قال مجمع البحوث الإسلامي، إنه لمّا أُسْريَ بالنَّبيِّ ﷺ إلى المَسجِدِ الأقْصى أصبَحَ يَتحدَّثُ النّاسُ بذلك، فارتَدَّ ناسٌ ممَّن كانوا آمَنوا به وصَدَّقوه، وسعَوْا بذلك إلى أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه، فقالوا: هل لكَ إلى صاحِبِكَ يَزعُمُ أنَّه أُسْريَ به اللَّيلةَ إلى بَيتِ المَقدِسِ، قالَ: أو قالَ ذلك؟ قالوا: نعمْ، قالَ: لَئنْ كانَ قالَ ذلك لقد صدَقَ، قالوا: وتُصدِّقُه أنَّه ذهَبَ اللَّيلةَ إلى بَيتِ المَقدِسِ وجاءَ قبلَ أنْ يُصبِحَ؟ قالَ: نعمْ، إنِّي لأُصدِّقُه فيما هو أبعَدُ من ذلك، أُصدِّقُه بخَبرِ السَّماءِ في غَدْوةٍ أو رَوْحةٍ؛ فلذلك سُمِّيَ أبو بَكرٍ الصِّدِّيقَ.

وقال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، إن أهمية بيت المقدس تجلت في الإسلام عندما أسري بالرسول ﷺ من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي‏,‏ فكان ذلك إيذانا بانتقال الأرض المقدسة والمسجد الأقصي إلي ظل الدين الخاتم والرسالة الأخيرة‏,‏  وظهر اهتمامه بها مع أولي مراحل الدعوة; يوم أن كان المسلمون قلة قليلة مستضعفة في مكة, لترسخ مكانتها في القلوب رسوخ عقيدة التوحيد, ولتؤكد مكانة القدس في الإسلام كواحد من أهم المعالم الإسلامية.

ففي هذه الرحلة المباركة تجلت وحدة الرسالات السماوية وأصل التوحيد, فكل الرسل جاءوا بدعوة الإسلام, قال تعالي: { قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } وقد التقي رسولنا الكريم ﷺ في هذه الرحلة بإخوانه من الأنبياء, وصلوا صلاة واحدة يؤمهم فيها صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين, للدلالة علي أن آخر الرسل موصول بأولهم.

ومما عزز مكانة القدس في الإسلام أن الصلاة التي هي عماد الدين فرضت خلال رحلة المعراج منها إلي السماء ،وكانت القدس هي القبلة الأولي حتى جاء الأمر بتحويلها إلي البيت الحرام بعد ذلك ،لقد أصبحت هذه الرحلة رمزا أبعد وأوسع من حدود الزمان والمكان لتأكيد أن الإسلام هو دين الله الخاتم وهو الدين الذي أرسل بأصله الأنبياء والمرسلون لهداية العالمين.

فكما أرسل الله سبحانه الرسل بالعهد القديم والعهد الجديد, قد ختمهم برسول الله محمد ﷺ الذي أنزل معه الرسالة الخاتمة: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ } [آل عمران: 81] وفي الحديث أن رسول الله ﷺ قال: «إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بني بيتا فأحسنه وأجمله, إلا موضع لبنة من زاوية, فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة قال فأنا اللبنة, وأنا خاتم النبيين» [صحيح البخاري].

وقد كانت عودة المسلمين للقدس في عهد عمر بن الخطاب مثالا لعظمة هذا الدين الخاتم. 

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

مجمع البحوث الإسلامية يعقد ندوة «الفطرة.. ومقومات إصلاحها»

أكد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية خلال كلمته في الأسبوع الدعوي الثالث المنعقد بجامعة سوهاج، والذي تنظمه اللجنة العليا للدعوة الإسلامية بالأزهر، بعنوان «الفطرة.. ومقومات إصلاحها»، أن دليل الفطرة راسخ في نفوس البشر بما قد لا يحتاج الإنسان معه إلى استدلال آخر، ومما يدل على ذلك لجوء الإنسان وفزعه إلى خالقه سبحانه عند الشدة والحاجة، سواء كان هذا الإنسان موحدا أو مشركا، فإن بني آدم جميعا يشعرون بحاجتهم وفقرهم لله، وهذا الشعور أمر فطري، فالفقر وصف ذاتي لهم، فإذا ألمت بالإنسان مصيبة قد تؤدي به إلى الهلاك، فزع إلى خالقه سبحانه، والتجأ إليه وحده دون ما سواه، وشعور هذا الإنسان بحاجته وفقره إلى ربه تابع لشعوره بوجوده وإقراره بذلك.

الأزهر للفتوى يوضح أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد مجمع البحوث الإسلامية ينعى شقيقة شيخ الأزهر

وأوضح "الجندي"، أن معرفة الله -تعالى- مع أنها فطرية؛ إلا أنه قد تتعرض هذه الفطرة أحيانا لما يشوهها، فيلزم حينها النظر والاستدلال، واستخدام كافة الأدلة التي تسوق صاحب النزعة المادية إلى القناعة الحسية والعقلية يوجود الله -تعالى- (برهان السمع، والحس والعقل...)، لافتا أن الإنسان، المخلوق لعبادة الله وعمارة الأرض، يولد بالضرورة، مفطورا على الإيمان بالله، ومعترفا في قرارة نفسه بربوبية الخالق -عز وجل-، التي شهد بها على نفسه أمام الله تعالى، في عالم الذر منذ الأزل، بموجب الميثاق الأعظم، وفق تعبير بعض فلاسفة ومتصوفة الإسلام كالإمام الجنيد رحمه الله تعالى.

من جهته، قال الدكتور محمد عبد المالك الخطيب، نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه القبلي، إن علماء الأزهر حرصوا على التواصل مع الشباب بجامعة سوهاج لتعليمهم أمور دينهم وتوضيح ما أُلبس عليهم من قضايا، لافتا أن الندوات تتوالى وتتجدد، وموضوع الفطرة وسبل إصلاحها يفرض نفسه كأحد المواضيع المهمة، موضحا أن الفطرة معناها الصفة والخلقة التي خلق الله الإنسان عليها، وفُطر الإنسان على محبة الدين.

وأشار فضيلته، أن مواقع التواصل الاجتماعي لها فوائد ولها سلبيات طبقا لطبيعة الاستخدام، مشيرا إلى طغيان  سلبياتها بشكل كبير خاصة بين فئات الشباب، مؤكدا أن الفضاء المفتوح الذي تعمل فيه هذه الوسائل زاد من خطورة تأثيرها في ظل الغزو الثقافي الغربي وصناعة المحتوى الموجه لتطبيع السلوكيات المنافية للفطرة، محذرا الشباب من مغبة تخريب فطرتهم، قائلا: "لا تأخذوا من التكنولوجيا ما يخرب فطرتكم ولكن خذوا ما يحفظها ويصلحها".

حضر الندوة الدكتور حساني النعماني رئيس جامعة سوهاج، الذي رحب بعلماء الأزهر، معربا عن سعادته بتواجدهم في رحاب الجامعة لتحصين شبابها من الفكر المتطرف، كما حضر الندوة لفيف من عمداء الكليات وأساتذة الجامعة وعلماء الأزهر الشريف، وأدار الندوة الأستاذ محمد الدياسطي عضو المركز الإعلامي بمشيخة الأزهر.

 

تأتي لقاءات «أسبوع الدعوة الإسلامي» الثالث، التي تستمر على مدار هذا الأسبوع في رحاب جامعة ومساجد سوهاج، في إطار مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي،" بداية جديدة لبناء الإنسان"، وتهدف إلى إعداد خريطة فكرية تتناول بناء الإنسان من جميع جوانبه الفكرية والعقدية والاجتماعية، وترسيخ منظومة القيم والأخلاق والمثل العليا في المجتمع، وذلك بمشاركة نخبة من علماء الأزهر الشريف.

 

 

مقالات مشابهة

  • «البحوث الإسلامية» يواصل فعاليات أسبوع الدعوة بسوهاج حول: «دور المرأة في العمران»
  • مجمع البحوث الإسلامية يعقد ندوة «الفطرة.. ومقومات إصلاحها»
  • نتنياهو: لو فعل حزب الله ما خطط له لتعرضنا لأضعاف ما تعرضنا له في السابع من أكتوبر
  • البحوث الإسلامية: دليل الفطرة راسخ في نفوس البَشَر ولا يحتاج إلى استدلال آخر
  • أمين البحوث الإسلامية: دليل الفطرة راسخ في النفوس ولا يحتاج استدلالا آخر
  • أمين البحوث الإسلامية: مفهوم الحوار في الإسلام لم ينسلخ عن مطالبات الفطرة الإنسانية
  • رسائل أمين البحوث الإسلامية عن الحوار الحضاري والدعوي في الإسلام
  • الأمين العام لـ«البحوث الإسلامية»: مفهوم الحوار بالإسلام لم ينسلخ عن مطالبات الفطرة الإنسانية
  • أمين البحوث الإسلامية: شيخ الأزهر دائما يجدِّد دعوتَه للحوار
  • أمين البحوث الإسلامية: الحوار لم ينسلخ في المنظور التشريعي عن مطالبات الفطرة الإنسانية