الغارديان: حظر المظاهرات المؤيدة لفلسطين دون سند قانوني يعمق الانقسامات
تاريخ النشر: 9th, November 2023 GMT
أشارت صحيفة "الغارديان" إلى أن حظر المظاهرة المؤيدة لفلسطين المقرر انطلاقها السبت المقبل دون سند قانوني من شأنه أن يلهب المشاعر ويعمق الانقسامات التي من المفترض أن تسعى الحكومة إلى ترميمها.
وكان مفوض شرطة لندن سير مارك راولي، قد قاوم الضغوط عليه لمنع المسيرة المؤيدة لفلسطين، بحجة وجود تهديدات للنظام العام، مشيرا إلى أنه لم يجد أي أدلة استخباراتية كافية تشير إلى مخاطر فوضى عامة.
وانتقد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، المسيرة التي تتزامن مع إحياء ذكرى الهدنة في الحرب العالمية الأولى، بزعم أن ذلك ليس احتراما للهدنة وذكرى الحرب. فيما وصفت وزيرة الداخلية سويلا بريفرمان، المسيرة بأنها "مسيرة كراهية".
واعتبرت الصحيفة موقف بريفرمان من المسيرة الداعمة لفلسطين متطرفا، موضحا أن هذه الأخير "خلطت بين السخط المبرر إزاء محنة المدنيين الذين يعانون ويموتون تحت القصف الإسرائيلي في غزة وتأييد حماس وأجندتها".
وشددت الصحيفة على أن موقف الشرطة في أنه ينبغي السماح لمسيرة السبت بالمضي قدما أكثر موثوقية من التدخلات السياسية التي يمارسها أعضاء في الحكومة.
وأضافت أنه "هناك أوقات تتقدم فيها الحاجة إلى ضمان سلامة الجمهور على حق الاحتجاج. ولكن لا يوجد إثبات على أننا بلغنا عتبة مثل هذه الحاجة في هذه الحالة"، محذرة من أن الحظر السياسي للمسيرات المؤيدة للفلسطينيين من شأنه أن تعمق الاختلافات التي يجدر بالوزراء بدلا من ذلك أن يسعوا إلى ترميمها.
وتاليا نص افتتاحية صحيفة "الغارديان" كاملا:
كثيراً ما تكون المظاهرات السياسية مثيرة للخلاف. وأي قضية بإمكانها استنفار عشرات الآلاف من الناس فإن من المحتمل أن تكون العواطف فيها جياشة وأن تثير ردود فعل قوية. وهذه في النظام الديمقراطي ليست أسبابا كافية للحظر. ولهذا السبب قاومت الشرطة الضغط الوزاري عليها من أجل سحب ترخيص لمسيرة تضامنية مع فلسطين في وسط العاصمة لندن نهاية هذا الأسبوع. وجهة نظر السير مارك رولي، مفوض الشرطة، أن مسيرة السبت لا تشكل تهديدا لسلامة الجمهور. ما لبث مكتب رئيس الوزراء، بتردد شديد، وربما بشكل مؤقت فقط، أن نزل على ذلك الرأي.
كان ريشي سوناك قد عبر عن اعتراضه من حيث التاريخ، على اعتبار أن من غير المحترم تنظيم مسيرة في "يوم الهدنة"، كما قال رئيس الوزراء. سواء كان ذلك صحيحا أم لا – علما بأن منظمي المسيرة حاولوا التجاوب مع هذه الحساسية من خلال اختيارهم لخط سير التظاهرة – إلا أن الاحترام ليس مقياسا للنظام العام. وما كان لينظم الكثير من المظاهرات العامة حول أي قضية من القضايا لو أن معيار الحظر تحدد بناء على ذوق رئيس الوزراء.
إلا أن الرأي الأكثر تطرفا كان ذلك الذي عبرت عن وزيرة الداخلية سويلابرافرمان، التي وصفت التجمعات المؤيدة لفلسطين بأنها "مسيرات كراهية". وهذا خلط بين السخط المبرر إزاء محنة المدنيين الذين يعانون ويموتون تحت القصف الإسرائيلي في غزة وتأييد حماس وأجندتها القائمة على القتل والهادفة إلى إبادة الدولة اليهودية بشكل كامل. إذا كانت السيدة برافرمان لا قبل لها بالتمييز بين هذين الأمرين فهي بالتالي غير مؤهلة للتعليق بتاتا. وإذا كانت تتعمد الخلط بين الأمرين، فإنها متهمة بإثارة النعرات والانقسامات وبث الارتياب بين المجتمعات، الأمر الذي يفقدها الأهلية لأن تشغل منصباً حكوميا رفيعا.
هناك نمط من اللغة العنيفة المعادية لإسرائيل، والتي تقترب من معاداة السامية ثم تلصق نفسها بقضية التضامن الفلسطيني. ولا يحتاج الأمر لأكثر من بضع يافطات تنطق بالكراهية لدفع اليهود نحو القلق، وهم الذين مازالوا يعانون من آثار الصدمة والحزن بسبب الفظائع التي ارتكبتها حماس في السابع من أكتوبر (تشرين الأول).
كما أن ثمة نزوع نحو التضخيم الشرير للآراء الهامشية المعزولة، لدى من يمارسون الدعاية في اليمين المتطرف ممن يبثون الشكوك بوجود تعاطف إرهابي حول أي قضية إنسانية يدعمها المسلمون في بريطانيا. إنما تأتي الأغلبية العظمى ممن يشاركون في المسيرات المؤيدة لفلسطين من أجل التعبير عن التضامن السلمي مع أهل غزة والمطالبة بوقف إطلاق النار.
وهذه أمور معقدة وبالغة الحساسية يجد السياسيون صعوبة في إدارتها. والمقاربة الصحيحة تبدأ بالاختيار الصائب للغة وبالتطلع نحو دعم التفاهم المشترك. يتطلب ذلك كسر الحلقات المفرغة، حلقات الغضب وتشويه الواقع، بما يفضي إلى مزيد من الغلو في كل الأطراف. يعني ذلك التقليل من التحريض السياسي الذي لا حاجة له.
تفضل السيدة برافرمان المقاربة المعاكسة، والتي تتطابق مع نمط من التعامل مع أي وضع سياسي باعتباره منصة لخدمة الطموح الشخصي داخل حزب المحافظين. وهذه سياسة ضحلة في أحسن الأوقات، بينما هي مذمومة ومستهجنة في سياق الحرب التي تدور رحاها في الشرق الأوسط.
لا ترحب الشرطة بالمسيرات المثيرة للخلاف، ولكنها تقر بأن القانون يسمح بتنظيمها. ومن هذا الجانب، يعتبر رأي الشرطة في أنه ينبغي السماح لمسيرة السبت بالمضي قدما أكثر موثوقية من التدخلات السياسية التي يمارسها أعضاء في الحكومة. هناك أوقات تتقدم فيها الحاجة إلى ضمان سلامة الجمهور على حق الاحتجاج. ولكن لا يوجد إثبات على أننا بلغنا عتبة مثل هذه الحاجة في هذه الحالة. من شأن الحظر السياسي للمسيرات المؤيدة للفلسطينيين أن تعمق الاختلافات التي يجدر بالوزراء بدلاً من ذلك أن يسعوا إلى ترميمها.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة غزة حماس فلسطين بريطانيا بريطانيا فلسطين حماس غزة الاحتلال الإسرائيلي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المؤیدة لفلسطین رئیس الوزراء
إقرأ أيضاً:
الغارديان : اللاجئون السودانيون في غابات في إثيوبيا .. أزمة مستمرة
أرغمت الحرب المستعرة في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع مئات الآلاف من المواطنين على النزوح إلى دول الجوار بحثا عن أمان افتقدوه في وطنهم، لكن من لجؤوا منهم إلى إثيوبيا وجدوا أنفسهم هاربين من صراع إلى صراع آخر.
التغيير _ وكالات
ونشرت صحيفة غارديان البريطانية تقريرا ميدانيا عن أحوال اللاجئين السودانيين في إقليم أمهرة غربي إثيوبيا، حيث التقى مراسلها فيصل علي، 3 لاجئين أمضوا الصيف كله في إحدى الغابات، وتحدثوا عن محنتهم المستمرة بعد 19 شهرا من فرارهم من وطنهم بسبب الحرب.
وبينما لا يزال اثنان منهم يقيمان في غابة أولالا -هما عبد الله ومحمود- في مركز مؤقت تديره الأمم المتحدة بالقرب من الحدود السودانية، سافر الثالث، كرم، إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. وتقول غارديان إنها عمدت إلى تغيير الأسماء في هذا التقرير لئلا تكشف عن هوياتهم من أجل حمايتهم.
من حرب لأخرىوأحد هؤلاء الثلاثة، مدرس لغة إنجليزية سوداني من الخرطوم، أطلقت عليه الصحيفة اسم عبد الله، فرَّ من الحرب في بلاده ولجأ إلى إثيوبيا ليضطر للهرب مرة أخرى بعد أن تعرض المخيم الذي استقر فيه لهجوم من قطاع الطرق والمجموعات التي تقاتل الجيش الإثيوبي.
كان الشاب، البالغ من العمر 27 عاما، من بين آلاف اللاجئين السودانيين الذين فروا من المخيمات التي تديرها الأمم المتحدة في إقليم أمهرة هذا العام، وأقاموا مخيمات مؤقتة في غابة أولالا، على بعد بضعة كيلومترات شرق مأواهم الأصلي. وفي تلك الغابة، وبعيدا عن السلطات وسبل كسب العيش، ازدادت أحوالهم سوءًا.
يتذكر عبد الله تلك الأمسية وهو جالس، في حلكة الليل البهيم، إلى جوار صديق له، عندما اخترق دوي إطلاق رصاص سكون المكان. قال “كنت أسمع صراخ النساء والأطفال، ففي كل ليلة كنا نتمسك بحبل النجاة”.
وحكى عبد الله أنه غادر الخرطوم إلى إثيوبيا بعد اندلاع الحرب في أبريل 2023، متجها إلى القلّابات، وهي بلدة على الجانب السوداني من الحدود المشتركة التي يسهل اختراقها. وقال إنه اعتُقل هناك “ظلما” وتعرض للضرب على يد حراس السجن، وعقب إطلاق سراحه عبَر الحدود إلى بلدة المتمة في إقليم أمهرة الإثيوبي.
هجوم على المخيماتوبعد 3 أشهر من وصوله لإثيوبيا، اندلع القتال بين عناصر الأمهرة والجيش الحكومي بسبب نزاع يتعلق بالاتفاقية التي أنهت الحرب في إقليم تيغراي شمالي إثيوبيا على الحدود مع دولة إريتريا. وفي أغسطس، أُعلنت حالة الطوارئ في أمهرة، وأُغلقت شبكة الإنترنت مع اشتداد القتال.
ويتذكر عبد الله أن المسلحين هاجموا مخيماتهم مرارا وتكرارا، وقاموا باقتلاع الخيام المنصوبة، وترويع الأطفال وضرب الناس ونهب هواتفهم المحمولة وأموالهم القليلة وممتلكاتهم الأخرى.
أما محمود -وهو عامل بناء من دارفور كان يعيش في الخرطوم قبل اندلاع الحرب- فقد فرّ إلى إثيوبيا. وكان يعتقد أن أحدا سيأتي لمساعدتهم، بعد أن تعرض المخيم لهجمات طيلة أسابيع، لكنه فقد الأمل.
وقال “كان الخوف ينتابني كل يوم من أننا قد نموت. فقد لقي بعض من كانوا معنا في المخيم مصرعهم، ونُهبت ممتلكاتنا، ولم يعد لدينا أي شيء. كل ليلة كانت تحمل معها الرعب”.
وبدوره، قال عبد الله عبر الهاتف وفي صوته نبرة استسلام، “ظننت أنني سأكون بأمان في إثيوبيا. والآن لا يوجد مكان ألجأ إليه”.
مأساة مستمرةوأكد اللاجئون الثلاثة أن الأمم المتحدة أوفدت قوة إثيوبية محلية لحماية مخيمات اللاجئين، لكنها فشلت في القيام بذلك. ولما سأل عبد الله قائد القوة عن لماذا لم يوقف المهاجمين، قال إنه يخشى من أن ينتقموا من عائلته.
الوسومأزمة إثيوبيا غابات اولالا لاجئون