قصص مأساوية لأطفال غزة: بعضها انتهى بالنجاة
تاريخ النشر: 9th, November 2023 GMT
مجلة ليالينا
بحصيلة تفوق الـ3500 طفل، يسقط أحد أطفال فلسطين صريعاً كل خمس دقائق، ومن قلب غزة النابضة بالألم، شاهد العالم على مدار الأسابيع القليلة الماضية، قصصاً إنسانية مؤثرة كان أبطالها أطفالاً لا حول لهم ولا قوة، ولا ذنب لهم سوى أنهم خُلقوا في غزة الجريحة وسط النار والدمار الذي يحيط بهم من كل جانب، ولعل العالم نظر باكياً خلال هذه الفترة لعدد من قصص الأطفال التي برزت بعدسات المصورين ليشاهدها الجميع ويعيد نشرها عبر منصات التواصل الاجتماعي، بشكل حزين.
في لقائه مع بيرس مورغان، تحدث الإعلامي المصري الساخر باسم يوسف، عن قصة ادعى أنها خيالية، ولكنها تعكس الواقع وتدور أحداثها عن طفل فلسطيني يُدعى رامي، ويقيم في غزة فيما يقيم ابن عمه في الضفة الغربية، يستيقظ رامي على خبر حرق ابن عمه حياً وإجباره على شرب الكيروسين، يحاول رامي العيش بسلام، ولكنه يشرب ماءً ملوثاً ويحيا حياة صعبة لا تناسب أي طفولة.
يقف رامي في طابور العيش وسط عشرات الأطفال الذين يحاولون الحصول على الخبز لإطعام عائلاتهم، وبينما هو في طريقه للعودة يتلقى رسالة تحذيرية "سوف نقصف بيتك" ويعود رامي للمنزل الذي لم يعد منزلاً ليجد الركام والخراب وبقايا العائلة أشلاء تحت الأنقاض، فماذا يفعل رامي؟ هكذا سأل باسم يوسف عندما انتهى من حكايته "الخيالية" ليرد بيرس مورغان "لا أعرف".
قصة رامي "الخيالية" الجميع يعرف أنها ليست خيالية، قصة رامي هي قصة كل طفل فلسطيني مهدد في أي لحظة بخسارة طفولته، عائلته، منزله أو حياته، هذه القصة هي تجسيد "خيالي" مصغر عن الوضع في غزة، وهو ما سنستعرضه لكم في السطور التالية، بـعدد من القصص الإنسانية، أبطالها من الأطفال في غزة.. تابعونا.
تالين: "هي أمي بعرفها من شعرها""مش هي يمكن واحدة ثانية".. "هي والله هي أنا بعرفها من شعرها" بجملة واحدة أحرقت الطفلة تالين التي لا يتجاوز عمرها 9 سنوات، قلوب كل من شاهدوها في الفيديو الشهير الذي تعرفت فيه على جثة والدتها من شعرها، بينما حاول الجميع من حولها أن يهدئ من روعها، الطفلة الصغيرة انهارت تماماً وهي تؤكد للعالم الواقف مكتوف الأيدي، أنها أصبحت يتيمة الأم قبل أن يتم إعلان خبر استشهاد والدتها رسمياً، فقط بنظرة ابنة لأمها عرفت مأساتها قبل أن يؤكدها الجميع.
"ليه يا الله أخدتها مني ياما ياما ليه، يا ريتك أخدتني معها يا ربي، مقدرش أعيش من غيرها" كلما كانت تالين تصرخ ولا تجد صوت أمها الحنون يطمئنها، كانت تزيد في الانهيار، وكأنها توثق مأساتها ومأساة كل طفل فقد أمه في غزة، ولكن للأسف تالين مثلما فقدت والدتها فقد فقدت والدها أيضاً وأصبحت وحيدة في هذه الدنيا.
تالين الصغيرة ظهرت في فيديو آخر بعد أيام قليلة من انهيارها بسبب وفاة والدتها، وطمأنت القلوب الحزينة على حالها "أنا كويسة وكتير كمان الحمد لله" في قوة قد يحسدها عليها الكبار ممن نعموا بوفاة هادئة لأمهاتهم، ولكنهم لم يستطيعوا التماسك رغم مرور سنوات، فهل الولادة في غزة تضمن للأولاد والبنات كل هذا الصمود والصبر؟ أم أن الأطفال هناك مجبرون على تخطي أحزانهم بقدرة تفوق البشر لأنه لا حلول أخرى أمامهم، في طعنة جديدة لطفولتهم؟
محمد أبو لولي: ارتجف يا صغيري
الطفل المرتجف محمد أبو لولي كما عرفته السوشيال ميديا، طفل صغير لا يتجاوز عمره 3 سنوات على أقصى تقدير، شوهد محمد وهو يرتجف بكل عظمة في جسده الضئيل عقب قصف المستشفى المعمداني بغزة في أكتوبر الماضي، أبو لولي كان يعيش صدمة رهيبة ظهرت على ملامحه الصغيرة فبدلت طفولته إلى خوف العجائز فأبكى القلوب على مأساة أطفال غزة من جديد.
محمد أبو لولي عاد ليؤكد من جديد على صمود وشجاعة أطفال غزة الذين استبقوا أعمارهم بسنين ضوئية، وظهر وهو يضحك في عدد من الفيديوهات بعد أن عاد بسلام إلى عائلته.
طفل يلقن أخيه الشهادة: أقلب الغريب كقلب أخيك؟
في قوة وصمود وحنو، ظهر أحد أطفال غزة وهو يلقن شقيقه الشهادة "قولا ورايا يا عمر لا إله إلا الله محمد رسول الله"، في إصرار دفع البعض للتساؤل حول هذا الإيمان الذي لا تزعزعه النوائب والنكبات، لم يقف طفل الشهادة مكتوف الأيدي كما يفعل الصغار، الطفل بنضج كبير لا متناهي اتخذ موقف المسؤولية كرجل يلقن رجلاً على باب الجنة الشهادة. للمفارقة السعيدة لم يمت "عمر" الطفل الذي كان يُلقَن الشهادة من شقيقه البطل، وظهر الاثنان بعد ذلك وهما يبتسمان ويضحكان، في لفتة وصفها الشاعر أمل دنقل في قصيدته الشهيرة "لا تصالح" عندما قال: "ذكريات الطفولة بين أخيك وبينك" حتى "تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:أنَّ سيفانِ سيفَكَ.. صوتانِ صوتَكَ أنك إن متَّ: للبيت ربٌّ وللطفل أبْ".
يوسف: أبيضاني شعره كيرليمن منا لم يعد يعرف الجملة الحزينة: "يوسف أبيضاني وشعره كيرلي وحلو عمره 7 سنين"، لا شك أن فيديو الأم المكلومة وهي تبحث عن "حبيبها" يوسف بعد أن عادت لمنزلها لتجده ركاماً فوق بعضه، والذي تصدر مواقع البحث ومنصات التواصل الاجتماعي لأيام، قد أوجع القلوب وجعاً كبيراً.
يوسف وعمره 7 سنوات، طفل فلسطيني يحمل الجنسية المصرية، كان قد احتفل بتخرجه من صفّه الأول في مفارقة عجيبة إذ ظهر في صورة متداولة مكتوب عليها "خريج دفعة 2023" وكأنها إشارة لتخرجه النهائي إلى الجنة، وخطف يوسف القلوب بملامحه البريئة بعد أن اختاره الموت بدقة.
يحكي والده الطبيب الفلسطيني محمد حميد أبو موسى، أنه كان نوباتجياً حين وقع القصف، فيما كانت والدته تحاول جلب بعض حبات من الطماطم من منزل مجاور، حين سمع كل منهما القصف، وصل يوسف إلى ثلاجة المشرحة التي يعمل فيها والده بعد أن استغاثت والدته لإخراجه من تحت الأنقاض، كلاهما احتسبه شهيداً، ولكن الفيديوهات الخاصة به أبكت السوشيال ميديا لأيام.
لم ينجُ يوسف من القصف كآلاف الأطفال الذين راحوا ضحية زخات شرسة من النيران والطلقات تم إطلاقها نحو صدورهم وصُبت فوق رؤوسهم، فيما كتب الله النجاة للبعض الآخر كآية على قدرته المُطلقة في تسيير الأمور، الأمر المشترك بين الناجين والقتلى أنهم أدموا القلوب على أوجاع أصابت براءة الطفولة في مقتل.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: أطفال غزة بعد أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
حكاية الشهيد رامي هلال ضابط الأمن الوطني.. ضحى بحياته لإنقاذ الدرب الأحمر من إرهاب الإخوان
رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وأبروا بقسم الولاء الذي أدوه في ساحة البطولة والشرف حين تخرجوا من الكلية وبدأوا الحياة العملية فى مختلف قطاعات وزارة الداخلية، وكان من بين هؤلاء الشهداء العقيد رامي هلال، الضابط بقطاع الأمن الوطنى، الجميع شاهد على بطولة الشهيد رامي هلال، وبالتحديد يوم الاثنين 17 فبراير 2019، انتشر مقطع الفيديو الخاص بالحادث، والذي تم الحصول عليه من إحدى كاميرات المراقبة المثبتة بأحد شوارع الدرب الأحمر، والتي كان لها الفضل فى كشف ملابسات حادث التفجير، حيث راقب الشهيد منزل الإرهابي الذي اختبأ فيه، ثم ترجل قاصدا دراجة هوائية ليستقلها، وحين قبض عليه الشهيد، فجّر نفسه فى الحال.. سالت دماء الشهيد وأنقذ المنطقة من كارثة.
رحلة البحث من الجيزة ل الدرب الأحمركانت الساعة تُشير إلى الواحدة من ظهر يوم الجمعة 15 فبراير 2019، وبينما كان أحد الارتكازات الأمنية يباشر عمله بميدان الجيزة، وقف إرهابي أعلى كوبري الجيزة، وألقى قنبلة بدائية الصنع على القوة الأمنية، التي كانت تتمركز أمام مسجد الاستقامة، ثم لاذ بالفرار.
وبدأ قطاع الأمن الوطني عملية بحث وتحرٍ دقيقة عن الإرهابي، وبعد قرابة 72 ساعة، من البحث والتحري، وفحص كاميرات المراقبة، وتتبع خط سير هروب الإرهابى، تمكنت قوة يقودها العقيد رامي هلال، من تحديد مكان تواجد واختبائه داخل أحد المنازل بحارة الدريري بـالدرب الأحمر، فتوجه إلى هناك بصحبة فردي شرطة كانا معه.
وقبل أقل من ساعة على الوصول لمنطقة اختباء الإرهابي، أجرى العقيد هلال إتصالا بأفراد أسرته للاطمئنان عليهم، وطمأنهم على نفسه وأنه بخير، ثم وصل إلى مكان اختباء الإرهابي، وتحيّن فرصة للهجوم عليه فور نزوله من المنزل الذي يسكنه.وبعد مرور بعض الوقت، نزل الإرهابي مستقلا دراجة هوائية، حتى شرع «هلال» ومرافقوه في ضبطه، وما هي إلا لحظات حتى فجّر الإرهابي نفسه بواسطة حزام ناسف كان يضعه في جسده، ليستشهد هلال وفردا الشرطة الذين كانا معه في الحال، كما أصيب 3 ضباط أحدهم من الأمن الوطني وآخر من الأمن العام وثالث من مباحث القاهرة.
نصير الغلابةالشهيد رامي علي أحمد علي هلال، من مواليد القاهرة، عام 1979 وترتيبه الثاني بين أشقائه الأربعة، وتخرج في كلية الشرطة عام 2001، والتحق بقطاع الأمن المركزي، وعمل فى محافظة الأقصر، ثم التحق بقطاع الأمن الوطني وتنقل بين إداراته، والتحق بفرع الأمن الوطني فى شبرا حتى استشهاده، وكان الشهيد سببا فى إنشاء موقف للتاكسي بمنطقة شبرا الخيمة، كما كان له موقف مع أحد الباعة الجائلين، عام 2018، وأطلقوا عليه لقب «نصير الغلابة».
وشارك الشهيد فى عدة عمليات هامة اضطلع بها قطاع الأمن الوطني ومنها ملاحقة العناصر المتورطة في حادث اغتيال الشهيد هشام بركات، ومحاولتي اغتيال اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية الأسبق، والمستشار زكريا عبد العزيز، النائب العام المساعد السابق.
وتمكن الشهيد من تتبع خط الإرهابي الهالك حسن، من خلال رصده في الشوارع التي سلكها بعد إلقاء القنبلة على الارتكاز الأمني، من الجيزة وصولا إلى منطقة الدرب الأحمر، حتى تمكن من تحديد مكان اختبائه، وظلّ يراقب الوضع عن كثب، حتى خرج الإرهابي من المنزل، وفجّر نفسه لحظة القبض عليه.. وانتهت حياة البطل رامي هلال.