سيدات شرم الشيخ.. قصص نجاح في عالم «الهاند ميد»
تاريخ النشر: 9th, November 2023 GMT
منتجات يدوية صُنعت بأيادي مجموعة سيدات بمدينة شرم الشيخ تبهر السائحين ليصبحن من أعلام «الهاند ميد» بمحافظة جنوب سيناء، حيث ذاع صيتهم بالمعارض العامة والخاصة، بسبب جودة المنتجات ذات الحرفية العالية التي جاءت نتيجة تدريبات واجتهادات ذاتية لكل المشاركات من «مجموعة سيدات الهاند ميد» المكونة من 12 سيدة بحرف يدوية مختلفة، منها «كروشيه، وتريكو، وأكسسوارات، وديكورات، وتطريز، ومكرمية، ورسم، وكنافا، وحقائب بلاستيكية، وإيمجرومي، وخرز نول».
قالت نسمه فتحي، وتملك إحدى محال خامات صناعة «الهاند ميد» لـ«الوطن»، كانت طبيعة عملي بيع الخامات فقط، وكنت لا أجيد الصناعات اليدوية، حتي مررنا بفترة كورونا، التي وفرت الوقت للتعلم إلي أن شاركت بالتدريبات الجماعية وأتقنت الحرف اليدوية من «الكروشيه والملابس والحقائب والتطريز والمكرمية».
وأضافت نسمة، من خلال عملي ببيع خامات الهاند ميد، تعرفت على السيدات اللاتي يمتهنن الحرف اليدوية، واتخذت قرار بتأسيس مجموعه تحت اسم «سيدات شرم الشيخ للهاند ميد»، وعزمت علي مساعدتهم عن طريق الاشتراك بمعارض عامة أو من خلال المعارض التابعة للمؤتمرات الدولية التي تقام برعاية المحافظة ومنها مؤتمر المناخ Cop 27 ومعرض الكتاب ومعرض زهور الربيع علي مدار سنتين.
تقول حسناء صقر، أحدى المشاركات بالمجموعة، بدأت هواية الأشغال اليدوية أو الهاند ميد من سن الجامعة، فأنا حاصلة علي ليسانس حقوق جامعة المنصورة فكنت أصنع أكسسواراتي بنفسي، إلى أن تزوجت وانتقلت للمعيشة في شرم الشيخ، وبدأت أمتهن الحرف اليدوية نظرًا لاهتمام السياح بالمنتجات اليدوية وشراؤها كهدايا تذكارية.
وتابعت: «طورت من نفسي إلي أن احترفت تصميم الأكسسوارات في سنة 2013 وأنشأت سنتر تعليمي للأطفال ليتعلموا الرسم والأعمال اليدوية وإعادة التدوير، وحققت نجاح كبير في مدينة شرم الشيخ، حتي تعرضنا لجائحة كورونا التي تسببت في إغلاق مركز تعليم الأطفال مما جعلني أهتم أكثر بتصميم الأكسسوارات واشتركت «بمجموعة سيدات شرم الشيخ للهاند ميد»، الذي يجمع فئة محترفي الصناعات اليدوية حيث التفتت لنا المحافظة وجعلتنا نشارك المعارض الكبرى.
تعمل هدير الشريف، مصممه أكسسوارات النول، في مجال صناعات الهاند ميد منذ عدة أعوام، وتقول: «سنوات من الخبرة جعلتني على دراية كاملة بهذه المهنة، واتقنتها جيدًا، وقمت بتدريب السيدات، وأتاح هذا المجال الفرصة لأشارك في عدة معارض تحت رعاية «مجموعة سيدات شرم الشيخ للهاند ميد»، مضيفة، كانت تلك الحرفة عامل أساسي في تغيير حياتي، وأتقدم بالشكر لكل من يدعمون المرأة لتكوين كيان خاص بها.
بدأت بالتقليد ووصلت للاحترافتقول إيمان محمد: بدأت هوايتي وارتباطي بفن الكروشيه من حب أمي له، حيث قلدت ما كانت تصنعه من كوفيات، والأيس كاب، والحقائب الكنفاه، ثم تطورت لصناعة الحقائب العادية حتي أحببت فن «الاميجرومي» و علمت نفسي بنفسي ثم تطورت إلى تعلم «التابستري» وهذا الفن يعتمد علي تداخل مجموعة من الخيوط لرسم لوحه فنية بالخيوط، وبدأت في صناعة حقائب بواسطة هذا الفن، وشاركت في معارض بالمحافظة مع «سيدات شرم الشيخ للهاند ميد».
عفاف شعيب من «السوشيال ميديا» إلى المعارضوقالت عفاف شعيب، وهي إحدى المشاركات بمجموعة الهاند ميد بصناعة المكرميات، بدأت العمل بمجال الهاند ميد منذ 8 سنوات بعد التعلم عن طريق السوشيال ميديا، وطورت من نفسي بالتكرار والتجارب، شاركت مجموعة سيدات شرم الشيخ بالمعارض والتي كان لها دور كبير في ظهور منتجاتي اليدوية إلى النور.
مهنة صناعة الكروشية تشعرني بالفخرمن جانبها، تقول يارا نظمي، وهي إحدى المشاركات بالمجموعة، احترفت الكروشية من 8 سنوات، مضيفة: «هي مهنة تشعرني بالفخر بأني أحول مجموعة من الخيوط لعمل فني، وأتقنت صناعة الملابس من الكروشيه وعندما وجدت مجموعة سيدات شرم الشيخ للهاند ميد انضممت إليهم لإظهار نتائج فعلية لهوايتي التي تحولت لحرفة».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الهاند ميد فن الكروشيه سوشيال ميديا شرم الشيخ جنوب سيناء الحرف الیدویة الهاند مید
إقرأ أيضاً:
الجن زمن الإنسانية المتحولة
الجن فـي المرويات الدينية والثقافـية والشعبية والأسطورية، مكون رئيس من المعتقد العام لأغلب الشعوب، التي تحضر فـيها فكرة كائنات نورانية ونيرانية أو ترابية أو هوائية مفارقة لوجود البشر المخلوق من تراب، وفـي الآن ذاته هي مؤسسة لعالم مواز ينعم بخوارق تجاوز فعل البشر وتتعداه. فكرة الجن، هي فكرة عائمة، قائمة على أمرين رئيسين، الأمر الأول أسطوري به يمكن تفسير ظواهر تبدو فـي ظاهرها عجيبة وغريبة، ويعسر على الفكر البشري تلقيها وتقبلها، مثل النحت فـي الجبال أو مد الأفلاج أو بناء القصور المفرطة فـي الدقة فـي أزمنة شبه بدائية، والأمر الثاني هو رغبة الكائن البشري فـي إيجاد صوت قادر يحمل أمراضه وعقده ويلقى عليه عبء عجز الإنسان.
ودون الدخول فـي الحقيقة الدينية للجن، وهو ما تؤكده أغلب المنازع الدينية السماوية والأرضية، فإن الجن ثيمة حكائية وسيعة المجال، مولدة الحكايا، باعثة لممكنات قصصية لا نهاية لها، وهي -على غير ما تبدو عليه- ليست من العجائب والغرائب المفارقة لكون الإنسان، وإنما هي من باب العجائب والغرائب الداخلة فـي كون البشر، وقد استثمرها العرب بشكل لافت، وبنوا عليها قصصا مديدا، وأفاضوا فـيها السرد، تجاوزا للإشارات القرآنية واللمح النبوية، وإنما غلبت على قصص الجن حمولات الثقافة الشعبية الغالبة على الشعوب العربية فـي التفاعل مع عالم مواز له وجود فاعل فـي حياتهم، وبسبب من هذه الوفرة الحكائية ومن الثبات الاعتقادي، دخلت حكايات الجن مصنفات التاريخ ركنا مكينا أصيلا ثابت الوجود فـي حقائق المؤرخين، وقس على ذلك -على سبيل المثال- ما ذكره الطبري فـي تاريخه، وما ذكره ابن الأثير فـي كامل تاريخه من قصص الجن وتدخلهم فـي عالم البشر.
وقد صنعت أميرة الزين كتابا مهما فـي الغرض تحدثت فـيه عن الجن فـي الثقافة العربية وفـي أدبها، وقلبت الموضوع على أوجه عدة، وسمت كتابها «العرب، الإسلام، وعالم الجن الذكي»، Islam, Arabs, and the intelligent world of the jinn وهو كتاب باللغة الإنجليزية يتوجه أساسا إلى قارئ لا يعرف من عوالم العرب إلا ألف ليلة وليلة فـي الغالب الأعم، وينشد إلى عوالمها الخارقة، وإلى قصص بشرها وجنها، ولا يعرف من الإسلام إلا قمع المرأة ومحاصرة حريتها، وتوليده الإرهاب الذي صار لصيقا بالمسلمين مع الأسف، وكلنا صار يتابع بسخرية أن نداء «الله أكبر» أصبح مفزعا لعموم الغربيين، وكأن العبارة الدالة على إعلاء ذات الإله أصبحت عبارة مقرونة بالتفجير والتقتيل وإسالة الدماء، وهي مسألة لا تدعو إلى السخرية ولا إلى الهزء من أولئك الخائفـين من صوت المؤذن ولا الداعي إلى إعلاء كلمة الله، وإنما تدعو إلى الوقوف تأملا ونظرا فـي أبعاد هذه الفوبيا وطرق مقاومتها. عالم الجن، إذن هو عالم مرغب للغربيين، منفر للعرب، مخيف أحيانا، حتى أنه من باب المزاح عندما أخبرت صديقة مقربة مني ومن عالمي أني شرعت فـي إنجاز بحث عن الجن، قالت، استعن بالمعوذتين كل ليلة ولا تغفل عن ذلك.
لماذا نخاف من عالم الجن ونحن على أبواب الحديث عن الإنسانية المتحولة أو عن صور الإنسانية الخارقة أو عما بعد الإنسانية؟ لقد أثارت أميرة الزين فـي كتابها عمق التفاعل العربي مع عالم الجن، ومهدت لكتابها بمقدمة شاملة هامة أبانت فـيها انتشار الاعتقاد فـي الجن لدى أغلب الملل والأديان والمعتقدات وركزت من بعد ذلك على بيان «شعرية اللامرئي»، وقدرة الخيال الإسلامي على تمثل هذه المرجعيات اللامرئية التي يمكن أن تتواجد (وأقصد التواجد لا الوجود) فـي عالمين متباينين، عالم الشهادة وعالم الغيب، وتثير الدارسة جملة من الإشكاليات العميقة التي لم نتعود مقاربتها فـي موضوع الجن، مثل «الصلة بين الوحي والعرافة والجن»، أو جملة من التوازنات والمقارنات بين طبيعة البشر وطبيعة الجن وأواصر الصلة الجامعة بينهما فـي إيجاد عوامل واصلة بين العالمين المتفارقين، عالم الجن وعالم البشر، أو التعرض لجملة من الظواهر المؤسسة لفكرة الجن، مثل السحر أو التلبس والأشكال الحيوانية التي رسختها الثقافة الشعبية التي عليها يظهر الجن ويخرج من طينته ليتلبس حيوانا ما، ومن المواضيع المتكررة والمكثفة فـي سيرة الجن فـي الثقافة العربية الإسلامية علاقات الحب التي قد تنتهي إلى زواج بين الجن والإنس (وقد توسع الجاحظ فـي نكران ذلك، وهو العاقل)، وصلة الشعراء بالجن، وهو من المواضيع الجالبة الجاذبة لأخبار عديدة، توسعت فـيها مدونات عديدة، حتى أصبح التابع حقيقة، والجني الذي يقول الشعر على لسان البشر واقعا.
عالم الجن فـي الحكايات العربية يحتاج إلى نظر ورؤية تخرج عن دائرة الإثبات والنفـي إلى الوقوف على إدراك حاجة الإنسان إلى بناء عالم كامل للجن، مجتمع يوازي المجتمع البشري ويساويه، زواج وأبناء ودور وصلات، إيمان وكفر، شعر ونثر، تخيلا لعالم ممكن فـي الذهن العربي لكائن أمثل قادر على البقاء والإبقاء، قادر على الخفاء والجلاء، مالك لإمكان أفعال وصفات يصبو البشر إلى بلوغها، وقد قدمت لنا المرويات العربية عوالم تامة الكمال لعوالم الجن، يمكن أن نمثل عليها فحسب، بما ورد فـي كتاب عبيد بن شرية الجرهمي «أخبار عبيد بن شرية الجرهمي فـي أخبار اليمن وأشعارها وأنسابها» يقول: «قال: ملك (الرائش) مائتي سنة وخمسا وعشرين سنة.
فقال (معاوية): فمن ملك بعده؟ قال (عبيد بن شرية): ابنه أبرهة بن الرائش -وكان يدعى ذا المنار- وكان من أجمل أهل زمانه، فعشقته امرأة من الجن -يقال لها العيوف- ويروى أنها الهيوف بنت الرابع فتزوجها، فولدت له العبد بن أبرهة»، وهو أمر دارج فـي أخبار العرب، لا يمثل حدثا مفارقا، ولذلك، فإن التداخل بين عالمي الجن والإنس فـي الموروث العربي ليس فعلا خارقا، ولا يدخل باب التجنيح التخيلي، وإنما هو فعل دارج، نابع من عقيدة وإيمان راسخين بتدخل الجن فـي عالم البشر، وبربط علاقات قد تبلغ درجة التزاوج، ولا غرابة أن مدينة مثل مأرب فـي اليمن، هي نسخة من مدينة للجن، وأن الهدهاد بن شرح بن شرحبيل تزوج من الجن، تزوج الحرورى ابنة اليلب، ملك من ملوك الجن، ومنهما كانت ابنتهما بلقيس صاحبة السيرة الشهيرة.
يثار اليوم موضوع الجن، وكما سلف أن ذكرنا، فنحن لا نهتم بالبعد الديني لمسألة الجن، ولكن عنايتنا به ثقافـية أنتروبولوجية، سردية، يثار موضوع الجن، ونحن فـي خضم إشكال فلسفـي وجودي حول نهاية الإنسان والإنسانية، ولعل العودة إلى الفـيلسوف الفرنسي لوك فـيري، وهو الناظر فـي أصول السعادة البشرية، الباحث عن علم الحياة، الناقد لتحول الإنسان إلى جهاز حاسوب، أن تعيننا على فهم هذه النهاية التي يبشر بها العلم، هي نهاية قاطعة مع حال من الإنسانية التي عاشها الإنسان منذ وجوده، وباعثة لما بعد الإنسانية، تحقيقا للإنسان الأكمل أو للإنسان الآلة، فهل سيكون الجن حاضرا فـي مخيلة الإنسان صاحب الذكاء الخارق، الخالي من المشاعر، لأن المشاعر هي علة من علل فشل الإنسان ومنعه من البقاء لفترة أطول، أو منعه من الخلود.