كتبت شانتال عاصي في "الديار": يعتبر لبنان من الدول الأكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، حيث من المتوقع أن تشهد البلاد زيادة في درجات الحرارة وانخفاضًا في المتساقطات المطرية في السنوات المقبلة. ومن شأن هذه التغييرات أن تؤثر بشكل كبير في مختلف القطاعات، بما في ذلك الزراعة والمياه والسياحة والصحة. وتشير الدراسات العلمية إلى أن موجات الحرارة الشديدة ستصبح أكثر تواترًا وشدّة في المستقبل، مما سيشكل ضغطًا كبيرًا على الموارد المائية والبنية التحتية في لبنان.

بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة، فإن لبنان يعاني أيضًا من انخفاض في المتساقطات المطرية. فقد انخفضت كمية الأمطار التي تساقط على لبنان في السنوات العشر الماضية مقارنة بالمعدل الطبيعي. ومن المتوقع أن يستمر هذا الانخفاض في المستقبل، مما سيزيد من خطر حدوث الجفاف.

كيف سيكون فصل الشتاء؟

كشف الخبير البيئي ورئيس حزب "البيئة العالمي" البروفيسور ضومط كامل، أنه لا يمكننا معرفة ما إذا كان فصل الشتاء سيكون قارساً أم لا، فالمسألة ترتبط بحركة الكتل الهوائية على كوكب الأرض. وبات مسار معظم الكتل الهوائية متغيراً في الآونة أخيراً بسبب الحروب القائمة والاحتباس الحراري، ونتيجةً لذلك، قد نشهد تساقط للثلوج في مناطق لم يسبق أن شهدت ثلوجاً والعكس صحيح.

وقال: نحن أمام اضطراب مناخي عالمي، ومسار معظم الكتل الهوائية تغيّر بشكل كبير، مما أدّى إلى خسائر كبيرة على مستوى الزراعة والمحاصيل". على سبيل المثال، زرع المزارعين الذين يعتمدون على الأمطار الموسمية لريّ مزروعاتهم مرتين هذا العام، كالخسّ، السلق والفول، وبالتالي تكبّدوا خسائر فادحة دون الحصول على أي نتيجة من محاصيلهم.

اضاف: وبالإضافة إلى الزراعة، من شأن الآثار السلبية لتغير المناخ أن تؤثر على مختلف القطاعات في لبنان، بما في ذلك:

- المياه: سيؤدي الانخفاض في المتساقطات المطرية إلى انخفاض منسوب المياه الجوفية، مما سيشكل ضغطًا كبيرًا على الموارد المائية في لبنان.

- الصحة: ستؤثر موجات الحرارة الشديدة في صحة السكان، حيث ستزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والوفيات المرتبطة بالحرارة.

وعن مواجهة تحديات تغير المناخ، قال كامل : يجب على لبنان اتخاذ إجراءات عاجلة للتخفيف من آثار هذه التغييرات والتكيف معها. ومن أهمها:


- تعزيز كفاءة استخدام المياه: يجب على لبنان اتخاذ إجراءات لتقليل استهلاك المياه، مثل استخدام الري الذكي وتحسين إدارة شبكات المياه.

- زيادة حصاد الأمطار: يجب على لبنان تنفيذ مشاريع لحصاد الأمطار، مثل بناء السدود الصغيرة والخزانات لتخزين المياه.

- تطوير الزراعة المقاومة للجفاف: يجب على لبنان دعم المزارعين في تبني ممارسات الزراعة المقاومة للجفاف، مثل استخدام أنواع من المحاصيل تتحمل الجفاف وتحسين أساليب الري.

- توعية المجتمع: يجب على لبنان توعية المجتمع حول مخاطر تغير المناخ وتشجيع الأفراد على اتخاذ إجراءات لتخفيف آثار هذه التغييرات، مثل توفير الطاقة وترشيد استهلاك المياه. ومن خلال اتخاذ هذه الإجراءات، يمكن للبنان الحد من الآثار السلبية لتغير المناخ والتكيف معها بشكل أفضل.

تغير المناخ وآفاقه المستقبلية

شهد عام 2023 العديد من الظواهر الجوية المتطرفة التي نسبت إلى تغير المناخ، بما في ذلك موجات الحرارة الشديدة والعواصف الشديدة والجفاف. وشهد العالم أيضًا ارتفاعًا قياسيًا في درجات الحرارة العالمية، حيث تجاوزت المعدل الطبيعي بأكثر من درجة مئوية واحدة. وتشير التوقعات إلى أن تغير المناخ سيستمر في التفاقم في السنوات المقبلة، مما سيؤدي إلى زيادة تواتر وشدّة الظواهر الجوية المتطرفة. ومن المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة العالمية بمقدار 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2030، مما سيؤدي إلى زيادة خطر حدوث موجات الحرارة الشديدة، والجفاف، وفيضانات الأنهار.

ومن المتوقع أيضًا أن تتأثر المناطق الساحلية بارتفاع مستوى سطح البحر، مما سيؤدي إلى زيادة خطر حدوث الفيضانات والأمواج العاتية. كما من المتوقع أن تتأثر الغابات بنقص هطول الأمطار، مما سيزيد من خطر حدوث حرائق الغابات.

وإلى جانب هذه الآثار المباشرة، فإن تغير المناخ سيؤدي أيضًا إلى آثار غير مباشرة، مثل انتشار الأمراض المعدية، وانعدام الأمن الغذائي، والهجرة الجماعية.

ولمواجهة هذه التحديات، يجب على المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من انبعاثات غازات الدفيئة والتكيف مع آثار تغير المناخ. ومن أهم هذه الإجراءات:

- الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة: يجب على الدول الاستثمار بشكل أكبر في مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري المسبب الرئيسي لتغير المناخ.

- تحسين كفاءة استخدام الطاقة: يجب على الدول والمواطنين اتخاذ إجراءات لتحسين كفاءة استخدام الطاقة، مثل استخدام الأجهزة الموفرة للطاقة وترشيد استهلاك الكهرباء.

- حماية الغابات: يجب على الدول اتخاذ إجراءات لحماية الغابات، التي تعتبر من أهم مخازن الكربون في العالم.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: موجات الحرارة الشدیدة درجات الحرارة اتخاذ إجراءات من المتوقع أن یجب على لبنان تغیر المناخ فی لبنان خطر حدوث

إقرأ أيضاً:

هل سيكون إنشاء صوامع قمح أفقية بديلاً من أهراء المرفأ؟

كتبت" النهار": أين سيُخزَّن القمح؟ فيما لبنان لا يملك أهراءً بديلة، أو صوامع صالحة للتخزين الموقت، ريثما يعاد بناء الأهراء المركزية. 
لم تعدم الدولة الحيلة، وتعاونت مع المطاحن الكبرى لتخزين القمح المستورد في مخازن الأخيرة دون كلفة. وفيما الحل الذي اعتُمد منذ نحو 5 سنوات، لا يمكن أن يستمر إلى الأبد، يحتاج الواقع إلى مبادرة جدية، تعيد بناء أهراء مركزية جديدة في مرفأ بيروت في أسرع وقت، أو تفريع التخزين، كما اقترح البعض، إلى أهراء عدة، تُبنى بالقرب من مرافئ المدن الساحلية، تسهيلاً لرسوّ بواخر الشحن. 
بيد أن ما سبق يحتاج إنجازه إلى سنوات وربما أكثر، في ظل تعاظم الأزمة الاقتصادية والسياسية، وغياب التمويل، في وقت تحتاج فيه البلاد بصورة طارئة إلى صوامع، يُخزن فيها نحو 100 ألف طن متري من القمح المنتج محلياً، من أصل 500 إلى 600 ألف طن متري، يحتاج إليها ويستوردها لبنان سنوياً. 
وبناءً على ذلك، يحاول وزير الزراعة عباس الحاج حسن، الدفع باتجاه بناء صوامع تخزين مناطقية للقمح، تابعة لوزارة الزراعة، تكون مخصصة لتخزين الإنتاج المحلي فقط، قريبة من حقول الإنتاج، تتوافر فيها مسارات النقل والتفريغ، وتُبنى على مساحات عقارية تملكها الدولة، محاذية لمواقع أو ثكن الجيش اللبناني لضرورات الأمن والحماية. 
هذه الخطوة الوليدة، التي نال الوزير موافقة مجلس الوزراء عليها، لا تزال بحاجة إلى المزيد من المتابعة، والبحث عن مصادر التمويل. 
ومع وجود مساحات كافية لتخزين القمح، سيبادر المزارعون إلى زيادة إنتاجهم، خصوصاً بعد ارتفاع أسعار القمح عالمياً، بالإضافة إلى وجود مساحات صالحة لزراعته موزعة بشكل أساسي في مناطق البقاعين الأوسط والشمالي وعكار والضنية. وتقدر المساحات المشار إليها بنحو 300 ألف دونم، قادرة على إنتاج 250 ألف طن سنوياً، بما يعادل نصف حاجة السوق المحلية سنوياً. 
ولكن، هل إنشاء صوامع قمح أفقية سيكون بديلاً من أهراء المرفأ؟ 
الحاج حسن يؤكد لـ"النهار" أن هذه الصوامع ستكون تابعة لوزارة الزراعة وهي حتماً ليست بديلاً من أهراء المرفأ التي لا يمكن الاستغناء عنها للتخزين الاستراتيجي للقمح بنوعيه الطري والقاسي إضافة الى الشعير. وتنحصر وجهة الصوامع الأفقية بتخزين المحصول المحلي المكدس الذي ستتعاون الوزارة مع المزارعين على إنتاجه. 
وفيما تبدي وزارة الزراعة استعدادها لبناء صوامع تخزين أفقية، في أراضٍ تابعة لها، دون تحميل الخزينة أي أعباء، والتوجه لتأمين التمويل من المنظمات أو الجهات الدولية المانحة، فإن السؤال: من سيموّل المشروع؟ وأين ستُبنى؟ 
يكشف الحاج حسن أن برنامج الأغذية العالمي (WFP) ساعد وزارة الزراعة في إعداد دراسة حول إنشاء "صوامع قمح أفقية" وهو على استعداد لتسويق المشروع عند الجهات المانحة وفي مقدمهم الأمم المتحدة، مشيراً الى أنه سيبدأ التواصل مع نائب المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان والمنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في لبنان عمران رضا للبحث في التمويل. ولم ينس الحاج حسن شركاء لبنان في زراعة القمح، وهم كثر مثل "الفاو" والـUNDP و"أكساد" والمنظمة العربية للتنمية الزراعية، ومصلحة الأبحاث العلمية الزراعية، بالإضافة الى الجيش الذي تكفل بحماية الصوامع والقمح من أي اعتداءات أو سرقة.  

مقالات مشابهة

  • مجابهة آثار تغير المناخ بهدف تعزيز الأمن الغذائي في اليمن
  • أربيل تواجه موسم الأمطار بعدّة مشاريع: الشتاء سيكون مختلفاً
  • منخفض جوي مركزه شمال غرب تركيا يؤثر على لبنان.. فكيف سيكون طقس الأيام المقبلة؟
  • «أمطار وسيول».. كيف تتعرض مصر لمنخفض السودان الموسمي في فصل الخريف؟
  • تغير المناخ يزيد حجم الجليد في "بوابة الجحيم"
  • صحيفة: الوقت الحالي هو الأقرب لإسرائيل من حرب مع لبنان منذ 7 أكتوبر
  • وزير الري: نعمل على توفير تمويلات لتنفيذ مشروعات مائية والتكيف مع تغير المناخ عربيًّا وإفريقيًّا
  • دراسة تكشف حقيقة تأثير تغير المناخ على صحة الإنسان
  • بري: الهجوم علينا سيكون ثمنه باهظاً
  • هل سيكون إنشاء صوامع قمح أفقية بديلاً من أهراء المرفأ؟