عربي21:
2024-09-19@03:23:26 GMT

حكومة فيشي والحرب النفسيّة على غزّة

تاريخ النشر: 9th, November 2023 GMT

شَرَعت الإدارية الأمريكية بقيادة وزير خارجيتها أنتوني بلينكن، وبإسنادٍ من المتحدث باسم الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي، وغيرهما من المسؤولين بحملة واسعة من العلاقات والتصريحات بشأن حكم قطاع غزة ما بعد القضاء على حماس، كما يقولون، وهو الأمر الذي تم طرحه على العديد من الوزراء العرب في المنطقة.

ما يثير الغرابة أن الأمريكيين يتحدثون ويبحثون ذلك، في وقت يعاني فيه الكيان الإسرائيلي من فشل أمني واستخباري وعسكري مريع في مواجهة المقاومة وكتائب القسام في غزة، فمنذ أكثر من عشرة أيام ومع بدء الحرب البرية وجيش الاحتلال لا زال يقصف ذات المناطق في شمال وغرب قطاع غزة بأحزمة نارية زلزالية، ولم يستطع التقدم إلا مئات من الأمتار، يضطر أحياناً إلى التراجع عنها، بفعل ضربات المقاومة وكمائنها وقدرتها على الالتفاف خلف خطوط العدو وضربه في مقتل، وهذا ما دلّت عليه أيضاً الفيديوات التي تنشرها كتائب القسام، ناهيك عن سقوط المئات من جنود الاحتلال حسب إعلاناته الرسمية والتي لا تعبّر بالضرورة عن عين الحقيقة.



كما فَشِل الاحتلال في إرغام المدنيين على النزوح من الشمال إلى جنوب قطاع غزة، ومن ثمّ تهجيرهم إلى سيناء، وما يشاهده المراقب يؤكد على عكس مُراد الاحتلال، فلا زال نحو 900 ألف فلسطيني يعيشون في مدينة غزة وشمالها ويرفضون النزوح رغم القصف الوحشي والجنوني الذي أودى بحياة الآلاف من الأطفال والمدنيين، ناهيك عن قطع المياه عنهم وكافة خطوط الإمداد الإنساني من دواء وغذاء.

يضاف إلى كل ذلك، سقوط سردية الاحتلال وروايته عالمياً، وصعود السردية الفلسطينية المشفوعة بصور الواقع وعلى الهواء مباشرة، ما حرّك شعوب العالم من اليابان إلى تشيلي و الرأي العام في قلب واشنطن ولندن وكافة العواصم الغربية، ما تسبّب بحرج شديد للدول الداعمة للاحتلال وللإدارة الأمريكية ولشخص الرئيس بايدن الذي بدأت تتراجع نسب التأييد له في الحزب الديموقراطي بين الليبراليين وفي قطاعات الشباب الذين يرفضون الدور الأمريكي في الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.

هذا ناهيك عن الإدانات الدولية، دولاً ومنظمات، لما يجري من قتل للأطفال بشكل مروّع، وهو ما دفع الأمين العام للأمم المتحدة السيد غوتيريش بوصف الوضع في غزة بالمقبرة للأطفال، نتيجة العدوان والقصف الإسرائيلي.

وإذا كان الميدان ونتائج المعركة والقدرة على تحقيق الانتصار لأي طرفٍ هو من يرسم مستقبل قطاع غزة، وإذا كان انتصار المقاومة يكمن في إفشالها لأهداف الاحتلال، فهذا يعني وبناءاً على معطيات الواقع المرشّح استمراره بصمود والمقاومة والشعب الفلسطيني في مواجهة آلة الحرب والعدوان الصهيوني، يصبح كلام بلينكن وكيربي وغيرهما من الشخصيات الأمريكية التي تتحدث بتوافق وتقاطع مع قيادات الاحتلال، تصريحات ومساعٍ مشكوك في نجاحها بل تبدو مستحيلة.

الحراك الأمريكي الاستباقي هو خطوة غير واقعية، مبنية على أماني مغمّسة بغطرسة الأقوياء الذين اعتادوا على أن أحلامهم واقعٌ في ميادين الضعفاء، ولم ينتبهوا بأنهم يواجهون شعباً جباراً حراً، لا يقبل الوصاية، ولا يقبل بأمثال حكومة فيشي الفرنسية التي أخذت على عاتقها ضبط الأوضاع في فرنسا على إيقاع المحتلين الألمان،أمام تلك الصورة، يبدو أن التصريحات والحراك الأمريكي يهدف لتحقيق أمرين:

أولاً ـ محاولة الضغط النفسي على المقاومة، كما الضغط على الحاضنة الشعبية، في محاولة أمريكية لبث اليأس والاحباط في النفوس، بإشعارهم أن الأمور منتهية لصالح الاحتلال، وكأن الأمر تحصيل حاصل، ليس إلا.

ثانياً ـ محاولة الإدارة الأمريكية الضغط على الدول العربية والإسلامية، ودفعها للتفكير بإدارة قطاع غزة أو أن تكون شريكاً في إدارته بعد العدوان، مع إيهام الجميع بأن الأمر منتهي لصالح الاحتلال الإسرائيلي، ومن ثم دفع تلك الدول لخفض سقف توقعاتها وسقف موقفها السياسي قُبيل انعقاد القمة العربية وقمة التعاون الإسلامي في 11 و 12 تشرين الأول/أكتوبر الجاري في السعودية، وبالتالي إضعاف الموقف العربي والإسلامي عموماً والذي يُفترض به أن يَصْعد باتجاه الضغط لوقف العدوان وفتح الممرات الإنسانية لإغاثة المدنيين.

إذن الحراك الأمريكي الاستباقي هو خطوة غير واقعية، مبنية على أماني مغمّسة بغطرسة الأقوياء الذين اعتادوا على أن أحلامهم واقعٌ في ميادين الضعفاء، ولم ينتبهوا بأنهم يواجهون شعباً جباراً حراً، لا يقبل الوصاية، ولا يقبل بأمثال حكومة فيشي الفرنسية التي أخذت على عاتقها ضبط الأوضاع في فرنسا على إيقاع المحتلين الألمان، وطاردت المقاومين الفرنسيين في الجبال، الذين جاؤوا في يوم التحرير ليُعلّقوا المشانق لألئك الخونة أمثال الجنرال فيشي.

لو أدرك الأمريكيون مع من يتعاملون لوفّروا على أنفسهم عناء البحث عن سلطة متوهّمة لتحكم قطاع غزة ما بعد حماس، لأن حماس الحركة والفكرة لا زالت حاضرة وتقاتل وهي صاحبة اليد العليا في مواجهة جنود الاحتلال في الميدان. ولعل وزير خارجية الولايات المتحدة أنتوني بلينكن لمس صعوبة تمرير هذه الفكرة مع الدول العربية التي ترى في ذلك قفزاً على حقوق الشعب الفلسطيني الذي لن يتوانى عن التعامل مع أي حكومة تفكّر بحكم غزة، بإرادة صهيونية أمريكية، على أنها سلطة خائنة لدماء الشهداء بغض النظر عن عرابيها إن كانوا عرباً أو فلسطينيين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الحرب فلسطيني الرأي الموقف امريكا فلسطين غزة رأي حرب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قطاع غزة لا یقبل على أن

إقرأ أيضاً:

العدو يرتكب مجازر جديدة في غزة ويقر بمصرع 4 من جنوده بكمين للمقاومة في رفح

الثورة / متابعات

ارتكب جيش الاحتلال الصهيوني أمس مجزرة جديدة «بتنفيذه قصفا وحشيا مكثَّفا شمل مربعا سكنيا مكتظّا بالأهالي شرق مخيم البريج، مما أدى لتدمير عدد من المنازل على رؤوس ساكنيها، وإيقاع العشرات من الشهداء والمصابين». كما أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة أن قوات الاحتلال ارتكبت، في الساعات الـ24 الماضية، 3 مجازر في القطاع، وصل منها إلى المستشفيات 26 شهيدا و84 مصابا، ليرتفع عدد الضحايا، منذ بداية الحرب الإسرائيلية على القطاع، إلى 41 ألفا و252 شهيدا، و95 ألفا و497 مصابا. وقالت حركة حماس أن هذه المجازر المتواصلة بحق أهالي غزة، والتي تُرتَكَب بتواطؤ ودعم من الإدارة الأميركية وعواصم غربية، لن توهِن من عزيمة وصمود شعبنا الفلسطيني أو تُفلِح في إخضاع مقاومته، أو تُقَرِّب الطغمة الفاشية الصهيونية من تحقيق أهداف عدوانها الوحشي».

في المقابل لقي 4 جنود إسرائيليين مصرعهم في كمين نصبته لهم المقاومة جنوب قطاع غزة، كما نفذت المقاومة عملية نوعية ضد قوات الاحتلال جنوب القطاع أيضا وقصفت بلدات في غلافه.

 

وأفادت وسائل إعلام عبرية بمقتل 4 جنود صهاينة في كمين نصبته كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في رفح جنوب قطاع غزة عصر أمس.

من جهتها، قالت كتائب سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي إنها «دمرت دبابة ميركافا صهيونية شرق رفح بتفجير عبوة ثاقب برميلية شديدة الانفجار»، كما نشرت مشاهد من قصفها لمدينتي عسقلان وسديروت شمال غلاف غزة برشقة صاروخية.

 

 

مقالات مشابهة

  • فصائل المقاومة الفلسطينية تدين العدوان الإسرائيلي على لبنان: كلنا ثقة بحزب الله
  • طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا
  • العدو يرتكب مجازر جديدة في غزة ويقر بمصرع 4 من جنوده بكمين للمقاومة في رفح
  • فصائل المقاومة الفلسطينية تدين العدوان الإسرائيلي الغادر على لبنان وتؤكد ثقتها بقدرة حزب الله على الرد
  • المقاومة الفلسطينية: نثق بقدرة حزب الله على لجم العدوان الإسرائيلي بعد التفجيرات الأخيرة في لبنان
  • مقتل 4 جنود بكمين وعملية نوعية للمقاومة في رفح
  • لجان المقاومة: مجزرة البريج تأكيد على مضي حكومة الاحتلال بحرب الإبادة
  • مصادر: "الخطوات المتهورة" التي تخطط لها حكومة نتنياهو في الشمال قد تورِّط إسرائيل في مشكلة أكثر صعوبة
  • الخارجية الأمريكية: مازلنا نتواصل مع مصر وقطر بشأن مقترح وقف إطلاق النار بغزة
  • 7 شهداء في قصف للاحتلال الإسرائيلي على خان يونس ورفح جنوب غزة