نأسف على هذا العطل التربوي الذي أصاب بعض أنسجة المجتمع، وبدأ يتغلل بينها كما السرطان، ليدمر ما تبقى لنا من حضارة ورُقي، ويبيد كل ما نصنعه من تقدم وإصلاح، فلا يمكن لأمة أن تتقدم وتزدهر دون أسس إنسانية سليمة.
للأسف، "سوء التربية" ظاهرة مأساوية يشهدها مجتمعنا المصري في بعض فئاته منذ سنوات، تتسبب في انتشار أجيال جديدة تحمل من الأنانية والهمجية والعدوانية وانعدام القيم والمبادئ ما يؤهلها بجدارة للانضمام لصفوف الإجرام والفساد والإضرار بمصالح الدولة العليا.
نعم، فإن مخاطر التربية تمتد لما هو أبعد من المشكلات النفسية والأسرية والمجتمعية؛ إنها قنبلة موقوتة تهدد مستقبل الأمة، فلا يمكن لإنسان عديم الأخلاق أن يصنع النهضة التي نرجوها، بل على العكس يكون أهم أسباب التخريب والفساد والتخلف سواء العلمي أو الاقتصادي، ولعل هذا ما جعل الدولة تضع على رأس أولوياتها بناء الإنسان المصري.
لعلنا نلاحظ في السنوات الأخيرة سلالات بشرية غريبة على مجتمعنا، لا تعرف المبادئ الإنسانية، ولم تشم رائحة التربية السليمة، يطلقها آباؤها في الشوارع والطرقات لتشيع في الدنيا الفساد، فنجد أنفسنا أمام معدلات مرتفعة في الجرائم، وارتفاع كبير في مستوى الجشع، وسيادة الغل والحقد والأنانية، وتشجيع البلطجة والسلوك العدواني، والتصفيق الحار لكل ما هو مسف.
ضاعت من بين أيدينا المعاني الحقيقية للإخاء والرجولة والشهامة والتعاون والخير والمحبة والسلام والعطاء، ونكرّس لأسوأ السلوكيات التي عرفتها البشرية، وإذا استمر الوضع هكذا فإننا سننطلق بطلاقة نحو الهاوية.
لا بد من وقفة حقيقية لإنقاذ المجتمع من هذا الخطر المدمّر، والتكاتف من أجل نشر التوعية بأهمية التربية السليمة لبناء إنسان قادر على العطاء والابتكار في إطار أخلاقي سليم، وتعميق النظرة الشاملة لتحقيق المصلحة العامة وعدم الاكتفاء بالمصالح الشخصية دون أية اعتبارات للغير.
للمدارس والجامعات أيضًا دور مهم للغاية في بناء الإنسان السوي، فحتى زمن ليس ببعيد كانت الأولوية للتربية قبل التعليم؛ فالعلم وحده غير قادر على حماية المجتمع ورفعة شأنه؛ لأنه سلاح ذو حدين، قد يدمر أمة بأكملها إن لم يستخدم في الخير.
ليقف كل منا وقفة مواجهة مع نفسه، ويبحث في ذاته ليعرف مدى قدرته على التربية السوية، فإن لم يكن قادرًا عليها ولديه رغبة في الإنجاب فليسعى لتدريب نفسه وتأهيلها من خلال الدورات المتعددة التي تقدم في هذا المجال، أما إن لم يستطع التأهل الجيد فليدع المجتمع وشأنه.
شهادة صلاحية الأبوة أو الأمومة أصبحت ضرورة حتمية في هذا الزمن؛ لأن عدم التربية السوية بات خطرًا جسيمًا يهدد السلم العام والأمن القومي ويقضي على الأخضر واليابس.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: التربية المجتمع التعليم المدارس الجامعات
إقرأ أيضاً:
تقرير: «الأسد» احتجز الصحفي الأمريكي كرهينة «خوفا على نفسه»!
قالت منظمة “مساعدة الرهائن في جميع أنحاء العالم”، الثلاثاء، “إن المعلومات التي بحوزتها تشير إلى الصحفي الأميركي أوستن تايس، المختطف في سوريا، “كان على قيد الحياة حتى يناير 2024 على الأقل”، مضيفة أن نظام الرئيس السابق بشار الأسد “احتفظ به كرهينة خوفا من مصير مشابه” لما حدث للزعيم الليبي الراحل معمر القذافي”.
وأشارت المنظمة الأميركية خلال مؤتمر صحفي عُقد في العاصمة السورية دمشق، إلى أن نظام الأسد “أفرغ بعض السجون قبل سقوطه بأيام”، مؤكدة أنها على “ثقة في الشعب السوري للمساعدة في الوصول إلى تايس”.
ونوهت بأن ثمة اعتقاد جدي بأن رأس النظام السوري السابق، “كان قد احتفظ بتايس كرهينة، بعد ما حدث مع الزعيم الليبي القذافي، خوفا على نفسه”، مردفة: “لذلك لا نعتقد بأنه سلمه إلى بلد آخر”.
ولفتت المنظمة إلى أنها قدمت أسماء بعض الشخصيات المسؤولة عن اختطاف الصحفي الأميركي، للمنظمات الحقوقية.
وعلى مدى الأشهر الأربعة الماضية ، قادت منظمة “مساعدة الرهائن” حملة في سوريا والدول المجاورة، حيث وصلت إلى ملايين السوريين أسبوعيا برسائل باللغة العربية، بحثا عن أي معلومات بشأن تايس.
وأدت هذه الحملة مؤخرا إلى اكتشاف ترافيس تيمرمان، وهو مواطن أميركي أبلغت الحكومة الأميركية عن فقده في المجر، بينما كان في الواقع، محتجزا في أحد سجون سوريا منذ أوائل عام 2024.
يشار إلى أن تايس من مواليد عام 1981، وينحدر من مدينة هيوستن في ولاية تكساس الأميركية، وقد اختفى عام 2012 عندما كان يغطي الحرب في سوريا.
وعمل تايس لصالح صحيفة “واشنطن بوست”، ووكالة “ماكلاتشي” للأنباء، ووكالة الأنباء الفرنسية، ومؤسسات أخرى. وقد تخرج من جامعة جورج تاون، وكان قائدا في مشاة البحرية الأميركية، وفقا للمعلومات المتوفرة عنه.
كما حصل على العديد من الجوائز عن تقاريره، بما في ذلك جائزة جورج بولك لتغطية الحروب عام 2012، وفقا لموقع إلكتروني أنشأته عائلته.
وتعتقد السلطات الأميركية أن نظام الأسد، احتجز تايس منذ اختفائه، وقد بذلت جهودا مستمرة للتفاوض من أجل عودته إلى الوطن.