تعريب الدراما الأجنبية.. دافع الربحية يهدد القيم المجتمعية
تاريخ النشر: 9th, November 2023 GMT
تترواح حلقاتها ما بين 60 و90، بل تمتد في بعض الأحيان إلى الـ100 حلقة وأكثر.. أعمال درامية أجنبية معربة انتشرت في السنوات الأخيرة، حتى أصبحت بمثابة "آفة" تنشط بوتيرة سريعة، وتستقطب شريحة كبيرة من الجمهور العربي، على الرغم من تنافي قصصها مع العادات والتقاليد العربية، إذ تجاوز "الاقتباس" مفهومه المتعارف عليه وأصبح استنساخاً طبق الأصل، وترجمة حرفية للعمل الأصلي بكل حذافيره، من دون مراعاة ما يلائم ثقافة المجتمع الذي يعرض فيه العمل "المنقول".
وعلى الرغم من توجيه جملة من الانتقادات للقائمين على الأعمال الدرامية المستنسخة، كتاباً ومخرجين وممثلين، إلا أن هذا الاتجاه لا يزال يتنامى بشكل مطرد ويستقطب شرائح أوسع، لكنه في الوقت ذاته، يطرح سؤالاً مضمونه هل بات "باب رزق" لا يمكن رفضه من قبل فنانين لهم أسماء لامعة في عالم الفن، أم عجز من قبل كتاب السيناريو والمؤلفين وعدم قدرتهم على خلق قصص وحكايات ومحتوى جذاب، كما كان سابقاً، أم استسهالاً وزيادة أرباح، استناداً وبشكل مسبق على أعمال أصلية لاقت نجاحاً وشهرة لدى نفس الجمهور العربي.
بدءاً من "هبة رجل الغراب" 2014، و"غراند أوتيل" 2016، مروراً بـ"ليالي أوجيني" 2018، و"الآنسة فرح" 2019، ثم "عروس بيروت" 2019، بعدها "ع الحلوة والمرة" 2021، ثم "ستيلتو" 2022 و"سوتس بالعربي"، ويتبعه "الثمن"، و"كريستال" 2023، وأخيراً وليس آخراً مسلسل "الخائن" المعروض حالياً.. أعمال يزداد عددها عاماً تلو الآخر، وتعزز وجودها على الشاشة العربية وحضورها لدى المشاهد العربي، على الرغم من أنها منقولة حرفياً من أعمال فنية أجنبية عرضت في السابق، وربما لفتت انتباه الشريحة نفسها من الجمهور العربي، الذي يقارن بينها وبين النسخة العربية المعروضة حالياً، فلا تغيير في أي جزء من المحتوى الدرامي، سوى ما يتعلق بالممثلين.
ما سر انجذاب الجمهور لهذه النوعية من المسلسلات؟اللافت للنظر أن نفس الجمهور الذي شاهد النسخ الأصلية من تلك الأعمال المعربة، يتابع عن كثب النسخة المستنسخة، بل ينتظرها بفارغ الصبر، على الرغم من أنه بكل سهولة يستطيع معرفة نهايتها، لأنه وببساطة يسعى العمل المُعرب "المنقول" في طريقة طرحه المعتمدة على "الترجمة الحرفية"، للحفاظ على كل مقومات وخصوصية المسلسل الأصلي، سواء كان تركياً أو أمريكياً أو كورياً، بما في ذلك أداء الممثلين وتركيبة الشخصيات، والديكورات، واختيار الملابس وأماكن التصوير، وحتى نوعية الأطعمة والأماكن السياحية، فالسؤال الذي يطرح نفسه بقوة، لماذا كل الاهتمام من قبل الجمهور، على الرغم من معرفة تسلسل الأحداث من بدايتها حتى النهاية بكل تفاصيلها؟
ويتجه الجمهور نفسه إلى مواقع التواصل الاجتماعي للمقارنة والمقاربة بين المشاهد في النسخ الأصلية والنسخة العربية المستنسخة، بل يبدأ المفاضلة بين أفضل المسلسلات المُعرّبة، بطرح سؤال على شاكلة "أيها الأفضل.. أو ما هو أقوى مسلسل؟ عروس بيروت، أم كريستال أم الخائن.. وهكذا؟"، وتنقسم الآراء بين مُعجب بأداء الممثلين وتفاعلهم، ومنتقد للتقليد بأدق تفاصيله، حتى أصبح الممثلون ذاتهم غير مقنعين في أغلب المشاهد.
استقطاب وزيادة أرباحمن جانب آخر، يرى البعض أن صنّاع المسلسلات المستنسخة شكلاً ومضموناً، مدعومون من قبل المنصات الرقمية التي تعي جيداً قدرة هذه النوعية من المسلسلات على تحقيق نسب مشاهدات عالية واستقطاب الجمهور وزيادة الربح، لذا فلا ضير ولا حرج من الاستعانة بنخبة من الممثلين السوريين واللبنانيين والمصريين، الذين يجازفون بمسيرتهم الفنية، ويخاطرون بالنجاح الذي حققوه في مسلسلات وأعمال درامية عربية أصيلة، فقط لتقليد أداء وشكل وحتى مشاعر الشخصية التي قدمها أقرانهم في النسخ الأصلية.
تقليد أعمى ومنافٍ للقيموفيما اعتبر البعض أن تكرار السيناريوهات يصيب المشاهد بالفتور والملل، فهي لا تقدم إضافة تذكر، وجد آخرون المسألة من زاوية أخرى، المتمثلة في عدم تقارب أو تشابه أحداث المسلسل مع هوايات وعادات وتقاليد المجتمع الشرقي، باختلاف شرائحه الاجتماعية، فالقصص جميعها تتمحور حول فكرة واحدة بأشكال متعددة، ألا وهي "الحب والخيانة والشك والانتقام"، وبطبيعة الحال تتضمن مشاهد جريئة، منافية لقيم المجتمع العربي، ينبذها ويرفضها الكثير، فيما اعتاد عليها البعض الآخر، نظراً إما لكثرتها أو لأنهم يدركون جيداً أن تلك الأعمال ليست حقيقية بل هي استنساخ وتقليد أعمى لدراما أخرى ليست عربية، ولا تناقش قضية تهم المجتمع العربي من قريب أو بعيد، أو حتى تحمل في ثناياها رسائل موضوعية هامة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الدراما الدراما العربية على الرغم من من قبل
إقرأ أيضاً:
سعيد بن طحنون: إعلان 2025 عام المجتمع يعكس جهود الإمارات بترسيخ القيم الإنسانية
أكد الشيخ الدكتور سعيد بن طحنون آل نهيان أنَّ إعلان صاحب السمو رئيس الدولة يعكس جهود الإمارات في مجال خدمة المجتمع وترسيخ قيم الإنسانية، حيث التضامن والتعاون والعدالة الاجتماعية.
وقال إن الإمارات تثبت أن الإنسانية لا تعرف حدودًا، وأن العمل المجتمعي هو وسيلة لبناء مجتمع أكثر استقرارًا وازدهارًا، ما يجعل الإمارات نموذجًا يُحتذى في تعزيز التنمية المستدامة ومساعدة المجتمعات كافة، مشيراً إلى أن «عام المجتمع» يأتي امتداداً لنهج المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي يُعد نموذجًا للقيادة الحكيمة.
وأكد أن إرث زايد الخالد يظل شاهدًا على أن القيادة الحقيقية تكمن في خدمة الإنسان لتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير الفرص المتساوية للجميع.