تهديد حوثي باجتثاث آلاف الموظفين السابقين في مناطق سيطرة الجماعة
تاريخ النشر: 9th, November 2023 GMT
يخشى آلاف الموظفين العموميين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من خسارة وظائفهم تحت مسمى «التغييرات الجذرية» التي أعلن عنها زعيم الجماعة منذ ستة أسابيع، بعدما باتت الوظيفة العامة حكراً على أنصارها، حيث السعي الحثيث للاستيلاء على المناصب الإدارية كافة في المؤسسات.
يؤكد موظفون عموميون في صنعاء، أن إجراءات متصاعدة يمارسها قادة القادة الحوثيون تهدف إلى إزاحتهم من وظائفهم وإحلال أتباع الجماعة في تلك الوظائف، وبدأت تلك الإجراءات منذ عام بإجبارهم على التعهد بالالتزام بكل ما ورد في نصوص ما عرف بـ«مدونة السلوك الوظيفي»، ووصل الأمر إلى تهديدهم بالطرد تحت مبرر «التغييرات الجذرية».
وأعلن عبد الملك الحوثي في احتفال جماعته بالذكرى التاسعة لانقلابها على السلطة والتوافق السياسي في البلاد عن إجراء تغييرات وصفها بالجذرية تستهدف الفساد الذي بات أحد أهم المظاهر التي تميز هيمنة الجماعة على الحياة العامة وإدارتها مؤسسات الدولة، وهو الإعلان الذي جاء عقب تصاعد الاحتجاجات الشعبية لمناهضة تلك الممارسات والمطالبة بالرواتب.
ويواجه عدد من كوادر شركة الاتصالات العمومية (يمن موبايل) خطر الاستغناء عنهم بحكم عدم مزاولة أي مهام أو أنشطة، بعد أن تم إزاحتهم من مواقعهم في الشركة، وإنشاء إدارات هامشية ليس لها أي مهام أو أنشطة.
يفيد أحد الكوادر الفنية في شركة «يمن موبايل»، بأنه بات يعيش قلقاً على مستقبله وعائلته المعيشي بعد أن أفصح القيادي الحوثي عصام الحملي، المُعيّن من قِبل الجماعة رئيساً لمجلس إدارة الشركة، عن نوايا لإغلاق تلك الإدارات ضمن سياسات الإصلاحات الجذرية التي أعلن عنها زعيم الجماعة، وإزاحة العاملين فيها.
وينوّه إلى أنه كان يستشعر إمكانية طرده وزملائه منذ إنشاء تلك الإدارات بقرارات ارتجالية متسرعة وغير مدروسة، حيث بدا واضحاً أن الغرض منها إخلاء المواقع والإدارات المهمة في الشركة لأتباع الجماعة الحوثية، وتهميش كادر الشركة الفني والإداري.
موظفون بلا مهام أو رواتب
يُقدّر عدد من جرى تعيينهم من أتباع الجماعة في مواقع ومناصب قيادية في الشركة (يمن موبايل) بـ70 حوثياً لا يملكون المؤهلات والخبرات اللازمة، حلّوا في مواقع كان يشغلها موظفون من أصحاب الخبرات الطويلة والكفاءات العالية، وتم تجميعهم في الإدارات الهامشية، وتحويلهم مستشارين لا يُعتَدّ بآرائهم في الغالب.
وتحدث موظف في أحد فروع المؤسسة العامة للكهرباء عن اكتشافه وعددٍ من زملائه خلال الأسابيع الماضية، أن جميع من تم تعيينهم في المؤسسة من أتباع الجماعة يتقاضون رواتبهم مضافاً إليها الحوافز والمكافآت بشكل منتظم وسري، وإلى جانب ذلك يتحصلون على سلال غذائية كاملة من المساعدات الدولية الموجهة إلى الموظفين العموميين.
يضيف الموظف لـ«الشرق الأوسط»، أنه وزملاءه فكّروا في تنظيم احتجاج ورفع عرائض ضد هذه الممارسات التمييزية؛ إلا أن أحد المنتمين إلى الجماعة والذي جرى تعيينه مديراً عليهم، هدّدهم بالطرد والإقصاء بحجة التشكيك في نزاهة الإجراءات المتبعة لتحقيق الإصلاحات الجذرية، ومخالفة مدونة السلوك الوظيفي.
ويقول باحث اقتصادي يمني: إن غالبية الموظفين العموميين وقعوا بين خيارات صعبة ومعقدة، فهم لا يتقاضون من رواتبهم إلا أجر نصف شهر كل ستة أشهر، لكنهم ملزمون بالاستمرار في الدوام والحضور؛ كي لا يتم إزاحتهم من وظائفهم واستبدالهم بأتباع الجماعة، ولا يجبرهم على تحمل هذه الأوضاع سوى الأمل بحدوث تسوية سياسية تعيد لهم حقوقهم.
ويتابع الباحث الذي تتحفظ «الشرق الأوسط» على بياناته لإقامته في العاصمة صنعاء، أن الحيرة التي يعيشها الموظفون العموميون في انتظار أن تعود لهم مستحقاتهم، تسببت في حدوث نوع جديد من البطالة، وضياع مليارات الساعات من أوقات الإنتاج المفترضة، فهم غالباً لا يؤدون مهام حقيقية؛ نظراً لتعطيل غالبية مؤسسات الدولة، لكنهم ملتزمون بالدوام ولا يتقاضون رواتبهم.
وساهم هذا الوضع، بحسب رأيه، في تفاقم المأساة الإنسانية وتزايد أعداد المتضررين منها بسبب عدم مقدرتهم على الإنتاج، خصوصاً وأن قطاع المال والأعمال تعرّض بدوره لضربات كثيرة حدّت من قدرته على التطور، وتسببت في هجرة الكثير من رؤوس الأموال.
معالجة هشاشة الجماعة
بقدر ما سعت الجماعة الحوثية إلى السيطرة التامة على القطاعات الإيرادية، مثل الضرائب والجمارك والاتصالات والنفط والغاز من خلال زرع عناصرها فيها، عملت على إنشاء كيانات موازية للكثير من مؤسسات الدولة، وتعيين كامل أطقمها الوظيفية من أتباعها؛ ما جعل تلك المؤسسات غير منتجة، وتم تجريدها من مهامها في تقديم الخدمات العامة.
ويرجّح مركز دراسات يمني، أن يكون الغرض من التغييرات الجذرية التي تتبناها الجماعة الحوثية، معالجة الهشاشة والضعف اللذين تعاني منهما، نتيجة تحديات عدة، منها تآكل الجماعة التي يرى أنصارها أن القادة أصبحوا في ثراء فاحش بينما يجري استخدامهم كوقود للمعارك وتركهم للعوز والفقر.
ويوضح مركز اليمن والخليج والدراسات في ورقة له، أن هناك مستويين من التصدعات داخل الجماعة، يتمثل الأول في رغبة أنصارها في الحصول على الامتيازات نفسها التي يحصل عليها القادة، ويبرز الآخر في الجشع على السلطة والثروة والتنافس والنزاع الحاد حول الصلاحيات بين قادة الصف الأول والثاني.
ويرى عدنان هاشم، مُعدّ الورقة، أن إقالة الحكومة عبر ما يسمى «مجلس الدفاع الوطني»، وليس بقرار مما يسمى «المجلس السياسي الأعلى»، انحياز إلى صف القيادي أحمد حامد، وإقصاء لمنافسه محمد علي الحوثي، إلى جانب الاستجابة لغضب القادة الميدانيين العائدين من جبهات القتال، الذين أتاحت لهم الهدنة فرصة التذمر والاحتجاج.
ووفقاً لهاشم، وهو باحث متخصص في الشأن الخليجي والسياسات الإيرانية؛ فإن هناك مخاوف لدى زعيم الحوثيين من منافسة محتملة على مكانته، مع حاجته إلى تأكيد مشروعية سلطته بصفته القائد والإمام، بخاصة مع زيادة شعبية محمد عبد العظيم الحوثي، حيث وردت معلومات عن اعتقاله قبل أيام من إعلان التغييرات، وتزايد قوة تيار محمد علي الحوثي.
ولا يمكن للتغييرات الجذرية، بحسب الباحث، أن تؤدي إلى معالجة الاختلالات الناجمة عن فشل الحوكمة والفساد والهيمنة على الاقتصاد، بل تسعى إلى تعزيزها، وبمثل ذلك، فإنها لا تهدف إلى التخفيف عما لحق بالجماعة من أضرار نتيجة افتقارها للحلفاء بعد إزاحتها لهم وتنكيلها بهم.
وعلى العكس من ذلك، يبدو أن «التغييرات الجذرية» تتضمن رسالة بالغة القسوة للأطراف المناوئة للجماعة الحوثية بأن أي اتفاق شراكة في الحكم يكون الحوثيون فيه هم النظام والحكومة. وفق ما ذكره الباحث.
المصدر: مأرب برس
كلمات دلالية: التغییرات الجذریة الجماعة الحوثیة
إقرأ أيضاً:
مجازر تحت المطر
حزب الله وتل أبيب يتبادلان القصف وجولة لـ«هوكشتاين» لدفع مفاوضات وقف الحرب
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية فى غزة أن الاحتلال الإسرائيلى ارتكب 3 مجازر ضد العائلات فى القطاع وصل منها للمستشفيات 70 شهيداً و110 إصابات ولا يزال هناك عدد من الضحايا تحت الركام، وفى الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدنى الوصول إليهم.
وأغرقت مياه الأمطار خيام النازحين فى أكثر من منطقة؛ مع دخول اليوم 410 لحرب الإبادة على قطاع غزة، ما يعمق من معاناة أهالى القطاع، وأظهرت المشاهد غرق خيام النازحين فى ملعب اليرموك، الذى تحول خلال الحرب إلى مركز لإيواء النازحين.
ويواصل الاحتلال الإسرائيلى غاراته المكثفة على مناطق مختلفة فى قطاع غزة، ما أسفر عن وقوع مجازر جديدة، وسط تقارير إسرائيلية بتهجير 4 آلاف فلسطينى بشكل قسرى خلال الـ24 ساعة الماضية من مناطق شمال القطاع وتفاقم الأزمات الإنسانية مع غرق خيام النازحين بفعل الأمطار، فى ظل ظروف قاسية يزيدها الشتاء صعوبة.
وكشفت تقارير لإذاعة الاحتلال تهجير أربعة آلاف فلسطينى قسرياً، بعد أن أجبرهم على إخلاء منطقة مشروع بيت لاهيا تحت نيران القذائف وزخات الرصاص خلال 24 ساعة.
واعترف الاحتلال بأنه أجبر 3 آلاف فلسطينى على الإخلاء فيما هجر ألفاً آخرين عبر ممرات أنشئت باتجاه جنوب القطاع فيما أعداد الفلسطينيين الذين بقوا فى بيت لاهيا وبيت حانون والعطاطرة لا تتجاوز بضعة آلاف بعد حملة الإبادة الأخيرة.
وأسقط الاحتلال قذائف مدفعية فى محيط الكلية الجامعية جنوب مدينة غزة شمالى القطاع ووسط القطاع قصفت المدفعية مناطق غرب مخيم النصيرات.
ودعا أعضاء من مجلس الأمن الدولى إلى زيادة المساعدات التى تصل إلى المحتاجين فى قطاع غزة، وحذروا من تردى الأوضاع فى القطاع.
وقال مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لعملية السلام فى الشرق الأوسط تور وينسلاند: «إن المنطقة وصلت إلى مفترق طرق قاتم بعد أكثر من عام على انتشار النزاع فى غزة وإراقة الدماء». مناشداً المجتمع الدولى بالتحرك بشكل سريع لوقف ذلك وتغيير المسار.
تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلى، لليوم الـ58 على التوالى، عدوانها العسكرى والقصف الجوى والمدفعى، على لبنان، تزامناً مع توغل برى فى مناطق بالجنوب اللبنانى.
وكشف منظمة «اليونيسف» عن مقتل أكثر من 200 طفل، وإصابة 1100، فى لبنان خلال الشهرين الماضيين. فيما وصل مبعوث الرئاسة الأمريكى عاموس هوكشتاين إلى بيروت، لاستئناف المباحثات مع المسؤولين اللبنانيين بشأن وقف إطلاق النار.
ورد «حزب الله» بعمليات القصف الصاروخية، والتصدى لمحاولات التوغل البرى فى الجنوب، واستهداف مواقع وقواعد وتجمعات انتشار الاحتلال ومستوطناته فى شمال وعمق فلسطين المحتلة تزامناً مع قصف واستهداف قواعد عسكرية ومستوطنات وقصف مدينة تل أبيب والجليل الأعلى.