السفير علي محسن حميد من المفارقات التي تدعو إلى مزيج من الغضب والتعجب تزامن نشر خبر مصدره إسرائيل عن استعانه فرنسا بخبرة القمع والقتل الإسرائيلية للتغلب على احتجاجات فرنسية مشروعة لجأت معذورة إلى العنف والتخريب، مع نشر وفاة آخر مقاوم فرنسي للنازية ،هو المسيو “ليون جوتييه” عن مائة عام ضد احتلال المانيا لفرنسا أثناء الحرب العالمية الثانية.
المسيو جوتييه قام بما يقوم به الفلسطيني المقاوم للاحتلال الإسرائيلي وقد انخرط مع رجال ونساء كثر في مقاومة مشروعة وسموا أل” Maquis” ومقاومتهم ب” La Résistance” التي لم تسم أبدا إرهابية أو متشددة “Miltant”. التسمية الأخيرة تطلقها دول الغرب ومنها فرنسا على المقاومة الفلسطينية التي تعتبر في نظرها متشددة لرفضها تقديم كل التنازلات التي يريدها الكيان الغاصب لفلسطين. استعانة فرنسا بدولة محتلة وعنصرية يشير إلى أنها لم تعد تحترم تاريخ أغلبية شعبها التي قاومت الاحتلال النازي ولاحقت وأعدمت المتعاونين معه عقب النصرعام ١٩٤٥ . إسرائيل تملك فعلا مستودع خبرة كبيرة فهي لستين سنة تمارس القمع الوحشي وفي هذا الصدد هي لاتبارى في القتل والاغتيالات وحرق البيوت بالجملة وحرق واجتثاث شجر الزيتون والإبعاد القسري للفلسطينيين إلى خارج وطنهم وحرمانهم من العودة إليه كما حدث مع المحامي الفلسطيني صلاح الحموري الذي نفته إسرائيل نهائيا إلى فرنسا واشتركت فرنسا مع إسرائيل في ارتكاب هذه الجريمة المنافية لحق الانسان في وطنه. الجرائم الصهيونية تعرفها بالتفصيل كل دول الغرب التي تجلس دولة الاحتلال في أحضانها لترضعها القوة لتمارس المزيد من القمع التي لم تعد هذه الدول تمارسه ضد شعوب كانت تحتلها وهي أيضا تذكرها بماضيها الذي يحن البعض في الغرب إليه بل ويفتخر به كالصهيوني توني بلير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق الذي غزا واحتل العراق مع الرئيس الامريكي الساذج جورج بوش لصالح إسرائيل وحدها. لذلك لن تعدم دولة الاحتلال مناصرين علنيين وسريين لها في دول خلقتها لخدمة استراتيجياتها ومصالحها في المنطقة العربية. ليطمئن الكيان الغاصب فها هي فرنسا تستنجدبخبرته القمعية وبالنتيجة المنطقية تشرعن لاحتلاله ولوحشيته ضد الفلسطينيين مدنيين ومقاومين. إن مواطني فرنسا المحتجين ليسوا محتلين وإنما مهمشين ومطالبهم تختلف عن مطالب الفلسطينيين وهم لايطلبون سوى تطبيق مبادئ الثورة الفرنسية الثلاثة : الحرية، المساواة والإخاء التي فشلت الدولة الفرنسية في ترجمتها عمليا ليعم نفعها على كل مواطنيها بغض النظر عن ألوانهم ودياناتهم وأعراقهم لأنهم فرنسيين ومنهم من حارب أسلافه لحماية فرنسا في الحربين العالميتين الاولى والثانية ولم يتعاون مع المحتل النازي كبعض الفرنسيين. رئيس وزراء إسرائيل العنصري والفاسد والدموي تباهى قبل أيام قليلة بأن وضع الكيان الاقتصادي أفضل من وضع دولة “وعد بلفور” ومن فرنسا التي أعانت إسرائيل سرا على أن تصبح دولة نووية.لقد نتج عن غياب المواطنة المتساوية في الحقوق في دولة متقدمة وليبرالية وديمقراطية! كفرنسا إلى ماتشهده من عنف قد يتكرر بحسب مصادر فرنسية لأن إرادة الإصلاح ستظل غائبة ولأن الشرطي لديه ترخيص قانوني مفتوح بالقتل.ومع هذا يزعم الرئيس ماكرو وأركان نظامه أنهم يدافعون عن “جمهورية” لايعترفون بأنها حادت عن جوهر قيمها منذ أمد طويل وخاصة عندما تحولت إلى دولة استعمارية في قارات ثلاث ولم تطبق هذه المبادئ مطلقا في مستعمراتها بل عملت على استئصال قيمها وثقافاتها ولغاتها وهو ماتقوم به إسرائيل في فلسطين المحتلة اليوم.أما في الداخل ففرنسا لم تطبق هذه المبادئ لصالح أقليات عرقية ودينية وملايين الفرنسيين الأصليين المهمشين. هذا العنف خلق أسبابه وربى ورعى بيئته هذا النظام ” الجمهوري”! ، ولهذا السبب لن يعترف لا اليوم ولا غدا بمسؤليته عنه أو يعلن عن نيته لإصلاح جذري يحقق المساواة والعدالة بين مو اطنيه، كل مواطنيه، بدون استثناء. إن طلب فرنسا من دولة الاحتلال للاشتراك في قمع جزء من الشعب الفرنسي يوسع الهوة بين النظام وبين المحتجين ويخلق أعداء فرنسيين لإسرائيل وهو إقرار فرنسي بالعجز وفوق ذلك خبيث النية لقوننته القمع الذي تمارسه دولة الاحتلال العنصري غير الديمقراطيةيوميا في فلسطين بعلم فرنسا وشقيقاتها. إن مخيم جنين يتعرض اليوم لحصار خانق ولقصف جوي وبري إسرائيلي وقد استشهد فيه حتى هذه اللحظة تسعة مقاومين Résistants ” فلسطينيين يمارسون حقهم وواجبهم في مقاومة دولة الابارتهايد كما فعل الفرنسيون في مقاومتهم للنازية التي احتلت بلادهم وعاصمتهم باريس في الحرب العالمية الثانية. ازدواجية المعايير لم تتوقف وخضوع حكام الدول الغربية للصهيونية فكرا وسياسات تجعلهم يجرمون مقاومة الفلسطينيين حتى السلمية منها ويعتبرونها معادية للسامية وتستهدف كما يزعمون وجود إسرائيل. هؤلاء، وهذه حقيقة لامبالغة فيها. لايصلون إلى السلطة ثم الثروة إلا من بوابة تل أبيب ورضا اللوبيات الصهيونية التي تسيطر على القرار السياسي في دول الغرب بدء من امريكا التي تعتبر حكامها مجرد موظفين لديها لأن لديها القدرة على ممارسة الفيتو على أي سياسة قد يفكرون ،مجرد التفكير ، بتبنيها لاتخدم توسع الكيان الاستيطاني ودوام احتلاله لفلسطين . إن العار سيلحق بفرنسا ، دولة التنوير والحرية، عندما تستدعي تجربة قمعية ووحشية لدولة محتلة وهي بذلك تجعل من هذه الدولة المارقة قدوة لها وهو مايعني أيضا أنها لا تعارض أو تستنكر جرائم الاحتلال الإسرائيلي ولاترى أن إسرائيل دولة احتلال فاشي واستعماري وهي بطلبها هذا تشرعنه وسوف لن تقدم على إدانته أوتتجرأ على المطالبة بوجوب انتهائه ناهيكم عن سابع المستحيلات وهو الاعتراف بدولة فلسطين. إن فرنسا تلحق أفدح الأضرار بحقوق الشعب الفلسطيني، بحقه في المقاومة وبحقه في التخلص من الاحتلال وبحقه في الاستقلال وبناء دولة مستقلة على حدود ٤يونيو ١٩٦٧. هذه الخطوة الفرنسية غير المسبوقة ستفتح الباب لدول غربية قد تتعرض للعنف مستقبلا لتقدم نفس الطلب إلى دولة الاحتلال وستشجع إسرائيل على أن ترى أن قمعها مشروع تقره سياسات الدول الغربية نفسها التي لاتمد مظلة قيمها هذه إلى شعب فلسطين لأن المحتل باختصار هو”مننا وفينا” ويذكرنا بماضينا الذي نَحِن إليه وهي ممثلنا ووكيلنا المعتمد في المنطقة. الأنظمة الغربية لم تفكر يوما ما بأن حقوق الانسان عالمية وعابرة للحدود ولا لون لها، ومن حق الفلسطينين أن يكونوا مشمولين بها وبذلك تجعل الكيان الغاصب دولة فوق القانون الدولي وهو مايطيل عمر احتلاله ومعاناة الفلسطينيين آخر شعب محتل في العصر الحديث. كاتب يمني
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
تيار الإصلاح بحركة فتح: إيران ملتزمة بهدنة مع إسرائيل من جانب واحد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال ديمتري ذلياني، عضو المجلس الثوري، والمتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح، إن إيران ملتزمة بالهدنة من جانب واحد، رغم الضربات الإسرائيلية لطهران منذ عدة سنوات، مشيرًا إلى أن الاغتيالات الإسرائيلية التي طالت عملاء إيران وقيادة إيرانية حدثت بدون رد إيراني، مما ترك انطباعا بأن إيران في هدنة من جانب واحد، ومؤخرًا ضعطت دولة الاحتلال على إيران، مما أدى إلى الرد على تل أبيب مرتين، لكن بدون تأثير كبير.
وتابع "دلياني"، خلال حواره مع الإعلامي هيثم بسام، عبر تطبيق "زووم" ببرنامج "حقك مع المشاكس"، المذاع على "القاهرة والناس"، أن دولة الاحتلال خلال الهجوم الأخير استهدفت أماكن استراتيجية في إيران، وهذه رسالة لطهران بأن تل أبيب قادرة على الوصول إلى أماكن استراتيجية إيرانية.
وأضاف أن إيران لديها موقف حاسم منذ سنوات بعدم خوض حرب مباشرة مع دولة الاحتلال، وتترك ذلك لحزب الله، ومن يعمل بالنيابة عن طهران في المنطقة.