاجات لنقل البضائع.

وفي البداية؛ رحب محافظ الإسكندرية بالسفير الفرنسي والقنصل الفرنسي والوفد المرافق لهما في مدينة الإسكندرية، مؤكدًا على عمق العلاقات بين مصر بشكل عام ومحافظة الإسكندرية بشكل خاص مع مختلف أقاليم فرنسا.

وأكد الشريف أن هناك ٩ مشروعات بين فرنسا ومحافظة الإسكندرية في مجالات مختلفة "الثقافة والتعليم والنقل وتنقية مياه الصرف وتدوير البلاستيك"، مضيفًا بأن الإسكندرية وفرنسا شريكان في البحر الأبيض المتوسط.

هذا وقد أشار الشريف؛ إلى أن مصر وفرنسا يولوا اهتمامًا كبيرًا لملف مواجهة التغيرات المناخية لما لها من تأثيرات سلبية كبيرة من حيث ارتفاع أمواج البحر وارتفاع درجة الحرارة.

ومن جانبهما؛ شكر سفير فرنسا وقنصل عام فرنسا والوفد المرافق لهما المحافظ على حسن الاستقبال، وأضافوا أن الغرض من الزيارة هو تعزيز العلاقات بين البلدين وذلك لمواجهة التحديات العالمية المستمرة والمستحدثة.

وأشار سفير فرنسا؛ إلى أنه كان يعمل منذ عشر سنوات في مجال إدارة أزمة تسونامي ويرى أن المعرفة والتكنولوجيا ستساعد كثيرا في حل هذه المشكلة.

وفي الختام؛ أوضح الشريف أن مدينة الإسكندرية من أهم المدن العريقة لما تحتويه من مبان أثرية وتاريخية يجب الحفاظ عليها وحمايتها من التغيرات المناخية.

inbound1949547870065830382 inbound3680999781033894981 inbound5836641154761049784 inbound7596366282746327336 inbound7860547901711412055

مقالات مشابهة

  • سفير فرنسا يكشف كواليس مشروع دراجات الإسكندرية
  • حاخام فرنسا الأكبر يدعو اليهود لمغادرة باريس: «لا يوجد مستقبل لهم»
  • محافظ الإسكندرية يتسلم الدراجات الكهربائية الممنوحة من الجمهورية الفرنسية
  • نيابة فرنسا تطلب من التمييز الفصل في مذكرة توقيف بشار الأسد
  • هل أثرت غزة على مجرى الانتخابات الفرنسية؟
  • "الكرملين" يعلّق على انتصار لوبان في الانتخابات الفرنسية.. ماذا قال؟
  • مؤثرة مغربية مشهورة متهمة باختطاف شابين فرنسيين واحتجازهما وتعذيبهما
  • تراجع عدد سكان دولة اسيوية تحت خط الفقر لنحو 25 مليون شخص
  • محكمة باكستانية تحكم على رجل مسيحي بالإعدام لنشره محتوى يحض على كراهية المسلمين
  • استشهاد صحفى متأثرا بجراحه بعد قصف إسرائيلى لمنزله جنوب غزة