في غزة: أنت بين الموت قصفاً.. أو عطشاً
تاريخ النشر: 9th, November 2023 GMT
الأول: هل هذه مياه حلوة (عذبة)؟، الثاني: نعم. الأول: اسقني الله يخليك، والله اشتقت لطعمها، سأموت من العطش.. هكذا دار الحوار بين شاب فلسطيني يقف على قارعة الطريق أمام مستشفى الشفاء بمدينة غزة، وآخر يحمل غالونا من الماء المحلى.
لم يبخل حامل الماء على طالبه ومنحه زجاجة ماء، وبدا في عيني الأخير المنهكتين من الجوع والعطش أنه حصل على كنز لا يقدر بثمن.
قبل أسابيع دمرت طائرات الاحتلال الإسرائيلي في حي الشجاعية (شرق غزة) منزل ذلك الشاب الذي يتوق لشرب الماء، فلجأ برفقة عائلته إلى المستشفى ليأويهم ويروون عطشهم.
يعكس هذا المشهد أزمة مياه يواجهها الفلسطينيون بعد أن قطع الاحتلال الإسرائيلي خطوط المياه الرئيسية المغذية للقطاع منذ أن أطلقت حربها المدمرة على الفلسطينيين في 7 أكتوبر المنصرم.
وباتت أزمة المياه تتعمق بشكل متسارع منذ بداية حرب غير مسبوقة على غزة، قطع خلالها الاحتلال الإسرائيلي كافة الإمدادات من كهرباء وماء وعلاج ووقود، وباتت الأوضاع الإنسانية فيها مأساوية.
اللجنة الدولية للصليب الأحمر تقول إن الوضع الإنساني في قطاع غزة «كارثي ويزداد سوءا كل لحظة»، وإن «المدنيين في القطاع يتحملون التكلفة الإنسانية الباهظة خاصة النساء والأطفال»، في بيان أصدرته الأحد.
وفي وصفها لما يجري قالت: «ما نراه في غزة لم نشهده منذ تواجدنا الدائم منذ 1967، فالتدمير طال البنى التحتية للمياه والمياه العادمة، حيث خرج معظمها عن الخدمة مما ينبئ بكارثة بيئية».
«الحصول على نقطة ماء نظيفة للشرب، أو رغيف خبز في غزة، رحلة محفوفة بالمخاطر وتستمر لساعات»، تتابع اللجنة الدولية.
أزمة المياه هذه تعمدت إسرائيل فرضها على القطاع منذ بداية الحرب وباتت سلاحا أقوى من النار ضد سكان القطاع.
ويشير إلى ذلك عدة حوادث قصف نفذتها الطائرات الإسرائيلية ضد مركبات توزع مياه وخزانات فوق أسطح بنايات ومؤسسات صحية كان آخرها الأحد، في مستشفى الرنتيسي للأطفال وسط مدينة غزة.
متحدث وزارة الصحة الفلسطينية أشرف القدرة، يقول في تصريح للأناضول، إن إسرائيل «تعمّدت استهداف خزانات المياه والطاقة الشمسية في مستشفى الرنتيسي، وتعرّض حياة نحو 7 آلاف مريض وطاقم طبي ونازحين داخل المستشفى للموت عطشا».
من جانبها، حذرت حركة «حماس»، الثلاثاء، «من شح المياه في قطاع غزة، وسياسة إسرائيل التي تستخدم العقاب الجماعي وقطع إمدادات المياه للضغط على المدنيين لتهجيرهم من منازلهم وأماكن سكنهم.
وأضافت في بيان أن «الاحتلال قطع كل إمدادات المياه عن القطاع، وخصوصا عن مدينة غزة وشمالها، ما دفع المواطنين إلى شرب مياه غير صالحة بعد أن قام جيشه بقصف ما تبقى من خزانات مياه بصواريخ وطائرات أمريكية».
ودعت الحركة «الأمم المتحدة والأطراف الدولية ذات العلاقة لوقف هذه الجريمة ضد الإنسانية التي تُفضي إلى إبادة جماعية، والعمل بشكل فوري على إعادة إمدادات المياه».
هذه الأزمة دفعت الفلسطينيين إلى شرب مياه ملوثة يتم استخراجها من آبار قريبة من البحر ومصارف مياه الصرف الصحي.
وفي تصريح للأناضول، قال نائب مدير الرعاية الصحية الفلسطينية رامي العبادلة، إن سكان القطاع يشربون مياها ملوثة، فالمياه مقطوعة بشكل تام والجيش الإسرائيلي قطع 3 خطوط مياه عن قطاع غزة.
و»يتم رصد حوالي 1000 حالة يوميا ما بين الإسهال والجدري والتهابات الجهاز التنفسي والتسمم بسبب المياه الملوثة، فما تسجل 1000 حالة خلال 6 أشهر سابقا»، وفق العبادلة.
واستخراج هذه المياه من الآبار يتم عبر مولدات كهرباء صغيرة تم تحويلها من العمل على البنزين إلى غاز الطهي، فلا يوجد أي كميات وقود حاليا في القطاع لكن الغاز موجود بكميات محدودة جدا ستنفد خلال أيام قليلة.
ولا تتوفر هذه المياه إلا في مناطق محدودة لذلك يتوجه آلاف الفلسطينيين يوميا إلى محطات بعيدة عن مناطق سكنهم أو نزوحهم ويقفون في طوابير طويلة جدا لتعبئة غالونات (الغالون 17 لترا) في عملية تستمر عدة ساعات.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطاع غزة الاحتلال الإسرائيلي قطع المياه عن غزة الصليب الأحمر الوضع الإنساني في غزة
إقرأ أيضاً:
غزاوي أفرجت عنه إسرائيل: إذا عادوا للقبض علي أفضل الموت
قالت صحيفة لوتان السويسرية إن أحد سكان غزة أفرجت عنه إسرائيل في إطار اتفاق وقف إطلاق النار، قدم لها شهادة نادرة قال فيها إنه لم يعد خائفا من الإسرائيليين لأنه لم يعد لديه ما يخسره، ولكنه أكد أنه لن يسمح لهم بأخذه حيا مرة أخرى، وإذا عادوا فهو يفضّل الموت على العودة إلى سجونهم ومعاناة المزيد من ظلمهم وتعذيبهم.
وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم شارلوت غوتييه من القدس- أن بلال (30 عاما) من مخيم جباليا شمال قطاع غزة، وهو أب لـ4 أبناء، وكان قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول موسيقيا، ومعجبا بالمطربة المصرية الشهيرة أم كلثوم، ولكنه اليوم أصبح مجرد ظل لشخصيته السابقة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2رجل عصابات أميركي: أنا الذي قتلت كينيديlist 2 of 2لوفيغارو: ترامب مرآة تعكس ضعف أوروبا وجبنها وأخطاءها الإستراتيجيةend of listبدأت مشاكل بلال، وفقا للصحيفة، منذ عام بالضبط عندما غادر جباليا مع عائلته بأوامر من جيش الاحتلال الإسرائيلي ولجأ إلى أحد مستشفيات الهلال الأحمر في خان يونس جنوب القطاع، وقد حاصر الإسرائيليون المدينة والمستشفى وبعد فترة من الوقت، "طلبوا منا مغادرة المستشفى -كما يقول- وعند مروري قالوا لي مرحبا. أنت الرجل ذو القميص الأحمر تعال هنا. وضعوني جانبا وجردوني من ملابسي. كنت تحت المطر في البرد. ضربوني. أهانوني. أذلوني. ثم اعتقلوني".
تجويع وتعذيب
نقل بلال من دون محاكمة -كما تقول الصحيفة- من سجن إلى سجن على مدى الأشهر التالية، وسجن في عدة قواعد عسكرية حول غزة، ثم في سجن بالقدس ثم في سجن عوفر" قرب رام الله، وكلها كانت "مراكز اعتقال عسكرية وليست سجونا تقليدية".
إعلانويقول: "خلال الشهرين الأولين بقيت معصوب العينين ومقيد اليدين طوال الوقت. كان علينا أن نجلس أو نركع 18 ساعة يوميا"، مشيرا إلى أنه عانى من الجوع لأنه لم يكن يحصل إلا على "قطعتين من الخبز" يوميا.
ويصف بلال رفض الإسرائيليين علاج السجناء قائلا "لقد أصبنا جميعا بالجرب، وكنا نخدش أنفسنا حتى تنزف الدماء. أصبحت جروحنا ملتهبة ومتقيحة"، ويصف أيضا العقوبة البدنية قائلا "كنا نتعرض للضرب 4 مرات يوميا. وهناك باب على كل سجين أن يخرج يديه من خلاله ليتلقى الضرب بالهراوات".
لم يحصل بلال خلال كل هذا الوقت على أخبار عما يحدث في الخارج، ولم تكن لديه أدنى معلومة عن مصيره، ويقول إنه لم يمثل أمام قاض قط، ولم توجه له أي تهمة، وإنما "أجروا مكالمة هاتفية أمامي ربما مع المحكمة وقالوا لي أنت عضو في منظمة إرهابية وعلى هذا الأساس سوف تبقى في السجن".
فرحة منغصةومن دون تفسير، تقول لوتان، تم نقل بلال مع زملائه من سجن عوفر إلى وجهة مجهولة، وفي الطريق "تعرضوا للضرب -كما يقول- ثم فجأة توقف الضرب ورأيت موظفي اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فقلت لرفاقي سوف يعالجوننا"، ولم تكن لديه فكرة عن إطلاق سراحه، ولكن أحد عناصر المخابرات الإسرائيلية أبلغه بذلك.
ويضيف بلال "مررنا واحدا تلو الآخر أمام أحد الضباط. قال لي نحن نطلق سراحك، لذلك أحذرك لا تستأنف أنشطتك الإرهابية، ولا تنضم إلى أي جماعة مسلحة. مكثنا أسبوعا بعد ذلك قبل إطلاق سراحي السبت، الثامن من فبراير/شباط مع 111 أسيرا من سكان غزة".
فرح بلال فرحا عظيما، ويقول: "اتصلت بزوجتي وفرحت كثيرا حين أخبرتني أنها على قيد الحياة هي وأولادنا وأمي وإخوتي وأخواتي"، وبالفعل التقى بلال عائلته وعاد إلى منزله في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، لكن قسوة الواقع سرعان ما أذهبت فرحته.
يقول بلال إنه يشعر "بالاكتئاب" في هذا المخيم المدمر بالكامل، إذ لم يبق من مبنى عائلته سوى الهيكل فقط، و"يحاول أخي أن يجد لي بعض الأغطية البلاستيكية لنضعها مكان الجدران لحمايتنا قليلا من البرد"، كما يوضح هذا الأب بصوت متعب.
إعلان