رام الله- على مدى سنوات الاحتلال الطويلة، شهدت الضفة الغربية انتفاضات وهبّات شعبية جعلت منها بقعة غير مستقرة بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي، تخللها سقوط مئات الشهداء وآلاف الجرحى.

واستشهد 230 فلسطينيا في الضفة خلال 2022، و371 منذ مطلع 2023، وفق "مرصد شيرين" الحقوقي الذي يديره صحفيون فلسطينيون، وسمّي نسبة للزميلة الشهيدة شيرين أبو عاقلة، بينما قُتل 26 جنديا ومستوطنا إسرائيليا في الضفة منذ مطلع 2023 وحتى 18 سبتمبر/أيلول الماضي، وفق معطيات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة.

ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، شهدت مدن وقرى الضفة سلسلة فعاليات شعبية، لكنها لا ترقى لمستوى الجريمة التي يتعرض لها القطاع، ما يثير تساؤلات حول ضعف التفاعل من منطقة محتلة تصدرت المشهد حتى وقت قريب بعملياتها النوعية خاصة في شمالها، وهو ما دفع الاحتلال لاتخاذ مجموعة من الاجراءات، يرى متابعون أنها حالت دون انتقال ارتدادات "طوفان الأقصى" إلى الضفة.

المكعبات الإسمنتية إحدى وسائل التضييق على مدخل مدينة الخليل الشمالي (الجزيرة) إغلاق تام

فور وقوع عملية طوفان الأقصى، فرض الاحتلال طوقا مشددا على مدن وقرى الضفة الغربية، وأغلق المعابر التي تربطها بإسرائيل، كما أغلق المنفذ الوحيد الذي يربطها بالأردن.

وشمل الإغلاق كل المحافظات الفلسطينية، وأبقى الاحتلال على منفذ واحد ضيق لكل محافظة يربطها بباقي المحافظات للدخول والخروج من خلال شوارع استيطانية، وهو ما يصعب على الناشطين حرية الحركة والتنقل، وأغلقت الشوارع إما بسواتر ترابية أو مكعبات أسمنتية أو بوابات حديدية، أو حواجز مأهولة بالجنود.

يقول يوسف عبد الله، وهو سائق أجرة ينقل الركاب بين الخليل جنوبي الضفة ورام الله في الوسط منذ سنوات، إن المسافة بين المدينتين تصل إلى نحو 100 كيلومتر، وكانت تستغرق قبل الإغلاقات 5 ساعات ذهابا وإيابا.

ويضيف يوسف عبد الله في حديثه للجزيرة نت "اليوم نقف في طابور طويل من السيارات على مدخل الخليل الشمالي، ومن ثم إلى بيت لحم وشرقي القدس، ثم رام الله، في مسافة أطول ووقت يصل إلى الضعف، وكذلك أجرة الركاب".

ويتابع المتحدث ذاته، أن الاحتلال يغلق مداخل المدن باتجاه الشوارع المشتركة مع المستوطنين ساعتين صباحا وساعتين مساء، وهو وقت توجه المستوطنين إلى أعمالهم وحين عودتهم، وأشار إلى تنكيل مستمر وعنيف للركاب وسائقي المركبات على الحواجز العسكرية، خاصة حاجز وادي النار شرقي القدس، الذي يفصل جنوب الضفة عن وسطها.

غرفة محصنة على مدخل الخليل الشمالي يتمركز فيها جنود إسرائيليون (الجزيرة) تضييق على العمال

واستمرارا لسياسة الاحتلال، فقد منع العمال الفلسطينيين من التوجه إلى أماكن عملهم في إسرائيل، وهو ما ترتب عليه تعطل نحو 200 ألف عامل فلسطيني، وفق أمين عام اتحاد عمال فلسطين شاهر سعد، في حديث للجزيرة نت.

وذكر شاهر سعد أن الضغط الناتج عن بطالة العمال ذو شقين: دخول كثير من العمال في ضائقة اقتصادية نتيجة التزامات مالية لا يستطيعون الوفاء بها، كما أنهم كانوا يضخون في الاقتصاد الفلسطيني نحو مليار و350 مليون شيكل شهريا (نحو 350 مليون دولار)، وهذا توقف مع الحرب.

ووصل الأمر إلى تداعي بعض البلديات لتوفير حملات دعم وإغاثة للعمال الذين تقطعت بهم السبل، كما جرى في بلدة السموع جنوبي الضفة.

عقوبات جماعية

وشن الاحتلال خلال الشهر الماضي حملة اعتقالات جماعية للفلسطينيين بالعشرات كل ليلة، حتى وصل إجمالي عدد المعتقلين إلى نحو 2280 شخصا، أغلبهم من المؤثرين في المجتمع، وبينهم نساء.

ووفق نادي الأسير الفلسطيني تخلل الاعتقالات تعذيب وتنكيل، وصل إلى حد استشهاد 3 أسرى، فضلا عن اعتقال الأقارب وتعذيبهم بما في ذلك البنات والزوجات كونهم رهائن، حتى تسليم المستهدفين بالاعتقال أنفسهم.

كما شنت قوات الاحتلال حملة اعتقالات شملت 23 صحفيا على الأقل، إضافة إلى ناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي من الضفة الغربية كانوا يواكبون الأحداث اليومية، كما استدعت للتحقيق عددا آخر من الصحفيين والناشطين وحذرتهم من "التحريض" أو الإشادة بغزة.

ومع دخول شهر نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، يُفترض أن تحول سلطات الاحتلال المقاصة للسلطة الفلسطينية، وهي عائدات ضرائب تجبيها مقابل نسبة مئوية عن البضائع الواردة للأراضي المحتلة، عبر المنافذ التي تسيطر عليها.

وأعلنت السلطة الفلسطينية -الأحد الماضي- رفضها تسلم تلك الأموال، وذلك بعد أيام من إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، تحويل أموال المقاصة محسوم منها مبالغ كانت توجه شهريا إلى قطاع غزة، ومن شأن هذه الخطوة أن تشكل مزيدا من الضغط والابتزاز على الشعب الفلسطيني وسلطته على حد سواء.

تسليح المستوطنين

ومن أخطر الإجراءات التي اتخذها الاحتلال توزيع عشرات الآلاف من قطع السلاح على الإسرائيليين بمن فيهم المستوطنين، الذين قتلوا 9 فلسطينيين في الضفة منذ بدء العدوان على غزة، وأسهموا في تهجير عشرات العائلات الفلسطينية من تجمعاتها المحاذية للمستوطنات.

توثيق: مجدي عواد (65 عاماً)، متزوج وأب، قُتل جرّاء إصابته بالرصاص في طولكرم فجر اليوم. عواد هو القتيل الـ 132 في الضفة الغربية منذ يوم 7.10.23. pic.twitter.com/VjEbvf1yFO

— B'Tselem בצלם بتسيلم (@btselem) November 1, 2023

من جهة أخرى بات شائعا في وسائل التواصل الاجتماعي انتشار التعبير "00"، الذي يشير إلى الحالة التي على الأجهزة الأمنية الفلسطينية أن تلتزم فيها بمقارها، وهي حالات اقتحام قوات الاحتلال للمناطق.

وتراجعت منذ نحو شهر وبشكل ملحوظ حركة وتنقل الأجهزة الأمنية، وهو ما من شأنه أن يخفف نقاط الاحتكاك بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية وقوات الاحتلال.

تغطية صحفية.. صرخة شاب في رام الله: "فشروا يكسروا المقاومة.. ثوروا يا أهل الضفة.. محدش يخاف، اليوم بعتقلوك وبتقعد راسك في راس الضابط، وبتقول له: عنا أسـراكـم في غزة بروحونا كلنا". pic.twitter.com/eUnRXJb8t9

— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) November 6, 2023

أين المقاومة الشعبية؟

تنتهج القيادة الفلسطينية في رام الله أسلوب المقاومة الشعبية والتحركات السياسية لمواجهة الاحتلال، وترفض بشدة نهج "المقاومة المسلحة" الذي تتبناه حماس وفصائل أخرى، لكن حتى المقاومة الشعبية ما زالت محدودة، فما السبب؟

يقول الناشط الميداني ومدير منطقة بيت لحم في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان حسن بريجية، إن الضفة الغربية مهما قدّمت فلن تشكل سوى نقطة في بحر الدم الذي تعيشه غزة، لكن مع ذلك أشار إلى معاناة "خنق" القرى والمدن الفلسطينية، ما قلل فرص الوصول إلى مناطق الاحتلال، بعد سنوات من تحويله المناطق الفلسطينية إلى "معازل".

واستَشهد حسن في حديثه للجزيرة نت بالحال في بيت لحم، فقد أغلق الاحتلال 42 شارعا بالبوابات العسكرية، و27 شارعا بالسواتر الترابية، ونشر جنوده في 21 برجا عسكريا، ما عطل الحركة بين مدينة بيت لحم وقراها.

في المقابل يقول حسن، إن "الاحتلال وبعد إعلانه حالة الحرب ربط المستوطنات ببعضها بعضا من خلال الأراضي الفلسطينية، التي بات من غير الممكن وصول أصحابها إليها".

وتابع المتحدث نفسه أن كل ما سبق ينطبق على باقي المحافظات وربما بشكل أوسع، الأمر الذي حوّل المحافظات إلى سجون ومعازل من جهة، وقلل فرص الوصول إلى مناطق الاحتكاك مع جيش الاحتلال والمستوطنين من جهة أخرى، فضلا عن التعليمات بإطلاق النار على الفلسطينيين لأقل الأسباب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الضفة الغربیة فی الضفة رام الله بیت لحم وهو ما

إقرأ أيضاً:

تفاصيل اجتماع مركزية فتح في رام الله

عقدت اللجنة المركزية لحركة فتح ، مساء اليوم الأحد 17 مارس 2025، اجتماعا لها بمقر هيئة التعبئة والتنظيم في مدينة رام الله .

وجرى خلال الاجتماع بحث آخر مستجدات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، والعدوان الإسرائيلي المتواصل على أبناء شعبنا في الضفة الغربية، خاصة في مدن جنين ومخيميها وعدد من البلدات والقرى، وطولكرم ومخيمي طولكرم ونور شمس، وطوباس والفارعة وطمون، و نابلس ومخيم بلاطة، وكذلك الخليل ومخيم العروب، وأريحا ومخيم عقبة جبر، وغيرها من البلدات والقرى في الضفة الغربية، حيث تواصل قوات الاحتلال سياستها الإجرامية في قتل واعتقال وجرح العشرات من المواطنين، خاصة في شهر رمضان المبارك، بالإضافة إلى تدمير وحرق المنازل، وتهجير سكانها، وتجريف الشوارع وتخريب البنى التحتية الخاصة بشبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي في تلك المناطق، بالإضافة إلى الاستمرار في الاقتحامات اليومية للمستوطنين الإرهابيين لساحات المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال، ومنع المصلين من أداء الصلاة فيه، والاعتداء على المقدسات المسيحية ومصادرة ممتلكاتها بالقوة.

وطالبت حركة "فتح"، المجتمع الدولي، وخاصة مجلس الأمن الدولي، بالقيام بمسؤولياته الملقاة على عاتقه، وإجبار دولة الاحتلال على وقف جرائمها البشعة بحق شعبنا المستمرة في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، مشيرة إلى أن الصمت الدولي هو الذي يشجع الاحتلال على التمادي في ارتكاب الجرائم المخالفة للقانون الدولي والاتفاقيات الدولية ذات العلاقة.

وأدانت حركة "فتح" إمعان الاحتلال في تنفيذ مخططاته الرامية لإغلاق مقرات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ( الأونروا ) في مدينة القدس وفي الضفة الغربية، في محاولة لطمس حق العودة للشعب الفلسطيني، والتنكر لالتزاماتها تجاه قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالقضية الفلسطينية.

وفي الشأن السياسي، أشادت اللجنة المركزية بالقرارات الصادرة عن القمة العربية الطارئة التي عقدت في القاهرة، الرافضة لدعوات تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، والخطة الفلسطينية- العربية التي قدمت لإعادة إعمار قطاع غزة بوجود أبناء شعبنا على أرضه.

كذلك أكدت مركزية فتح، دعمها الكامل لما جاء في كلمة الرئيس محمود عباس خلال القمة، وما طرحه من إصلاحات تهدف لتمتين البيت الداخلي الفلسطيني في ظل ما تتعرض له القضية الفلسطينية من تحديات جسام تهدف للنيل من حقوق الشعب الفلسطيني ومكتسباته.

وحيت اللجنة المركزية صمود أبناء شعبنا وتمسكه بحقوقه وثوابته الوطنية كل محافظات الوطن، بالرغم من كل ما يتعرض لها من عدوان وإجرام إسرائيلي متواصل، داعية أبناء الحركة إلى بذل الجهود كافة، للتخفيف من معاناة أبناء شعبنا، خاصة في مدن ومخيمات وقرى شمال الضفة الغربية الذين يتعرضون لأبشع الجرائم من قبل جيش الاحتلال، مشددة على أهمية تعزيز الوحدة الوطنية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني وقائدة نضاله الوطني.

واستمعت اللجنة المركزية، إلى تقارير من قبل عدد من المفوضيات تتعلق بالشأن الداخلي للحركة، وتعزيز دور الحركة وتمتينها باعتباره العامود الفقري للمشروع الوطني الفلسطيني.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين يونيسيف: أطفال فلسطين يواجهون أوضاعا مقلقة للغاية مصطفى يؤكد أهمية دعم وحدة منظومة القضاء بين الضفة وغزة بالصور: القدس - 70 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى الأكثر قراءة حماس: نتنياهو يعطل اتفاق وقف النار لخدمة مصالحه هآرتس : قد نشهد عودة أسرى من غزة مطلع الأسبوع المقبل سبب وفاة حماد القباج – الشيخ حماد القباج ويكيبيديا سعر صرف الدولار والدينار مقابل الشيكل اليوم الإثنين 10 مارس عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • تفاصيل اجتماع مركزية فتح في رام الله
  • رئيس الشاباك يكشف أسباب إقالته وعلاقة طوفان الأقصى بالقرار
  • هاليفي: حماس نجحت في خداع إسرائيل قبل عملية طوفان الأقصى
  • كيف رمضان بدون الأقصى؟ سؤال ينكأ جراح فلسطينيي الضفة
  • «الخارجية» الفلسطينية: 40 ألف مشرد شمال الضفة
  • الخارجية الفلسطينية تناشد المجتمع الدولي وقف جرائم الاحتلال الإسرائيلي شمال الضفة الغربية
  • الخارجية الفلسطينية تطالب بتحرّك دولي لوقف جرائم الاحتلال الإسرائيلي في مخيمات شمال الضفة الغربية
  • الاحتلال يفرض قيودا على الوصول للمسجد الأقصى في الجمعة الثانية من رمضان (شاهد)
  • الاحتلال يفرض قيودا على الوصول للمسجد الأقصى بالجمعة الثانية من رمضان (شاهد)
  • الاحتلال يشدد قيوده على وصول الفلسطينيين للأقصى في الجمعة الثانية من رمضان