القدس المحتلة – بدل أن يتوجه إلى مكتبه قرب المسجد الأقصى للوقوف على رأس عمله نائبا للمدير العام لأوقاف القدس، يعتصم الشيخ ناجح داود بكيرات (65 عاما) في بيته بقرية "صور باهر" جنوبي القدس المحتلة، رافضا الخروج منه، بعد تسلمه أول أمس الأحد قرارا بالإبعاد عن القدس 6 أشهر.

وكان قائد الجبهة الداخلية الإسرائيلية رافي ميلوا أصدر قرار إبعاد بكيرات في 20 يونيو/حزيران الماضي، وأمهله 72 ساعة للاعتراض على القرار، لكن الجهود القانونية للاستئناف على  الإبعاد رُفضت جميعها بعد 13 يوما، بحجة أن بكيرات "ناشط في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ومتورط بنشاطات أمنية ويشكل وجوده في القدس خطرا على الأمن"، وفق تعبير ميلوا.

"هذه تهم ظالمة وملفقة، لن أنفذ القرار ولن أقبل الإبعاد على نفسي، إلا إذا أخرجت بالقوة فلا حول ولا قوة إلا بالله"، هذا ما قاله بكيرات للجزيرة نت وهو يستذكر كيف أبعده الاحتلال عن المسجد الأقصى أول مرة عام 2003، ورأى حينئذ أن السكوت على قرار الإبعاد سيفتح الباب على مصراعيه لموجة إبعادات أكبر في القدس.

وأكد بكيرات أن تصميمه على رفض قرار الإبعاد لا ينبع من حبه للقدس وحسب، بل ليقف عائقا أمام التساهل اللاحق في قرارات الإبعاد، مضيفا "إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض، غدا سيصبح الإبعاد عن القدس دارجا بحق الناشط وغير الناشط، حتى مقابل أبسط المخالفات من منظورهم".

‎ الشيخ ناجح بكيرات يعتصم في بيته رافضا تنفيذ قرار الإبعاد عن القدس (الجزيرة) نصف قرن في خدمة القدس

ولد بكيرات في يونيو/حزيران عام 1958 في قرية صور باهر جنوبي القدس، ودرس حتى الإعدادية في مدارس قريته، ثم الثانوية في مدارس المسجد الأقصى والتحق بالمعهد الشرعي فيه، ونال درجة البكالوريوس في الشريعة الإسلامية من كلية الدعوة وأصول الدين، وبعد سنوات نال درجة الماجستير بعد رسالته عن مساجد يافا، واختتم بشهادة الدكتوراة في تاريخ القدس من جامعة الزيتونة بتونس.

"منذ الصف التاسع وأنا في المسجد الأقصى، عشت طفولتي وشبابي فيه، حتى أكملت نصف قرن بين جنباته وفي خدمته"، يقول بكيرات ذلك وهو يشرح كيف شغل مناصب عديدة في دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، بدءا من منصب مدير المسجد الأقصى، ومدير الأملاك الوقفية، والمدير العام للتعليم الشرعي، وصولا إلى منصب نائب المدير العام لأوقاف القدس.

ورغم عمله داخل المسجد الأقصى، أبعد الاحتلال بكيرات عن الأقصى 32 مرة بمجموع 7 سنوات، كما استُدعي عشرات المرات للتحقيق لدى مخابرات الاحتلال، واعتُقل 30 مرة، ومُنع من السفر بمجموع وصل إلى 8 سنوات غير متصلة، كما حوكم عام 2015 ومُنع من الحديث إلى وسائل الإعلام لمدة 6 أشهر جددت حتى وصلت إلى عام كامل، ثم انتهى به المطاف أخيرا إلى الإبعاد عن القدس.

‎⁨الاحتلال يلاحق بكيرات بسبب تأثيره في المجتمع المقدسي⁩ (الجزيرة) تهمة التأثير

نشط بكيرات على الصعيد الإعلامي والأكاديمي والمجتمعي، فأسهم في مبادرات ترميم المصلى المرواني والأقصى القديم في تسعينيات القرن الماضي، كما ترأس لجنة التراث الإسلامي التي كانت تتخذ من مصلى باب الرحمة مقرا لها، وكان مديرا لأكاديمية الأقصى للعلوم والتراث، وبادر إلى مشروع "المتر الخيري" الذي يقول إنه لاقى رواجا كبيرا وأسهم في إنشاء العديد من الأوقاف والمدارس والمراكز الصحية.

وبعد هبّة باب الأسباط عام 2017، بدأ الاحتلال يترصد لبكيرات من كثب، ووجه إليه تهمة "التأثير على المجتمع المقدسي"، ويوضح بكيرات أن ذلك التأثير لم يكن إلا مبادرات إصلاح المجتمع، والحفاظ على الأوقاف والدفاع عن القدس ومقدساتها، بالإضافة إلى تأثيره الإعلامي، حيث نشط إعلاميا منذ عام 1987 وشارك في برامج تلفزيونية وإذاعية كثيرة، ما زال بعضها يبث حتى اليوم.

شارك بكيرات في أكثر من 100 ندوة ومؤتمر محلي وعالمي لنصرة القدس والمسجد الأقصى، ودرّس مساق بيت المقدس لمدة 7 سنوات في جامعة القدس، كما ألّف 5 كتب عن أوقاف القدس وفلسطين وما زالت كتب أخرى قيد النشر، ويقول للجزيرة نت إنه أسهم في افتتاح عشرات دور القرآن الكريم في القدس.

الاحتلال استهدف عائلة بكيرات واعتقل نجله الأكبر مالك لمدة 19 عاما (في مقدمة الصورة) (الجزيرة) استهداف العائلة

لم تسلم عائلة بكيرات من التضييقات، فلديه 6 أبناء ومثلهم بنات، وهو جدّ لنحو 20 حفيدا، ويقول إن الاحتلال عبر العقود الماضية اقتحم بيته مرارا وفتشه وعاث فيه خرابا، واعتقل أبناءه لفترات متفاوتة، كان أطولها 19 عاما بحق نجله الأكبر مالك الذي تحرر بنهاية عام 2020.

تمر الدقائق ثقيلة على الشيخ ناجح بكيرات، يترقب الباب متوقعا تنفيذ قرار الإبعاد في أي لحظة، ويصف لحظات الانتظار قائلا "والله إن القدس لأحبّ البلاد إليّ، ولولا أنهم أخرجوني منها ما خرجت، دائما ما أقول: أنا القدس والقدس أنا، لي ذكرى مع كل حجر فيها، إن أبعدوني عنها فهي تسكن في روحي، وأسأل الله أن تكون خاتمتي في القدس وأدفن بجانب جدي الصحابي عبادة بن الصامت".

يذكر أن الاحتلال ينتهج سياسة الإبعاد عن القدس بحق المقدسيين بشكل مؤقت أو نهائي، فقد أبعد العام الماضي 23 مقدسيا، كان أبرزهم المحامي صلاح الحموري الذي نفي إلى فرنسا وأبعد عن القدس في منتصف ديسمبر/كانون الأول 2022، كما أبعد الاحتلال مراد العباسي إلى رام الله في مطلع يونيو/حزيران العام المنصرم.

أما أكبر الإبعادات فكان عام 2010 بحق وزير القدس السابق خالد أبو عرفة، والنواب المقدسيين أحمد عطون ومحمد طوطح ومحمد أبوطير، الذين سحبت بطاقات إقامتهم في القدس نهائيا بسبب مشاركتهم في الحكومة الفلسطينية العاشرة عام 2006.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

هيئة مقدسية: ما يجري في المسجد الأقصى ينذر بمستقبل قاتم

القدس - صفا

أكدت الهيئة المقدسية لمناهضة الهدم والتهجير أن ما يجري في المسجد الأقصى المبارك، عملية انقضاض وإرهاب لم يحدث لها مثيل، وتنذر بمستقبل قاتم.

وبين رئيس الهيئة ناصر الهدمي، في تصريحات إعلامية له، يوم الجمعة، اطلعت عليه وكالة"صفا، أن جرائم الاحتلال بحق "الأقصى" ما هي إلا امتداد للسياسة الهمجية والإجرامية التي يتبعها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة وكافة المدن الفلسطينية.

وقال إن حكومة الاحتلال تعمل على خلط الأوراق وتفجير الأوضاع من خلال استمرار الحرب على غزة، وتمكينه من السيطرة الكاملة على المسجد الأقصى.

وأضاف أن الأحزاب المتطرفة، تريد أن تستغل هذا الواقع من أجل مزيد من التقدم باتجاه هدفها ببناء هيكلهم المزعوم مكان المسجد الأقصى.

وأطلق خطيب المسجد الأقصى المبارك، الشيخ عكرمة صبري، تحذيراً من أن الأحزاب اليهودية التي تقود حكومة الاحتلال تعد لـ"لإنقضاض على المسجد المبارك".

وقال الشيخ عكرمة إن تلك الأحزاب، تشعر بأن الوقت مناسب لتنفيذ مخططاتها التهويدية تجاه المسجد الأقصى، منبهاً إلى ، معتبراً أن تزايد اقتحامات المستوطنين الواسعة للمسجد ما هي إلا اعتداء صارخ وتحدٍ واستفزاز لمشاعر المسلمين.

وأكد أن ادعاء الوزير المتطرف بن غفير وتشكيكه في الوضع القائم في الأقصى، مشيراً إلى أن الهدف من الاقتحامات هو فرض السيطرة على المسجد.

وتستعد حكومة الاحتلال لأول مرة لتمويل اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى المبارك، من خلال ما تسمى بـ"وزارة التراث".

إذ ستخصص مليوني شيكل (نحو 545 ألف دولار) للمشروع من ميزانية وزيرها المتطرف “عميحاي إلياهو”.

وتشمل الخطة القيام بجولات “إرشادية” تهويدية للمستوطنين في الأسابيع المقبلة، استعدادًا لفترة الأعياد اليهودية.

يأتي ذلك بعدما شكّك وزير الأمن القومي المتطرف “بن غفير” في الوضع القائم في باحات المسجد الأقصى، مبديًا تأييده بناء كنيس في المكان.



 

 

مقالات مشابهة

  • عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
  • عشرات المستوطنين يقتحمون الأقصى
  • هيئة مقدسية: ما يجري في المسجد الأقصى ينذر بمستقبل قاتم
  • 50 ألفا يؤدون صلاة الجمعة فى المسجد الأقصى وسط الإجراءات المشددة للاحتلال
  • 50 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
  • رغم إجراءات الاحتلال .. 50 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في الأقصى
  • 50 ألف فلسطيني يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
  • 30 ألف مصلّ يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
  • 50 ألف مصلّ يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
  • الأردن: الاحتلال يسعى لتحقيق أهدافه بتهويد المسجد الأقصى