تحدّثت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية في افتتاحيّتها عن “عملية امتصاص صدمات” يمارسها “جيش” الاحتلال الإسرائيلي من خلال العدوان واسع النطاق الذي شنّه ضد مدينة جنين ومخيمها، فجر الإثنين. ورأت “هآرتس” أنّ “عمليات كهذه تنمّي الوهم الخطير بأنّ أسس المقاومة الفلسطينية تكمن في مخيم واحد أو في مدينة واحدة، وأنه يمكن تدمير أسسها بضربة واحدة”.

وأضافت أنّ “على رئيس الحكومة ووزير الأمن وقف العملية في جنين، التي تورّط جنود الجيش الإسرائيلي في معارك شوارع خطرة”. وبحسب الصحيفة، فإنّ “الأهداف التي حُدِّدت لعملية الجيش الإسرائيلي في جنين محدودة”، وهي تشمل “عرض عضلات قوية”، وجهد لتقليص قدرات المقاومين الفلسطينيين على تنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية. ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن مصادر عسكرية قولها إنّه “لا نية لاحتلال مخيم جنين”، موضحةً أنّ “حرباً قويةً تجري على ظهر الجيش الإسرائيلي”. وعن هذ العدوان، تقول “هآرتس” إنّ “الطرف السياسي الهمجي يستخدم فيه قواته: وزراء قوة يهودية، قيادة المستوطنين وعلى رأسهم رئيس مجلس شومرون الإقليمي، يوسي داغان”. وخلصت الصحيفة إلى أنّ التوصيف المناسب هو “عملية امتصاص صدمات”. ووفقاً للصحيفة العبرية، فإنّ رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، “رزح تحت صيحات يأس المديرين الحقيقيين لحكومته”. واعتبرت الصحيفة أنّ الاحتلال “لا يمكنه توقُّع هدوء وتهدئة في منطقة يصفها بأنّها تحت سيطرة حربية، وهو تعبير يهدف إلى الالتفاف على استخدام مصطلح الاحتلال”. وكانت الصحيفة قد ذكرت في وقت سابق، أنّ “ائتلاف اليمين في كيان الاحتلال، يتفاخر بالعملية العسكرية في جنين، معتبراً أنّها خطوة ستغيّر الوُجهة” في الصراع ضد فصائل المقاومة. لكن القيادة العليا في “جيش” الاحتلال الإسرائيلي، لها رأيٌ آخر، وفق الصحيفة، إذ يتطلع “الجيش” لإنهاء العملية “بسرعة نسبية، خشية أن يؤدي القتال المستمر إلى ارتفاعٍ في عدد الخسائر، ومن ثمّ إلى تصعيد في ساحات أخرى”. وتابعت الصحيفة بالقول، إنّه “من الأفضل لأعضاء ائتلاف اليمين، تعديل توقعاتهم”، إذ تتحدث قيادة “الجيش”، عن العملية “بمصطلحات مختلفة كلياً عن مصطلحاتهم”. كذلك، يوجد خشية لدى الاحتلال، وفق “هآرتس”، من محاولات “هجماتٍ انتقامية إذا ارتفع عدد الخسائر الفلسطينية في المعارك في جنين”، سواء كانت هذه الهجمات، “بواسطة إطلاق قذائف صاروخية، أو بهجمات منفردة”. وأمس الإثنين، أقرّت وسائل إعلام إسرائيلية بفشل عدوان “جيش” الاحتلال على مدينة جنين ومخيمها، قائلةً: “لو كانت العمليات العسكرية السابقة لـ”الجيش” الإسرائيلي في جنين ناجحة، لما احتاج إلى العملية الحالية”. وذكّر معلّق الشؤون العربية في “القناة الـ12” الإسرائيلية، إيهود يعري، بفشل العمليات العسكرية الإسرائيلية السابقة، كعملية “السور الواقي” التي شنّتها “إسرائيل” في آذار/مارس 2002، وعملية “كاسر الأمواج” (عام 2022)”. وأضاف المعلّق الإسرائيلي أنّ “عملية كاسر الأمواج لم تمنع تطوير صناعات عسكرية في جنين، فلو نجحت فعلاً، لما كان هناك مبرر الآن لتنفيذ العملية الحالية”. وأكّد يعري أنّ “العملية الجارية في جنين، لن تنهيَ إرث مخيم اللاجئين، كمكان يحتضن العمليات العسكرية ضدنا”. من جانبه، قال معلّق الشؤون العربية في “القناة الـ13” الإسرائيلية، تسفي يحزقلي، إنّ “العملية العسكرية ضد جنين لن تغيّر قواعد اللعبة”، مشيراً إلى أنّ شبّان المخيم لديهم ثقافة الجهاد، كما أنّ لديهم تكنولوجيا متطوّرة. وكان الاحتلال بدأ، فجر الإثنين، عدواناً واسع النطاق على مدينة جنين ومخيمها، شمالي الضفة الغربية، يهدف إلى “إحباط البُنى التحتية المُسلّحة، واعتقال عناصرها في جنين”. وارتقى من جراء العدوان على جنين 10 شهداء، إثر إصابتهم برصاص الاحتلال الإسرائيلي، خلال الساعات الأخيرة، ما يرفع حصيلة الشهداء منذ بداية العام الحالي إلى 190 شهيداً. (الميادين)

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: فی جنین

إقرأ أيضاً:

جنين وبوصلة المقاومة

في ظل الضغط العسكري الذي يتحدّث عنه "نتنياهو" والنصر المطلق والتبشير بفتوحاته في الشرق الأوسط وإعادة بنائه على الطريقة الإسرائيلية المطلقة دون شريك ودون أي اعتبار لأحد، وزد على ذلك مبشّرات من حوله من مجانين ائتلافه الحاكم: ضمّ الضفة وفرض الغطرسة والمزيد المزيد من الاستيطان وتدنيس الأقصى وكلّ الحرمات، والمجازر تتواصل على مدار الساعات الأربع والعشرين يوميّا وتدمير كلّ ماله صلة في الحياة والبقاء في قطاع غزّة، نأتي على وضع الضفة التي تنتظر الكارثة وفتح الجبهة الموعودة من قبل ماكينة الإجرام الصهيونية، فلم يبق عليهم بعد لبنان وسوريا وغزّة سوى الضفّة وأن يُشبعوا غريزتهم المتعطّشة للدماء من مكان بقي على وحشهم أن ينفذ مخالبه فيه.

أمام هذا المشهد الدرامي الأسود المتدحرج ليس لنا إلا أن نستقبله بأن يضرب بعضنا بعضا وأن نحرف البوصلة ونعفي الاحتلال من مهمته القادمة، لعلّه يرأف بنا أو أن يكتفي بما نقوم به نيابة عنه. لن تتورّع الأم المدّعية من الموافقة على تقطيع من ادّعت أنّه ابنها وستطوي الأمّ الحقيقية على ألمها وتموت حسرة وكمدا على تقطيع ولدها، ففلسطين ومن ينتمي انتماء صادقا لفلسطين لن يخطو خطوة واحدة نحو كل ما قد يؤدي إلى سفك الدم الفلسطيني.

عندما يكون الشعب الفلسطيني في أشدّ الحاجة والضرورة للاصطفاف خلف برنامج وطني موحّد مشتبك مع المحتل في سياق مواجهة توحّشه المسعور في الضفة الغربية عدا عن جرائمه في غزّة، نجد السير بالاتجاه المعاكس في جنين
عندما يكون الشعب الفلسطيني في أشدّ الحاجة والضرورة للاصطفاف خلف برنامج وطني موحّد مشتبك مع المحتل في سياق مواجهة توحّشه المسعور في الضفة الغربية عدا عن جرائمه في غزّة، نجد السير بالاتجاه المعاكس في جنين. إن يشتبك الفلسطيني مع الفلسطيني، وكلّ من يغذّي أو يسوّغ هذا التوجه هو ناعق بوم أو هو خير من يعبّر عن إرادة الاحتلال فينا.

لقد تجلّى في لبنان في أكثر من محطة من محطاته السياسية، انسجام وتكامل أدوار هذا الثلاثي (الشعب والدولة والمقاومة) وأدى إلى ثمار سياسيّة جيّدة وقدرة على تجنّب البلد مخاطر شديدة وتفويت الفرصة على إمعان الاحتلال في عدوانه، وظهر ذلك جليّا في الجولة الأخيرة من الصراع. لماذا لا يستفيد الفلسطينيون من هذه التجربة؟ هناك مشكلة كبيرة فيمن تنحرف بوصلته ولا يرى تحديات الاحتلال، ولا يستطيع أن يخرج من التناقض الداخلي إلى التناقض الخارجي.

ثمّة نقطة جوهرية لا بدّ من التركيز عليها: لو كان الاحتلال يعطي فرصة للذين ما زالوا يأملون بخيار التسوية أو مجرّد بارقة أمل لوجدنا من يبرّر وقف سلاح المقاومة وإعطاء فرصة لهذه التسوية، أمّا وأن الاحتلال قد دفن كلّ إمكانية للتسوية ولا يوجد لا في برامج أحزاب الائتلاف السياسية فكرة حلّ الدولتين ولا في ما تبطن السياسة الإسرائيلية وما تعلن، بل إنّ كل التحليلات وأقوال المختصين بالشأن الإسرائيلي يشرحون بكلّ وضوح مخططات الضم للضفّة والمزيد من الاستيطان وفرض وقائع تنقض أي احتمالية لوجود كيان فلسطيني يحظى بقبول إسرائيلي به؛ فعلامَ إذا نقتتل ونحرف البوصلة ومصيرنا عند الإسرائيلي بات أسود بكلّ وضوح؟

ولا مبرّر للقوى الفاعلة الفلسطينية من أن تبقى متفرجة دون أيّ فعل أمام هذا المشهد المأساوي في جنين، جنين البطولة والتضحية، جنين المعمّدة بدماء الشهداء، جنين الشوكة في حلق الاحتلال، جنين التي شكّلت مساندة فاعلة لغزّة ووقفت تصرخ بالنار والاشتباك الملتهب ردّا على مجازر غزّة، جنين البطولة كانت القلعة الشامخة التي قاتلت فيها كلّ الفصائل الفلسطينية كتفا الى كتف في وجه السفاح شارون؛ تتحوّل بكل بساطة وفي توقيت صعب إلى أن تُستهدف بهذا الشكل الفظيع.. هذا من شأنه أن ينتج تداعيات خطيرة تشمل الضفّة قاطبة إن لم يتداعى شرفاء هذا الوطن لوضع حدّ لهذا المشهد الذي يدمي كلّ قلب حرّ يحمل همّ فلسطين.

جنين ومخيمها ستبقى نموذجا للبطولة والفداء والإرادة الحرّة ولن يكسرها أحد. هؤلاء المقاتلون اليوم هم أبناء من قاتلوا شارون عام 2002، الرحم الحرّ الذي ينجب الأحرار ولن يتوقّف أبدا.

مقالات مشابهة

  • “سرايا القدس” تنفذ عملية “استحكام” مدفعي على تمركز للجيش الإسرائيلي في مخيم جباليا (فيديو)
  • عاجل| “الحوثيون” يستبقون الضربة العسكرية الإسرائيلية الكبرى على صنعاء بهذا الأمر..
  • جنين وبوصلة المقاومة
  • “هآرتس”: الجيش الإسرائيلي يستعد لمهمة كبرى
  • “جنين رمز المقاومة وصراع السيادة”
  • صحيفة هآرتس العبرية: سلاح الجو الإسرائيلي يستعد لمهمة كبرى
  • عاجل | هآرتس: مسؤول كبير في الجيش الإسرائيلي أخبر صحفيين الأسبوع الماضي أن سلاح الجو يستعد للمهمة الكبرى المقبلة
  • أوكرانيا: ارتفاع قتلى الجيش الروسي إلى 762 ألفا و440 جنديا منذ بدء العملية العسكرية
  • اشتباكات بين المقاومة وقوات الاحتلال قرب جنين
  • “الخارجية” تعرب عن إدانة المملكة لقصف قوات الاحتلال الإسرائيلية لمخيم النصيرات وسط غزة