سلط المحلل الاقتصادي، أليكس كيماني، الضوء على تأثير الحرب في غزة على مشروعات الطاقة الإقليمية الكبرى، مشيرا إلى أن شهر من الحرب لم يؤثر بشكل كبير على تدفقات النفط والغاز في المنطقة، لكن خطر تحول الحرب بسرعة إلى صراع إقليمي لا يزال مرتفعا.

وذكر كيماني، في مقال نشره بموقع "أويل برايس" وترجمه "الخليج الجديد"، أن تحذير حزب الله اللبناني لإسرائيل، مرارا وتكرارا، من التصعيد يؤشر إلى تصاعد احتمال الحرب الإقليمية حتى في الوقت الذي تدعي فيه إسرائيل أنها قسمت قطاع غزة إلى قسمين وحاصرت مدينة غزة.

وأضاف أن الخبراء يحذرون من "تدهور حاد في مناخ الاستثمار"، فضلاً عن انقطاع خطير في تدفق الطاقة إذا اندلعت الحرب على طول الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان وتدخلت إيران، مشيرا إلى أن أحد البنى التحتية الحيوية للطاقة، المعرضة للتهديد، هو خط أنابيب الغاز العربي (AGP) .

وأشار كيماني إلى أن شحنات الغاز عبر خط أنابيب الغاز، الذي يربط مصر بالأردن، سبق أن توقفت بسبب هجمات وقعت في شبه جزيرة سيناء، وتبلغ طاقته الإنتاجية 234 مليار قدم مكعب سنويًا (640 مليون قدم مكعب يوميًا).

ومن شأن انقطاع تدفقات الغاز في هذا الخط أن يضر الأردن أكثر من غيره، إذ يستورد أكثر من 90% من احتياجاته من الطاقة، بينها 44 مليار قدم مكعب من مصر.

ويعيش في الأردن عدد كبير من السكان الفلسطينيين، وأدت الغارات على غزة إلى تفاقم التوترات والاضطرابات الاجتماعية في البلاد.

لكن الأردن ليس الدولة الوحيدة التي قد تجد نفسها في ورطة إذا انقطعت تدفقات الغاز، إذ تعتمد مصر على واردات الغاز الإسرائيلي لتلبية بعض الطلب المحلي خاصة في موسم التبريد الصيفي، وكذلك لإعادة التصدير، التي أصبحت مصدرا مهما للعملة الأجنبية النادرة.

ويشير كيماني إلى أن إسرائيل علقت الإنتاج في حقل غاز تامار، التابع لشركة "شيفرون"، في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول، بعد وقت قصير من بدء عدوانها على غزة، وأعادت توجيه الإمدادات عبر خط أنابيب في الأردن، بدلاً من خط أنابيب مباشر تحت البحر إلى مصر.

ويضيف: "من الواضح أن إغلاق حقل غاز تمار أضر بخزائن إسرائيل. فهي ثاني أكبر منتج للغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط بعد مصر، وتصدر كميات أقل من الغاز الطبيعي بنسبة 70% وبتكلفة تبلغ حوالي 200 مليون دولار شهريًا منذ اندلاع الحرب.

مشروعات في طي النسيان

ويلفت كيماني إلى أن العديد من مشروعات الطاقة في المنطقة تواجه بالفعل تأخيرات أو إلغاءات مع استمرار الحرب.

ففي الشهر الماضي، طمأنت شركة النفط والغاز البريطانية متعددة الجنسيات "بريتش بتروليوم" المستثمرين بأن صفقة بقيمة 2 مليار دولار مع شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) لشراء حصة 50% في شركة إنتاج الغاز الإسرائيلية "نيوميد" لا تزال على المسار الصحيح على الرغم من الحرب المستمرة في غزة.

وقالت، أنجا إيزابيل دوتزينراث، رئيسة قسم الغاز والطاقة منخفضة الكربون في "بريتيش بتروليوم"، للمساهمين إنهم ما زالوا "متفائلين للغاية" بشأن الصفقة.

وتعد "نيوميد" المساهم الأكبر والمشغل الرئيسي لحقل ليفياثان العملاق للغاز الطبيعي بحصة تشغيلية تبلغ 45.3%، في حين تمتلك شركتا "شيفرون " و"راشيو" حصة 39.7% و15%، على التوالي.

لكن كيماني يرى أن ذلك "لا يعني بالضرورة أن الصفقة قريبة من إتمامها"، إذ أصبحت موضع تساؤل بعد أن أوصت لجنة مستقلة، عينتها شركة "نيوميد"، برفع السعر المطلوب بنسبة تتراوح بين 10% و12%، أو ما يصل إلى 250 مليون دولار تقريبًا، وهو ما قد يبدو مبالغًا فيه نظرًا لأن قيمة الشركة السوقية حاليا تبلغ 2.9 مليار دولار، وعليها 1.73 مليار دولار ديون.

اقرأ أيضاً

تداعيات غزة.. بلومبرج: تركيا علقت خطط التعاون مع إسرائيل في مجال الطاقة

وفي الوقت نفسه، أفادت تقارير بأن المديرين التنفيذيين في "بريتيش بتروليوم" و"أدنوك" يتوقعون المزيد من التأخير في الصفقة حتى يتحسن الوضع السياسي.

 ويشعر الخبراء بالقلق من أن ارتفاع عدد الضحايا المدنيين قد يجعل من غير الممكن سياسياً أن تستمر الشركات في العمل، حيث تفيد التقارير بأن عدد القتلى في غزة تجاوز الـ 10 آلاف شخص.

واكتشفت "نيوميد" وشركاؤها حقل ليفياثان للغاز الطبيعي في منطقة حوض المشرق العربي في عام 2010. ويمتد الحقل على الحدود البحرية لإسرائيل ولبنان وفلسطين وجمهورية قبرص وجمهورية شمال قبرص التركية.

وبإنتاج يصل إلى 22.9 تريليون قدم مكعب من الغاز القابل للاستخراج، يعد ليفياثان أكبر خزان للغاز الطبيعي في البحر الأبيض المتوسط، وأحد أكبر الأصول المنتجة في المنطقة.

مسعى لبنان للغاز في خطر

لكن الاستحواذ على "نيوميد" ليس مشروع الطاقة الوحيد الذي يواجه تعطلا محتملا بسبب الحرب في غزة، ففي شهر أغسطس/آب الماضي، أنشأت مجموعة الطاقة الفرنسية "توتال" أول منصة حفر في موقعها بالبحر المتوسط قبالة ساحل لبنان بالقرب من حدود إسرائيل مع الدولة التي تتطلع لبدء عمليات البحث عن الغاز.

ويأمل لبنان، الذي يعاني من ضائقة مالية، أن تساعده مبيعات الغاز المستقبلية على الخروج من أزمته المالية العميقة التي أدت إلى خسارة العملة المحلية أكثر من 98% من قيمتها.

وقالت "توتال"، في بيان: "يمثل وصول المعدات خطوة مهمة في التحضير لحفر البئر الاستكشافي في البلوك 9، والذي سيبدأ بنهاية أغسطس 2023".

 وتقود "توتال" كونسورتيوم من شركات الطاقة العاملة في المشروع البحري، والذي يضم شركة النفط والغاز الإيطالية العملاقة "إيني" بالإضافة إلى شركة "قطر للطاقة" المملوكة للدولة.

وجاءت عمليات الحفر بعد اتفاق تاريخي بوساطة أمريكية، العام الماضي، تضمن ترسيم لبنان وإسرائيل حدودهما البحرية لأول مرة على الإطلاق.

 وفي شهر مايو/أيار الماضي، قال وزير الطاقة اللبناني، وليد فياض، إنهم يأملون في تحديد ما إذا كانت المنطقة الاستكشافية تحتوي على احتياطيات غاز قابلة للاستخراج بحلول نهاية العام الحالي.

ويشير كيماني إلى أن الحرب تجعل التعاون بين لبنان وإسرائيل شبه مستحيل، إذ أن لبنان هو موطن عدو إسرائيل اللدود، حزب الله، وأن إسرائيل تقصف بلدات جنوب البلاد ردا على الهجمات الصاروخية التي يشنها الحزب.

اقرأ أيضاً

كيف تقلب الحرب بين إسرائيل وحماس أمن الطاقة العالمية رأساً على عقب؟

المصدر | أليكس كيماني/أويل برايس - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: إسرائيل حماس غزة الطاقة الشرق الأوسط للغاز الطبیعی خط أنابیب قدم مکعب فی غزة

إقرأ أيضاً:

الجامعة العربية: إسرائيل تسعى للتطهير العرقي وتهدد استقرار المنطقة

القاهرة – وجه الأمين العام أحمد أبو الغيط اتهامات صريحة لإسرائيل بممارسة “حرب إبادة” ضد سكان غزة، مؤكدًا أن هدفها التطهير العرقي عبر القتل والتجويع أو التهجير القسري.

وأدان أبو الغيط في كلمته خلال افتتاح الدورة 163 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية بالقاهرة استمرار القصف الإسرائيلي وهدم المنازل والحصار الذي يمنع وصول المساعدات، مشيرًا إلى أن إسرائيل استأنفت هجومها في 18 مارس 2024 بعد هدنة قصيرة ما أسفر عن مقتل أكثر من 2000 فلسطيني وتدهور الأوضاع الإنسانية في غزة إلى مستويات غير مسبوقة منذ أكتوبر 2023.

ووصف أبو الغيط صمت المجتمع الدولي إزاء هذه الانتهاكات بأنه “مخزٍ ومشين”، مستذكرًا مواقف البابا الراحل فرنسيس الذي دافع عن حقوق الفلسطينيين حتى ساعاته الأخيرة، مطالبًا بوقف إطلاق النار وإغاثة غزة.

وأكد أن الدول العربية رفضت سيناريو التهجير غير القانوني، وقدمت في القمة العربية الطارئة التي عقدت في مارس الماضي خطة واقعية لإعادة إعمار غزة وتجسيد حل الدولتين كأساس للسلام.

وأعرب عن تطلع الدول العربية إلى عقد مؤتمر دولي في يونيو 2024، برئاسة سعودية-فرنسية، لتحويل هذا الحل إلى واقع ملموس، داعيًا المجتمع الدولي لدعم هذه الرؤية ضد “مخططات اليمين الإسرائيلي المتطرف”.

ووسع أبو الغيط انتقاداته لتشمل السياسات التوسعية الإسرائيلية التي تهدد المنطقة بـ”توتر مستديم وعنف يومي”، منددًا بالاعتداءات على سوريا ولبنان، والتي قال إنها تنتهك السيادة وتؤجج الصراعات.

وحذر من أن هذه السياسات تهدد أسس السلام وتدفع المنطقة نحو صراعات لا نهائية، داعيًا العالم للضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي العربية المحتلة.

المصدر: RT

مقالات مشابهة

  • «الحرب الكبرى».. ماذ1 لو تم ضرب إيران؟ «مصطفى بكري» يحذر من تداعيات خطيرة
  • وزير البترول يزور شركة شل العالمية في لندن
  • المغرب يطلق مناقصة لإنشاء أول محطة استقبال للغاز المسال
  • الخارجية: الرئيس السيسي استعرض رؤية مصر في القضايا الإقليمية مع وزير خارجية إيطاليا
  • الكرملين: لا محادثات حالياً بشأن استئناف إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا
  • الجامعة العربية: إسرائيل تسعى للتطهير العرقي وتهدد استقرار المنطقة
  • السيسي يعلن عن مشروعات مصرية عملاقة في جيبوتي
  • عاجل - قبل مناقشة القانون في مجلس النواب.. خبير برلماني: القائمة النسبية تهدد بعدم دستورية النظام الانتخابي والجمع بين نظام القائمة والفردي الأفضل للبلاد
  • وزير الكهرباء يبحث مع شركة هواوي الصينية التعاون فى مجالات الطاقة المتجددة
  • وزير الطاقة التركي: ليبيا ضمن خططنا التوسعية في قطاع الغاز والنفط