صحيفة صدى:
2025-03-31@18:10:33 GMT

انطلاق المؤتمر الاقتصادي السعودي العربي الأفريقي

تاريخ النشر: 9th, November 2023 GMT

انطلاق المؤتمر الاقتصادي السعودي العربي الأفريقي

الرياض

انطلقت اليوم الخميس، أعمال المؤتمر الاقتصادي السعودي العربي الأفريقي بحضور عدد من أصحاب السمو والمعالي، ونخبة من المسؤولين في المملكة والدول العربية والأفريقية، وقادة المال والأعمال والاستثمار من القطاعين الحكومي والخاص، والاتحادات التجارية، والمنظمات الدولية، والشخصيات البارزة في الأوساط الأكاديمية ومراكز الفكر، لبحث العلاقات وفرص التعاون المشتركة.

وقال وزير المالية الأستاذ محمد بن عبدالله الجدعان خلال كلمته الافتتاحية: ” إن عالمَنا اليومَ يمر بمرحلة تحوّلات اقتصادية عميقة حيث نشهدُ تسارع ظهورَ التقنياتٍ المُبتكرة، والتحوّلَ إلى قطاعاتٍ اقتصادية جديدة، وإعادةَ التصوّرِ لسلاسلِ الإمدادِ العالمية، مما يفتحُ آفاقاً جديدةً للتعاونِ الاقتصاديِّ والتنميةِ المشتركةِ بين المملكةِ ودول القارة الأفريقية، وخصوصًا مع وجود الممكنات في الجانبين، من موارد طبيعية، وموقع جغرافي مميز، وقوى بشرية شابة “.

وأكد الوزير الجدعان أن علاقة المملكة بالقارةِ الأفريقيةِ لا يحكمُها قربُ الموقعِ الجغرافيِّ فقط، بلْ نحنُ شركاءٌ، يجمعُنا تاريخٌ مشتركٌ ومصيرٌ مشتركٌ، حيث تعود أصولُ التجارةِ مع القارة الأفريقية إلى العصورِ القديمة، حين اعتمد التجارُ في الجزيرة العربية على طرقِ التجارةِ إلى أفريقيا، وكانت ولا زالت المملكة سوقاً نشطةً للسلعِ الأفريقيةِ على مدى قرونٍ.

وأضاف: منحَنا تاريخُنا المشتركُ ما يُتجاوزُ الروابطَ الاقتصاديةَ، فلدينا أوجهُ تشابهٍ في ثقافاتِنا وجغرافيتِنا، وقواسمُ مشتركةٌ بينَ شعوبِنا، وممكنات مشتركة في اقتصاداتِنا والتي عززت الفهم المشتركِ ورسخت العلاقاتٍ الوطيدةٍ بينَ مجتمعاتِنا، وفي ظلِّ التحدياتِ الكبرى التي يشهدُها الاقتصادُ العالميُّ، فإننا نؤمن أن للقارةِ الأفريقية دور مهمُ في التعاملِ معَ هذه التحديات.

وأشار إلى أن المملكةُ كانت من أوائلِ الدول المُطالبةِ بانضمامِ الاتحادِ الأفريقيِّ إلى العضويةِ الدائمةِ بمجموعةِ العشرين كما تدعم المملكةُ استحداث مقعدٍ إضافيٍّ لأفريقيا في المجلسِ التنفيذي لصندوقِ النقدِ الدوليِّ، وذلك لتعزيز صوت القارة الأفريقية في المحافل الدولية، حيث ندرك قيمةَ وجهاتِ النظرِ المختلفةِ في تشكيلِ السياساتِ العالميةِ، ونؤمنُ بأنَّ صوتَ أفريقيا مهمَ في جميعِ المحافلِ الدوليةِ.

وأكد أن شراكة المملكة معَ أفريقيا قويةٌ ومتنامية على جميع الأصعدة، فقد دأبتْ المملكةُ على عقدِ الشراكاتِ المهمةِ معَ الكياناتِ الأفريقيةِ بهدف التوسعِ في عددٍ منَ القطاعاتِ، كقطاعات الطاقة والتعدينِ والزراعةِ، وغيرها، حيث تعد المملكةَ وأفريقيا شريكاً تجارياً ووجهةً استثماريةً رئيسية.

وبين الوزير الجدعان أنه على صعيد تطوير خطوط الملاحة البحرية تعمل الهيئة العامةُ للموانئِ في المملكةِ على تعزيزِ حركة السفنِ في البحرِ الأحمرِ، والربط بمختلفِ الموانئِ الأفريقيةِ، تبذلُ المملكةُ جهوداً مماثلةً فيما يخصُّ الوجهات والخطوط الجوية، إضافة لذلك، فقد أطلقتْ المملكة مؤخراً برنامجاً يهدفُ إلى تيسيرِ التجارةِ في الخدماتِ بينَ المملكةِ وأفريقيا والتوسعِ فيها، وذلكَ في إطارِ التعاونِ معَ المنتدى الاقتصاديِّ العالميِّ، حيث تستهدفُ هذه المبادرةُ التكاملَ الإقليميَّ الذي يمثلُ مجالاً من مجالاتِ النموِّ غيرِ المستغلة.

وفي سياق التنمية تطرق إلى دور الصندوق السعودي للتنمية وشراكته طويلة الأمد مع أفريقيا، حيث كانَ له دورٌ مهمٌ في تمويلِ البنيةِ التحتيةِ الأساسيةِ كالطرقِ والسدودِ والمستشفياتِ والمدارسِ، ودعمِ ما يزيدُ على 400 مشروعٍ في القارةِ الأفريقية مفيدًا أن المؤتمر سيشهد توقيعُ الصندوقُ السعوديُّ للتنميةِ اتفاقيات معَ عددٍ منَ الدول الأفريقيةِ لتنفيذِ مشروعاتٍ تنمويةٍ تُقدَّرُ قيمتُها بأكثرِ من ملياريْ ريال سعودي، كما ستنضمُ إلينا اليومَ مؤسساتُ التنميةِ التابعةُ لمجموعةِ التنسيقِ العربيةِ التي ستعلن عن برامجها التمويلية الضخمة لدعم التنمية المستدامة في القارة الأفريقية حتى عام 2030، مؤكدًا أن مكاسب هذه الشراكات لن تعود بالنفع على المملكة والقارة الأفريقية فحسب، بل على العالم أجمع.

وقال: ” إن من أكبر التحديات التي تواجه العديد من الدول في القارة الأفريقية هو القدرةُ على تحمُّلِ أعباء الديونِ، وقد قطعْنا وبحمدِ اللّهِ شوطاً في مواجهةِ تحدياتِ الديونِ الأفريقيةِ من خلالِ مبادرتي تعليقِ مدفوعاتِ خدمةِ الدَّينِ والإطارِ المشتركِ لمجموعةِ العشرين اللتينِ تم إطلاقهما خلالَ رئاسةِ المملكة العربية السعودية لمجموعةِ العشرين في عام 2020م والتي أسهمت في تقديم الدعم لعدد من الدول في معالجة الديون من خلال الإطار المشترك لمجموعة العشرين كما لا يزال العمل جارٍ لتوسيع الدعم لدول أخرى في القارة الأفريقية وقدْ تلقتْ تشادُ وزامبيا الدعمَ في معالجة الديون منْ خلالِ الإطارِ المشتركِ لمجموعةِ العشرين، ونعمل حالياً مع مجموعة الدائنين لدعمِ غانا وإثيوبيا ودول أخرى”.

واختتم وزير المالية كلمته بقوله : ” إنَّنا نجتمعُ اليومَ في مرحلة مهمة تتسمُ بالإمكاناتِ الهائلةِ للجانبين، فلنجعلْ هذا المؤتمرَ الاقتصاديَّ فرصةً لنا جميعاً لتكثيفِ الجهودِ وتعزيزِ التعاونِ من خلالِ النقاشِ والحوارِ البناء ومشاركةِ الأفكارِ وعقدِ شراكاتٍ دائمة.

المصدر: صحيفة صدى

كلمات دلالية: المؤتمر الاقتصادي السعودي العربي الأفريقي المملكة القارة الأفریقیة فی القارة

إقرأ أيضاً:

ترتفع الحرارة فيهرعون للبنادق.. كيف نفهم منطق حروب الساحل الأفريقي؟

في يونيو/حزيران 2019؛ نشرت مجلة "نيتشر" بحثا أجراه فريق من جامعة ستانفورد بالولايات المتحدة الأميركية، يُظهر أن ثمة علاقة طردية بين تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة وتفاقم خطر نشوب الصراعات المسلحة العنيفة داخل الدول.

وتُظهر الدراسة أن خُمس الصراعات الأهلية التي وقعت بين عامي 1950 و2004، والبالغ عددها 250 صراعًا، بدا أن ارتفاع درجات الحرارة قد أثر فيها بشكل ملحوظ. وبرغم اختلاف مستويات الفقر وحالة الديمقراطية وأعراق السكان؛ فإن هذا التنوع لم يُلغِ العلاقة السببية المركبة بين المناخ والصراع في كل الحالات.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"لن يقول لك وداعا".. هل يقع الإنسان في حب الروبوت؟list 2 of 2القنابل الخمس التي تستخدمها إسرائيل في إبادة غزةend of list

لا تظهر علاقة المناخ بالصراع في معادلة خطية ومباشرة؛ لكن التغيرات المناخية تنتج العديد من الأسباب التي تتداخل للتأثير في احتمال نشوب الصراع. وهنا تؤدي الأقدار الجغرافية دورها، إذ تكون بعض المناطق والأقاليم معرضة أكثر لتأثيرات التغيرات المناخية ومن ثم تصبح عرضة لخطر النزاعات.

ففي أفريقيا؛ وعلى الرغم من أن نسبة مساهمة القارة في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية تصل إلى قرابة 4% فقط، تعدّ البلدان خاصة دول الساحل الأكثر تضررا من التغيرات المناخية، التي أثرت بشكل مباشر في البيئة الأمنية هناك.

إعلان

تتعدد التعريفات الجيوسياسية لمنطقة الساحل الأفريقي، فمنها ما يحدد تلك المنطقة بأنها تمتد من إريتريا شرقا إلى السنغال غربا، لتكون بمثابة الحزام الأوسط الذي يفصل بين الصحراء الأفريقية الكبرى شمالًا والمناطق الاستوائية جنوبًا.

ورغم أنها تسمى دول الساحل، وقد يبدو للوهلة الأولى أنها دول بحرية، فإن أغلبها دول حبيسة، تقع عند التقاء منطقتين مختلفتين في المناخ والغطاء النباتي، ومن الدول الخمس الداخلة ضمن نطاق ما يسمى "تجمع الساحل الخماسي"، أربع دول لا شواطئ لها، وهي تشاد والنيجر ومالي وبوركينا فاسو، والدولة الوحيدة منها التي تقع على المحيط الأطلسي هي موريتانيا.

ومنذ بدء استقلالها في ستينيات القرن الماضي، تشهد دول الساحل بشكل متكرر عواصف من النزاعات العنيفة في ظل ضعف الحوكمة وهشاشة الشرعية السياسية لدول ما بعد الاستعمار، فضلا عن التدهور الاقتصادي وتراجع معدلات التنمية على نحو حاد، وهي نزاعات لا يمكن فصلها بحال عن التأثير الخارجي للدول التي تتصارع على موارد الطاقة والمعادن وغيرها من الثروات التي تنعم بها القارة السمراء.

وعلى الرغم من مركزية العوامل الموضوعية في فهم مسببات الصراع وطبيعته، إلا أن الالتفاتة إلى زاوية التغير المناخي كعامل مساهم في تأجيج الصراعات، تمنح المحلل والمتابع عدسة جديدة للنظر والتبصر في الواقع. فهل ثمة علاقة لهذه النزاعات المتكررة بالتغيرات المناخية في المنطقة؟ وكيف أثرت عمليات التحول المناخي في إنتاج وتعميق الصراعات الأمنية والسياسية؟

أفريقيا.. من يدفع الثمن؟

كشف تقرير للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية صادر في سبتمبر/أيلول 2024 أن القارة الأفريقية سجلت على مدار السنوات الستين الماضية اتجاهًا للاحترار أصبح أسرع من المتوسط العالمي، بنحو +0.3 درجة مئوية كل عشر سنوات بين عامي 1991 و2023. وفي عام 2023؛ شهدت القارة موجات حرّ مميتة وأمطارًا غزيرة، وفيضانات وأعاصير مدارية وموجات جفاف طويلة.

إعلان

كما أشار التقرير إلى أن عام 2023 كان أحد الأعوام الثلاثة الأعلى حرارة في أفريقيا منذ بدء تسجيل درجات الحرارة قبل 124 عاما، وغالبا يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى زيادة التبخر وتدهور الأراضي الزراعية، كما أن البلدان الأفريقية تخسر في المتوسط ما بين 2 و5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويحوِّل الكثير من هذه البلدان ما يصل إلى 9 في المئة من ميزانياتها لمواجهة الظواهر المناخية المتطرفة.

وبشكل أخص؛ يشير تقرير آخر صادر عن معهد ستوكهولهم الدولي لأبحاث السلام عام 2023 إلى أن متوسط درجة الحرارة في منطقة الساحل قد ارتفع بمقدار 1.5 درجة مئوية خلال القرن الماضي، ومن المتوقع أن يرتفع بمقدار 3-5 درجات مئوية بحلول نهاية القرن الحالي.

وحسب نفس المصدر، فإن التغيرات المناخية في هذه المنطقة تشمل ارتفاع درجات الحرارة، وتغير أنماط هطل الأمطار، وزيادة تواتر وشدة الظواهر الجوية المتطرفة (الجفاف، الفيضانات، العواصف).

وقد رصد الصليب الأحمر في تقرير صدر عام 2024، الآثار البيئية للتغيرات المناخية في دول الساحل، مشيرا إلى تأثر أكثر من 1.3 مليون شخص بالفيضانات بدولة النيجر، إلى جانب تدمير أكثر من 146 ألف منزل، وخسارة هائلة في الأرواح، وتدمير أكثر من 22 ألف هكتار من المحاصيل.

وفي دولة تشاد؛ تأثر أكثر من 1.9 مليون شخص، وجرى تدمير 217,779 منزلًا، و432,203 هكتارًا من الأراضي الصالحة للزراعة، ونفق أكثر من 72,000 رأس من الماشية.

ومن بين آثار التغيرات المناخية العديدة على المنطقة، تبدو ظاهرة تغير أنماط الأمطار ذات خصوصية بالنسبة للأوضاع الداخلية في المنطقة، حيث تزداد فترات الجفاف الشديد وتعقبها فيضانات مدمرة؛ مما يؤثر في الزراعة والثروة الحيوانية، ويشير تقرير للبنك الدولي إلى أن 75% من أراضي منطقة الساحل تعاني من الجفاف الشديد.

إعلان

وتذهب التقديرات إلى أن الجفاف الذي ضرب دولة النيجر قبل سنوات، تسبَّب في نفوق ما يربو على 4.8 ملايين رأس من الماشية، أي نحو 25% من قطعان الماشية هناك، وهو ما يمثِّل خسارة أكثر من 700 مليون دولار لاقتصاد هذا البلد.

وفي المجمل؛ تؤثر التغيرات المناخية في منطقة الساحل وشمال أفريقيا بصفة عامة، في تدهور الأراضي وزيادة التصحر، وتدهور التربة، وإجهاد المحاصيل، وانخفاض إنتاجية الثروة الحيوانية، إلى جانب عدم القدرة على التنبؤ بالمواسم الزراعية، وتدهور الأراضي الزراعية، وفقدان المحاصيل، ونقص المياه، ومن ثم المزيد من تدهور الأوضاع الاقتصادية وزيادة الفقر.

ولكن ما علاقة هذا كله بالنزاعات ذات الطابع السياسي؟ وما الديناميات التي تؤثر من خلالها التغيرات المناخية في إذكاء التوترات السياسية والعرقية في منطقة دول الساحل؟

الكاتب: للتغيرات المناخية وما خلفته من شح في الموارد الطبيعية مثل المياه والأراضي الزراعية، بمنطقة الساحل الأفريقي، تأثيرا في زيادة التنافس والصراعات (رويترز) صراع لاقتسام الموارد الشحيحة

يبدو أن للتغيرات المناخية وما خلفته من شح في الموارد الطبيعية مثل المياه والأراضي الزراعية، بمنطقة الساحل الأفريقي، تأثيرا في زيادة التنافس والصراعات بين السكان في دول تقوم على نظام قبلي، وخاصة بين الرعاة والمزارعين؛ مما يزيد من احتمال تفاقم النزاعات الإثنية المسلحة.

وفي ذلك يشير تقرير لمجموعة البنك الدولي إلى أن "الوضع ازداد تعقيدا في السنوات الأخيرة جراء فترات الجفاف الطويلة؛ مما أدى إلى تدهور متزايد لأحوال الأمن في بعض بلدان منطقة الساحل، واضطرار السلطات لفرض المزيد من القيود على تحركات الرعاة وقطعانهم بين بلدان الساحل، وقد تسبب هذا الوضع في نشوب منازعات أكثر تكرارا قد تكون أشد خطورة وأوسع تأثيرا مستقبلا".

من جهته، يشير المعهد السويدي للشؤون الدولية إلى أن هذه التغيرات السريعة والحادة تؤدي إلى زيادة التوترات والصراعات المحلية لاقتسام الموارد المحدودة أصلا، كما يدفع تفاقم الفقر والبطالة المتضررين من تدمير مواردهم إلى البحث عن تدبير سبل معيشتهم بكل الطرق المتاحة، وهو ما يوجِد تربة خصبة للجريمة المنظمة والعنف والانضمام إلى الجماعات المسلحة التي تمثل البديل الاقتصادي الأكثر ربحية.

إعلان

وعلى سبيل المثال، في دولة مالي أدى الجفاف وتدهور الأراضي الزراعية إلى نزوح العديد من المزارعين والرعاة إلى المدن؛ مما زاد من الضغط على الموارد والبنية التحتية، وساهم في تفاقم الأزمة الأمنية، كما أن مساحة بحيرة تشاد التي تشكل موردا حيويا لملايين الأشخاص في محيطها، تقلصت بشكل كبير بسبب الجفاف وتغير المناخ، وهو ما أدى إلى تفاقم النزاعات بين التجمعات السكانية التي تعتمد على البحيرة في معيشتها.

ما يبدأ نزاعا على الموارد يتحول صراعا مسلحا

تمثل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، الناجمة عن التغيرات المناخية في دول الساحل، رافدا إضافيا للنزاعات المسلحة رغم تعدد اتجاهاتها السياسية والدينية، وتشكل المظالم المحلية التي ينتجها شح الموارد بيئة محفزة لنمو التيارات المسلحة، في ظل هشاشة الدول والنظم الاجتماعية بهذه المناطق.

ففي السنوات الأخيرة؛ تحولت منطقة بحيرة تشاد إلى إحدى أكثر المناطق اضطرابًا في العالم، وصنف مؤشر الإرهاب العالمي بلدانها ضمن الدول العشر الأقل أمانًا في القارة الأفريقية، فتنظيم "بوكو حرام" المسلح، الذي استوطن الجزء الشمالي من نيجيريا، سرعان ما امتد نشاطه إلى جنوب غرب تشاد، وشرق النيجر، وشمال الكاميرون.

ومنذ عام 2015، أصبح تنظيم "داعش غرب أفريقيا" اللاعب الأبرز في بحيرة تشاد، وتقاسم مع بوكو حرام، السيطرة على المنطقة، قبل أن يحسم معركة الصراع في شمال شرق نيجيريا، إثر مقتل أبي بكر شيكاو زعيم بوكو حرام في مايو/أيار 2021.

ولا يمكن النظر لهذه العوامل دون النظر بالتوازي للمسببات والمحركات الدولية من دول وشركات ترى قارة أفريقيا بوصفها قارة ثروات ونفوذ، وتعتبرها مسرح شطرنج تدور فيه أحجار كل طرف لتعزيز ثرواته ونفوذه السياسي والاقتصادي على حساب منافسيه.

ضغط الهجرة المناخية

كما أدى تدهور الأراضي الزراعية وتناقص الموارد المائية إلى هجرة السكان من المناطق المتضررة، مما فاقم ظاهرة الهجرة في هذه البلدان التي تعاني أصلا من نزوح داخلي وخارجي بسبب النزاعات المسلحة.

إعلان

وساهمت موجات النزوح في زيادة الضغط على المدن وعلى البنية التحتية والخدمات الأساسية، مما يخلق تحديات اجتماعية واقتصادية جديدة مثل زيادة معدلات الجريمة، بما في ذلك السرقة والنهب، وبالتالي تنامي انعدام الأمن.

وتشير توقعات للبنك الدولي إلى أن القارة الأفريقية ستكون الأكثر تضررا من تغيّر المناخ، مع ما يصل إلى 86 مليون أفريقي سيهاجرون داخل بلدانهم بحلول عام 2050، ويمكن أن تظهر النقاط الساخنة للهجرة المناخية في وقت مبكر من عام 2030.

ويظهر تقرير آخر بعنوان "التحولات الأفريقية" أطلقته مبادرة التنقل من أجل المناخ في أفريقيا؛ أنه بحلول عام 2050، يُتوقع أن يتسبب تغيّر المناخ بانتقال 1.2 مليون شخص عبر الحدود الوطنية داخل القارة الأفريقية، ومن الممكن أن يرتفع عدد الأشخاص الذين ينتقلون بحثا عن الحماية وسبل العيش الأفضل داخل بلدانهم الأصلية بسبب تأثيرات المناخ في السنوات الثلاثين القادمة ليصل إلى 113 مليون شخص من سكان أفريقيا.

وغالبا ما تؤدي هذه الموجات من الهجرة إلى ضغط على دول الاستقبال، ونزاعات بينها وبين دول المصدر، وهو ما تعانيه دول شمال أفريقيا وجيرانها في الضفة الشمالية للبحر المتوسط، خلال السنوات الأخيرة، جراء تزايد تدفق المهاجرين من دول الساحل وجنوب الصحراء، بسبب النزاعات والأزمات الإنسانية.

وتشير تقديرات المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إلى أنه ما لم تُتخَّذ تدابير كافية للاستجابة لهذه الأوضاع، فإن ما يصل إلى 118 مليون شخصا يعانون من الفقر المدقع ويعيشون على أقل من 1.90 دولار أمريكي في اليوم، سيتعرضون للجفاف والفيضانات والحرارة المتطرفة في أفريقيا بحلول عام 2030، وهو ما سيضع أعباء إضافية على جهود التخفيف من حدة الفقر ويعرقل مسيرة التنمية، وبالتالي تفاقم النزاعات الناجمة عن التغيرات المناخية التي تزيد من مأساة القارة التي يستابق الكثيرون من دول العالم للسيطرة على مواردها وثرواتها.

إعلان

مقالات مشابهة

  • الرئيس السيسي يستمع لفقرة غنائية لمجموعة من الأطفال خلال احتفالية عيد الفطر
  • 16 أغسطس موعد انطلاق موسم 2025-2026
  • ولي العهد السعودي لسلام: المملكة تقف دائماً إلى جانب لبنان وهي حريصة على استعادة ازدهاره
  • ترتفع الحرارة فيهرعون للبنادق.. كيف نفهم منطق حروب الساحل الأفريقي؟
  • المدير التنفيذي لمجموعة «إفكو» لـ «الاتحاد»: 12.2% نمو سنوي لمبيعات الأغذية عبر الإنترنت خلال 2025 - 2028
  • اتصال هاتفي بين وزيري خارجية مصر والإمارات لتكثيف وتيرة التنسيق المشترك
  • ناميبيا تشهد انتعاشًا طفيفًا في النمو الاقتصادي على مدار العامين المقبلين
  • وزير الشئون النيابية: النخب السياسية والأحزاب عليها دور فى توعية الرأى العام
  • وزير الشئون النيابية: الحكومة تحرص على فتح مساحات الحوار والتواصل مع الأحزاب
  • خبير اقتصادي: القارة الأفريقية عمق استراتيجي وقومي لمصر