بعد أربعة أسابيع من الحرب.. نزوح وهجرة “إسرائيلية” معاكسة بمئات الآلاف
تاريخ النشر: 9th, November 2023 GMT
يمانيون – متابعات
كشفت وسائل إعلام العدو الصهيوني بأن تبعات صدمة عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر الماضي، وما أحدثته من حالة هلع وانكسار هيبة أسطورة “الجيش الذي لا يقهر”، ما زالت تجتاح الكيان ومستوطنيه، وعلى كافة المستويات.
وكان من المستبعد لدى كيان أقيم على تهجير السكان الأصليين، وإحلال مهاجرين “مستوطنين” محتلين مكانهم، أن تطرح بقوة مسألة الهجرة العكسية، والعودة إلى حيث أتوا قبل الاحتلال.
واقع جديد فرضته المقاومة الفلسطينية وكتائب القسام، زعزع مكانة جيش الاحتلال، وفرض تصورا جديدًا أتثبته الأرقام، لمغادرة ونزوح مئات آلاف الصهاينة المحتلين، بعدما ارتبط وصف “النزوح” بالفلسطينيين على مدار سبعة عقود مضت.
واستعرض تقرير لصحيفة “دي ماركر”، لأول مرة ظاهرة “الهجرة من إسرائيل” وفرار 230 ألف مستوطن، خوفًا من تبعات الحرب في غزة، بعد أسبوعها الرابع، وتخوفًا من مواجهات الضفة، والتوتر على الجبهة الشمالية مع لبنان.
وجاءت نتائج “الفرار من تبعات الحرب” في ظل انخفاض وتيرة هجرة اليهود إلى فلسطين “بشكل حاد” أساسًا، في النصف الأول من عام 2022، بحسب بيانات وزارة الهجرة واستيعاب القادمين الجدد الإسرائيلية والوكالة اليهودية، وتراجع نسبة استقدام اليهود بنحو 20 في المائة من أوروبا وأمريكا.
وكانت صحيفة “هآرتس” الصهيونية قد نقلت عن مركز الإحصاء الصهيوني، قوله: إن “عدد اليهود الذين غادروا “إسرائيل” عام 2015 (أي بعد معركة العصف المأكول) بلغ ما يناهز 17 ألف مستوطن”.
بينما ذكرت تقديرات إحصائية صهيونية أخرى، لنفس المركز، أن “نحو 800 ألف مستوطن ممن يقيمون بصورة دائمة تقريبا في دول عدة، لا يرغبون بالعودة إلى إسرائيل”.
وأفادت صحيفة “معاريف”، بأن أكثر من 756 ألف يهودي غادروا “إسرائيل” حتى عام 2020، للعيش في بلدان أخرى، بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية، والشعور بعدم المساواة، والإحباط من تعثر مسار السلام، والتخوف من تصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية، وهذا قبل المعركة الأخيرة “طوفان الأقصى”.
وتعني هذه الأرقام، أن نسب النزوح والهجرة العكسية ستزداد وتتضاعف تباعا في المرحلة المقبلة، لقناعات كثيرة أصبحت رسخت عند المحتلين أن لا أمان عليهم على هذه الأرض التي أخذوها عنوة من أصحابها.
وبعد مرور عشرة أيام على انطلاق طوفان الأقصى، اعترف المتحدث باسم جيش العدو، خلال مؤتمر صحفي أن “نحو نصف مليون إسرائيلي نزحوا داخليًا”.
وتوالت التصريحات حول إخلاء كل المستوطنات الواقعة حول قطاع غزة من سكّانها، كما أُخليت أكثر من 20 مستوطنة في شمال فلسطين المحتلة، قرب الحدود اللبنانية، وفق كونريكوس، الذي أقر أن “هذا نزوح سكّاني كبير في “إسرائيل” ولا يُتحدَّث عنه كثيرًا”.
وفي أتون الحرب الدائرة بعد السابع من أكتوبر، تجددت حملة تحت اسم “لنغادر البلاد معا” تدعو عبر شبكات التواصل الاجتماعي عائلات المستوطنين للبحث عن وجهة حول العالم، للإقامة المؤقتة أو الاستقرار، مع توفير فرص عمل والاستثمار بمشروعات تجارية.
وضمت الحملة على سبيل المثال مجموعات كبيرة في تطبيق “واتساب” غالبيتهم العظمى من حملة جنسية الاحتلال، وبعضهم من اليهود الموجودين خارج البلاد، ويمكثون في دول مختلفة حول العالم، خاصة في وأمريكا وكندا وأوروبا .
وقد وسّعت المجموعة نشاطها مع تصاعد التوتر الأمني، وعدم وجود أفق لانتهاء الحرب، وعرضت مساعدتها على كل من يحمل الجواز “الإسرائيلي”، وليس على من يمتلك جنسية مزدوجة وبحوزته جواز سفر أجنبي فقط.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
بذورُ بريطانيا الخبيثة.. وعد بلفور وزراعة “إسرائيل” وآل سعود
يمانيون/ تقارير يستمرُّ الواقعُ الإنساني المريرُ في غزةَ كحقيقة مؤلمة وقصص موجعة، وجرائمَ مفزعة تقوم بها الصهيونية لأكثرَ من عام دون أن يتحَرّك أحد.
وبالتوازي مع هذا الإجرام غير المسبوق، تحل علينا الذكرى السابعة بعد المِئة لما عُرف بــــ “وعد بلفور” لتعيدَ إلى ذاكرتنا الدورَ البريطاني الخبيثَ في زرع الكيان الصهيوني في جسد الأُمَّــة.
وفي سياق هذه الذكرى، أكّـدت حركة الأحرار الفلسطينية أن معركة (طُـوفَان الأقصى) مُستمرّة رغم هذه الذكرى المشؤومة، مجددة التأكيد على أن الشعب الفلسطيني يقدم في سبيل ذلك التضحيات الغالية.
وقالت الحركة في بيان لها: إن “وعد بلفور وما نتج عنه سيبقى وصمة عار في جبين المجتمع الدولي وما يدعيه بإنسانيته، وعلى رأسهم بريطانيا”، لافتة إلى أنه “على الرغم مما يرتكبه الاحتلال من جرائم إبادة جماعية وتجويع وانتهاك لكامل حقوق الشعب الفلسطيني، إلا أن الشعب الفلسطيني يرسم لوحة أُسطورية في الفداء والتضحية، وأن الشعب الفلسطيني المقاوم لن يرفع الراية البيضاء، ولن يترك البندقية من يده، ومقاومته ستبقى مُستمرّة ومتنوعة ومتطورة في رحاب محور المقاومة وجبهات الإسناد حتى دحر الاحتلال الصهيوني”.
وقالت الحركة: “بعد 107 أعوام من “وعد بلفور” المشؤوم، فقد حان الوقت لأن تتحَرّك شعوب الأُمَّــة العربية والإسلامية في وجه هذا العدوّ”، مشيرة إلى أن “تحَرّك الشعوب اليمنية والعراقية واللبنانية والإيرانية التي أثبتت وأكّـدت أن هذا الاحتلال ما هو إلا وحش من ورق، وأن حرقه وتمزيقه بات أقرب من أي وقت مضى”.
بريطانيا رأس الحربة:
وفي السياق يؤكّـد الكاتب والباحث الدكتور عرفات الرميمة، أن “بريطانيا هي رأس الحربة فيما يحدث وتعيشه حَـاليًّا المنطقة”، منوِّهًا إلى أنه “قد تلاقت أطماع الصهيونية مع أهداف الاستعمار الغربي في السيطرة على المناطق الحيوية في الوطن العربي”.
ويوضح خلال لقاء له على قناة “المسيرة” أن الفكرة استقرت على أن تكون فلسطين هي المنطقة التي يجب أن تزرع فيها بذرة سرطانية هو العدوّ الصهيوني الغاصب.
ويشير إلى أنه “في العام 1905 عقد المتآمرون، لا المؤتمِرون، المؤتمرَ الصهيوني السابع في بازل بسويسرا، والذي يعد البذرة التي قسمت العالم وأهم البحار، وخُصُوصًا البحر الأبيض المتوسط الذي يعتبر بحرًا عربيًّا؛ كون أغلب الدول العربية مطلة عليه، ومن هنا يجب أن تتركز القوى الاستعمارية في البحر الأبيض المتوسط، “يطّلع المؤتمر على تقرير لجنة التقصي بشأن “عدم ملاءمة” أوغندا للاستيطان اليهوديّ الجماعيّ، ويتبنّى قرارًا بالبديل عن أوغندا وهي فلسطين”.
وهنا يشير الرميمة إلى أن المؤامرة على فلسطين كانت قديمة وعلى أن تكون هناك قوة تفصل بين شرق الوطن العربي وغرب الوطن العربي، فأتت الفكرة على أن تكون فلسطين هي هذه المستعمرة وفي قلب الأُمَّــة العربية، وعلى امتداد السياق التاريخي في العام 1915 جاءت اتّفاقية “سايكس بيكو” وتقسيم المنطقة العربية بين فرنسا وبريطانيا، ثم 1917، جاء يوم الوعد المشؤوم لبلفور، مبينًا أن دواعي هذا القرار لرئيس وزراء بريطانيا الذي كان يسعى إلى التخلص من الصهاينة في أُورُوبا، والهدف الآخر هي السيطرة على الوطن العربي.
الشيء الأخطر هنا هو الانتداب البريطاني الذي حقّق الوعد في الاستيلاء على فلسطين، وشرعنة الاستعمار البريطاني عبر عصبة الأمم المتحدة في العام 1922م؛ بمعنى أن بريطانيا سيطرت على فلسطين من خلال مرسوم عبر عصبة الأمم، أَو الأمم المتحدة كما تسمى الآن، حسب قول الرميمة.
ويضيفُ الرميمة أن تسلسل الأحداث بعد ذلك من هجرات لليهود، ودور عبد العزيز آل سعود الذي أخمد الثورات العربية المناهضة لاحتلال فلسطين، ولعب الكيان السعوديّ دورًا أَسَاسيًّا في ذلك، والذي قال عنه رئيس وزراء تشرشل: “فكرنا بزرع كيان موال لنا في السعوديّة قبل زرع الصهاينة أنفسهم في فلسطين، إلى جانب زرع النظام الأردني كذلك”، وبالتالي نقل حالة الاستعمار المباشر إلى الاستعمارِ عن طريق الوكلاء.
توافُقٌ بريطاني صهيوني:
كان هناك توافق بين المشروع الصهيوني من جهة، وبين الأطماع البريطانية الاستعمارية، حَيثُ قال منظِّر الصهيونية “هرتزل”: إننا “نعهد بحماية طريق التجارة البريطانية إلى الهند عبر السيطرة على فلسطين”.
وفي تاريخ 6 يوليو/تموز1921 أعلنت عُصبة الأمم مشروع الانتداب البريطاني على فلسطين، وتمت المصادقة عليه في 24 يوليو/تموز 1922، ووضع حيز التنفيذ في 29 سبتمبر/أيلول من العام نفسه، وحرص محرّرو صك الانتداب على الإشارة إلى أنه جاء بناء على وعد بلفور.
اشتمل الصك على ديباجة و28 مادة، وأكّـدت بريطانيا من خلال المشروع الصهيوني كما في وعد بلفور، وأضافت جزئية تقر فيها بـ “الصلة التاريخية التي تربط الشعب اليهودي بفلسطين”، مع ذكر حقوق “الطوائف غير اليهودية” باقتضاب.
وفي أُكتوبر/تشرين الأول 1933 بدأت مظاهرات في جميع أنحاء فلسطين؛ تعبيرًا عن الغضب من السياسات البريطانية التي مارست كُـلّ أشكال العنف والقمع، خَاصَّة بعد ما أعدمت في أغسطُس/آب 1929 رموزًا فلسطينية شاركت في ثورة البراق.
بدأت منظماتٌ وحركات مقاومة فلسطينية سرية شبه عسكرية بالتشكل، منها جماعة اليد السوداء بقيادة عز الدين القسام، الذي استشهد في كمين نصبته له القوات البريطانية في 20 أُكتوبر/تشرين الأول 1935.
وأدى اغتيال واستشهاد القسام إلى إشعال فتيل الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936 بالتزامن مع زيادة الاستيلاء اليهودي على الأراضي لاستيعاب الهجرة اليهودية المتزايدة، وزيادة القوانين البريطانية التي هجرت المئات، وتسببت بعطالة العديد من العمال الفلسطينيين، بالإضافة لخطط التقسيم للمنطقة.
مع الإشارة، ارتكبت القوات البريطانية خلال فترة انتدابها عددًا من المذابح، وقمعت الثورات الفلسطينية، وأبرزها ثورة عام 1920، وثورة البراق عام 1929، وثورة القسّام عام 1935، والثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936م.
الأنظمةُ العميلة والبذرة الخبيثة:
كان الدور بريطاني هو الأهم في إنشاء دولة “إسرائيل” كما أنها عملت على إنشاء أنظمة وظيفية تعمل على خدمة وتحقيق المصالح الغربية الاستعمارية في المنطقة، ودورها المُستمرّ حتى اللحظة.
وفي هذا الشأن يحث العميد هاشم وجيه الدين، الأجيالَ العربية أن تعرف حقيقة الدور البريطاني الجوهري في زرع هذا الكيان والورم السرطاني في قلب وجسد الأُمَّــة العربية والإسلامية.
ويضيف خلال تصريح خاص لـ “المسيرة” وخُصُوصًا عبر أنظمة عميلة كان على رأسها الشريف حسين حينها، والذي حارب الدولة العثمانية التي رفضت أن تعطي فلسطين لليهود، الذين وصفهم وقتها عبد العزيز بن سعود وقتها بـ “المساكين” في مؤتمر العقير عام 1922م، حسب ما ذكره ناصر السعيد في كتابه “تاريخ آل سعود” كاشفًا أن عبد العزيز آل سعود قال للضابط البريطاني المتواجد في السعوديّة حينها: “يجب أن نعطيَ فلسطين لليهود المساكين”.
ويتابع حديثه: “الشريف حسين حارب الدولة العثمانية التي لم تتنازل عن القدس، وبالتالي وقف إلى جانب بريطانيا لزرع هذه البذرة الخبيثة “إسرائيل” في قلب الأُمَّــة العربية، وتحديدًا في فلسطين”، موضحًا أن “الدولة العثمانية رفضت كُـلّ الإغراءات البريطانية للتنازل عن القدس؛ فما كان من بريطانيا إلا أن أوعزت إلى الشريف حسين، والملك عبدالعزيز آل سعود أنظمتها العميلة في المنطقة بمحاربة الدولة العثمانية تحت شعار (الثورة العربية الكبرى)، التي كانت في الأَسَاس أدَاة لقتل، وإخماد أي تحَرّك عربي مقاوم، ورافض للمشروع البريطاني القذر في فلسطين، بعد هزيمة الدولة العثمانية”.
نقلا عن المسيرة نت