رشا عوض بين جسارة الفكرة وبراءة الموقف “1 -2”
زين العابدين صالح عبد الرحمن

قرأت مقالا للصحافية الأستاذة رشا عوض بعنوان “العلاقة بين “الديمقراطيين” و”الإسلاميين “: حرب وجودية أم تفاوض على شروط التعايش السلمي؟” في جريدة ” سودانيل” الغريب في الأمر يوميا بطلع على هذه الصحيفة، لكن المقال لم يقع في نظري، بالأمس السبت أرسله إلي صديق على الواتساب.

أن المقال فيه جسارة عالية جدا أن تضع أسئلة أمام الناس تشكل عصب المشكل، في بيئة تتصاعد فيها انفاس مليئة بالانفعال و التخوين، و استخدام العديد من الفزاعات، كل يحاول أن يجد السند و المعاضدة لموقفه و لا يريد التشويش عليه.
المقال بدأ بجسارة الفكرة و ختمها بمحاولة لبراءة موقف الكاتبة و ما تنتمي إليه. و ياليت كانت الفكرة بعيدة عن البحث عن البراءة، لآن الأخيرة سوف تضعف الفكرة و تجهضها، بسبب الأزمة التي تمر بها النخب السياسية، و حتى فئات المثقفين، الذين ذهبوا مع رياح الاستقطاب الحادة التي تعيشها البلاد لكي تجعل الأزمات متراكمة على بعضه البعض. في المقال سوف اركز على الفقرات التي اعتقد أنها تشكل العمود الفقري للفكرة. كما رددت في أغلبية مقالاتي أن التغيير يعتمد على الأفكار و ليس الشعارات. باعتبار أن الأفكار تحدث تغيير في ثلاث عوامل مهمة للتغيير.. العامل الأول أنها تطرح أسئلة تشكل جوهر الموضوع و يبقى التركيز عليها و محاولة الإجابة عليها تقودنا إلي… العامل الثاني أن تخلق وعيا جديدا يتمحور حول جوهر القضية.. ثالثا أي وعي جديد يؤدي إلي تغيير في طريقة التفكير. و مقال رشا يحتوي على العديد من الأسئلة التي كان عليها أن تلفت نظر العديد من النخب الذين يتعاملون بالذهن و ليس الاندفاعات العاطفية. و رشا فضلت التعامل بالفكر عن الشعار بطرحها مصطلح في غاية الأهمية ” معادلة كسبية” و يحمل المصطلح في أحشائيه العديد من المضامين الميسرة و المسهلة. حيث تقول (في هذا السياق تبرز أهمية مناقشة طبيعة العلاقة بين التيارات السياسية المختلفة والبحث بجدية عن “معادلة كَسبية” لصالح السلام والاستقرار السياسي على أساس ديمقراطي بدلا من “المعادلة الصفرية) أن عملية السلام و الاستقرار أهم أداة لها هي التفاوض و الحوار، لأنهما الأداتان اللتان تخففان حدة الصراع، و توقف النزاع و أيضا أدوات لخلق الثقة. فالمعادلات الصفرية تؤسس على أدوات الاستقطاب الحاد و تؤديات حتى للعنف الفظي. فإذا كان بالفعل الكل مؤمن بالديمقراطية يجب التعرف على أدواتها و كيفية تفعيلها.
تذهب رشا مباشرة إلي لوب و تقول (إن القضية المركزية في أجندة القوى الديمقراطية في السودان الآن هي “إيقاف الحرب واحلال السلام ومن ثم فتح الطريق لتأسيس عملية سياسية انتقالية ناجحة الى الحكم المدني الديمقراطي”، والسؤال هنا هل يمكننا إيقاف الحرب سريعا دونما امتلاك منهج واضح للتعامل مع أطراف القتال الدائر”الإسلامويون والجيش، الدعم السريع “؟ من وجهة نظري لا! إذ لا يمكن إيقاف الحرب تفاوضيا دون إقتناع أطرافها بخيار السلام، ولن يقتنع أي طرف بخيار يقضي بإعدامه تماما ، ولذلك فإن الحادبين على السلام عليهم ان يجتهدوا في صياغة خطاب سياسي يتضمن مصالح معتبرة لكل الأطراف في خيار السلام، هذا هو معنى “المعادلة الكسبية”، أي ان يكون لكل طرف مصلحة في السلام ، ولا أعني بالطرف هنا الأشخاص، بل اعني كياناتهم العريضة،) أن قضية الإسلاميين المتهمين من قبل خصومهم بأنهم وراء كل التحديات التي مرت بها الفترة الانتقالية، و حتى الاتهام بإشعال الحرب الدائرة الآن، كيف يتم التعامل معهم.. عبر أدوات الحرب و هي الدائرة الآن أم أدوات الديمقراطية التفاوض و الحوار. للأسف هناك حالة نسميها بالوصف الصحيح دون مواربة، “حالة خوف من الإتهام بالتخوين” و التي تمارسها بعض القوى السياسية حتى تمنع الآخرين عن الحركة إلا وفق شروطها. أن الذهاب إلي ” المعادلة الكسبية” هي دافع ايجابي أن يشعر الكل يستطيع أن يذهب في عملية تحقيق السلام و الاستقرار الاجتماعي و السياسي، إذا شعر أنه غير مبعد عن العمل السياسي. و هذه الفكرة لا تمنع من تفكيك دولة الحزب الواحد للتعددية السياسية، و تمنع محاسبة الذين افسدوا و ارتكبوا جرائم في حق المواطنين أو الوطن.
في محطة أخرى تقول رشا في مقالها ( يجب صياغة مشروع السلام والديمقراطية بصورة مطمئنة للقواعد العريضة المساندة لأطراف الحرب سواء في المؤسسات العسكرية كالجيش والدعم السريع او “الحركة الإسلامية” لأن تحفيز هذه القواعد على قبول خيار السلام بخطاب متوازن سوف يضغط جديا على قياداتها، وسوف يجعل خيار الحرب صعبا لأنه سيصبح معزولا حتى في اوساط المحاربين وحواضنهم الاجتماعية ومن ثم سوف يجد القادة انفسهم مضطرين للتراجع عن الرهان على الحرب. ) أن شعار الحرب و الدعوة لوقفها لا يوقف الحرب في ظل الانتهاكات التي قامت بها ميليشيا الدعم على ممتلكات المواطنين و تعرضهم للأذى و السلب و النهب، لكن الأفضل كما اشار المقال أن تفتح قنوات الحوار الجاد و المسؤول، من خلال كل يحاول أن يقدم إجابة على التساؤلات المطروحة المتعلقة بعملية التحول الديمقراطية و بناء الدولة الديمقراطية. و الحوار لكي ينجح لابد أن تبعد رغائب السلطة و يصبح التركيز على عملية وقف الحرب و التحول الديمقراطي و عقد مؤتمر دستوري تشارك فيه كل القوى السياسية لصناعة مسودة دستور تطرح للنقاش ثم الاستفتاء الشعبي، أما التعلق بأهداب السلطة و اللهث وراءها هو الذي يشكل أكبر عائق في نجاح الحوار.
تقول رشا (في الجزء الأول من هذه المقالة أطرح للنقاش ما ينبغي ان يكون عليه منهج “القوى المدنية الديمقراطية” في التعامل مع الاسلاميين(المنتمين لفكر الاسلام السياسي بوجه عام) والإسلامويين(الذين يستخدمون الهوس الايدولوجي بصورة غوغائية لاستدامة مصالح سياسية واقتصادية حزبية وشخصية عبر المزايدة والعنف والاستبداد والفساد)، فمع الاحتفاظ بكامل الموقف المختلف جذريا مع التيار الاسلامي بشقيه(الاسلامي والاسلاموي) من الناحية الفكرية والسياسية، هناك ضرورة وطنية لوضع أسس التعامل وتعريف قواعد العيش المشترك في وطن واحد مع هذا التيار( وجهة نظري أن تطرح القضية للحوار، و تتبنها قوي سياسية أو تحالف سياسي، و يطرح ثلاثة أسئلة فقط 1- كيف العمل من أجل وقف الحرب؟2- الفترة الانتقالية و التحول الديمقراطي؟ 3- انعقاد المؤتمر الدستوري؟ بعد الإجابة و تحسين الأجواء تطرح بقية الأسئلة الأخرى التي تتطلب شمول للقضية نواصل. نسأل الله حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com

الوسومالإسلاميين الديمقراطيين رشا عوض زين الدين صالح

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الإسلاميين الديمقراطيين رشا عوض

إقرأ أيضاً:

«صمود» يؤكد ضرورة تضمين قضايا النساء في أي عملية لوقف الحرب

تحالف «صمود» أكد على ضرورة أن تكون النساء شريكات فاعلات في صناعة السلام، لا مجرد متلقيات للقرارات.

كمبالا: التغيير

أكد التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة (صمود)، ضرورة تضمين قضايا النساء في أي عملية سياسية تهدف إلى وقف الحرب في السودان، وشدد على رفض كل أشكال العنف والانتهاكات التي تتعرض لها النساء السودانيات.

وأصدر قطاع المرأة بالتحالف، بياناً اليوم السبت، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، دعا فيه إلى التضامن مع النساء في مخيمات النزوح واللجوء، وأكد أن السلام العادل والشامل لن يتحقق دون إنهاء التمييز ضد النساء.

نص بيان التحالف أدناه ↓:

بيان من قطاع المرأة بالتحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة (صمود) بمناسبة اليوم العالمي للمرأة

في اليوم العالمي للمرأة، الذي يأتي هذا العام تحت شعار “الحقوق والمساواة والتمكين لكافة النساء والفتيات”، نقف إجلالًا لنضالات النساء في السودان والعالم، ونجدد العهد على مواصلة الكفاح من أجل الحقوق والمساواة والعدالة.

يأتي هذا اليوم في ظل ظروف مأساوية تعيشها نساء السودان، حيث يتواصل القتل والنزوح والانتهاكات الجسيمة جراء الحرب التي مزقت البلاد، وجعلت النساء في مواجهة مباشرة مع الفقر والتشريد والعنف والاستغلال.

لقد دفعت النساء السودانيات ثمنًا باهظًا لهذه الحرب، حيث وجدن أنفسهن بين براثن الاعتداءات والانتهاكات الجسدية والنفسية، وفقدن مصادر العيش الكريم، واضطررن إلى النزوح القسري في ظروف قاسية تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة. ورغم ذلك، لم تتراجع المرأة السودانية عن دورها الرائد في النضال، بل كانت وما زالت في مقدمة الصفوف، تقود الحراك المدني، تدير المبادرات المجتمعية، وتقاوم الظلم بكل أشكاله.

إننا في قطاع المرأة بالتحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة (صمود)، نؤكد على الآتي:

رفضنا القاطع لكل أشكال العنف والانتهاكات التي تتعرض لها النساء السودانيات، لا سيما في مناطق النزاع، ومطالبتنا بمحاسبة المسؤولين عن الجرائم التي استهدفتهن. ضرورة تضمين قضايا النساء في أي عملية سياسية تهدف إلى وقف الحرب، على أن تكون النساء شريكات فاعلات في صناعة السلام، لا مجرد متلقيات للقرارات. التضامن مع النساء في مخيمات النزوح واللجوء، ودعوة المنظمات الإنسانية إلى تكثيف الجهود لتقديم الدعم العاجل لهن. تأكيدنا أن السلام العادل والشامل لن يتحقق دون إنهاء التمييز ضد النساء، وإقرار حقوقهن كاملة في الدستور والقوانين والسياسات العامة. دعوتنا للمجتمع الدولي إلى مواصلة دعم جهود وقف الحرب، وتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية للنساء والفتيات، مع توفير الدعم اللازم لتمكين النساء من المشاركة الفاعلة في عملية السلام، وضمان تمثيلهن الحقيقي في أي عملية سياسية مستقبلية.

نؤمن بأن المرأة السودانية، رغم المآسي، ستظل رمزًا للصمود والإرادة. سنواصل النضال من أجل غدٍ أكثر عدلًا، تكون فيه النساء شريكات في بناء السودان الجديد، بعيدًا عن العنف والحرب والقهر.

المجد للنساء في يومهن، والنصر لقضاياهن العادلة.

قطاع المرأة- التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة (صمود)

8 مارس 2025

الوسومالتحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة (صمود) التمييز ضد النساء الحرب السلام السودان المرأة السودانية النزوح اليوم العالمي للمرأة

مقالات مشابهة

  • الكوني: العمل بنظام المحافظات من شأنه أن يخفف العبء عن العاصمة التي أصبحت ساحة للصراعات السياسية
  • إلى الحرابلة في مأزق لا للحرب: المستقبل يُبنى في الحاضر
  • مسؤول سوداني: النساء يمثلن 98% من الأسر التي تعاني أوضاعًا قاسية
  • الحرب ليست خيار الأقوياء دائما
  • نتنياهو والعودة إلى الحرب
  • «صمود» يؤكد ضرورة تضمين قضايا النساء في أي عملية لوقف الحرب
  • القيادة السياسية توعز لجيش الاحتلال بالاستعداد الفوري لاستئناف الحرب على غزة
  • الرئيس السيسي: مصر خيارها السلام.. والأموال التي تنفق في الحروب يجب أن تنفق فى التعمير والتنمية
  • السلام الآن.. ترامب يهدد بفرض عقوبات مدمرة على روسيا
  • وزير الخارجية الصيني: غزة ملك للفلسطينيين وندعم خطة التعافي التي أطلقتها مصر والدول العربية