رأي اليوم:
2025-03-16@10:19:44 GMT

لعنة الميليشيات تطارد الحكومات.. السودان مثالا

تاريخ النشر: 4th, July 2023 GMT

لعنة الميليشيات تطارد الحكومات.. السودان مثالا

 

الدكتور عديل الشرمان حالما تشكلت، وأينما تأسست، حلّ معها الخراب وانتشر الفساد والدمار، وسلبت من الحكومات السيطرة على القرار، وتسابق الأعداء والطامعين في النفوذ ومصادر الثروة لكسب موالاتها بالمال أحيانا، وبالوعود بالوصول إلى السلطة أحيانا أخرى، تتمسكن حتى تتمكن، تتودد وتتقرب من السلطات الرسمية حتى إذا اشتد ساعدها وتضخمت قوتها انقلبت عليها، ثم تتحول إلى قوة تفوق قوة الدولة وجيشها تسليحا وربما تنظيما.

الميليشيات أو الجماعات المسلحة بعضها مأجور مرتزق، ومعظمها قوات منفلتة غير منضبطة، لا عهد لها، ولا تمتلك عقيدة قتالية أخلاقية، ولا تخضع لبروتوكولات رسمية أو اتفاقيات دولية، تحكمها المصالح ومصادر التمويل، غالبا ما تستعين بتشكيلها الحكومات الفاشلة الضعيفة التي تحاول التشبث بالسلطة لأداء أدوار ومهام قتالية في مناطق النزاع وبأسلوب العصابات المسلحة، بعضها يدّعي محاربة الارهاب، وباسمه تمارس أقسى أنواع القمع والعنف والارهاب بحق المواطنين، وخارج حدود الدولة، حيث تبدأ العمل بموازاة الدولة، ثم تسعى إلى أن تبقى مستقلة عنها، ثم تتمرد عليها. الميليشيات بعضها صنيعة الأنظمة والحكومات، وبعضها الآخر نشأ بالصدفة وفي ظروف خاصة وفي أوقات الفوضى والاضطراب والفراغ السياسي والعسكري، مصادر التمويل لديها خفية أحيانا، ومشبوهة أحيانا أخرى، تتحكم بمصادر الثروة، والموارد المحلية في مناطق سيطرتها، وتتخذ من التجارة غير المشروعة طريقا للوصول إلى المال، بعضها يمتهن السطو والخطف وتجارة المخدرات والبشر والتهريب، والتنقيب عن الذهب والمعادن النفيسة. ست عواصم عربية آخرها السودان غارقة في ظلام الميلشيات، حتى باتت لعنة تطارد الحكومات، وتقض مضاجعها، وتحسب لها ألف حساب، وتحول بينها وبين اتخاذ القرار، وتمتلك القدرة على شلّ أي تحرك وتقدم لا يخدم مصالحها ولا يلتقي مع مصالح مموليها. عندما تدرك الدول تعاظم قوة ونفوذ الميليشيات، وتدرك خطورتها على الأمن الوطني، وهيبة الدولة، وغالبا ما يحدث ذلك بعد فوات الأوان، تبدأ مرحلة جديدة من الصراع في محاولة لتفكيك الميليشيات واستيعابها في أجهزة الدولة العسكرية كما حدث في السودان، فيحدث الصراع المسلح، وتصبح التكلفة باهضة الثمن، وتتطلب الكثير من الدم والأنفس والجهد والمال، وقد تؤدي إلى انهيار الدول وتمزقها ودخولها في ظلام دامس يستمر عقود من الزمن قبل أن تتعافى. ميليشيا قوات الدعم السريع (الجنجويد سابقا) والتي امتدت أياديها إلى اليمن وليبيا تضاعف عددها من 4 الاف عند بداية التشكيل إلى 100 ألف عند سقوط نظام البشير، لذا لن تتخلى عن مكاسبها وأطماعها، ولن يكون سهلا على الحكومة السودانية تجفيف منابعها الداخلية والخارجية، فهي كالكثير من الميليشيات أداة بيد قوى كبرى اقليمية وخارجية تسعى من خلالها إلى إشاعة الفوضى والاضطراب للسيطرة على مصادر الثروة والتحكم بمصير السودان. برأيي لا يمكن وبكل أسف وأسى لغير الحل والحسم العسكري أن يحدث فرقا في الحالة السودانية، وأي اتفاق بين الطرفين سيعيد السودان إلى المربع الأول، كما أن أية محاولة لدمج الميليشيات في مؤسسات الدولة سيعمل على افسادها (مؤسسات الدولة)، فلا يمكن خلط زمرة دم مع أخرى من نوع مختلف، مما يضع السودان وغيرها من الدول ذات الحالة نفسها أمام تحديات معقدة ومصيرية. كاتب اردني

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

إرهاب الدولة الأمريكي أصبح سياسة معتمدة

يمانيون/ تقارير على مدى تاريخها الطويل كدولة استعمارية لم يذكر التاريخ أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت في يوم من الأيام دولة تسعى إلى تحقيق السلام في أي صراع أو نزاع في الكرة الأرضية، والأمثلة على ذلك كثيرة وواضحة في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وحتى في أوروبا حيث حلفائها المقربين.

وفي العصر الحديث اتخذت أمريكا من مفهوم الإرهاب ذريعة لتحقيق مصالحها عن طريق فرض حصار على الدول التي لا تسير في فلكها، هذا المفهوم أضر كثيراً في العديد من الدول ولازالت آثاره باقية حتى اليوم، ولنا مع أفغانستان والعراق وسوريا وليبيا أمثلة حية على ما أحدثه الحصار الأمريكي من جرائم بحق الإنسانية.

لقد كان ثمن هذه السياسة الأمريكية الرعناء وفاة قرابة مليون عراقي، والحال كذلك ينطبق على أفغانستان وسوريا وليبيا وغيرها من الدول التي صنفتها أمريكا كدول إرهابية، وفرضت عليها حصاراً خانقاً أثر بشكل مباشر على حياة المواطنين حد الوفاة في تلك الدول، والعالم كله يدرك أن ذلك يدخل في إطار الجرائم ضد الإنسانية.

لقد اتخذت أمريكا سياسة غير واقعية في عالم اليوم المتشابك المصالح، وأصبح المسؤولون الأمريكيون المتعاقبون على البيت الأبيض يعملون بعقلية الحرب الباردة التي ولّى زمانها وإلى غير رجعة.

وآخر تقليعات أمريكا تصنيف أنصار الله في اليمن منظمة إرهابية، والشيء المؤكد أن هذا التصنيف الأهوج لن يؤثر على اليمن وأنصار الله، لأن العالم كله قد ألِف مثل هكذا تصنيفات وداس عليها وجهز نفسه للتعامل معها وتجاوز أضرارها..

إن هذا التصنيف لا يساوي قيمة الحبر الذي كتب به، ولن يؤثر على مجمل سياسة أنصار الله والجمهورية اليمنية، والشيء المؤكد أن هذا التصنيف يعكس جانباً من نفاق أمريكا المكشوف والمفضوح والذي تريد من خلاله الإضرار باليمن دعماً للكيان الصهيوني.

إن الولايات المتحدة الأمريكية هي التي تمارس الإرهاب، وإلا ماذا يعني وصول سفنها وبوارجها العسكرية إلى البحرين الأحمر والعربي والاعتداء على الأراضي اليمنية، لكن اليمن ليس كالأنظمة التي رضخت للهيمنة الأمريكية وسيستمر في إسناد غزة.

إن واقع العدل والإنصاف يتطلب من المجتمع الدولي أن يطلق صفة الإرهاب على الولايات المتحدة، فهذا حقها الطبيعي جراء سلسلة الجرائم التي ارتكبتها في قارات العالم وتنفيذها عمليات إبادة جماعية بحق العديد من شعوب الأرض في أعمال عدوانية تدخل في إطار الجرائم ضد الإنسانية.

مقالات مشابهة

  • إرهاب الدولة الأمريكي أصبح سياسة معتمدة
  • شيخ جنكي: أمريكا تعتبر العراق محافظة إيرانية في ظل الحكومات الإطارية
  • هل دخل السودان عصر الميليشيات؟
  • “السلام يفرض أحيانا بالقوة”.. ترامب: قتلنا زعيم داعش بالعراق وانتهت حياته البائسة
  • الدول التي تدرس إدارة ترامب فرض حظر سفر عليها
  • أسطورة برنارد لويس المدينية
  • اتصالات أمريكية إسرائيلية مع 3 دول إفريقية لترحيل سكان غزة
  • هل ينهي إنريكي لعنة سان جيرمان في «أبطال أوروبا»؟
  • نصر دبلوماسي هام لوحدة السودان
  • العراق والطائفية: دوامة لا تنتهي.. أحداث الساحل السوري مثالا