د. وائل صادق تأبي عاصمة النضال والمقاومة الصمت والاستسلام، فحين تسمع عن حجم الحشود الهائلة من القوات الإسرائيلية والآليات العسكرية والتكنولوجيا المتقدمة المستخدمة لاقتحام مخيم جنين تدرك للوهلة الأولى ان هذا المخيم عصي عن الكسر . لقد شكل المخيم على مدار أكثر من 20 عاماً هاجساً لدي العسكريين الإسرائيليين، فهذا المخيم الذي لم يتجاوز الكيلو متر مربع قد صمد في 2002 في وجه آلة القتل الإسرائيلية ، حيث اقتحمت حينها قواته المؤللة محافظات الضفة الغربية كاملة، وصبت جام غضبها نحو مخيم جنين خاصة.
لم يقف المخيم وقفة المتفرج بل استبسل الجميع في الدفاع والزود عنه، واستطاعوا وقتها إيقاع خسائر فادحة في جيش الاحتلال تمثلت في مقتل 23 جندياً إسرائيلياً وجرح ما يقارب 100 جندي، ووقع الجنود الإسرائيليين في مئات الكمائن التي نصبها لهم المقاومين ، وأُعتبر أن تقدم قوات الاحتلال من بيت إلى بيت ومن جدار إلى جدار هو أنجاز كبير في تقديرهم كطريقة وقائية للتقليل من تعرضهم للنيران ، لقد أستعد رجال المخيم حينها جيداً لهذه المعركة. والمحصلة أن إسرائيل لم تستطع دخول مخيم جنين بسهولة، ولم تكن محاولتهم نزهة، بل لجأوا إلى حصار المخيم لمدة 10 أيام متواصلة قطعت فيها كافة أسباب الحياة من الماء والكهرباء والتنقل دون جدوى، وبالأخير فقد قادة الاحتلال صوابهم فقاموا باستخدام قدر هائل من القوة والدمار ، نجم عنه مجزرة كبيرة في صفوف المدنيين العزل في المخيم. والسؤال هنا بعد عشرين عاماً من اقتحام مخيم جنين عام 2002، ترى ماذا تغير؟ لقد عاد الوضع إلى طبيعته، وعاد المخيم إلى سيرته الأولى يقود الدفاع والمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي وضد عملياته المستمرة في اقتحام المدن والمخيمات الفلسطينية، وإراقة دماء الفلسطينيين وإلحاق الأذى بهم وبأرواحهم، ووضع الكثير منهم في السجون. ومنذ ساعات مضت وفي محاولة إسرائيلية جديدة لإعادة الكرة بنفس الهدف لإسكات مخيم جنين وبنفس الآليات والأساليب ، حيث وضع الاحتلال بنكاً من الأهداف يقوم على تنفيذها بالهجمات الجوية وبحشد هائل من الوات والآليات بغرض القضاء على المقاومين الفلسطينيين أو اعتقالهم وتدمير مقارهم ومحاولة إسكات صوت النضال والمقاومة في جنين. وهذه المرة يحاول أن ينفذ خُططاً أُعدت منذ سنوات طويلة ، حيث قرر بنيامين نتنياهو ووزير جيشه يوآف غالانت تنفيذها بمشاركة كافة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وبحسب المواقع الإسرائيلية طٌلب من أعضاء الكنيست التوقف عن أي انتقاد ما من شأنه إعاقة العملية في جنين، هل تدرك مدى أهمية وخطورة عملية جنين للجانب الإسرائيلي المشهد كله متوقف، والجميع يحبس الأنفاس، فالكل يعلم ماهي جنين. إن حالة الدفاع والنضال والمقاومة في جنين شكلت حالة متقدمة ونموذج للالتفاف الشعبي والفصائلي فالكل يتشارك ضمن عمل ميداني واحد في دفاعه عن حقوق الشعب الفلسطيني في الحرية، حتى أصبح المخيم قلعة من قلاع النضال، وباعتراف مسؤولي الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بمحدودية قدرتهم في جنين وشمال الضفة وبأنهم غير قادرين على وقف هجمات إطلاق النار. إسرائيل لازالت لم تدرك أن مخيم جنين ونظرائه لم ولن يرفع رايات الانكسار والاستسلام مهما أوغلت إسرائيل في دماء الفلسطينيين فروح المقاومة والنضال هي جزء من شخصية وهوية الفلسطينيين لن تختفي أو تطمس ما داموا لم يتحصلوا على حقوقهم المشروعة. ورغم انجاز عملية السلام في 1993 بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلا أن الرؤية الإسرائيلية للسلام تمر عبر إجراءات من التبعية والهيمنة وعدم تمكين الفلسطينيين من ممارسة حقوقهم فوق أرضهم، بل شكلت إسرائيل على مدار 30 عاماً عائقاً في وجه عملية السلام فوضعت العصا في دواليبها ورفضت على الدوام العديد من مقترحات السلام وآخرها خطة السلام العربية، لقد عمدت على نهج الحلول المؤقتة والمرحلية التي لا تشبع رغبة الفلسطينيين في الحرية والاستقلال على حدود الرابع من حزيران 1967 وهو ما يعني فقدان الفلسطينيين لمعظم أراضيهم ما قبل العام 1948. لقد أجهضت إسرائيل حل الدولتين، وقضت على حلم وجود دولة فلسطينية موحدة قابلة للحياة، وعمدت على محاصرتها بفسيفساء المستوطنات والتي بلغت من التضخم وابتلاع الأراضي بتحويل الدولة الفلسطينية المزمعة إلى دولة من كانتونات، بل وقلصت نفوذ السلطة الفلسطينية بهدم مقراتها والتعرض لأجهزتها الأمنية ووضع العقوبات المالية والاقتصادية عليها، ساعدهم في ذلك حالة الرضا والدعم الأمريكية. لقد وجه نتنياهو الطلقة الأخيرة نحو السلام من خلال تصريحه باجتثاث حلم الدولة الفلسطينية، وقطع الطريق على تطلعات الفلسطينيين لإقامة دولة مستقلة لهم، واضعاً الجميع نحو خيار واحد هو التمسك بالدفاع والمقاومة وصولاً للحرية وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية حتى الرمق الأخير.
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
الاحتلال يواصل حرب الإبادة في غزة .. والمقاومة تُجهز على خمسة جنود صهاينة وتقصف مستوطنات “الغلاف”
الثور / متابعة / ابراهيم الاشموري
واصلت آلة القتل الصهيونية حصد أرواح المزيد من أطفال ونساء غزة وارتكبت خلال الساعات الماضية مجازر جديدة في عدة مناطق بالقطاع مخلفة عشرات الشهداء والجرحى وسط وضع إنساني كارثي بفعل القصف والحصار المطبق الذي تفرضه جيش الاحتلال على أغلب مناطق القطاع، في المقابل واصل مجاهدو المقاومة الفلسطينية التصدي الباسل لجحافل جيش العدو الإسرائيلي الذي تكبد خسائر في الأرواح والعتاد أمس بنيران المجاهدين.
وارتفعت حصيلة الشهداء الفلسطينيين في قطاع غزة إلى 43.391، أغلبهم من الأطفال والنساء، منذ بدء العدوان الصهيوني في السابع من أكتوبر 2023.
وقالت مصادر طبية، امس ، إن حصيلة الإصابات ارتفعت إلى 102.347 منذ بدء العدوان، في حين لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض.
وأوضحت أن عددا من الضحايا لا يزالون تحت الركام وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
من جهة أخرى أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، امس، عن الإجهاز على خمسة جنود صهاينة واستهداف دبابة في مخيم جباليا شمال غزة.
وقالت الكتائب في بلاغ عسكري: تمكن مجاهدو القسام من الإجهاز على قوة صهيونية راجلة قوامها خمسة جنود من المسافة صفر بالأسلحة الرشاشة والقنابل اليدوية في شارع “الهوجا” وسط مخيم جباليا.
وفي بلاغ آخر، أعلنت كتائب القسام عن استهداف دبابة صهيونية من نوع “ميركافا” بقذيفة “الياسين 105” قرب مستشفى اليمن السعيد وسط معسكر جباليا شمال القطاع.
بدورها أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، امس، أنها قصفت مستوطنات صهيونية محاذية لقطاع غزة برشقة صاروخية، ضمن معركة “طوفان الأقصى”.
وعرضت سرايا القدس مشاهد من تجهيز وقصف مجاهديها “سديروت” و”مفلاسيم” ومستوطنات “غلاف غزة” برشقة صاروخية.
في سياق متصل أعلن الجيش الأمريكي امس، عن مصرع أحد جنوده الأسبوع الماضي متأثراً بجروح خطرة أصيب بها خلال الصيف “أثناء مهمة على الرصيف البحري الذي أنشأته واشنطن في غزة”.
وقالت شبكة “سي إن إن” الأمريكية: إن الرقيب كوانداريوس دافون ستانلي البالغ 23 عاماً كان واحداً من ثلاثة أفراد من الخدمة الأمريكية زعمت أنهم أصيبوا “في حوادث غير قتالية” أثناء المهمة، على الرغم من عودة اثنين على الفور إلى الخدمة بعد إصابتهما بجروح .
وفي الضفة المحتلة ..واصل المقاومون منذ فجر امس، اشتباكات مع قوات “جيش” الاحتلال الإسرائيلي تصدّياً لاقتحامها مناطق متفرّقة.
وسمع دوي إطلاق نار كثيف وانفجارات في حي المنشية في مخيم نور شمس، وتم استهداف جرافة للاحتلال بعبوة متفجرة في مخيم طولكرم شمالي الضفة.
وأعلنت سرايا القدس-كتيبة طولكرم، مواصلة مقاتليها خوض اشتباكات ضارية مع قوات العدو المقتحمة لمحاور مختلفة في مخيم طولكرم.
وفي هذا الإطار، تمكّن مقاتلو السرايا من تفجير عبوة ناسفة شديدة الانفجار معدة مسبقاً في خط سير آليات وجرّافات الاحتلال، في محور المنشية – الشارع الرئيسي في طولكرم.
كما فجّروا عبوة ناسفة شديدة الانفجار في جرافة عسكرية للعدو في محور شارع نابلس في مخيم نور شمس (المسلخ ) محقّقين إصابة مباشرة.
وذكرت السرايا أن مقاتليها تمكنوا من تنفيذ كمين ضد قوة مشاة صهيونية في زقاق حي المنشية في مخيم نور شمس، ما أدى إلى إيقاع أفرادها بين قتيل ومصاب.
بدورها، فجّرت كتائب شهداء الأقصى – طولكرم، عدداً من العبوات المتفجّرة شديدة الانفجار في محاور القتال في مخيم نور شمس ومخيم طولكرم، مؤكدة تحقيق إصابات مباشرة في صفوف العدو وآلياته.
وفي جنين، أعلنت سرايا القدس -كتيبة جنين، أن مقاتليها في مجموعات قباطية يواصلون استهداف تمركزات القنّاصة وتحرّكات قوات الاحتلال في محاور القتال المختلفة بالأسلحة المناسبة، محقّقين إصابات مؤكدة.
وتمكّن مقاتلو سرايا القدس في وحدة الهندسة في مجموعات قباطية من تفجير عبوة ناسفة شديدة الانفجار بآليات العدو في محور صلاح الدين.
بدورها، أعلنت كتائب شهداء الأقصى – جنين- مواصلة مقاتليها التصدّي لقوات الاحتلال في بلدة قباطية، بحيث يخوضون أشرس اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة في محور مثلّث الشهداء في البلدة، ويفجّرون عدداً من العبوات شديدة الانفجار، محقّقين إصابات مباشرة في صفوفها.