كشف تفاصيل عن نقاط الاتفاق والخلاف في مفاوضات جدة
تاريخ النشر: 9th, November 2023 GMT
رصد- تاق برس- كشف مصادر من الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع، نقاط الاتفاق والخلاف، في مفاوضات جدة غير المباشرة بينهما، والمستمرة منذ 12 يوما.
ومنع الوسطاء الوفدين المتفاوضين من الإدلاء بأي تصريح حول سير عملية التفاوض، على أن تتولى الوساطة إبلاغ وسائل الإعلام عن نتائجها متى ما رأت ذلك ممكنا “منعا لتضارب المعلومات أو التشويش عليها”.
وقال عضو في فريق الجيش المفاوض، إن تقدما طفيفا تحقق في الملف الإنساني استنادا إلى مبادىء “إعلان جدة” الموقّع في مايو الماضي، واشار طبقا للجزيرة نت، الى أنه اتُفق على حماية القوافل الإنسانية وفتح كل طرف ممرات لها في منطقة سيطرته، واحترام المبادئ الإنسانية الأساسية، والحياد وعدم التحيز واستغلال العمليات الإنسانية لغير أغراضها.
وذكر أنه اتُفق على السماح بالمرور السريع للمساعدات الإنسانية دون عوائق وتسهيلها، بما في ذلك المعدات الطبية، وضمان حركة العاملين في مجال الإغاثة، واعتماد إجراءات سهلة وسريعة لجميع الترتيبات “اللوجستية” والإدارية للعمليات الإنسانية.
وأضاف أن الاتفاق شمل -أيضا- الامتناع عن التدخل في العمليات الإنسانية الرئيسة، وعدم مرافقة العاملين في المجال الإنساني عند قيامهم بنشاطاتهم، مع مراعاة إجراءات هذا العمل في السودان.
وأفاد أن الاتفاق شدد على حماية واحترام العاملين والأصول والإمدادات والمكاتب والمستودعات والمرافق الأخرى في المجال الإنساني، كما شُدد على عدم التدخل في النشاطات الإنسانية، وضمان آمن لممرات النقل ومناطق التخزين والتوزيع، وحظر مهاجمة الأفراد أو مضايقتهم أو ترهيبهم أو احتجازهم بشكل تعسفي، أو الهجوم على إمدادات ومنشآت الإغاثة.
وعن إجراءات بناء الثقة، قال عضو فريق الجيش المفاوض، إن وفد الدعم السريع “حاول إقحام قضايا سياسية في المفاوضات، رغم أن الوساطة حددت من اليوم الأول أن هذه الجولة لن تناقش أي قضايا ذات طبيعة سياسية”.
وقال إن وفد الجيش وافق على خطوات لبناء الثقة تشمل وقف الحملات الإعلامية المتبادلة، وإجراء حوار عبر دائرة تلفزيونية مغلقة بين قيادي من كل جانب، لتجاوز القطيعة النفسية وتهيئة مناخ المفاوضات، مشيرا إلى أن الطرف الآخر حاول إقحام قضايا لتسجيل موقف سياسي أكثر من دفع عملية التفاوض.
في المقابل، أوضح عضو في فريق “الدعم السريع” المفاوض أن الملف الإنساني تم التوافق بشأنه، لكنهم اقترحوا قضايا موضوعية ومهمة لبناء الثقة وخفض التصعيد وتحسين بيئة المفاوضات، لضمان تقدمها في ملف وقف إطلاق النار والترتيبات الأمنية والعسكرية.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال المفاوض -الذي طلب عدم كشف هويته- إنهم اقترحوا وقف التصعيد الإعلامي بكل أشكاله وعقد لقاءات بين قيادات من الطرفين، لمناقشة الملفات التي يمكن أن تؤدي لتسريع المفاوضات بشأن القضايا المعقدة التي تحتاج إلى إرادة سياسية.
وكشف أنهم اقترحوا إعادة اعتقال نحو 30 من قيادات النظام السابق من حزب المؤتمر الوطني المحظور، الذين فروا من سجن كوبر في أبريل الماضي، وذلك لأنهم يؤججون الحرب ويحرضون على استمرارها، حسب وصفه.
وذكر أنهم شددوا على ضرورة اعتقال الأمين العام للحركة الإسلامية علي كرتي، الذي فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات مؤخرا، لتورّطه في دفع الشباب من حركته للانخراط في القتال إلى جانب الجيش، كما أنه يتحرك بحرية في المدن التي يسيطر عليها الجيش، وهو مطلوب للقضاء في قضية الانقلاب على النظام الديموقراطي في 1989، وظل مختفيا.
كما اقترح الدعم السريع، حسب المصدر، منع حزب المؤتمر الوطني من ممارسة النشاط السياسي، لأنه محظور بموجب القانون رغم أن قياداته التي غادرت السجون تمارس نشاطها في ولايات بشرق السودان وشماله، وتعقد لقاءات مع كوادرها تحت نظر السلطات.
غير أن عضوا من فريق الجيش، رأى طلب الدعم السريع بشأن إعادة توقيف قيادات النظام السابق مزايدة سياسية لا صلة لها بالمفاوضات، وأُقحمت بإيعاز من جهات سياسية لها ارتباط بالدعم السريع.
ويعتقد أن الدعم السريع هو المسؤول عن إخراج نحو 20 ألف سجين من سجون ولاية الخرطوم عندما اقتحمتها قواته، وقال إن الرئيس المعزول عمر البشير و3 من رموز النظام السابق لا يزالون في المستشفى العسكري بأم درمان تحت حراسة عسكرية. أما من غادروا سجن كوبر فكان ذلك بطلب من الشرطة التي عجزت عن حمايتهم وتوفير الطعام لهم، واشترط توقيعهم على تعهد بتسليم أنفسهم للمحكمة متى ما سمحت الظروف الأمنية بذلك.
خلافات وقف النار
وعن تعثر المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار، قالت مصادر قريبة من الوساطة، إن وفد الجيش متمسك بخروج قوات الدعم السريع من منازل المواطنين والمستشفيات والمؤسسات الخدمية والأعيان المدنية أولا، ومغادرة الطرق وإزالة الارتكازات التي أقامتها.
وفي المقابل تتمسك قوات الدعم السريع بوجودها في طرقات ولاية الخرطوم والمداخل التي تسيطر عليها واستمرار ارتكازاتها، وتطالب بضمانات بشأن إنسحابها من المواقع المدنية في العاصمة.
وفي حديثها للجزيرة، قالت المصادر إن الضمانات متوفرة، وذلك بإنشاء منصة مشتركة للرقابة من عسكريين من دول مختلفة للفصل بين القوات، وانسحاب قوات الدعم السريع إلى معسكرات حول العاصمة، وإنهاء المظاهر العسكرية من الطرق ونشر الشرطة، وتحدثت عن مقترحات لم يكشف عنها لتجاوز الخلافات.
وأعربت مصادر –طلبت عدم كشف هويتها- عن أملها في توصّل الطرفين إلى اتفاق بوقف النار قبل القمة السعودية الأفريقية والقمة العربية الأفريقية بالمملكة العربية السعودية في 9 و11 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، لمنح المفاوضات السودانية زخما ودعما إقليميا ودوليا يسهم في إنهاء الأزمة خلال فترة وجيزة، خاصة أن القضايا الأمنية والعسكرية المتبقية معقدة وتتطلب إرادة ورغبة قوية من طرفي التفاوض.
المصدر: تاق برس
كلمات دلالية: الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
مفاوضات خارج النص
خلافاً لما كان يحدث في ظل إدارة بايدن السابقة، تجري المفاوضات الدائرة حول غزة، في عهد إدارة ترامب الثانية، في جزء كبير منها بعيداً عن المسار المألوف، أو خارج النص، كما يقال، وهو ما اعتاد الجميع على رؤيته أو سماعه، حين كانت واشنطن وتل أبيب تتبادلان تقديم الاقتراحات، لكن سرعان ما تتنصل منها إسرائيل بأريحية تامة.
في أواسط يناير (كانون الثاني) الماضي، قبلت إسرائيل اتفاقاً لوقف إطلاق النار في غزة مكوناً من ثلاث مراحل، وكانت بصمة الرئيس الجديد هي من طبعت الاتفاق، الذي لم يكن يختلف كثيراً عن نسخة مماثلة عرضتها واشنطن في مايو/أيار الماضي، وظل يرفضها نتنياهو طوال الوقت.هذا الاتفاق الذي بدأ سريانه في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، نفذ معظم مرحلته الأولى، لكن الانتقال إلى مرحلته الثانية لا يزال محور صراع بين إصرار نتنياهو على تمديد المرحلة الأولى، وتمسك الطرف الفلسطيني بالانتقال للمرحلة الثانية التي يفترض أن يناقش فيها الانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة وإنهاء الحرب. ما دفع الوسيط الأمريكي إلى تقديم مقترح جديد تم تحديثه لاحقاً، يشي بإمكانية الذهاب إلى اتفاق جديد قد يكون شاملاً، بدلاً من الانتقال إلى المرحلة الثانية. إذ إن مقترح المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف المعدل، يعرض فكرة إطلاق سراح مزيد من الرهائن، واستئناف المساعدات الإنسانية، مقابل هدنة ال50 يوماً، ثم مراحل زمنية أخرى، يتم خلالها التفاوض حول الانسحاب وإنهاء الحرب. وبغض النظر عن ردود الطرفين على المقترح الأمريكي، فإن أسئلة كثيرة بدأت تثار في إسرائيل حول دورها في هذه المفاوضات وعدم قدرتها على رفض المقترحات الأمريكية، وما إذا كانت إدارة ترامب شريكة أم صاحبة قرار.
وتتحدث وسائل إسرائيلية عن أن نتنياهو يخشى معارضة ترامب أكثر من خشيته لسموتريتش (وزير المالية المتطرف) الذي يملك مفتاح بقائه في السلطة وعدم تفكيك الائتلاف الحاكم، كما أنه يخشى أن يواجه مصير زيلينسكي في البيت الأبيض مؤخراً. أما زعيم المعارضة يائير لابيد فقد طالب نتنياهو بالذهاب إلى صفقة شاملة وإنهاء الحرب، حتى لا يصبح استمرار وقف إطلاق النار بلا ثمن، في إشارة إلى المفاوضات حول إطلاق رهائن أحياء وجثث أمريكيين تعود لجنود يحملون الجنسية المزدوجة.
الأسوأ من ذلك، هو ما حدث من تفاوض أمريكي مباشر مع حركة «حماس» والذي تبين أنه من دون علم الإسرائيليين، رغم محاولات حكومة نتنياهو تغليفه بالتنسيق، والتباهي بأن الحكومة الإسرائيلية تسببت في إقصاء مبعوث ترامب المسؤول عن ملف الرهائن آدم بولر من منصبه، رغم أنه لم يصدر إعلان أمريكي رسمي بذلك، بل إن مسؤولين أمريكيين أكدوا بقاء بولر في منصبه.
وفي كل الأحوال، ثمة ما يشي بأن نتنياهو في ورطة داخلية وخارجية، وأنه لم يعد قادراً على وقف الخروج عن النص في مسار المفاوضات ولا العودة لاستئناف الحرب التي لا تزال واشنطن تكبح جماحها.