اختاروا الصمود رغم القصف.. سكان القرى الحدودية الجنوبية: باقون في بيوتنا
تاريخ النشر: 9th, November 2023 GMT
رغم القصف الاسرائيلي ونزوح عائلات كثيرة من المناطق الحدودية، الا انّ عددا كبيرا من العائلات الجنوبية قررت البقاء في منازلها. تختلف اسبابهم عن الاعتكاف عن الرحيل، الا انّ النتيحة واحدة، خوف ورعب وترقب حذر وحصار يجعلهم يخافون ركوب سياراتهم او التجول ليلا خوفا من مسيرّة اسرائيلية تقضي على ما تبقى من احلامهم او احلام اطفالهم.
وهكذا هي حال العدد الاكبر من القرى الحدودية المتاخمة لفلسطين المحتلة، هناك حيث العدو الغاشم لا يزال يمارس ابشع الجرائم ضد الانسانية. ففي حولا، ميس الجبل، كفركلا، مركبا، بليدا، تل النحاس، ياطر، الناقورة، مروحين، اللبونة وغيرها يكاد يكون المشهد هو نفسه. عائلات نزحوا فيما بقي كثيرون في عداد المحاصرين، غير قادرين على التجول بحرية ولا حتى الخروج فقط للتبضع بعدما اقفلت بعض المحال ابوابها، وباتت الحركة خفيفة جدا في القرى، حيث يضطر البعض احيانا الى تكبد عناء مسافات طويلة لايجاد افران او دكاكين غير مقفلة.
رائحة الموت
تروي احدى السيدات في بلدة عيناتا انّ رائحة الموت اصبحت في كل مكان في القرية بعد استشهاد الفتيات الثلاث وجدتهن. وكأنه لا مكان للحياة، ولكن قدرة اهالي الجنوب على الصمود تبقى الاقوى، وثقتهم بانّ هذا الكابوس سينتهي قريبا، فهم الذين يعرفون تماما انّ موازين القوى تغيرت وانّ انتصارات تُسجل للمقاومين تجعلهم يصبرون الى حين النصر على العدو. وهذا ما يعزي هذه السيدة وسواها من الجنوبيين الذين قرروا البقاء في منازلهم.
وعلى مقربة منها، يتحدث البعض الاخر عن اسباب مختلفة لبقائهم في الجنوب، فهؤلاء لا مكان اخر لديهم سواء في بيروت او صور او الجبل او الضاحية الجنوبية للنزوح اليه، ولا قدرة مالية على استئجار منزل وتكبد مصاريف لا طاقة لهم عليها في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة. فتراهم يلتزمون منازلهم ويتقيدون بحركة تجعلهم غير معرضين للاستهداف المباشر. وقد عمدت بعض البلديات الجنوبية الى تعميم ارشادات للاهالي الذين اختاروا البقاء في منازلهم، لتجنب الحركة خصوصا في اوقات الليل، وعدم استخدام السيارات قدر المستطاع.
سيناريو تموز
القرى الجنوبية الحدودية يعمها الظلام ليلا ،وغالبا ما يتم انتداب شخص من العائلة للتبضع للاقارب لتجنب تسيير مجموعة من السيارات.
ومن بين الاسباب التي جعلت هؤلاء يبقون في بيوتهم ايضا، هو الخوف من تكرار سيناريو حرب تموز الـ2006. يروي احد سكان بليدا ممن قرر البقاء هناك انّه لا يريد ان يترك القرية فيعود بعدها ولا يجد منزله. يتمسك بالبقاء في قريته وإن كان الثمن حياته، فهو يعتبر انّ الشهادة لو كتبت لهم فستكون قدرهم ولا مفر من القدر، ولكن فكرة ترك منزله للدمار او الغرباء لسرقته فهو امر مستبعد تماما بالنسبة اليه.
سرقات
واليوم، تُسجل سرقات كثيرة في القرى التي نزح منها اهلها، ما اضطر بعض البلديات الواقعة في جنوب الليطاني على سبيل المثال الى طرد سوريين من البلدات. فبعدما تهجر لبنانيون من بعض القرى، كانت المفاجأة بانّ نازحين سوريين دخلوا الى بعض المنازل وسكنوا فيها، وفي اماكن اخرى حصلت سرقات كبيرة. وهو ما يؤكده كثيرون ممن باتوا اليوم يخافون على ارزاقهم بالدرجة الاولى ويعتبرون انّ خيار النزوح سيكون الخطوة الاخيرة امامهم في حال توسعت دائرة الحرب، امّا في الوقع الحالي فلن يتركوا منازلهم فريسة للغرباء.
هي مجموعة من العوامل اذا التي تجعل اهالي الجنوب لا يتركون منازلهم على الرغم من دائرة الخطر المحاطة بهم، وإن كانوا يعيشون يوميا على وقع اصوات الانفجارات والمسيّرات والقصف، وعلى وقع قذائف فوسفورية تصل شظاياها الى عقر دارهم. هو العيش في الخطر امام مشاهد مروعة يندى لها الجبين، حيث يشاهد الجنوبيون باعينهم الارزاق التي خسروها ومواسم الزيتون، والدماء التي تسيل، والامهات المرعوبات عندما يسمعن اي صوت فيخيل لهن انّ احد اطفالهم استشهد. هو العيش على حدود ارض مغتصبة وعدو غاشم، حيث الكل هم شهداء احياء، الى حين الانتهاء من هذا الكابوس المروع. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: البقاء فی
إقرأ أيضاً:
اليمنيون يستقبلون رمضان بإصرار على مواصلة الصمود ومواجهة العدوان والحصار
يمانيون/ تقارير يحتفل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها بقدوم شهر رمضان المبارك ويستقبلونه بفرحة غامرة في أجواء روحانية تضفي على النفوس الطمأنينة والخشوع لله تعالى.
ويستقبل اليمنيون الشهر الفضيل، للعام العاشر على التوالي بإصرار منقطع النظير على مواصلة الصمود والثبات ومواجهة التحديات والظروف الصعبة التي يكابدونها نتيجة تداعيات العدوان والحصار الأمريكي السعودي الإماراتي.
وفي ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة التي فرضها العدوان والحصار، وتنصل المنظمات الدولية الإنسانية عن القيام بمسؤوليتها، تتجلّى قيم العطاء والبذل في أبهى صورها في أوساط اليمنيين، بإحياء التكافل الاجتماعي والتآزر والإيثار.
ففي هذا الشهر الكريم، تتعدّد صور التكافل والتلاحم انطلاقًا من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف التي رسّخت قيم التراحم بين أفراد المجتمع من خلال التعاون، والإحسان، وإغاثة المحتاجين، كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم “مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”.
يتجلّى مفهوم التكافل في شهر رمضان، من خلال العبادات العملية التي تشمل إخراج الصدقات والإنفاق في سبيل الله ومواساة الفقراء، باعتبار هذه الأعمال ليست مجرد شعائر، وإنما جوهر الدين التي تبني المجتمع المسلم كالبنيان المرصوص.
يؤكد العلماء أن شهر رمضان مناسبة جليلة ومدرسة إيمانية عظيمة لإعلاء قيم الخير والتسامح والتكافل بين المسلمين، وبث روح المحبة والإخاء والتعاطف والتراحم والامتثال لقيم الحق والخير والعدل والسمو بها عن أغراض الدنيا الزائلة، وكذا ضرورة أن يتصف المؤمنون في رمضان وغيره بسلامة الصدر من الغل والحقد والغرور وعدم التعالي على الناس، والشعور بالتقصير والمحاسبة المستمرة للنفس، والاطمئنان في العبادة.
ومما حث عليه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم في الشهر الكريم، تفقد أحوال الفقراء والمساكين والمحتاجين، والتراحم والمساهمة في تخفيف معاناة الأسر المتعففة كما كان يفعله عليه الصلاة والسلام، حيث كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، وكان أجود بالخير من الريح المرسلة.
نماذج الخير والعطاء تتعددّ صورها في اليمن لتخفيف المعاناة الإنسانية، من خلال الإسهام في الأعمال الإغاثية والخيرية ودعم وتشجيع المبادرات الخيرية والمجتمعية.
استعدادات واسعة لاستقبال الشهر الكريم، في العاصمة صنعاء والمحافظات والتهيئة والاستعداد للبرنامج الرمضاني لتعزيز الارتباط بالقرآن الكريم وهدى الله، وترسيخ الهوية الإيمانية والثقافة القرآنية.
فعلى المستوى الرسمي، تم إقرار الموجهات العامة لمشروع خطة البرنامج الرمضاني وطبيعة المهام والأنشطة التي ستنفذها كافة الوزارات والوحدات الحكومية والسلطة المحلية بأمانة العاصمة والمحافظات، لترسيخ الهوية الإيمانية في أوساط المجتمع وتعزيز أعمال البر والإحسان وتفقد أحوال الفقراء والمحتاجين.
وتكمن أهمية البرنامج الرمضاني في تكثيف التوعية الدينية حول الشهر الكريم، وتعزيز دور المساجد في إحياء الروح الإيمانية والجهادية لمواجهة التحديات التي تواجه الأمة والتوعية بخطورة العدو المتربص بها، والتصدي للحرب الناعمة التي تستهدف الهوية الإيمانية اليمنية، والتأكيد على استمرار التوعية والأنشطة الخاصة بالنظافة العامة خلال شهر رمضان وتنفيذ المهام والأنشطة الفاعلة التي تحقق الغايات الإيمانية والوطنية والاجتماعية.
أنشطة مكثفة، تم تنفيذها خلال الأيام الماضية بأمانة العاصمة والمحافظات في إطار التهيئة للبرنامج الرمضاني من خلال اللقاءات وتنظيم الندوات والفعاليات، استعدادًا للشهر الكريم، وحث العلماء والخطباء، والمرشدين على القيام بدورهم في تذكير المجتمع بما يمثله الشهر الفضيل من فرصة للإكثار من الطاعات ورد الحقوق والمظالم والتكافل والتراحم ومساعدة المحتاجين ومضاعفة الجهود لتبصير الناس بما يُحاط بالأمة من مؤامرات.
من بركات الشهر الفضيل، أنه شهر الصبر والجهاد في سبيل الله وتقديم التضحيات وتحقيق الانتصارات، وما انتصار المسلمين في معركتي غزوة بدر الكبرى وفتح مكة إلا من الملاحم البطولية الإسلامية، التي لم يكن توقيتها في رمضان خطة مبرمجة خطّتها يد البشر، وإنما إرادة المولى تبارك وتعالى التي جمعت بين قداسة الشهر وجلالة النصر.
يقول قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في خطاب له استقبالاً لشهر رمضان المبارك العام الماضي “إن من أهم ما يتعلق بشهر رمضان أنه ليس فقط للأعمال العبادية على المستوى الروحي والنوافل وغيرها، بل من أهم المواسم للجهاد في سبيل الله، والأعمال الجهادية في الشهر الكريم أجرها فوق ما يمكن أن يتخيله الإنسان”.
ويشير إلى “أن الجهاد في شهر رمضان لم يكن عطلة، ولهذا كانت غزوة بدر الكبرى التي كانت فاصلة بين الإسلام والطاغوت، وفتح مكة كان في الوقت الذي فرض الله فيه الصيام، وكان إنجازاً تاريخياً ومتغيراً كبيراً في واقع الأمة”.
وحث السيد القائد على الاستفادة من شهر رمضان للتهيئة الذهنية والنفسية والتقرب إلى الله والخلاص من الذنوب والتزود بقيم الإحسان والعطاء ومواساة الفقراء والمحتاجين وصلة الأرحام والعناية بإخراج الزكاة.
ورغم ما يعانيه اليمنيون منذ عشر سنوات جراء العدوان والحصار، إلا أنهم يسعون نحو التنمية المستدامة وتحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي في مختلف المجالات، تحدياً لقوى الهيمنة والاستكبار العالمي “أمريكا وإسرائيل وبريطانيا” ومخططاتها التي تحيكها مع أدواتها للنيل من اليمن واليمنيين.