عبيد أفيخاي أدرعي
كشفت أحداث غزّة المتصهينين وأسقطت أقنعة مهترئة وحقيقتهم الغارقة في عبودية الصهاينة ووحل التطبيع. ولعل هذا من أهم ثمار 7 أكتوبر المجيد.
نجح المتصهينون العرب مؤقتا باحتلال مساحة مميزة لهم في الوجدان العربي العام عبر نقاشاتٍ عامة حول الأفكار الشائكة المتعلقة بالمقاومة الفلسطينية في غزّة.
كشفت غزّة أدعياء الليبرالية ومثقفي الغفلة والمنادين بحقوق الإنسان الذي يحبّهم ويحبّونه فقط. إنسانهم الأوروبي الأبيض الذي يرى بعينٍ أهدافه وحسب.
خدعوا الجماهير باعتبارهم مثقّفين أحرارا، وعاشوا دورا رسموه لأنفسهم أمام الناس دون أن يكشفوا ما يفعلونه من وراء الكواليس. ولكنهم سقطوا في اختبار غزّة البسيط.
ظلّت فلسطين الحرّة المستقلة حلما كبيرا في قلوب جماهير العرب والعالم، حتى وهم يختلفون في كل ما دون ذلك وكان هذا الهدف يكفي لوحدتهم في أي أزمة وجودية تمرّ بها القضية.
* * *
.. وآية غزّة الكبرى أنها كاشفة.
كشفت غزّة أدعياء الليبرالية ومثقفي الغفلة والمنادين بحقوق الإنسان الذي يحبّهم ويحبّونه فقط. إنسانهم الأوروبي الأبيض الذي لا يرى إلا بعينٍ واحدة، هي العين المصوّبة باتجاه أهدافه هو وحسب.
في أحداث غزّة أخيرا، والتي ما زلنا نعايشها عن قرب وعن بعد، عادت هذه المدينة الأسطورية الصامدة لتمارس هوايتها الأثيرة؛ الكشف عن المنافقين المدّعين الذين صدّعوا رؤوسنا بحكايات الحرّية والسلام وحقوق الإنسان، وغيرها من مصطلحاتٍ اتّخذوا منها شعاراتٍ لاختراق عوالم لا ينبغي أن يعيشوها.
خدعوا الجماهير في كتاباتهم وأحاديثهم باعتبارهم مثقّفين أحرارا، وعاشوا الدور الذي رسموه لأنفسهم أمام الجماهير من دون أن يكشفوا عما يفعلونه من وراء الكواليس. ولكنهم سقطوا في اختبار غزّة البسيط.
سقطوا، لأن الدور هذه المرّة بدا أكبر من إمكاناتهم على التمثيل، وأوسع من مقاساتهم الضئيلة. سقطوا وسقطت أقنعتهم البرّاقة مع سقوط أول مستوطنةٍ سقطت بيد المقاومة الباسلة صباح 7 أكتوبر/ تشرين الأول، فبانت سوءاتهم لنكتشف قبح الوجوه وسود القلوب، ولنعرف الحقيقة التي كانوا يخبئونها بطلاقة ألسنتهم وبيان لغاتهم.
لقد كشفتهم غزّة من دون أن تقصد ذلك، فهي لا تراهم أصلا، ولم تضعهم يوما في حسبانها، وهي تتقدّم نحو هدفها المقدّس إلى قلب فلسطين حرّة مستقلة. لكنها كشفتهم، مصادفةً وبعفوية الروح المقاومة.
كشفتهم للذين وقعوا، من دون أن يدروا في شباك دعاياتهم، وفخ أكاذيبهم طويلا، فصدّقوا ما يقولونه، وهو ما جعلهم ينفرون من فكرة المقاومة في غزّة، بل وفي فلسطين كلها، وينتقدون الأسلوب من دون أن يقتربوا من الهدف.
ظلّت فلسطين الحرّة المستقلة حلما كبيرا دائما في قلوب الجماهير العربية، وكل جماهيرها في العالم، حتى وهم يختلفون في كل ما دون ذلك وما قبله وربما ما بعده. وكان هذا الهدف يكفي لوحدتهم في أي أزمة وجودية تمرّ بها القضية...
حدث هذا كثيرا من دون أن يثير القلق. وكان الاختلاف الذي تبدّى بين الأحزاب والتيارات والتوجّهات والقوى السياسية وبين الكتّاب والشعراء والصحافيين ورسّامي الكاريكاتير والفنانين والناس أجمعين أوضح من أن يُنكره أحد، وأصحّ من أن يسعى إلى إخفائه أحدٌ آخر. الاختلافات تحت سماء القضية هو ما حافظ على سموّها في كل منعطفاتها التاريخية المؤلمة.
اختلف الأمر في السنوات الأخيرة، وتحديدا منذ عادت الروح الى قطار التطبيع الذي توقّف منذ منتصف التسعينيات تقريبا، إثر الفشل تلو الفشل في مخرجاته، وتحقّق وعود القائمين عليه، فكانت أوضح النتائج ظهور طبقة المتصهينين العرب علنا، ربما لأول مرّة في تاريخ القضية.
وبحججٍ وتسمياتٍ مختلفة مضوا في مهمتهم الحقيقية للتشكيك بكل ما يمتّ للمقاومة وأساليبها المختلفة وتجلياتها المتنوّعة وأطيافها في الفضاء الفلسطيني العام، بهدف شيطنة الفلسطينيين وتحقير مقاومتهم والسخرية من دماء أطفالهم والإمعان في تمجيد المحتل الصهيوني، إلى درجة الانسحاق تحت حذاء هذا المحتلّ برخصٍ تبدّى في اللغة والصوت وأسلوب الحديث الذليل.
أعرف أن كثيرين من الناس يشاركونهم الأسئلة الشائكة بحسن نية. ولكن، في النقاط الزمنية المفصلية التي نعيشها لا مجال لحسني النيّات، ذلك أن عبيد أفيخاي أدرعي العرب يستفيدون من وجودهم النادر لإضفاء نوع من الموضوعية المزيّفة على هذا النوع من النقاشات، وصولا إلى الوقوع في فخّ التصهين القميء بغباء.
لقد نجح المتصهينون العرب، في السابق، باحتلال مساحة مميزة لهم في الوجدان العربي العام عبر نقاشاتٍ عامة حول الأفكار الشائكة المتعلقة بالمقاومة الفلسطينية في شقّها الموجود في غزّة، قبل أن تكشفهم أحداث غزّة وتسقط أقنعتهم المهترئة، عن حقيقتهم الغارقة في عبودية الصهاينة ووحل التطبيع. ولعل هذا من أهم ثمار 7 أكتوبر المجيد.
*سعدية مفرح كاتبة صحفية وشاعرة كويتية
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: فلسطين الليبرالية الجماهير 7 أكتوبر المقاومة الفلسطينية غزة من دون أن
إقرأ أيضاً:
بيراميدز يشكر الجماهير لدعمها بعثة الفريق بعد أزمة الطائرة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
وجه المهندس ممدوح عيد رئيس نادي بيراميدز، الشكر إلى الجماهير المصرية بمختلف انتماءاتها على دعمها الكبير ومساندتها لبعثة فريق بيراميدز خلال الأزمة الطارئة التي حدثت للبعثة في أنجولا، واضطرارها للعودة إلى لواندا بعد سفر ساعتين بسبب تقلبات جوية ومطبات أحدثت حالات إغماء في صفوف البعثة.
وأكد رئيس بيراميدز أنه ممتن وبشدة لحالة الاهتمام التي وجدتها بعثة النادي في أنجولا من جانب كل جماهير مصر وبالأخص جماهير الأهلي والزمالك والإسماعيلي والمصري وباقي الجماهير المصرية الأخرى، ودعواتها من قلوبها للبعثة بأن تعود بسلامة الله إلى أرض الوطن، وهو ما يؤكد على أن الشعب والجمهور المصري مترابط مع أبنائه بغض النظر عن انتماءاتهم، ولكن في الأزمات يكون هذا التكاتف والود، وهو ما يستحق عليه هذا الجمهور العظيم الشكر والتقدير، خاصة وأن دعواتهم ودعمهم وصل إلى كامل أفراد البعثة.
كما وجه رئيس بيراميدز كامل شكره للجماهير المصرية والجالية التي حضرت مباراة الفريق أمام ساجرادا في لواندا، والتي كانت هي المحفز الأول للاعبين في اللقاء لتحقيق الفوز، ولعل هتافهم باسم مصر، في اللحظات الأخيرة، كان له الأثر الكبير في تحقيق الفوز في الوقت القاتل وضمان العبور لربع نهائي الأبطال.
كواليس أزمة بعثة بيراميدزعاشت بعثة نادي بيراميدز ساعات من الرعب، بعدما تعرضت طائرة الفريق لمطبات جوية عنيفة، وهبط الضغط الجوي في الكابينة وتعرض بعض أفراد البعثة للإغماء.
واضطرت بعثة الفريق إلى العودة مرة أخرى إلى مطار لواندا في العاصمة الأنجولية، بعد مغادرة الطائرة الخاصة بساعتين في رحلة العودة إلى القاهرة، بعد لقاء ساجرادا في دوري أبطال أفريقيا.
وبعد قرابة ساعتين من رحلة العودة إلى القاهرة التي كان مقررا لها أن تستغرق أكثر من 10 ساعات، تعرضت الطائرة لمطبات جوية عنيفة، واضطرت الطائرة للعودة مرة أخرى إلى لواندا في أنجولا، بسبب التقلبات الجوية والصغط القوي والمطبات الهوائية، وذلك للاطمئنان على الطائرة وعلاج بعض أفراد البعثة المصابين.
وسمحت السلطات الأنجولية للبعثة بدخول البلاد مرة أخرى بدون تأشيرة جديدة حيث تبيت البعثة في واندا بالعاصمة الأنجولية، بعد عودتها الاضطرارية، إلى أنجولا عقب سفر الطائرة الخاصة لنحو ساعتين.
وحقق بيراميدز فوزا غاليا على مضيفه ساجرادا في أنجولا بهدف دون مقابل سجله مروان حمدي، ليضمن بيراميدز التأهل إلى ربع نهائي دوري أبطال أفريقيا لأول مرة في تاريخه.
عودة بعثة بيراميدز إلى مطار لونداواضطرت الطائرة للعودة مرة أخرى إلى لواندا في أنجولا، بسبب التقلبات الجوية والصغط القوي والمطبات الهوائية ونجت البعثة من الموت، وذلك للاطمئنان على الطائرة وعلاج أفراد البعثة المصابين.
وفشلت جميع محاولات سفر البعثة من أنجولا في ظل حاجة الطائرة للفحوصات ولحين استقرار الأمور الجوية والسماح معه للبعثة بمغادرة أنجولا، لتضطر البعثة للعودة مجددا إلى فندق الإقامة في لواندا، لحين تحديد موعد آخر لرحلة العودة إلى القاهرة.