عربي21:
2025-04-07@23:40:19 GMT

حكومة فيشي والحرب النفسيّة على غزّة

تاريخ النشر: 9th, November 2023 GMT

شَرَعت الإدارية الأمريكية بقيادة وزير خارجيتها أنتوني بلينكن، وبإسنادٍ من المتحدث باسم الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي، وغيرهما من المسؤولين بحملة واسعة من العلاقات والتصريحات بشأن حكم قطاع غزة ما بعد القضاء على حماس، كما يقولون، وهو الأمر الذي تم طرحه على العديد من الوزراء العرب في المنطقة.

ما يثير الغرابة أن الأمريكيين يتحدثون ويبحثون ذلك، في وقت يعاني فيه الكيان الإسرائيلي من فشل أمني واستخباري وعسكري مريع في مواجهة المقاومة وكتائب القسام في غزة، فمنذ أكثر من عشرة أيام ومع بدء الحرب البرية وجيش الاحتلال لا زال يقصف ذات المناطق في شمال وغرب قطاع غزة بأحزمة نارية زلزالية، ولم يستطع التقدم إلا مئات من الأمتار، يضطر أحياناً إلى التراجع عنها، بفعل ضربات المقاومة وكمائنها وقدرتها على الالتفاف خلف خطوط العدو وضربه في مقتل، وهذا ما دلّت عليه أيضاً الفيديوات التي تنشرها كتائب القسام، ناهيك عن سقوط المئات من جنود الاحتلال حسب إعلاناته الرسمية والتي لا تعبّر بالضرورة عن عين الحقيقة.



كما فَشِل الاحتلال في إرغام المدنيين على النزوح من الشمال إلى جنوب قطاع غزة، ومن ثمّ تهجيرهم إلى سيناء، وما يشاهده المراقب يؤكد على عكس مُراد الاحتلال، فلا زال نحو 900 ألف فلسطيني يعيشون في مدينة غزة وشمالها ويرفضون النزوح رغم القصف الوحشي والجنوني الذي أودى بحياة الآلاف من الأطفال والمدنيين، ناهيك عن قطع المياه عنهم وكافة خطوط الإمداد الإنساني من دواء وغذاء.

يضاف إلى كل ذلك، سقوط سردية الاحتلال وروايته عالمياً، وصعود السردية الفلسطينية المشفوعة بصور الواقع وعلى الهواء مباشرة، ما حرّك شعوب العالم من اليابان إلى تشيلي و الرأي العام في قلب واشنطن ولندن وكافة العواصم الغربية، ما تسبّب بحرج شديد للدول الداعمة للاحتلال وللإدارة الأمريكية ولشخص الرئيس بايدن الذي بدأت تتراجع نسب التأييد له في الحزب الديموقراطي بين الليبراليين وفي قطاعات الشباب الذين يرفضون الدور الأمريكي في الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.

هذا ناهيك عن الإدانات الدولية، دولاً ومنظمات، لما يجري من قتل للأطفال بشكل مروّع، وهو ما دفع الأمين العام للأمم المتحدة السيد غوتيريش بوصف الوضع في غزة بالمقبرة للأطفال، نتيجة العدوان والقصف الإسرائيلي.

وإذا كان الميدان ونتائج المعركة والقدرة على تحقيق الانتصار لأي طرفٍ هو من يرسم مستقبل قطاع غزة، وإذا كان انتصار المقاومة يكمن في إفشالها لأهداف الاحتلال، فهذا يعني وبناءاً على معطيات الواقع المرشّح استمراره بصمود والمقاومة والشعب الفلسطيني في مواجهة آلة الحرب والعدوان الصهيوني، يصبح كلام بلينكن وكيربي وغيرهما من الشخصيات الأمريكية التي تتحدث بتوافق وتقاطع مع قيادات الاحتلال، تصريحات ومساعٍ مشكوك في نجاحها بل تبدو مستحيلة.

الحراك الأمريكي الاستباقي هو خطوة غير واقعية، مبنية على أماني مغمّسة بغطرسة الأقوياء الذين اعتادوا على أن أحلامهم واقعٌ في ميادين الضعفاء، ولم ينتبهوا بأنهم يواجهون شعباً جباراً حراً، لا يقبل الوصاية، ولا يقبل بأمثال حكومة فيشي الفرنسية التي أخذت على عاتقها ضبط الأوضاع في فرنسا على إيقاع المحتلين الألمان،أمام تلك الصورة، يبدو أن التصريحات والحراك الأمريكي يهدف لتحقيق أمرين:

أولاً ـ محاولة الضغط النفسي على المقاومة، كما الضغط على الحاضنة الشعبية، في محاولة أمريكية لبث اليأس والاحباط في النفوس، بإشعارهم أن الأمور منتهية لصالح الاحتلال، وكأن الأمر تحصيل حاصل، ليس إلا.

ثانياً ـ محاولة الإدارة الأمريكية الضغط على الدول العربية والإسلامية، ودفعها للتفكير بإدارة قطاع غزة أو أن تكون شريكاً في إدارته بعد العدوان، مع إيهام الجميع بأن الأمر منتهي لصالح الاحتلال الإسرائيلي، ومن ثم دفع تلك الدول لخفض سقف توقعاتها وسقف موقفها السياسي قُبيل انعقاد القمة العربية وقمة التعاون الإسلامي في 11 و 12 تشرين الأول/أكتوبر الجاري في السعودية، وبالتالي إضعاف الموقف العربي والإسلامي عموماً والذي يُفترض به أن يَصْعد باتجاه الضغط لوقف العدوان وفتح الممرات الإنسانية لإغاثة المدنيين.

إذن الحراك الأمريكي الاستباقي هو خطوة غير واقعية، مبنية على أماني مغمّسة بغطرسة الأقوياء الذين اعتادوا على أن أحلامهم واقعٌ في ميادين الضعفاء، ولم ينتبهوا بأنهم يواجهون شعباً جباراً حراً، لا يقبل الوصاية، ولا يقبل بأمثال حكومة فيشي الفرنسية التي أخذت على عاتقها ضبط الأوضاع في فرنسا على إيقاع المحتلين الألمان، وطاردت المقاومين الفرنسيين في الجبال، الذين جاؤوا في يوم التحرير ليُعلّقوا المشانق لألئك الخونة أمثال الجنرال فيشي.

لو أدرك الأمريكيون مع من يتعاملون لوفّروا على أنفسهم عناء البحث عن سلطة متوهّمة لتحكم قطاع غزة ما بعد حماس، لأن حماس الحركة والفكرة لا زالت حاضرة وتقاتل وهي صاحبة اليد العليا في مواجهة جنود الاحتلال في الميدان. ولعل وزير خارجية الولايات المتحدة أنتوني بلينكن لمس صعوبة تمرير هذه الفكرة مع الدول العربية التي ترى في ذلك قفزاً على حقوق الشعب الفلسطيني الذي لن يتوانى عن التعامل مع أي حكومة تفكّر بحكم غزة، بإرادة صهيونية أمريكية، على أنها سلطة خائنة لدماء الشهداء بغض النظر عن عرابيها إن كانوا عرباً أو فلسطينيين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الحرب فلسطيني الرأي الموقف امريكا فلسطين غزة رأي حرب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قطاع غزة لا یقبل على أن

إقرأ أيضاً:

شهيدان في قصف للاحتلال الإسرائيلي على بني سهيلا وحي الشجاعية بقطاع غزة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

استشهد فلسطينيان اثنان وأصيب آخرون، مساء اليوم السبت، في قصف لقوات الاحتلال الإسرائيلي شرق خان يونس جنوب القطاع، وحي الشجاعية شرق مدينة غزة.


ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) عن مصادر محلية قولها إن طائرة مسيرة للاحتلال استهدفت مجموعة من المواطنين قرب المركز الثقافي في بلدة بني سهيلا شرق خان يونس، ما أدى إلى استشهاد المواطن مهند عبد العزيز النجار، وإصابة آخرين.


وأضافت أن قوات الاحتلال لا تزال تحاصر حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وتطلق الرصاص والقنابل بواسطة طائرات مسيرة، ما أدى إلى إصابة امرأة قرب موقف الشجاعية بالرصاص، فيما استشهد مواطن من عائلة أبوغنيمة إثر قصف الاحتلال منزلين لعائلة حلس والسرساوي بمحيط مسجد السالم.


وأشارت إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي نسفت عددا من المنازل شمال مدينة رفح جنوب قطاع غزة.


وارتفعت حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 50.669 شهيد، والإصابات إلى 115.225 جريح منذ بدء العدوان الإسرائيلي في السابع من أكتوبر 2023.


وفي نابلس، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي بلدة بيت فوريك شرق المدينة.


وذكرت مصادر محلية أن قوات الاحتلال اقتحمت بيت فوريك وسط إطلاق كثيف للرصاص وقنابل الغاز السام المسيل للدموع، ما أدى إلى اندلاع مواجهات.


وفي السياق، قالت هيئة الأمم المتحدة للمرأة، إن النساء في قطاع غزة يواجهن تهديدًا خطيرًا على حياتهن وصحتهن وكرامتهن، إذ يعيش السكان المنهكون دون أي فرصة للراحة من الحرب والدمار.


وأضافت الهيئة، لدى عرضها نتائج لحوارها مع عدد من النساء في غزة، اليوم، أن النساء الحوامل يتعرضن للخطر بشكل خاص، حيث تواجه 50% منهن حملًا "عالي الخطورة"، فيما ينتشر سوء التغذية بين النساء والأطفال.


وأشارت إلى أنه، منذ 18 مارس الماضي، أسفرت الهجمات الإسرائيلية المتجددة والمكثفة على غزة عن استشهاد مئات المدنيين، بينهم نساء وأطفال، فيما أُجبر أكثر من 142.000 شخص على النزوح مجددًا دون وجود أي مكان آمن يلجؤون إليه.

مقالات مشابهة

  • أهالي مدينة التل في ريف دمشق ينظمون مظاهرة شعبية، دعماً لأهالي غزة وتنديداً بحرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي
  • وقفة لطلاب جامعة حلب تعبيراً عن تضامنهم مع أهالي غزة ورفضاً لحرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي
  • من هي الموظفة المغربية الشجاعة التي كشفت تواطؤ الشركة التي تعمل بها ''مايكروسوفت'' مع الإحتلال الإسرائيلي؟ وماذا عملت؟
  • استشهاد صحفي في قصف الاحتلال الإسرائيلي خيمة للصحفيين جنوب قطاع غزة
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي يصدر أمر إخلاء لسكان منطقة دير البلح في غزة
  • تفاصيل اجتماع وزير خارجية الإمارات مع نظيره الإسرائيلي
  • اللهم نصرك الذي وعدت ورحمتك التي بها اتصفت
  • شهيدان ومصابون في قصف الاحتلال الإسرائيلي لبلدة جباليا شمال قطاع غزة
  • شهيدان في قصف للاحتلال الإسرائيلي على بني سهيلا وحي الشجاعية بقطاع غزة
  • الاحتلال الإسرائيلي يعتقل أكثر من 350 طفلًا فلسطينيًا